حَذارِ حَذارِ مِن رُكونٍ إِلى الزَمَن | |
|
| فَمَن ذا الَّذي يُبقي عَلَيهِ وَمَن وَمَن |
|
أَلَم تَرَ لِلأَحداثِ أَقبَلَها المُنى | |
|
| وَأَقتُلَها ما عَرَّضَ المَرءَ لِلفِتَن |
|
تُسَرُّ مِنَ الدُنيا بِما هُوَ ذاهِبٌ | |
|
| وَيَبكي عَلى ما كانَ مِنها وَلَم يَكُن |
|
أَرى دارَنا لَيسَت بِدارِ إِقامَةٍ | |
|
| أَرَدنا نَواءً عِندَها وَهيَ في ظَعَن |
|
فَكَم سَكَنَ الدُنيا مُلوكٌ أَعِزَّةٌ | |
|
| تَفانَوا فَلَم تَستَبِقِ مِنهُم لَها سَكَن |
|
وَكَم في الثَرى دَسَّت جَبينَ مُتَوَّجٍ | |
|
| فَأَصبَحَ بِالإِقدامِ يوطا وَيُمتَهَن |
|
وَذي جُنَّةٍ كانَت تَقيهِ مِنَ الرَدى | |
|
| أَتاهُ الرَدى فَاِعتاضَ مِنها ثَرى الجَنَن |
|
وَكَالصَقرِ فَوقَ السابِقاتِ اِغتَضَت بِهِ | |
|
| أَعالِيَ أَعوادِ مِنَ النَعشِ فَاِرجَحَن |
|
وَمَن ضاقَت الدُنيا بِهِ وَبِجَيشِهِ | |
|
| طَوَت شَخصَهُ في قَيدِ شِبرٍ مِنَ الكَفَن |
|
وَمُحتَجِبٍ لا يَخرِقُ الإِذنَ حُجبَهُ | |
|
| وَلَجنَ مَناياهُ عَلَيهِ وَما أَذِن |
|
وَذي حَرَسٍ لا يَغفَلونَ اِحتِراسَهُ | |
|
| رَمَتهُ فَلَم يُنصَرُ عَلَيها وَلَم يُعَن |
|
وَما سِحِ عِطفَيهِ مِنَ الدَرَنِ اِنبَرَت | |
|
| لَهُ الدُودُ أَكلاً فَاِنثَنى دَرَنَ الدَرَن |
|
وَذي أَمَلٍ مِن دونِهِ أَجَل لَهُ | |
|
| غَذا شَركاً ما كانَ قَبلُ لَهُ وَسَن |
|
فَما اِعثَرَ الآمالَ في أَجلِ الفَتى | |
|
| وَأَقرَبَ أَيّامَ السُرورِ مِنَ الحَزَن |
|
عَفاهُ عَلى الدُنيا فَإِنَّ نَعيمَها | |
|
| كَأَضغاثِ أَحلامٍ تَلَذُّ بِلا وَسَن |
|
فَبَينا الفَتى في ظِلِّها إِذ تَقَلَّبَت | |
|
| بِهِ فَاِتَّقَتهُ وَهيَ قالِبَةُ وَالوَهَن |
|
لَعضمرُكَ إِنّي قَد حَزِنتُ فَلَم أَهِن | |
|
| وَكُنتُ جَديرَ الرُزءِ بِالحُزنِ وَالوَهَن |
|
دَهَتني المَنايا في أَبي حَكَم أِبي | |
|
| وَمِن قَبلُ وارَيتُ الشَقيقَ أَبا الحَسَن |
|
فَيا لَكُما بَدرَي عَلاءٍ تَساقَطا | |
|
| وَكانا سَنا عَيني وَأَسناهُما الأَسَن |
|
تَضَمَّنَ شَوّالُ مَناياهُما مَعاً | |
|
| فَبَينَهُما حَولٌ وَفَقدُهُما قَرَن |
|
تَلا فَقدَ هَذا فَقدُ ذا مُتَتابِعاً | |
|
| فَشَمسٌ تَلَت بَدراً وَأَصلٌ تَلا غُصُن |
|
خَلا مِنهُما النادي وَكانا وَقارَهُ | |
|
| فَزُلزِلَ رَضوى وَاِستُطيرتَ رُبا حَضَن |
|
وَلَم يُبقِ رَوضي بَعدَ هَلَّكِهِما الحَيا | |
|
| وَكُنتُ أَسَقّي مِنهُما السُحُبَ الهَتَن |
|
فَلِلَهِ صَبري بَل شَجوني فَإِنَّني | |
|
| نَشَرتُ اِصطِباراً وَاِنطَوَيتُ عَلى شَجَن |
|
بَدا أَعظَمُ الأَرزاءِ وَاِكتَتَمَ الأَسى | |
|
| فَناقَضتُ جُلَّ الناسِ في السِرِّ وَالعَلَن |
|
فَقُلتُ لِجِسمي خالِياً أَنتَ وَالضَنى | |
|
| وَلِلروحِ بِئسَ الروحُ مالَكَ لَم تَبِن |
