أراجعةٌ تلك الليالي كعهدها | |
|
| إلى الوصلِ أم لا يُرتجى لي رجوعُها |
|
وصحبة أقوامٍ لِبستُ لِفَقدِهم | |
|
| ثيابَ حدادٍ مُستَجَدَ خليعُها |
|
إذا لاحَ لي من نحو بغدادَ بارقٌ | |
|
| تجافَت جُفُوني واسُتطيرَ هُجُوعُها |
|
وإن أَخلَفَتها الغادياتُ رُعُودَعا | |
|
| تُكَلّف تصديقَ الغمامِ دمُوعُها |
|
سقى جانبي بغدادَ كُلُّ غَمَامةٍ | |
|
| يُحَاكي دموعَ المستهام هُمُوعُها |
|
مَعَاهِد من غزلانِ إنسٍ تحاَلَفت | |
|
| لواحِظُها ألا يُدَاوَى صريعُها |
|
بها تسَكُنُ النَّفسُ النفورُ ويَغتَدي | |
|
| بآنسَ مِن قلبِ المقِيمِ نَزِيُعها |
|
يَحنُّ إليها كلُّ قلبٍ كأنما | |
|
| يُشَاد بحبَّاتِ القلوبِ ربُوعُها |
|
فكلُّ ليالي عَيشها زَمَنُ الصَّبا | |
|
| وكلُّ فصول الدَّهر فيها ربُيعها |
|
وما زلتُ طَوعَ الحادثاتِ تقُودُني | |
|
| على حُكمها مُستكرَهاً فأطيعُها |
|
فلما حللتُ القَصرَ قَصرَ مسرَّتي | |
|
| تَفَرَّقنَ عني آيساتٍ جُمُوعَها |
|
بدارٍ بها يَسلَى المشوقُ اشتياقَه | |
|
| ويأمَنُ رَيبَ الحادثات مَروعُها |
|
بها مسرحٌ للعين فيما يَرُوقُها | |
|
| ومُستَروَحٌ للنَّفس مِمَّا يروعُها |
|
يرى كلُّ قلبٍ بينها ما يَسُرُّه | |
|
| إذا زَهَرَت أشجارُها وزروعُها |
|
كأنَّ خريرَ الماء في جَنَبَاتها | |
|
| رُعُودٌ تلقَّت مُزنَةً تستريعُها |
|
إذا ضرَبتها الريحُ وانبسطت لها | |
|
| مُلاءةُ بَدرٍ فَصَّلتها وَشِيعُها |
|
رأيتُ سيوفاً بين أثناء أدرُعٍ | |
|
| مُذهَّبةً يَغشَى العيونَ لميعُها |
|
فمن صنعةِ البدرِ المنيرِ نُصُولُها | |
|
| ومن نسجِ أنفاسِ الرِّياحِ دُرُوعُها |
|
صفا عَيشُنا فيها وكادَت لِطِيِبها | |
|
| تُمازِجُها الأرواحُ لو تستطيعها |
|