أَوحَشَت مِنكَ أَبا سَعدٍ عَراصٌ وَدِيارُ
|
فَجَعَتنا بِكَ أَقدارٌ لَها فينا الخِيارُ
|
لَم يَكُن يَدفَعُها الإِشفاقُ مِنّا وَالحِذارُ
|
عَثَرَ الدَهرُ بِنا فيكَ وَلِلدَّهرِ عِثارُ
|
ضامَنا الدَهرُ فَما كانَ لَنا مِنهُ اِنتِصارُ
|
قَرِحَت بَعدَكَ أَكبادٌ مِنَ الوَجدِ حِرارُ
|
وَتَوَلَّت بِكَ أَيّامٌ مِنَ العَيشِ قِصارُ
|
وَبَكى يَومَكَ أَهلونَ وَجاراتٌ وَجارُ
|
حازَ أَركانَهُمُ بَعدَكَ وَهنٌ وَاِنكِسارُ
|
وَخَلا الأَعداءُ بِالدورِ فَعاثوا وَأَغاروا
|
خُنفُساواتٌ وَحَيّاتٌ وَجُرذانٌ وَفَأرُ
|
وَلَقَد كانَ لَهُم مِنكَ هَوانٌ وَصَغارُ
|
يا أَبا سَعدٍ فَلا تَبعُدُ وَإِن شَطَّ المَزارُ
|
وَسَقى حُفرَتَكَ الغَيثُ وَجادَتها القِطارُ
|
كُنتَ كَهلاً لَكَ إِخباتٌ وَسَمتٌ وَوَقارُ
|
فَإِذا أَخطَبَكَ الصَيدُ فَسَبقٌ وَبَدارُ
|
وَإِذا لَم يُمكِنِ الشَدُّ فَخَتلٌ وَاِغتِرارُ
|
لَيسَ يُنجي هارِباً مِنكَ كَمونٌ وَاِنحِجارُ
|
كُلَّ يَومٍ لَكَ غَزوٌ في عَدُوٍّ وَمَغارُ
|
كانَ لَمّا شَمَّرَت عَن ساقِها الحَربُ الجُبار
|
لَيثَ غابٍ فيهِ لِلأَقرانِ حَكَمٌ وَاِقتِسارُ
|
يَمتَطي اللَيلَ إِذا أَظلَمَ وَالنَومُ غِرارُ
|
قَلِقاً يَحفِزُهُ حَزمٌ وَجِدٌّ وَاِشتِمارُ
|
غَيرَ ما وانٍ إِذا ما قَرَّ بِالساري قَرارُ
|
فَإِذا حَلَّ بِقَومٍ فَبِهِم حَلَّ البَوارُ
|
وَبِهِ تُوقَدُ نارٌ وِبِهِ تُخمَدُ نارُ
|
وَبِهِ يُدرَكُ ثَأرٌ وَبِهِ يُحى الذِمارُ
|
مَلِكُ الطَيرِ لَهُ فيها سَناءٌ وَاِفتِخارُ
|
خَلَصَت مِنها لَهُ أَعراقُ صِدقٍ وَنِجارُ
|
كانَ في صورَتِهِ لَونُ بَياضٍ وَاِصفِرارُ
|
كانَ في المِنقارِ وَالساقِ اِصفِرارٌ وَاِحمِرارُ
|
كانَ في الهامَةِ تَلميمٌ وَفي الرِجلِ اِنتِشارُ
|
مُكتَسٍ ما فَوقَ ساقٍ شُمِّرَت عَنها الإِزارُ
|
أَيُّها القائِلُ خَيرَ القَولِ قَصدٌ وَاِختِصارُ
|
إِنَّما الدُنيا مَتاعٌ وَإِلى اللَهِ المَجارُ
|
وَسَيَبلى كُلُّ شَيء مَرَّ لَيلٌ وَنَهارُ
|
وَطَروقٌ لِلمَنايا وَرَواحٌ وَاِبتِكارُ
|
كَم رَأَينا عِبَراً فيها لِذي اللُبِّ اِعتِبارُ
|