أَلوى بِعَزمِ تَجَلُّدي وَتَصَبُّري |
نَأيُ الأَحِبَّةِ وَاِعتِيادُ تَذَكُّري |
شَحطَ المَزارُ فَلا مَزارَ وَنافَرَت |
عَيني الهُجودَ فَلا خَيالٌ يَعتَري |
وَقُصِرتُ عَنهُم فَاِقتَصَرتُ عَلى جَوىً |
لَم يُدعَ بِالواني وَلا بِالمُقصِرِ |
أَزرى بِصَبري وَهوَ مَشدودُ القوى |
وَألانَ عودي وَهوَ صلبُ المَكسرِ |
وَطَوى سُروري كُلَّهُ وَتَلَذُّذي |
بِالعَيشِ طَيَّ صَحيفَةٍ لَم تُنشرِ |
ها إِنَّما أَلقى الحَبيبَ تَوَهُّماً |
بِضَميرِ تِذكاري وَعَينِ تَفَكُّري |
سُدَّت سَبيلُ الوَصلِ وَاِنحَلَّت عُرا |
أَسبابِهِ بِحُلولِ يَومٍ أَزوَرِ |
تَرَكَ القلوبَ صَوادِياً يَحدو بِها |
حادي الرَدى بَينَ اللهى وَالحنجرِ |
فَكَأَنَّ نُغبَةَ بَينِها مَزَجَت لَهُ |
في كَأسِهِ حُمةَ الشُجاعِ الأَبتَرِ |
صَفرَت يَداهُ كَم شَجا مِن طفلَةٍ |
صَفراءَ تُنسَبُ في بَناتِ الأَصفَرِ |
قَد قَسَّمَ التَوديعُ لَحظَ جُفونِها |
قِسمَينِ بَينَ مُعَرِّضٍ وَمُعَبِّرِ |
وَتَرَقرَقَت عَبراتُه فَشَغَلنَهُ |
عَن شُغلِهِ بِسَنا الوُجوهِ الحُسَّرِ |
وَأراهُ عرفانُ النَوى مِن حُسنِها |
مَرأى مِنَ المَوتِ الزُؤامِ الأَحمَرِ |
أَنّى لَنا بِالوَصلِ إِلّا في الكَرى |
لَو أَنَّ وَصلَ النَومِ لَم يَتَعَذَّرِ |
فَوِصالُنا لَمّا تَعَذَّرَ بِالمُنى |
أَو بِالتَحِيَّةِ في مَثاني أَسطُرِ |
وَلَرُبَّما حَمَّلتُها ريحَ الصَبا |
وَسَنا البُروقِ المُنجِداتِ الغُوَّرِ |
فَإِذا الدَبورُ سَرَت بِرَجعِ جَوابِها |
جاءَت بِأَعطَرَ مِن دُخانِ المِجمَرِ |
سَقياً لِمَثواهُم وَمن يَثوي بِهِ |
وَلِعَهدِهِم إِن كانَ لَم يَتَغَيَّرِ |
يا عابِدَ الرَحمانِ جُنِّبتَ الأَسى |
كَم مِن أَسىً لَكَ في الجَوانِحِ مُضمرِ |
تَتَقَطَّعُ الصُعَداء أَنفاسي بِهِ |
وَبِفَيضِ أَجفاني وَإِن لَم أَشعُرِ |
أَبلِغ عُبَيدَ اللَهِ صِنوَكَ أَنَّني |
لِفراقِهِ كَالسادِرِ المُتَحَيِّرِ |
عِلقي النَفيسُ الخَطرُ أَفديهِ مِنَ ال |
خَطبِ المُلِمِّ بِكُلِّ عِلقٍ مُخطِرِ |
وَمُحَمَّداً لِلَّهِ دَرُّ مُحَمَّدٍ |
زَهرٌ تَفَتَّحَ غِبَّ مُزنٍ مُمطِرِ |
وَصَغيركُم عَبد العَزيزِ فَإِنَّني |
أَطوي لِفُرقَتِهِ جَوىً لَم يَصغُرِ |
ذاكَ المُقَدَّمُ في الفُؤادِ وَإِن غَدا |
