من ترانِيمِ وحيك القدسيّ وأفاويق عطرك الروحيِّ
|
من هواك الذي استفاقت على أشواقه مهجة الوجود الخليِّ
|
من هداك الذي طوى البرِّ والبحرِ وأعيا مواهب العبقريِّ
|
من صلاتي عليك في غَسَق الليل وفي ضحوة الصباح السنيِّ
|
أقبس الشعر وهو قربان روحي ونصيري على الزمان العصيِّ
|
فإذا ما أعيته آياتك الغرّ فما كان خافقي بالعَييِّ
|
فاعذر الشعر فهو شعر تراب لم يطهَّر من رجسه الأرضيِّ
|
أنت أسمى منه فأنت نبيٌّ لا يفنيه الثناءَ غير نبيِّ
|
|
أيُّهذا الأُمّيّ يا أبلغ الخلق بيانا . . قدّست من أُمِّيّ
|
أيّهذا اليتيم حسبك فخرا أن ترى الله منك خير وصيّ
|
أيُّهذا الفقير إلا من الخير تعاليت فوق كل غَنيّ
|
أيُّها الصامت الذي أيقظَ الكون بنجواه للعزيز العليّ
|
أيّها الأعزل الذي قد تحدّى أُمة لم تلن لغير غويّ
|
أظمأَتها الآثام فاسْتَبَقَتْ تسأل عن منهل هناك رويّ
|
أنت روَّيتها وكنت لها الظلَّ ففاءَت إلى الطريق السويّ
|
وأنا الظاميءُ الذي خبَّلته نار آثامه فضيّعت رييّ
|
أنا من أغرقته آثام دنياه بأمواج بحرها اللُّجيّ
|
وليَ الله كم تعوّذت من نفسي وشيطانها المَريد العِتيّ
|
كلّما مضّني من النفسِ وسواسٌ تذرَّعت بالرجاءِ الهنيِّ
|
وإذا ما أثار شيطانها الشكُّ تعلّلت باليقين الشهيّ
|
إنما النفس جمرة ليس يطفيها سوى غيث حبّك الأبديّ
|
فابعث الغيث يا غمام المحبّين ففيه هناءُ كلِّ شقيّ
|
|
ها هي الأرض يا حبيبي عافت رِيّها من مجازر الأدميّ
|
أزهرت بيدها من الشرِّ واحْمرّت وروض السماء يهفو لريّ
|
فقدت صبحها وكفّنها الليل بثوب مخرّق دمويّ
|
كلمّا أرعد الخميس أُقيمت لبروق الفناء سوق العشيِّ
|
ولدت ثم أثقلتها المواليد فناءَت بماردٍ وصبيِّ
|
لم تعد تعرف السلام سوى أُسطورةٍ خطّها يراع غبيِّ
|
لست أدري أغرّها الخلد؟ أم حنّتْ ليومٍ مخلّد أزليِّ
|
يوم عبَّت دم الذبيح أخي الذابح وابن المشرّد السرمديِّ
|
|
وعجيب أمر الأشقّاء فيها كيف زادوا في ذنبه العبقريِّ
|
لم يذوقوا تفّاح حواءَ إلا برغيف من طبعها الطّينيّ
|
ثم زادوا عليها أكؤس الدمع تُروّي من جارمٍ وبريّ
|
ويحهم كالقطيع ينشد راعيه . وراعيه في فم الوحشيّ
|
|
هذه الأرض شرقها خلق الغرب فلم يَجْزه جزاءَ الوفيِّ
|
هذه الأرض غربها قتل الشرق ووارى الشرقيّ بالشرقيّ
|
عرب تاْخذ الأعاجم عنهم كلّ فن من البلاهة حيِّ
|
حسبوا المجد أن يذلُّوا لعبد ومن الموت أن أَذِلّ لشيّ
|
ويَروْن الحياة حُلْم غبيٍّ ويرون الإيمان حلم بغيِّ
|
كفروا بالحياة إذ آمن الموتى وعاشوا كالسّائم الأرضيّ
|
فإذا حدّثوا عن الصّخرِ لانوا ومن الصخر رقّة العربيّ
|
فهنا مصر أمّة مسختها كالتماثيل عصبة السامريّ
