عبسنَ مِن شَعَرٍ في الرأس مُبتَسِمِ | |
|
| ما نَفرَّ البيضَ مثل البيضِ في اللِمَمِ |
|
ظَنَّت شَبيبته تَبقى وَما علمت | |
|
| أَنَّ الشَبيبة مرقاةٌ إِلى الهَرَمِ |
|
ما شابَ عَزمي وَلا حَزَمي وَلا خُلقي | |
|
| وَلا وَفائي وَلا ديني وَلا كَرَمي |
|
وَإِنَّما اِعتاضَ رأسي غَيرَ صِبغَتِهِ | |
|
| وَالشَيبُ في الرأسِ دونَ الشيب في الشيمِ |
|
بِالنَفس قائِلَةٌ في يَوم رِحلَتنا | |
|
| هَواكَ عِندي فَسِر إِن شئتَ أَو أَقِمِ |
|
فَبُحتُ وَجداً فَلامتني فقلن لَها | |
|
| لا تَعذُليهِ فَلَم يلؤم وَلَم يَلَمِ |
|
لَمّا صَفا قلبه شَفَّت سَرائره | |
|
| وَالشَيء في كل صافٍ غير مُكتتمِ |
|
بعض التَفرق أَدنى للقاء وَكَم | |
|
| لاءَمت شملاً بِشَملٍ غَير مُلتَئِمِ |
|
كَيفَ المُقام بِأَرض لا يَخاف بِها | |
|
| وَلا يُرَجّى شَبا رُمحي وَلا قَلَمي |
|
فَقَبَّلَتنيَ تَوديعاً فَقُلتُ لَها | |
|
| كُفّي فَلَيسَ اِرتِشاف الخَمرِ مِن شِيَمي |
|
لَو لَم يَكُن ريقها خَمراً لَما نَطَقَت | |
|
| بِلؤلؤٍ من حُباب الثَغر مُنتظِمِ |
|
وَلَو تَيَقَّنتُ غير الراح في فَمِها | |
|
| ما كُنتُ مِمَّن يَصُدُّ اللَثم بِاللَتمِ |
|
وَزادَ رِيقتها بَرداً تحدُّرها | |
|
| عَلى حَصى بَرَدٍ من ثَغرِها شَبِمِ |
|
إِنّي لأَصرف طَرفي عَن مَحاسِنِها | |
|
| تَكَرُّماً وَأَكُفُّ الكَفَّ عَن أَمَمِ |
|
وَلا أَهُمُّ وَلي نَفسٌ تُنازِعُني | |
|
| أَستَغفِر اللَهَ إِلّا ساعَةَ الحُلُمِ |
|
لا أَكفُرُ الطَيف نُعمى اِنشرَت رَمَماً | |
|
| مِنا كَما تَفعَل الأَرواح بِالرِمَمِ |
|
حَيّا فَأَحيا وَأَغنَتنا زِيارَته | |
|
| عن اِعتِساف الفلا بالأَنيق الرُسمِ |
|
وَصلُ الخيال وَوصل الخود إن بخلت | |
|
| سَيّا م أَشبه الوِجدانَ بِالعَدَمِ |
|
فَالدَهر كَالطَيف يؤساهُ وَأنعمه | |
|
| عَن غير قَصدٍ فَلا تَمدح وَلا تَلُمِ |
|
لا تَحمَد الدَهر في بأساء يَكشفها | |
|
| فَلو أَردت دوام البؤس لَم يَدُمِ |
|
خالِف هَواك فَلَولا أَنَّ أَهوَنَهُ | |
|
| شَجوٌ لَمّا اِقتُنِصَ العقبان بِالرَخمِ |
|
تَرجو الشِفاءَ بِجفنيها وَسُقمِهِما | |
|
| وَهَل رأَيت شفاء جاء من سَقَمِ |
|
وَتَدَّعي بِصَبا نجد فَإِن خطرت | |