كُفؤاً لَكُم في المُنتَمى وَالعُنصُرِ |
إِنَّ البنانَ الخَمسَ أَكفاءٌ مَعاً |
وَالحليُ دونَ جَميعِها لِلخُنصُرِ |
وَإِذا الفَتى فَقَدَ الشَبابَ سَما لَهُ |
حُبُّ البَنين وَلا كَحُبِّ الأَصفَرِ |
وَاِذكُر بِسِرِّ تَحِيَّتي مَن لَم أَبُح |
لَكَ بِاِسمِهِ وَلِعلَّةٍ لَم يُذكَرِ |
مِمَّن أَوَدُّ لَهُ الرَدى لا عَن قِلىً |
وَيَوَدُّ لَو أَبقى بَقاءَ الأَدهُرِ |
بِأَبي الدَرارِيُّ المُنيرَةُ في الدُجى |
لِلناظِرينَ وَأَنتَ مِنها المُشتَري |
عُوِّضتُ مِن رَعيي لَها وَحَضانَتي |
رَعيي كَواكِبَ كُلِّ داجٍ أَخضَرِ |
وَبِحالِ قُربي مِن مَطالِع زُهرِها |
حالَ القصيِّ الثاكِلِ المُستَعبِرِ |
في رَأسِ أَجرَدَ شاهِقٍ عالي الذُرا |
ما بَعدَهُ لِمُوَحِّدٍ مِن مَعصرِ |
يَأوي إِلَيهِ كُلُّ أَعوَرَ ناعِبٍ |
وَتَهُبُّ فيهِ كُلُّ ريحٍ صَرصَرِ |
وَيَكادُ مَن يَرقى إِلَيهِ مَرَّةً |
في عُمرِهِ يَشكو اِنقِطاعَ الأَبهَرِ |
فَكَأَنَّ مَعمورَ المَنازِلِ حَولَهُ |
ضيقاً وَإِظلاماً مَلاحِدَ مَقبرِ |
كُنتُم لِنَفسي جَنَّةً فارَقتُها |
إِذ راقَ مِنها كُلُّ غَرسٍ مُثمِرِ |
أَسَفي عَلى فَقدِ المَتاعِ بِحُسنِها |
وَظِلالِها وَنَسيمها المُتَعَطِّرِ |
اللَهُ يَعلَمُ أَنَّني مُذ غُيِّبَت |
عَن ناظِرَيَّ هَجَرتُ حُسنَ المَنظَرِ |
وَجَنَيتُ صَبراً بَعدَها مرَّ الجنى |
وَمَزَجتُ سمّاً دِرَّة العَيشِ المَري |
يا قُرَّةَ العَينَينِ إِنّي كُلَّما |
رُمتُ السُلُوَّ أَباهُ شَوقي المُعتَري |
وَطَوارِقُ الفِكرِ الَّتي عَوَّضنَني |
مِن صِحَّتي حالَ السَقيمِ المُحضَرِ |
بَرَحَ الخَفاءُ فَما لِنَفسي حيلَةٌ |
في الصَبرِ عَنكَ وَلَو دَنا لَم أَصبِرِ |
يَلتاحُ مِن تِلقاءِ أُفقِكَ لي سَناً |
وَأريحُ مِن ذِكراكَ ريحَ العَنبَرِ |
وَإِن اِستَحالَت عِندَها نَفسي دماً |
تَهمي بِهِ عَيني فَخَضَّبَ محجري |
وَيَشي بِوَجدي أَن أَرى لَكَ رُقعَةً |
لبسَت بِخَطِّكَ بُردَ وَشيٍ عَبقَري |
وَيمرُّ حَبلُ صَبابَتي إِن بِنتُمُ |
وَطَوى لِقاءَكُمُ مُرور الأَعصُرِ |
وَإِذا دَنا فِطرٌ أَو اِضحى هاجَني |
فَبغلَّتي أُضحي وَدَمعي مُفطِري |
حَيرانُ أَذهلُ عَن إِجابَةِ مَن دَعا |
بِاِسمي وَأوحشُ في الجَميعِ الحُضَّرِ |
خَرس اللِسانُ كَأَنَّما مُستَنطقي |