|
وطن جامع وحظّ مُشِتُّ قصّة خبّلت حِجا القصصيّ
|
عامل يصنع الحياة ويرجوها فتاتا يجفوه كلب الثريّ
|
يؤثر الناس بالبقاء ويفنى ومن الظلم طينة الآدميّ
|
هَمُّه الفكر في المجاعة والدّين وعقل الفتى وسقم الصبيّ
|
سئم الليل والملائك شكواه وأسماه صبحه بالشقيّ
|
وأَخو الأرض ملّت كفّيه وباحت بكل سرّ خفيِّ
|
أطعمته ترابها واستبدّت بقواه فلم يَعُدْ بالقويّ
|
يومه شقوة وجوع وعري ومناه حياة هذا الغبيّ
|
يتمنى الحياة للقاتل الغاصبِ دعوى عربيدة ةغويّ
|
ملهم بالفجور أفكاره الإثم وليل الساقي ويوم الخليّ
|
إنها قصة التناقض يا قوم فطوبى للثائر العبقريّ
|
يا لنيل الخلود تحرمه مصر وتُهريقه يد الأجنيّ
|
يا لشعب عبدانه البيض أحرار يسومونه عذاب العصيّ
|
يا لشعب عزّت عليه الأماني فهو في الدهر كالذليل الأبيّ
|
|
وهناك الشام أثقله القيد طليح يفنى بكفِّ قويّ
|
ففلسطين جمرة الشرق باتت مسرحًا للمثّل الموسويّ
|
وللُبنانَ في يد الداعر الفذّ انتفاضات فارس علويّ
|
ولسوريا في الخافقين صراخ مُضريّ الأصداءِ شاجي الدويّ
|
والعراق الهضيم والأْردن الضائع كلُّ لصحبه كالسميّ
|
أُمم حطّمت بمعول شيطان ولفّت بمجدها الوهميّ
|
وحياة مريضة شاقها الموت وضجّت من سجنها الأبديّ
|
أين مجدٌ بناه نور الحياتين يتيم الصحراء راعي الجُدِيّ
|
أين فاروقها أمير المساكين وأين الصديقُ قلبُ النبيّ
|
لا حمى الشرق من بنيه ذليلا وهو الشرق أُمة الهاشميّ
|
|
ها هي الأرضُ يا حبيبي ذئابٌ ...وذئابٌ ...من فاجر أو تقيّ
|
ملئت جازرين شبُّوا على الشهوة واستمرأُوا طعام الغويّ
|
ومجانين قيّدوا العقل بالشرِّ .. وفكُّوا غرائز البشريّ
|
رقّشوا الكون بالدماءِ وغنّوا كلَّ لحن من المنايا بكيّ
|
عبدوا المال وهو لمع سراب واستظلُّوا بظلِّه القَفْريّ
|
|
حرموا راحة اليقين وعبّوا كلَّ كأْس من الشكوك نديّ
|
كلّما جاءهم نبيّ سلام رجموه بحاصب شهويِّ
|
ليتهم حين قدّسوا الطينَ كَفُّوا عن أذى ناسك وإفناءِ حيِّ
|
هم كما كان والدوهم وأَرْبَوْا وهم القاسمون في كلِّ غيّ
|
جاهليون قدّسوا جاهليّين سعوا نحو غاية اللا شيِّ
|
|
يا نصيري إذا دَهَتني الرزايا وأنيسي في وحدتي ونجييّ
|
يا حبيبا أغنى فؤادي عن كل حبيب وصاحبٍ وصفيّ
|
أنت فجرٌ أطلّ والليلُ داجٍ فمحا الليل بالشعاع السنيّ
|
أنت بيت القصيد والكون شعرٌ واسمك الحلو فيه مثل الرويّ
|
أنت من ذكره على القلب أندى من ندى الفجر والنسيم الرخيّ
|
أنت ألهمتني الصفاء على الكرب فأصبحت كالشعاع النقيّ
|
أنت علّمتني الجلاد إذا ما أوهن الدهر جانحي بالقسيّ
|
إنما الكون يا حبيبيَ قرآن به أنت آية الكرسيّ
|