|
| كانَت جوىً لك دونَ الناس كلِّهِمِ |
|
وَكَيفَ تَطفي صَبا نَجدٍ صَبابته | |
|
| وَالريحُ زائِدَة في كُلِّ مضطَرِمِ |
|
أَصبو وَأَصحو وَلَم يُكلَمِ بِبائِقَةٍ | |
|
| عِرضي كَما تُكَلَمُ الأَعراض بِالكَلَمِ |
|
وَلا أحبُّ ثَناء لا يُصَدِّقه | |
|
| فِعلي وَلا أَرتَضي في المَجدِ بِالتُهَمِ |
|
لا تَحسَبَن حَسَبَ الآباءِ مَكرُمَة | |
|
| لِمَن يقصِّر عَن غايات مجدهم |
|
حُسنُ الرِجالِ بِحُسناهُم وَفخرهم | |
|
| بِطولِهِم في المَعالي لا بِطولِهِم |
|
ما اِغتابَني حاسِدٌ إِلّا شَرفتُ بِهِ | |
|
| فَحاسِدي منعم في زيِّ مُنتَقِمِ |
|
فاللَه يَكلأ حُسّادي فانعُمهم | |
|
| عِندي وَإِن وقعت عن غير قَصدِهِم |
|
يُنَبِّهونَ عَلى فَضلي إِذا كُتَبت | |
|
| صَحيفَتي في المَعالي عنونت بِهِمِ |
|
يا طالِبَ المَجدِ في الآفاقِ مُجتَهِداً | |
|
| وَالمَجدُ أَقرَب من ساقٍ إِلى قَدَمِ |
|
قل نصر دولة دين اللَهِ لي أَمَلٌ | |
|
| قَولاً وَقَد نِلتَ أَقصى غاية الهِمَمِ |
|
كَم حِدتُ عَنهُ فَنادتني فَضائِلُهُ | |
|
| يا خاتِمَ الأَدَبِ امدَح خاتِم الكَرَمِ |
|
وَقادَني نَحوه التَوفيقُ ثُمَّ دَعا | |
|
| هَذا الطَريق إِلى العَلياء فاِستَقِمِ |
|
وَقَصره عَرَفات العُرف فاِغنَ بِهِ | |
|
| وكفُّه كعبة الأَفضالِ فاِستَلَمِ |
|
تَرى المُلوك عَلى أَبوابه عُصُباً | |
|
| وَفداً فَدَع غيرهم من سائِر الأُمَمِ |
|
يَحُفُّه كل مَحفوفٍ مَواكِبُهُ | |
|
| عِزّاً وَيخدمه ذو الجند وَالخَدَمِ |
|
تَظَلُّ مزدحمات في مَواكِبُهُ | |
|
| تيجان كل مَهيب الناس وَالنقم |
|
تفيّأوا ظل مَلكٍ منه مُحتَشِم | |
|
| وَرُبَّ مَلِكٍ مُذالٍ غير مُحتَشَمِ |
|
وَالمَلكُ كالغاب منه خدر ذي لِبَدٍ | |
|
| ومنه مرتَبعٌ لِلشّاء وَالنَعَمِ |
|
هُم أَعظَمُ الناس أَقداراً ومقدرة | |
|
| لكن أَتى فَضله من فوق فَضلِهِم |
|
إِذا بَدا طبَّق التَقبيل ساحته | |
|
| فَما عَلى الأَرضِ شِبرٌ غير مُلتَثِمِ |
|
فَساحة الثَغرِ ثغر أَشنَبٍ رَتلٍ | |
|
| مُفلَّجٌ فَهوَ مَرشوفُ بكل فَمِ |
|
فَلَو تُؤَثِّر في الأَفواهِ أَنمله | |
|
| وَأَرض موكبه لَم يَخلُ من رَثَمِ |
|
كَأَنَّ أَرضك مَغناطيسُ كل فَمٍ | |