مُستَنطِقٌ طَلَلاً بِرَبعٍ مُقفِرِ |
ما كُنتُ ذا عُذرٍ يَبينُ لِعاذِري |
لَو لَم يَسُمني الشَوقُ سيما المُعذرِ |
أَشكو إِلى الرَحمنِ فرقَةَ شَملِنا |
حِقَباً ثَلاثاً قَد وُصِلنَ بِأَشهُرِ |
يا لَيتَ شِعري هَل لِشعبِ وصالِنا |
مِن شاعِبٍ وَلِيَومِهِ مِن مُبشِرِ |
بَل لَيتَ شِعري هَل تُلَبّي دَعوَتي |
بِإِجابَةٍ في مَجلِسٍ أَو مَحضَرِ |
أَو هَل أُقَلِّبُ ناظِري فَأَراكَ في |
قُربي تَوَقَّدُ كَالشِهابِ الأَزهَرِ |
أَو هَل أُلَذِّذُ مَسمَعي بِتِلاوَةٍ |
مِن فيكَ تُفصحُ عَن لَقيطِ الجَوهَرِ |
أَو هَل أجلّي خاطِري بِخَواطِرٍ |
لَكَ تَقتَضي وَهجَ السَراجِ النَيِّرِ |
أَو هَل أُروِّحُ عَن فُؤادي ساعَةً |
بمشمِّكَ العَذب المشمِّ الأَذفَرِ |
عَجَباً لِقَلبي يَومَ راعَتنا النَوى |
وَدَنا وَداعُكَ كَيفَ لَم يَتَفَطَّرِ |
ما خِلتني أَبقى خِلافَكَ ساعَةً |
لَولا السُكونُ إِلى أَخيكَ الأَكبَرِ |
إِنسانُ عَيني إِن نَظَرتُ وَساعِدي |
مَهما بَطَشتُ وَصاحِبي المُستَوزرِ |
وَإِذا شَكَوتُ إِلَيهِ شَكوى راحَةٍ |
ذَكَّرتُهُ فَشَكا إِليَّ بِأَكثَرِ |
أَربى عَلَيَّ فَحَظُّهُ مِمّا بنا |
حَظُّ المُعَلّى مِن قِداحِ المَيسِرِ |
قَد شابَ هَمّاً في اِقتِبالِ شَبابِهِ |
إِن كنتُ شِبتُ مَعَ الشَبابِ المُدبِرِ |
أَنحى الزَمانُ عَلَيهِ في حالِ الصِبا |
وَرَماهُ مِن مَكروهِهِ في أَبحُرِ |
بِغَريبَةٍ نَكراء وَمِن خطرانهِ |
بلقاء أَشهر مِن كذابِ المِنبَرِ |
هذا وَلَمّا يَلتَبِس بِخُطوبِهِ |
في مَورِدٍ مِنها وَلا في مَصدَرِ |
إِلّا بقولِ مُدافِعٍ عَن نَفسِهِ |
فيما جَنى باغٍ عَلَينا مُفتَرِ |
قَدَرٌ أُتيحَ لَنا بَلَغناهُ مَعاً |
وَمِن العَسيرِ بُلوغُ ما لَم يُقدَرِ |
قَد ذُقتَ يُتمَ أَبيكَ قَبلَ وَفاتِهِ |
إِلّا تَعِلَّةَ مُرتَجٍ مُتَنَظِّرِ |
وَرُزِئتَ عمرَ أَخيكَ فَهوَ لِحالِهِ |
كَالغابِرِ المودي وَإِن لَم يَغبُرِ |
فَاِندُبهُما حَيَّينِ وَاِبكِ عَلَيهِما |
فَكِلاهُما مَيتٌ وَإِن لَم يُقبَرِ |
اِبكِ الغَريبَينِ اللذَينِ تَبَدَّلا |
بِالدارِ وَالأَهلَين أَقصى الأَدورِ |
وَاِبكِ الفَقيدَينِ اللَذَينِ تَوارَيا |
عَن مخبرٍ خَبراً وَعَن مُستَخبرِ |
وَاِبكِ الشَجِيَّينِ اللَذَينِ طَوَتهُما |
