ما تنَقَضي حَسرَةٌ مِنّي وَلا جَزَعُ | |
|
| إِذا ذَكَرتُ شَباباً لَيسَ يُرتَجَعُ |
|
بانَ الشَبابُ وَفاتَتني بِشرَّتِهِ | |
|
| صَروفُ دَهرٍ وَأَيّامٌ لَها جُدَعُ |
|
ما كانَ أَحسَنَ أَيامَ الشَبابِ وَما | |
|
| أَبقى حَلاوَةَ ذِكراهُ الَّتي تَدَعُ |
|
ما كُنتُ أُوفي شَبابي كُنهَ عِزَّتِهِ | |
|
| حَتّى اِنقَضى فَإِذا الدُنيا لَهُ تَبَعُ |
|
تَعَجَّبَت أَن رأَت أَسرابَ دَمعَتِهِ | |
|
| في حَلبَةِ الخَدِّ أَجراها حَشاً وَجِعُ |
|
إِن كُنتِ لم تَطعَمي ثُكلَ الشَبابِ وَلَم | |
|
| تَشجي بِغُصَّتِهِ فالعُذرُ لا يَقَعُ |
|
لَو قَد لَبِستِ قِناعَ الشَيبِ كانَ لَنا | |
|
| عُذرٌ لَدَيكِ وَراحَ اللَومُ وَالوَلَعُ |
|
أَبكي شَباباً سُلِبناه وَكانَ وَلا | |
|
| تُوفي بِقِيسَتِهِ الدُنيا وَما تَسَعُ |
|
ما كُنتُ أَوَّلَ مَسلوبٍ شَبيبَتَهُ | |
|
| مَكسوَّ شَيبٍ فَلا يَذهَب بكَ الجَزَعُ |
|
تِلكَ الأُسى مِن لِداتي في رُؤوسِهِمُ | |
|
| عَمائِمُ الشَيبِ مُنجابٌ لها الصَلَعُ |
|
لا تَعذُليني فَإِنّي غَيرُ كاذِبَتي | |
|
| عَنكِ الكَذوبُ وَلا في وُدِّكُم طَمَعُ |
|
قَد كُنتُ فِيكُنَّ ذا جاهٍ وَذا مِقَةٍ | |
|
| أَيّامَ غُصنُ شَبابي لَيّنٌ تَرِعُ |
|
إِنّي لَمُعتَرِفٌ ما فيَّ مِن أَرَبٍ | |
|
| لِلغانياتِ فَما لِلنَّفسِ تَنخَدِعُ |
|
ما واجَهَ الشَيبَ مِن عَينٍ وَإِن وَمِقَت | |
|
| إِلّا لَها نَبوَةٌ عَنهُ وَمُرتَدَعُ |
|
قَد كِدتَ تَقضي عَلى فَوتِ الشَبابِ أَسىً | |
|
| لَولا تَعَزيِّكَ أَنَّ العَيشَ مُنقَطِعُ |
|
لا بَل بَقاءُ أَميرِ المُؤمِنينَ لَنا | |
|
| فيهِ الغِنى وَحَياةُ الدينِ وَالرِفَعُ |
|
إِن أَخلَفَ الغَيثُ لَم تُخلِف مَخايلُهُ | |
|
| أَو ضاقَ أَمرٌ ذَكَرناهُ فَيتَتَّسِعُ |
|
إِنَّ الخَليفَةَ هارونَ الَّذي امتَلأت | |
|
| مِنهُ القُلوبُ رَجاءً تَحتَهُ فَزَعُ |
|
مَفروضَةٌ في رِقابِ الناسِ طاعَتُهُ | |
|
| عاصيهِ مِن رِبقَةِ الإِسلامِ مُنقَطِعُ |
|
أَيُّ امرىءٍ باتَ مِن هارونَ في سَخَطٍ | |
|
| فَلَيسَ بِالصَلواتِ الخَمسِ يَنتَفِعُ |
|
أُثني عَلى اللَهِ إِحساناً وَأَشكُرُهُ | |
|
| أَن لَيسَ لي عَن وَليِّ الأَمرِ مُنقَطَعُ |
|
أَصفَيتُ وُدّي لِهارونٍ وَشيعَتِهِ | |
|
| لَما تَفَرَّقَتِ الأَحزابُ وَالشيَعُ |
|
لَمّا أَخَذتُ بِكَفّي حَبلَ طاعَتِهِ | |
|
| أَيقَنتُ أَنّي مِنَ الأَحداثِ مُمتَنِعٌ |
|
هُوَ الإِمامُ الَّذي طابَ الجِهادُ بِهِ | |