|
| فَالطَبعُ يَجذِبها بِالطَوعِ وَالرَغمِ |
|
لَمّا علوت غَمرت العالمينَ نَدىً | |
|
| وَالمزن يَعلو فَيَروي الأَرض بِالديمِ |
|
تَرقا وَما رَقأت نُعماكَ عَن أَحَدٍ | |
|
| بُورِكتَ بُورِكتَ من عالٍ وَمُنسَجِمِ |
|
مقسَّم في العُلى لِليُمنِ يُمنَته | |
|
| وَاليُسرِ يسرته وَالكُلُّ لِلكَرَمِ |
|
إِن قالَ لا فَهيَ لاءٌ مُضاعَفة | |
|
| وَإِن يقل نعماً أَفضَت إِلى نَعَمِ |
|
تَبدو صَرامته في ماء غُرَّتِهِ | |
|
| وَالماء بعض صِفات الصارِمِ الخذمِ |
|
هوَ الجَريء عَلى مالٍ يَجودُ بِهِ | |
|
| وَالكُرُّ في الجودِ مثل الكرِّ في البُهَمِ |
|
مُفرَّق الجودِ مَقسوم مواهِبه | |
|
| في عليةِ الناس وَالأَوساط وَالحَشَمِ |
|
وَالغيثُ إِن جادَ بِالمَعروفِ وَزَّعَه | |
|
| بَينَ الشَناخيبِ وَالغيطانِ وَالأكمِ |
|
بِهِ إِلى كُلِّ شُربٍ لِلعُلى ظَمأٌ | |
|
| بَرَح وَمَهما ارتَوى من مائهنَّ ظِمي |
|
وَيَعتَريهِ إِلى بذل اللهى نَهَمٌ | |
|
| وَالظرف أَجمعه في ذَلِكَ النَهَمِ |
|
إِلَيكَ نَظَّمت أَجوازَ الفَلاة عَلى | |
|
| خَرقاء تَهوى انقضاض الجارِحِ القرمِ |
|
كَأَنَّما البيد من دامي مَناسِمِها | |
|
| مَصاحِف كُتِبَت أَعشارُها بِدَمِ |
|
أَخفافُها شاكِلات كل مُشكِلَةٍ | |
|
| بِحُمرَةٍ معلمات كل منعَجِمِ |
|
وَأَدهَمٌ واضِحُ الأَوضاحِ مُشتَرِك | |
|
| بَينَ النَهار وَبَينَ اللَيلِ مُنقَسِمِ |
|
للضَوءِ أَرساغه إِلّا حَوافِره | |
|
| فَأَنَّهُنَ مَع الجِلبابِ لِلظُّلَمِ |
|
مَحلولك علق التَجميل أَكرعه | |
|
| كَما تَعلَّق بدء النار في الفَحَمِ |
|
جَرى فَجَلّى فَحَيّا الصبح غُرَّته | |
|
| لَثماً ومسح بِالأَرساغِ وَالخَدَمِ |
|
وَقَبَّل الفَجر كَي يُجزيه قُبلته | |
|
| فاِرتد بِاللمظ المَشفوعِ بِالرَثمِ |
|
أَضحى بِعَدلِكَ ثغر الثَغر مُبتَسِماً | |
|
| وَكانَ قَبلُ عَبوساً غير مُبتَسِمِ |
|
ما ينقم الثغر إِلّا أَن مَحَوتَ بِهِ | |
|
| لَيلاً مِنَ الظُلمِ كانوا منه في ظُلَمِ |
|
عففتَ عنهم فَزادوا عِفَّة وَتُقىً | |
|
| فَهم من الأَمنِ والإِيمانِ في حرمِ |
|
قَد عَظَّمَ اللَهَ إِملاكاً مَلَكَت بِهِ | |
|
| بَني عقيل وَما يَحوون مِن نِعَمِ |