حالُ الفِراقِ عَلى الجَحيمِ المُسعرِ |
الوارِدَينِ لَها مَوارِدَ كُلَّما |
دَعوا إِلى إِصدارِها لَم تَصدُرِ |
طالَ العَناءُ وَجَدَّ بِالنَفسِ الأَسى |
مُذ جَدَّ بي سَقَمي وَطالَ تَنظُّري |
وَأَخافُ فاجِئَةَ المَنونِ فَإِن تَكُن |
فَاِقنِ العَزاءَ فَدَتكَ نَفسي وَاِصبِرِ |
إِنَّ الحِمامَ لَمَنهَلٌ ما دونَهُ |
لِمُمَتَّعٍ بِالعَيشِ مِن مُتَأخّرِ |
فَعَلَيكَ تَقوى اللَهِ فَاِلزَمها تَفُز |
وَحُدودهُ حافِظ عَلَيها تُؤجَرِ |
وَصراطَهُ فَاِتبَع مَناهِجَ سُبلِهِ |
وَسُتورهُ فَاِشدُد عُراها تسترِ |
وَاِعمَل بِطاعَتِهِ تَنَل مِنهُ الرِضا |
وَالقُربَ في دارِ السَلامِ وَتُحبَرِ |
وَاِجعَل إِمامَكَ وَحيَهُ الهادي وَخُذ |
مِن عِلمِ مُحكَمِهِ بِحَظٍّ أَوفَرِ |
فَهوَ الشِفاءُ لِما تكنُّ صُدورُنا |
وَهوَ الهُدى وَالذِكرُ لِلمُتَذَكِّرِ |
وَاِعلَم بِأَنَّ العِلمَ أَرفَعُ رُتبَةٍ |
وَأَجَلُّ مُكتَسبٍ وَأَسنى مَفخَرِ |
فَاِسلُك سَبيلَ المُقتنينَ لَهُ تَسُد |
إِنَّ السِيادَةَ تُقتَنى بِالدَفتَرِ |
وَالعالمُ المَدعُوُّ حَبراً إِنَّما |
سَمّاهُ بِاِسمِ الحَبرِ حَملُ المحبَرِ |
تَسمو إِلى ذي العِلمِ أَبصارُ الوَرى |
وَتغضُّ عَن ذي الجَهلِ لا بَل تَزدَري |
وَبِضُمَّرِ الأَقلامِ يَبلُغُ أَهلُها |
ما لَيسَ يُبلَغُ بِالجِيادِ الضُمَّرِ |
وَالعِلمُ لَيسَ بِنافِعٍ أَربابَهُ |
ما لَم يُفِد عَمَلاً وَحُسنَ تَبَصُّرِ |
فَاِعمَل بِعِلمِكَ توفِ نَفسَكَ وَزنَها |
لا تَرضَ بِالتَضييعِ وَزنَ المُخسِرِ |
سِيّانِ عِندي عِلمُ مَن لَم يَستَفِد |
عَمَلاً بِهِ وَصَلاةُ مَن لَم يَطهُرِ |
وَاِستَنّ بِالسُنَنِ الَّتي ثَبَتَت بِها |
صُحفُ الرُواةِ عَنِ البَشيرِ المُنذِرِ |
صَلّى الإِلهُ عَلَيهِ ما صَدَعَ الدُجى |
فَجرٌ وَعَرَّفَنا بِهِ في المَحشرِ |
وَاِرفُض حَديثاتِ الأُمورِ فَإِنَّها |
بِدَعٌ تُضَلِّلُ كُلَّ قَلبٍ مُبصِرِ |
لا تَخرُجنَّ عَنِ الجَماعَةِ إِنَّها |
تَأتَمُّ بِالحَقِّ الجَلِيِّ الأَنوَرِ |
وَاِسمَع لِوَصفي جُملَةً مِن عقدِها |
إِن تَلقَ مَعناها بِفَهمٍ تَمهُرِ |
هِيَ حَدُّ ما بَينَ الضَلالَةِ وَالهُدى |
في دينِنا وَالعُرف دونَ المنكرِ |
جاهِد وَصَلِّ مَعَ الأَئِمَّةِ كُلِّهم |
