عِتابٌ وما يُغني العتابُ على الزَّمَن | |
|
| وشَكوى كما تَشكو القِداحُ إلى السَّفَن |
|
وما رَضيت بعدَ الغضارَةِ أيكَةٌ | |
|
| بِنَحتٍ ولكن عالَمُ الكَونِ مُمتَحَن |
|
ولو أعفَتِ الأيامُ قِدحُ ابن مقبلٍ | |
|
| لما اختار كفّاً تطبيه على الفنن |
|
وما عزَّ هذا النبع إلا لذلةٍ | |
|
| تُغادِرُهُ في راحة العين يُمتَهَن |
|
وما أَلبسَ الرِّيشَ اللُّؤامَ كرامَةً | |
|
| وكم بزَّةٍ كانَت للابسها كَفَن |
|
وقد كان مسُّ الريحِ أَخفى بعطفِهِ | |
|
| مِنَ الوَتَرِ الجافي إذا عزهُ أرَنّ |
|
وللغرب الخوارِ عيصٌ مؤشبٌ | |
|
| يُصانُ بما فيه ابتذالٌ لمن فَطَن |
|
وماذا عليه والسلامةُ حظهُ | |
|
| بأَن تتخطاهُ النوائب والمِحَن |
|
فليت كريماً يُنعشُ الناسً خيرُهُ | |
|
| يعمَّرُ فينا عُمرَ ثهلانَ أو حضن |
|
|
| ويبقى لئيمٌ شرُّه غيرُ مؤتمن |
|
يودُّ الفتى طولَ البقاءِ وطولُهُ | |
|
| يُوَرِّثُهُ ثكلَ الأحبَّةِ والبَدَن |
|
وأيُّ اغتباطٍ في حَياةِ مُرَزَّإ | |
|
| يروحُ على بثٍّ ويغدو على شجَن |
|
زيادَتهُ نقصٌ وجِدَّتُهُ بِلىً | |
|
| وراحَتُه كَربٌ وهُدنَتُهُ دَخَن |
|
إذا فُوِّقَ السَّهمُ المُصيبُ فقَلبُهُ | |
|
| ومَن صانَ فيهِ مِن أعزَّتِهِ مِجَن |
|
فَيا عجباً لِلمَرءِ يَلتذُّ عيشَةً | |
|
| مُنغَّصةً لُزَّت معَ المَوتِ في قَرَن |
|
أَرى كلَّ حيٍّ للمنيَّةِ حامِلاً | |
|
| فيا وَيحَهُ ممَّا تحمَّل واحتَضَن |
|
وإِنَّ الفتى تِربُ الحوادثِ ناشئاً | |
|
| وكهلاً ولكنَّ الشَّقيَّ من استشَن |
|
إذا زادَتِ الأَيَّامُ فينا إساءةً | |
|
| نزيدُ على عِلمِ بِما ساءَ حُسنَ ظَن |
|
ونُلدَغُ من جُحرٍ مِراراً فَنَغتري | |
|
| كأَنَّ لُعابَ القاتِلاتِ سَقيطُ مَن |
|
ولو دَرتِ الأَنعامُ وَهيَ رَوَاتِعٌ | |
|
| مِنَ المَوتِ ما ندي لَمَا رأَتِ السِّمَن |
|
فكيفَ على ذا الخَطبِ نامَت عُيونُنا | |
|
| وأَيسَرُهُ ذادَ القَطاةَ عَنِ الوَسَن |
|
وأَودَعَ حيّاتِ اللِّصابِ لصابَها | |
|
| ورفَّع سِربَ العُصمِ فَوقَ ذرى القُنَن |
|
وَلَم أَرَ مثلَ المَوتِ حقّاً كَباطِل | |
|
| وكلٌّ فَياللهِ بالموتِ مُرتَهَن |
|
أَإخوانَنا والحَشرُ أَدنى لقائِكُم | |
|
| سلامٌ تقدَّمتُم ونحنُ على السَّنَن |
|
أَإِخواننا لم يبقَ إلا تحيةٌ | |
|
| أَزورُ بها تلكَ المعاهِدَ والدِّمَن |
|
أَإِخوانَنا هل تسمَعُونَ تحيَّتي | |
|
| ودونَكُم ما يَحجُبُ السِّرَّ والعَلَن |
|
فيا كبدي ماذا جَزيتِ ابنَ مالِكٍ | |
|
| ويا عبرتي ماذا قَريتِ أَبا الحَسَن |
|