|
| وَالحَجُّ لِلنَّاسِ وَالأَعيادُ وَالجُمَعُ |
|
حِصنٌ بَنَتهُ يَمينُ اللَهِ يَسكُنُهُ ال | |
|
| إِسلامُ صَعبُ المَراقي لَيسَ يُطَّلَعُ |
|
يَقري العَدوَّ المَنايا وَالعُفاةَ نَدىً | |
|
| مِن كُلِّ ذاكَ النَدى أَحواضُهُ تُرَعٌ |
|
صَبٌّ إِلى اللَهِ زَوّارٌ لِكَعبَتِهِ | |
|
| في كُلِّ عامٍ وَإِن زّارُها شَسَعوا |
|
لا يَحفِلُ البُعدَ مِن دارٍ وَلا وَطَنٍ | |
|
| إِذا سَرى بِوفودِ اللَهِ وَاتَّبَعوا |
|
عَزّافَةُ النَفسِ لا يَلوي عَلى دَعَةٍ | |
|
| وَقَد يَرى خَفضُ مَن يَلهو وَيتَدَّعُ |
|
بَرٌّ بِمَكَّةَ لَم يُجمَع إِلى بَلَدٍ | |
|
| إِلّا تَخَرَّقَ فيهِ الريُّ وَالشِبَعُ |
|
تُزهى بِهِ عَرَفاتٌ حينَ يَنزِلُها | |
|
| وَالمَشعَرانِ وَتأسى حينَ يَندَفِعُ |
|
تِلكَ المَنازِلُ إِن غَبَّت زِيارَتُهُ | |
|
| حَنَّت كَما يَستَحِنُّ الوالِهُ النَزِعُ |
|
يَقظانُ لا يَتَعايا بِالخُطوبِ إِذا | |
|
| نابَت وَلا يَعتَريهِ الضيقُ وَالزَمَعُ |
|
مُستَحكِمُ الرأيُ مُستَغنٍ بِوَحدَتِهِ | |
|
| عَنِ الرِجالِ بِرَيبِ الدَهرِ مُضطَلِعُ |
|
لا يَملِكُ البُخلُ مِن هارونَ أَنمُلَةً | |
|
| وَالجودُ يَملِكُهُ وَالمالُ يُنتَزَعُ |
|
إِذا بَلَغنا جَمالَ الدينِ لَم تَرَنا | |
|
| لِلحادِثاتِ بِحَمدِ اللَهِ نَختَشِعُ |
|
أَدّى إِلَيكَ مَطايانا وَأَرحُلَنا | |
|
| تَقاذُفُ السَيرِ إِنَّ الخَيرَ مُتَّبَعٌ |
|
مِن كُلِّ سَمحِ الخُطا أَو كُلِّ يَعمَلَةٍ | |
|
| خُرطومُها باللُغامِ الجَعدِ مُلتَقَعُ |
|
رَكبٌ مِنَ النَمرِ عاذوا بابنِ عَمَّتِهِم | |
|
| مِن هاشِمٍ حينَ لَجَّ الأَزلَمُ الجَذَعُ |
|
مَتّوا إِلَيكَ بِقُربى مِنكَ تَعرِضُها | |
|
| لَهُم بِها في سَنامِ المَجدِ مُطَّلَعُ |
|
قَومٌ هُمُ وَلَدوا العَبّاسَ والِدَكُم | |
|
| وَأَنتَ بَرٌّ وَعِندَ المَرءِ مُصطَنَعُ |
|
يُعشي العُيونَ إِذا هارونُ واجَهَها | |
|
| نورٌ تَكادُ لضهُ الأَبصارُ تَلتَمِعُ |
|
مُباشِرٌ لأُمورِ المُلكِ مُبتَذِلٌ | |
|
| فيها قَريحَةَ رأيٍ ما بِهِ طَبَعُ |
|
تَهديهِ في ظُلُماتِ الرّأيِ تَحزُبُهُ | |
|
| عَينٌ مِنَ الحَزمِ ما في ماقِها قَمَعُ |
|
إِنَّ المَكارِمَ وَالمَعروفَ أَوديَةٌ | |
|
| أَحَلَّكَ اللَهُ مِنها حَيثُ تَجتَمِعُ |
|
إِذا رَفَعتَ امرُأً فَاللَهُ يَرفَعُهُ | |
|
| وَمَن وَضَعتَ مِنَ الأَقوامِ يَتَّضِعُ |
|
نَفسي فِداؤُكَ وَالأَبطالُ مُعلَمَةٌ | |
|