وَاِسمَع لَهُم وَلِأَمرِ كُلِّ مُؤَمَّرِ |
وَاِصبِر وَإِن جاروا فَرُبَّةَ فِتنَةٍ |
تَهتاجُها أَنكادُ جَورِ الجُوَّرِ |
وَاِرضَ القَضاءَ وَدِن بِصَرفَيهِ مَعاً |
للأَوَّلِ العالي الصِفات الآخرِ |
وَإِذا عَراكَ الخَيرُ فَاِشكُر وَاِنشُر |
وَإِذا عَراكَ الشَرُّ فَاِصبِر وَاِبشِرِ |
وَاِجعَل لِوَجهِ اللَهِ سَعيَكَ خالِصاً |
يُذخر لَكَ الحَظُّ الجَزيلُ وَيثمرِ |
مَن كانَ يَجعَلُ في نَوافِلَ بِرِّهِ |
وَفُروضِهِ لِلَّهِ شِركاً يَخسَرِ |
وَحَقيقَةُ الإيمانِ قَولٌ يَقتَضي |
عَمَلاً وَنِيَّةَ خائِفٍ مُستَشعِرِ |
وَيَزيدُ بِالأَعمالِ وَهوَ بِنَقصِها |
في حالِ نَقصٍ فَاِستَدمها وَاِذخرِ |
وَالوَحيُ أَجمَعُهُ كَلامُ اللَهِ لا |
خَلقٌ كَما زَعَمَ الغَوِيُّ المُفتَري |
وَاللَهُ يَبدو في الجِنانِ لِأَهلِها |
فَيَرَونَهُ رَأيَ العيانِ المُظهرِ |
مِن غَيرِ أَن يُحصوا حَقيقَةَ كُنهِه |
أَو يُدرِكوا حَدّ الرواء المُبصَرِ |
وَالحَوضُ حَقٌّ وَالشَفاعَةُ مِثلهُ |
لا يُشكِلانِ عَلى اِمرئٍ لا يَمتَري |
وَكَذلِكَ الميزانُ يوضَعُ قائِماً |
بِالقِسطِ وَالزُلفى لِمَن لَم يخسرِ |
وَلِكُلِّ مَيتٍ فِتنَةٌ في قَبرِهِ |
يَلقى نَكيراً عِندَها مَع مُنكَرِ |
وَيُثَبِّتُ اللَهُ التقاةَ إِذا هُمُ |
وَرَدوا السُؤالَ بِقَولِ حَقٍّ مُصدرِ |
وَذوو الكَبائِرِ في مَشيئَةِ رَبِّهِم |
إِمّا يُعَذِّبهُم وَإِمّا يَغفِرِ |
فَاِشهَد جَنائِزَهُم وَلا تقنطهُم |
وَكَذاكَ لا توجب لِمَن لَم يَكفرِ |
وَتَوَلَّ أَصحابَ النَبِيِّ وَآلِهِ |
وَأَذِع مَحاسِنَهُم جَميعاً وَاِنشُرِ |
وَاِمنَحهُمُ مَحضَ الودادِ وَقَدِّم ال |
عُمَرَينِ في كُلِّ الفَضائِلِ وَاِبدُرِ |
وَيَليهما عُثمانُ ثُمَّ عَلِيٌّ ال |
بَطَل المُسَوَّم في الحُروبِ الشمّري |
خُلَفاء صِدقٍ وَطَّدوا دينَ الهُدى |
وَأَروا مَعالِمَهُ عُيونَ النُظَّرِ |
وَالستَّةُ الأَعلامُ مِن شُرَكائِهِم |
نُحَراءَ في اليَومِ الأَغَرِّ الأَشهرِ |
وَاِذكرهُمُ بِالسَبقِ وَاِشهَد فيهم |
وَلَهُم بِما شَهِدَ الرَسولُ وَأخبِرِ |
وَاِرغَب بِسَمعِكَ عَن أفيكة من رَوى |
سَفَكوا الدَماءِ عَلى الثريدِ الأَعفَرِ |
وَاِذكُر سِواهُم بِالجَميلِ وَلا تَكُن |
بِمُقَدّمٍ فيهِم وَلا بِمُؤَخّرِ |