|
فَقالَ فُؤادي هَل أَذوبُ مِنَ الأَسى | |
|
| فَقُلتُ تَعَجَّل لا أَبا لَكَ وَاِفعَلَن |
|
وَقالَت دُموعي هَل أَذوبُ مِنَ الأَسى | |
|
| مَعي الدَمُ مَسفوحاً فَقُلتُ اِفعَلي وَإِن |
|
أَبَعدَ يَعيشٍ سَلوَةٌ وَتَصَبُّرٌ | |
|
| لَقَد فَسَدَت عِندي صَنائِعُهُ إِذَن |
|
فَأَينَ الأَيادي السافِلاتُ الَّتي بِها | |
|
| شَهيدٌ عَلِيَّ الطَفلُ وَالكَهلُ وَاليَفَن |
|
وَأَينَ حَنانٌ كُنةتُ أَعرِفُهُ بِهِ | |
|
| فَيا قَلبُ ما أَشجى عَلَيهِ وَما أَحَن |
|
وَكَم مِنَنٍ مِن دونِ مَنٍ تَتابَعَت | |
|
| عَلَيَّ لَهُ وَالناسُ مَنٌّ بِلا مِنَن |
|
وَكَم مِن عَظيمٍ قَد وَقاني بِنَفسِهِ | |
|
| فَهانَ وَلَولا عَطفُهُ بي لَم يَهُن |
|
سَأَثني عَلَيهِ بِالَّذي هُوَ أَهلُهُ | |
|
| وَإِن يَكُ تَقصيرٌ فَإِقصارُ ذي لَسَن |
|
أَبي ما أَبي لا يُبعِدِ اللَهُ مِثلَهُ | |
|
| وَمَن مِثلُهُ ذو اليُسرِ في عُسرَةِ الزَمَن |
|
جَوادٌ يزينُ الجودَ مِنهُ تَواضُعٌ | |
|
| فَفَوقَ الَّذي أَبدى مِنَ الجودِ ما أَكَن |
|
إِذا سُئِلَ المَعروفَ أَسبَلَ وابِلا | |
|
| وَإِن هُوَ لَم يُسأَل تَفَجَّرَ أَو هَتَن |
|
وَلَم يَدَّخِر في أَمسِهِ قوتَ يَومِهِ | |
|
| نَزاهَةَ نَفسٍ لا كَمَن حاطَ وَاِختَزَن |
|
شَبيبَتُهُ بَينَ المَكارِمِ وَاللُها | |
|
| وَشَيبَتُهُ بَينَ الفَرائِضِ وَالسُنَنِ |
|
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ حَيّاً وَهالِكاً | |
|
| لِدافِنِهِ الفَخرُ العَظيمُ بِمَن دَفَن |
|
فَبورِكَ مِن قَبرٍ وَطُهِّرَ مِن ثَرى | |
|
| وَقُدِّسَ مِن روحٍ وَعوفِيَ مِن بَدَن |
|
رَجَوتُ لَهُ عَفوَ المُهَيمِنِ إِنَّهُ | |
|
| هُوَ المَلِكَ الغَفّارُ ذو الطَولِ وَالمِنَنِ |
|
لَهُ المُلكُ في الدارَينِ وَالحُكمُ مِثلَ ما | |
|
| لَهُ المَلَوانِ وَالَّذي فيهِما سَكَن |
|
وَأَرجو لَهُ حُبَّ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ | |
|
| فَذَنبُ مُحِبّيهِ بِغُفرانِهِ قَمَن |
|
وَأَرجو لِسُقياهُ سِقايَةَ مَورِدٍ | |
|
| حَلا حَوضُهُ ما بَينَ أَيلَةَ وَاليَمَن |
|
فَقَد قامَ بِالتَوحيدِ وَالخَمسُ عُمرُهُ | |
|
| وَصَلّى عَلى المُختارِ وَاِتَّبَعَ السُنَن |
|
خَليلَيَّ إِنَّ الصَبرَ صَبرٌ وَلا أَرى | |
|
| سِواهُ لِشَجوي أَنَّهُ أَعصَمُ الجُنَن |
|
قِفا حَيِّيا القَبرَ الَّذي حَلَّهُ أَبي | |
|
| مَعي إِنَّهُ رَأيٌ بَريءٌ مِنَ الغَبَن |
|
وَلَستُ وَإِن أَنحى الزَمانُ بِصَرفِهِ | |
|
| عَلَيَّ وَنالَتني صُروفٌ مِنَ المِحَن |
|
بِفاقِدِ شَيءٍ مِن أَبي غَيرَ شَخصِهِ | |
|
| وَلا بائِعِ القُربى بِبَخسٍ مِنَ الثَمَن |
|
عَسى اللَهُ في الفِردَوسِ يَجمَعُ بَينَنا | |
|
| فَإِنَّ الرَدى إِن كانَ يَجمَعُنا حَسَن |
|