لا زهرهُ يندى ولا هو ينفخُ |
ذاوٍ على طرف الصبا مُتصوّحُ |
ريّانُ أميَسُ هدّلت أطرافهُ |
هوجاء من نار المطامع تلفحُ |
فرعٌ من الزيتون لم يخفق له |
فننٌ ولم يسجع عليه صيدحُ |
أنداؤهُ من حكمةٍ أبديةٍ |
صمتت فما تلغو ولا تتفصّحُ |
وغذاؤهُ من رحمةٍ علويّةٍ |
يضفو بها طيفٌ هناك مُجنّحُ |
تخذ السلام قصيدةً قدسيةً |
يشدو بها شادي السلام ويصدحُ |
لو رنّ هاتفها بسمع كتيبةٍ |
هوجاء في رهج اللظى تترجّحُ |
سجدت له الأسيافُ خجلى رهبةً |
وتكفّأت فوق الثرى تتطوّحُ |
*** |
يا سرجةً برواق جينيف ارتوت |
من جدولٍ بدم الضحايا ينضحُ |
نبعٌ من الأرواح سلسل فيضهُ |
وجرى على بطحائها يتفوّحُ |
ينسابُ من خلل الجماجم صاخبا |
أمواجهُ من كل عرقٍ تطفحُ |
ماذا دهاكِ فلم يدعْ سوسانةً |
من هوله في جانبيك تُفتّحُ |
صوتٌ من الطليان أروعُ غاشمٌ |
مُتحفّزٌ بين الورى يتبجّحُ |
خدعتهُ صامتةُ القنابل حينما |
ذهبت تُهدّد بالردى وتُلوّحُ |
مجنونةٌ بالموتِ جُنّ حديدها |
ومريدُها خطرا يروع ويفدحُ |
رعناءُ لو مسّت مطارف شاهقٍ |
لانْدَكَّ من عالي الذرا يتطرّحُ |
سكرى بخمر الموت تهذي جهرةً |
بملاحنٍ من كبرها تتوقّحُ |
خرساءُ لو نطقت أصمّ ضجيجها |
أُذُن الحياة ، فلا تعي ما تُفصحُ |
حُبلى بنسل النار يا ويلاهُ إنْ |
ولدتْ فحتفٌ للبريّة يكسحُ |
كم أفزعت عزريل حين تبرّجت |
تلهو على جثث ِ العبادِ وتمرحُ |
*** |
سلْ أمةَ الأحباش كيف تفزّعتْ |
وغدت على قُضب القنا تترنحُ |
لم تغنها الأجبال تعصم هاربا |
أو شاكيًا تحت المغافر يرزَحُ |
خيماتها في الحرب لو أبصرتها |
شُعلاً على كنف الهواضب تُلمحُ |
هي ألسنٌ للحق ذاع بيانها |
ضرمّا عن الوجد المكتّم يُفصحُ! |
يا ربّ مسودّ الجبينِ بظلها |
قسماته عند الوغى تتوضّحُ |
يُصليه إيمانُ العزائمِ باللظى |
فيظلّ من قبساته يتروّحُ |
يلقى الطغاةَ بعزمةٍ لو صادفتْ |
قلبَ الحديدِ لخرّ بالدمِ يرشحُ! |
*** |
يا فارس الرّومِ العنيدَ تحيةً |
من شاعرٍ باللّوْم جاءك يصدَحُ |
أنغامُهُ في النيلِ ضيّعها الأسى |
وهي التي بهوى البلاد تُسبّحُ |
عُذرِيّةً تشدو ، فإن هي أقبلتْ |
تأسو يراوغها الشمات فيجرحُ |
صرخت على حريّةٍ مسلوبةٍ |
شعراؤها في كلّ فجٍّ نُوّحُ |
ما ضرّ لو امهلتْ طائشةَ الوغى |
قومًا تغادوا بالشكاةِ وروّحُوا؟ |
أوطانهم ! يا رحمتا لمصيرها ! |
أملٌ لسُفّاكِ الطغاةِ ومطمحُ |
فزعوا من الغارات تخنقُ جوّهم |
فيضرع بالموت الأصمّ وينفحُ |
الله طهّره هواءً طيّباً |
كالروض ضمّخه العبير الأفيحُ |
وابنُ التّرابِ أحالَهُ مسمومةً |
نكباء ذاريةً تُبيد وتفدحُ |