فَجَميعُهُم لِلبرِّ أَهلٌ وَالتُقى |
قَمِنٌ بِها وَبِكُلِّ صالِحَةٍ حَري |
وَدَعِ المِراءَ فَإِنَّهُ داءٌ بلى |
مُتقارضيهِ ذو ضَميرٍ موغِرِ |
وَأشَدُّهُ في الدينِ بَل هُوَ عِندَهُم |
كُفرٌ فَإِن مارَيتَ فيهِ تكفرِ |
ثُمَّ اِقضِ حَقَّ الوالِدَينِ وَقُم بِما |
فَرَضَ الكِتابُ عَلَيكَ مِنهُ وَابدُرِ |
أَوسِعهُما برّاً وَلا تَنهَرهُما |
وَاِمنَحهُما قَولاً كَريماً وَاِشكُرِ |
وَاِخفِض جَناحَكَ رَحمَةً لِكِلَيهِما |
تَمهَد لِنَفسِكَ لَو فَعَلتَ وَتذخرِ |
ولِكُلِّ ذي رَحمٍ وَقُربى حُرمَةٌ |
وَلِكُلِّ جارٍ فاِرعّها وَتَذَكَّرِ |
وَاِرغَب بِنَفسِكَ أَن تُعاشِرَ غَيرَ مَن |
كَرُمت مَذاهِبُ نَفسِهِ في المَعشَرِ |
إِنَّ التَعاشُرَ في الأَنامِ تَشاكلٌ |
وَلِذاكَ يُلفى الجبنُ في النَطفِ الثري |
وَاِستَصحِب الوَرَعَ النَزيهَ وَجانِب الط |
طَبعَ السَفيهَ بِكُلِّ حالٍ وَاِهجُرِ |
وَإِذا دُفِعتَ إِلى قَرينٍ فَاِبلُهُ |
قَبلَ التَفاوُضِ وَالتَشارُكِ وَاِخبرِ |
لا يَستَفِزّكَ مَنظَرٌ حَسَنٌ بَدا |
حَتّى تُقابِلَهُ بِحُسنِ المَخبَرِ |
فَالماءُ تُوردهُ الدلاءُ صَفاؤهُ |
وَمَذاقُهُ لِلآجِنِ المُتَغَيِّرِ |
وَالسَيفُ يُكسِبُهُ البَهاءُ حَلاوَةً |
وَفِعالُهُ لِلعاضِدِ المُتَأَخِّرِ |
كَم مِن أَخٍ يَلقاكَ مِنهُ ظاهِرٌ |
بادٍ سَلامَتُهُ وَباطِنُهُ وَري |
وَاِشرَح لِكُلِّ مُلِمَّةٍ صَدراً وَخُذ |
بِالحَزمِ في بُهم الأُمورِ وَشَمِّرِ |
وَاِستَنصِحِ البَرَّ التَقِيَّ وَشاوِر ال |
فَطِنَ الذَكِيَّ تَكُن رَبيح المَتجَرِ |
وَإِذا أَتَيتَ نَدِيَّ قَومٍ فَاِلقَهُم |
بِاِسمِ السَلامِ وَرد بِحِلم وَاِصدُرِ |
وَاِخزِن لِسانَكَ وَاِحتَرِس مِن لَفظِهِ |
وَاِحذَر بوادِرَ غَيِّهِ ثُمَّ اِحذَرِ |
وَاِصفَح عَنِ العَوراءِ إِن قيلَت وَعُد |
بِالحِلمِ مِنكَ عَلى السَفيهِ المُعورِ |
وَكلِ المسيءَ إِلى إِساءَتِهِ وَلا |
تَتَعَقَّبِ الباغي بِبَغيٍ تُنصَرِ |
فَكَفاكَ مِن شَرٍّ سَماعُكَ خُبرَهُ |
وَكَفاكَ مِن خَيرٍ قبولُ المخبرِ |
وَاِدفَع بِكَظمِ الغَيظِ آفَةَ غَيِّهِ |
فَإِن اِستَخَفَّكَ مَرَّةً فَاِستَغفِرِ |
وَاِخفِض كَلامَكَ وَاِمشِ هوناً وَاِلقِ مَن |
لاقَيتَ طَلقاً لا بِخَدٍّ أَصعَرِ |
وَتَجَنَّبِ الخُيلاءَ إِنّ نَبِيَّنا |