خليلا صَفاءٍ في دِمشقَ تتابعا | |
|
| على فترةٍ لم أَخلُ فيها من الحَزَن |
|
أَسَوتُ بهذا جُرحَ هذا تعلُّلاً | |
|
| وخادَعت هذا القلبَ عن خيرِ ذي يَمَن |
|
فأَفردَني بالعبءِ والعِبءُ فادِحٌ | |
|
| وأَسلَمني للدَّهرِ والدَّهرُ ذو أَرَن |
|
وَلَو فَقَدَت رَضوى الذين فَقَدتُهُم | |
|
| أراحَ تداعيها أُناساً من الظِّنَن |
|
فَمَن مُسعِدي في مُسعِدي غَيرَ مؤتَلٍ | |
|
| وَمَن مُنصِفي في مُنصِفي لا أَخالُ مَن |
|
وكانَ غياثَ الناسِ في كلِّ شدَّةٍ | |
|
| وفرحةَ مَن أَوفى وتَرحةَ مَن ظَعَن |
|
فكَم لهُما من مَكرُماتٍ مَواثِلٍ | |
|
| وكم مِن أَيادٍ خالداتٍ ومِن مِنَن |
|
وكَم فَرَّجا مِن كُربَةٍ مدلهمَّةٍ | |
|
| وكَم حَمَلا مِن باهِظٍ يقطَعُ المُنَن |
|
إذا ما أَحسّا خَلَّةً لَطَفا لَها | |
|
| بما شاءَ شاكيها مِنَ الرِّفِ والطّبَن |
|
أبا الحَسنِ اخلُد في الجِنانِ مُنَعمَّاً | |
|
| جزاءً بما أَسلَفتَ من سَعيكَ الحَسَن |
|
يَطيرُ فؤادي رَوعَةً فإِذا رأى | |
|
| محلَّكَ في دارِ الغِنى والرِّضى سَكَن |
|
وقد كنتَ تَرتادُ المواطِنَ إذ نَبَت | |
|
| فبوأكَ الرحمنُ فردَوسه وَطَن |
|
وبِتَّ مُعنّى بالجلاءِ فَفُتّهُ | |
|
| وقد كانَ حاديهِ تشبَّتَ بالظَّعَن |
|
ولَم يرضَ إلا أرض هجرتك الَّتي | |
|
| تخيَّرها للأَولياء على الفِتَن |
|
وفي مثلِها رقَّ الرَّسولُ تَحَزُّناً | |
|
| لِسَعدٍ وقَد واراهُ أكرَمُ مُدَّفَن |
|
وَلَو أنَّ عبداللَهِ خُيِّرَ في الثَّرى | |
|
| على قثم لاختارَهُ ولَما اغتَبَن |
|
على أَنَّكَ المدعوُّ مِن كلِّ بَلدَةٍ | |
|
| هَلُمَّ فإنَّا دُونَكَ الحُجبُ والجُنَن |
|
سَيُرضيكَ من أَرضيتَهُ في عِبادِهِ | |
|
| وجاهَدتَ فيهِ بالفُروضِ وبالسُّنَن |
|
وتبقى لِمَن أَبقَيتَ عهدَكَ إنَّهُ | |
|
| لَهُم كلَّما استهوَتهُمُ رَوعَةٌ سَكَن |
|
وتحفظُهم حِفظُ اليتيمَينِ أَيِّدا | |
|
| بِرَفعِ جدارٍ قد تَداعى وَقَد وَهَن |
|
وَما ذاكَ بِرّاً بالجِدارِ وعُلوهِ | |
|
| ولكن لكنزٍ تحتَهُ كان مُختَزَن |
|
أَبا حَسَنٍ إنَّ المدى بَعدَما بَدا | |
|
| طويلٌ ولا يُعتدُّ في جَنبِ ما بَطَن |
|
وأَيسَرُ وَجدي في فِراقِكَ أَنَّهُ | |
|
| سيبقى عليكَ الوَجدُ ما بقيَ الزَّمَن |
|
سَقى اللَهُ والسُّقيا بكفَّيهِ تُربَةً | |
|
| مُباركةً ضمّتك أَمرَعَ ما هَتَن |
|
وَلا بَرَحتها دِيمَةٌ مستهِلّةٌ | |
|
| إذا رَكَضتها الرّيحُ قامَ بها حَرَن |
|
وَلا زِلتَ في رَوضٍ وروحٍ وَرَحمَةٍ | |
|
| وَمَغفِرَةٍ تَترى عَلى ذلكَ الجَنَن |
|