| يَومَ الوَغى وَالمَنايا بَينَهُم قُرَعُ |
|
كَم ضَربَةٍ لَكَ تَحكي فا قُراسيَةٍ | |
|
| مِنَ المَصاعِبِ في أَشداقِها شَنَعُ |
|
أَو طَعنَةٍ نَفَذَت حَتّى بَدا وَضَحٌ | |
|
| مِنَ السِنانِ وَراءَ المَتنِ مُذَّرَعُ |
|
يا رُبَّ قِرنٍ تَخَطَّيتَ الحُتوفَ إِلى | |
|
| حَوبائِهِ وَعَجاجُ المَوتِ يَرتَفِعُ |
|
كَم شَدَّةٍ لَكَ لَو كانَت عَلى جَبَلٍ | |
|
| لانهَدَّ مِن وَزنِها أَو كادَ يَنقَلِعُ |
|
لَيلٌ مِنَ النَقعِ لا نَجمٌ وَلا قَمَرٌ | |
|
| إِلّا جَبينُكَ والمَذروبَةُ الشُرُعُ |
|
أَلقى بَنو الأَصفِرِ الأَذقانَ واِشتَمَلوا | |
|
| ذُلَّ الخُنوعِ وَكانوا قَطُّ ما خَنَعوا |
|
والَيتَ حَولاً مُغاراً في بِلادِهِمُ | |
|
| وَلِلمَنايا سَحابٌ لَيسَ يَنقَطِعُ |
|
لضمّا أَناخَأَميرُ المُؤمِنينَ بِهِم | |
|
| وَالخَيلُ عابِسَةٌ وَالمَوتُ مُكتَنِعُ |
|
خاضَت إِلَيهِم خَليجَ البَحرِ هَيبَتُهُ | |
|
| فأَذعَنوا بأَداءِ الخَرجِ واِنتَجَعوا |
|
عاذوا بِسَبعَةِ حيطانٍ فَسَوَّرَها | |
|
| جُندٌ مِنَ الرُعبِ لَمّا نالَهَم خَضَعوا |
|
حُكمُ الخَليفَةِ هارونٍ يَذَكِّرُنا | |
|
| أَحكامَ أَحمَدَ بَل أَخلاقُهُ جُمَعُ |
|
مَشابِهٌ مِن نَبيِّ اللَه تَنزعُهُ | |
|
| إِلى المَحاسِنِ وَالأَشباهُ تُنتَزَعُ |
|
وَمِن إِمامِ الهُدى المَنصورِ يَلحَقُهُ | |
|
| قَهرُ الأُمورِ وَحَزمٌ حينَ يَقتَرِعُ |
|
وَتُشبِهُ القائِمَ المَهديَّ مَرحَمَةٌ | |
|
| مِنهُ وَبضحرُ نَوالٍ حينَ يُنتَجَعُ |
|
وَما أَخَلَّ وَصيُّ الأَوصياءِ بِهِ | |
|
| مُحَمَّدُ بنُ عَليٍّ نورُهُ الصَدِعُ |
|
ذُرِّيَّةٌ بَعضُها مِن بَعضٍ اِصطُنِعَت | |
|
| فالحَقُّ ما نَطَقوا وَالحَقُّ ما شَرَعوا |
|
يا ابنَ الأَئِمَّةِ مِن بَعدِ النَبيِّ وَيا ب | |
|
| نَ الأَوصياءِ أَقَرَّ الناس أَم دَفَعوا |
|
إِنَّ الخِلافَةَ كانَت إِرثَ والِدِكُم | |
|
| مِن دونِ تَيمٍ وَعَفوُ اللَهِ مُتَسِعُ |
|
لَولا عَديٌّ وَتَيمٌ لَم تَكُن وَصَلَت | |
|
| إِلى أُمَيَّةَتَمريها وَتَرتَضِعُ |
|
تِسعينَ عاماً إِلى عَشرٍ مُجَرَّمَةٍ | |
|
| مِنَ السِنينَ وَأَنفُ الحَقِّ يُجتَدَعُ |
|
وَما لآلِ عَليٍّ في إِمارَتِكُم | |
|
| حَقٌّ وَما لَهُمُ في إِرثِكُم طَمَعُ |
|
يا أَيُّها الناسُ لا تَعزُب عُقولُكُمُ | |
|
| وَلا تَضيفكُم إِلى أَكنافِها البِدَعُ |
|
العَمُّ أَولى مِن ابنِ العَمِّ فاِستَمِعوا | |
|
| قَولَ النَصيحِ فَإِنَّ الحَقَّ يُستَمَعُ |
|