كَرِهَ المَخيلَةَ وَهيَ فَضلُ المِئزَرِ |
وَاِصدُق حَديثَكَ كُلَّ مَن حَدَّثتَهُ |
وَاِصدَع بِحَقٍّ في قَضائِكَ تُشكَرِ |
وَاِكفَل بِوَعدِكَ وَاِرعَ كُلَّ أَمانَةٍ |
وَاِختَر لِنَفسِكَ خُطَّةَ الوافي السَري |
وَاِحفَظ يَمينَكَ وَاِطوِ سِرَّكَ رقبةً |
وَاِكتم حِفاظاً سِرَّ غَيرِكَ وَاِستُرِ |
وَاِحفَل بِشَأنِكَ إِنَّ فيهِ شاغِلاً |
لَكَ عَن سِواهُ فَاِتَّعِظ وَتَبَصَّرِ |
لا تَشعُرَنَّ لِعَيب من لابستَهُ |
فَتذيعهُ وَلِعَيبِ نَفسِكَ فَاِشعُرِ |
كَم عائِبٍ قَد عابَ ظاهِرَ خِلَّةٍ |
أَمثالُها فيهِ وَإِن لَم تَظهَرِ |
وَمِنَ العَجائِبِ وَالعَجائِبُ جَمَّةٌ |
أَن يَلهَجَ الأَعمى بِعَيبِ الأَعوَرِ |
وَاِبذُل لِمُلتَمِسِ القِرى أَزكى القِرى |
وَتَلَقَّ مَقدَمَهُ بِوَجهٍ مَسفِرِ |
وَإِذا سُئِلتَ فَجُد وَإِن قَلَّ الجَدا |
جَهدُ المُقِلِّ أَداءَ وجدِ المكثرِ |
وَاِشكُر لِمَن أَولاكَ برّاً إِنَّهُ |
حَقٌّ عَلَيكَ فَلا تَكُن بِالمُمتَري |
وَكَذلِكَ الدينُ النَصيحَةُ فَاِبغِها |
لِلمُسلِمينَ وَلِلأَئِمَّةِ تُؤجَرِ |
لا تَرضَيَنَّ لِمُسلِمٍ غَيرَ الَّذي |
تَرضى لِنَفسِكَ إِن يَغِب أَو يَحضُرِ |
لا تُلفين مُتَجَسِّساً ذا غِيبَةٍ |
مُتَظَنِّناً يقضي بِما لَم يَخبُرِ |
لا تَظلمن أَحَداً وَلا تُضمِر لَهُ |
حَسَداً فَتُحشرَ في الفَريقِ الأَخسَرِ |
لا تَشمَتَنَّ بِمَن رَأَيتَ بِجِسمِهِ |
أَو حالِهِ بَلوى وَلا تَتَسَخَّرِ |
وَلِكُلِّ حَيٍّ مُدَّةٌ فَإِذا اِنقَضَت |
بِدنوِّ يَومِ حِمامِهِ لَم يُنظَرِ |
فَاِعمَل لِذاكَ اليَوم إِنَّكَ مَيِّتٌ |
قَبلَ المُضِيِّ إِلى المميتَ المُنشِرِ |
ما دُمتَ في مَهَلٍ وَأَعمالِ التُقى |
لَكَ بِالحَياةِ مُباحَةٌ لَم تُحجَرِ |
وَاِرغَب عَنِ الدُنيا فَإِنَّ وَراءَها |
يَوماً ثَقيلاً ذا غفارٍ مُصغرِ |
دارُ التَقلّب وَالتَغَيُّر إِن تَرُح |
بِمَسَرَّةٍ أَو نِعمَةٍ لَم تَبكرِ |
تَأميلُها غَرَرٌ وَصَفوُ نَعيمِها |
كَدَرٌ وَمُؤثِرُها عَمىً لَم يبصرِ |
إي والَّذي تَعلو اللغاتُ بِذِكرِهِ |
بِمِنىً وَفي عَرَفاتِها وَالمِشعَرِ |
فَلِأَيِّ أَهليها صَفَت أَو أَيُّهُم |
لَم يُختَرَم وَبِأيِّهِم لَم تَغدُرِ |
حَصِّل بِعَقلِكَ كَم لَها في طَرفَةٍ |