|
لَو لَم تَحُزها أَبا نَصرٍ لما وَجدت | |
|
| كُفؤاً يُشاكل في أَصل وَلا كَرَمِ |
|
لَو تَطلِبَ الشَمسَ غير البَدرِ ما اِتَّصَلَت | |
|
| بمثله في سَناءِ القَدرِ وَالعِظَمِ |
|
زادَت إِلى عِزِّها غِزّاً به مضرٌ | |
|
| وَرُبَّما صيدت العَلياء بِالحَرَمِ |
|
خَمسونَ أَلفاً يُغطّي البرَّ جمعَهُم | |
|
| بِمَوجِ بَحرٍ مِنَ الماذيِّ مُلتَطِمِ |
|
مِن كُلِّ مَن يتلقّى وجه زائِره | |
|
| بِكَوكَب بِهِلالِ الفِطرِ ملتَثِمِ |
|
مُجرّبون عَلى مخُبورَةٍ غنيت | |
|
| عَن الأَعِنَّة فاِستَغنوا عَن الحُزَمِ |
|
فالوَحش زادهم وَالمزن ماؤهم | |
|
| تَحمَّلتهم فَأَغنَتهم عَنِ الأَدمِ |
|
تَصاهل الخيل من تَحتِ الرِماحِ بهم | |
|
| كَما تَزاءَرُ علبَ الأسد في الأَجمِ |
|
قَوم يَرون اختِصار العُمرِ مكرمة | |
|
| فَلَيسَ يُفضي بِهِم شَيءٌ إِلى هَرَمِ |
|
وَنَغمةٌ السَيف أَحلى نَغَمة خُلِقَت | |
|
| إِذا تَرَنَّم بَعض البيض في اللِمَمِ |
|
وَالعَيش في كَفِّ أَفراسِ مُكَلِّمَة | |
|
| لِمِثلِهِنَّ وَفرسانٍ بِمِثلِهِمِ |
|
إِذِ الأَسِنَّة في الهَيجاء أَلسِنَةٍ | |
|
| يُعربنَ عَن كُلِّ مِقدامٍ وَمُنهَزِمِ |
|
محمَّرة من دَمِ الأَبطالِ أَنصُلهم | |
|
| كَأَنَّما نَصَّلوا الأَرماحَ بِالعَنمِ |
|
قَد كُنتُ أَنكُرُ شِعري حينَ حاوله | |
|
| مِنّي وَحاشاك أَملاك بِلا هِمَمِ |
|
لا يأَلَمونَ لِنَقص اليُخلِ وَهوَ بِهِم | |
|
| مُبرِّح كَيف لِلأَمواتِ بِالأَلَمِ |
|
يحكيك في الخُلقِ لا في الخُلُقِ أَكثرهم | |
|
| وَرُبَّما شُبِّهَ الإِنسانُ بِالصَنَمِ |
|
وَلَستُ أَنكُرُ قَدرَ الشِعرِ إِنَّ بِهِ | |
|
| نَقلُ المآثِر عَن عاد وَعَن إِرمِ |
|
خَيرُ المَناقِبِ ما كانَ البَيانُ لَهُ | |
|
| سِلكاً وَفًصِّلَ بِالأَمثالِ وَالحِكَمِ |
|
رِث كُلَّ من بَخِلَت كَفّاهُ من مَلِكٍ | |
|
| فأكثر الناس خَزّانٍ لِغَيرِهِمِ |
|
ذو الجودِ يورث في مَحياهُ أَنعُمَهُ | |
|
| وَالنِكس يورث بعد الموت وَالعَدَمِ |
|
وَقيمة المرء ما جادَت بِهِ يده | |
|
| وَقدرك الأَنفَسَ الغالي من القيَمِ |
|
وَالفَضل أَشياءُ شَتّى أَنتَ جُملتها | |
|
| وَصيغة أَنتَ مَعناها فَدُم تَدُمِ |
|