مِن مَقصدٍ أَو مُثبتٍ أَو مُشعرِ |
يا رُبَّ عالي القَدرِ مَمنوعِ الحِمى |
مُتَخَيِّلٍ مُتَشاوِسٍ مُتَجَبِّرِ |
بَكَرَت عَلَيهِ صُروفُها في أُهبَةٍ |
وَسَرَت إِليهِ خُطوبُها في عَسكَرِ |
فأبَحنَهُ وَحَطَطنَ ذروَةَ عِزِّهِ |
وَكَسَونَهُ ثَوبَ الذَليلِ المُصغرِ |
وَمُتَرَّفٍ جَذلانَ يَعبِقُ ريحُهُ |
طيباً وَيَرفَلُ في النَسيجِ التستري |
تَرَكَتهُ أَشعَثَ ساغِباً ذا عيلَةٍ |
حَيرانَ في حالِ الفَقيرِ المُوقرِ |
قُل لِلَّذي يَغتَرُّ مِن زَهراتِها |
بِسَرابِ قاعٍ خادِعٍ لِلمَهجرِ |
قَد أَنذَرتكَ بِحُكمِها فيمَن خَلا |
أَمثالُهُ فاِنظُر لِنَفسِكَ أَو ذَرِ |
وَالرِزقُ أَقسامٌ لفا تَضمَن لَهُ |
هَمّاً وَقارِب في طِلابِكَ تَظفرِ |
لَيسَ الحَريصُ بِزائِدٍ في رِزقِهِ |
فأَتَمُّ حليَتِهِ هَشيمَةُ إِذخرِ |
أَوَ ما رَأَيتَ غَبيَّ قَومٍ موسِراً |
وَلَبيبَهُم يَسعى بِحالِ المُعسِرِ |
قَد أَوعَبَ التَكوينُ كُلَّ مُكَوَّنٍ |
مُذ أَحكَمَ التَقديرُ كُلَّ مُقَدَّرِ |
وَبِذاكَ يغشي الليلُ أليلَ داجياً |
في كورِهِ وَضَح النَهار الأَبهَرِ |
فَلَوِ اِبتَغَيتَ بِكُلِّ جهدٍ نيلَ ما |
سَبَقَ القَضاءُ بِمَنعِهِ لَم تَقدرِ |
وَلَوِ اِجتَهَدتَ لِدَفعِ ما يُؤتيكَهُ |
آتاكَهُ إِتيانَ مُزجىً مُجبَرِ |
تَدبيرُ مُقتَدِرٍ تَعالى قَدرُهُ |
أَن يُبتَغى مِن دونِهِ لمُدَبِّرِ |
وَدَليلُ حَقٍّ أنَّهُ الفَردُ الَّذي |
فَطَرَ الجَميعَ لذي النُهى المُتَفَكِّرِ |
خَلَقَ الخَلائِقَ كُلَّها مِن قُدرةٍ |
لَم يَعتَضِد فيها وَلَم يَستَكثِرِ |
كلّا وَباريها فَلَيسَ كَمِثلِهِ |
شَيءٌ يُقاسُ بِهِ السَميع المبصرِ |
فاِرضَ القَناعَةَ رُتبَةً تسعَد بِها |
وَاِحرِص عَلى إيثار دينِكَ تُؤثرِ |
وَاِسمَح بِمالكَ بَل بِعرضِكَ دونَهُ |
تَتَموّل الحَمدَ العَريضَ وَتُعذرِ |
دينُ الفَتى أَولى بِهِ مِن عِرضِهِ |
وَالعِرضُ أَولى مِن يَسارِ الموسرِ |
فَاِستَبِق دينَكَ دونَ عِرضكَ تُؤجَرِ |
وَاِستَبِق عرضكَ دونَ وَفرِكَ توقرِ |
وَاِصبِر عَلى نُوَبِ الزَمانِ فَإِنَّها |
قَدَرُ الإِلهِ الواحِدِ المُتَكَبِّرِ |
وَإِلَيهِ فَاِفزَع في أُمورِكَ كُلِّها |
فَزَعَ التَقِيِّ الموقِنِ المُستَبصِرِ |
إِنَّ الحَوادِثَ ما رَمَتكَ فَلَم تُصِب |
مِن نَفسِ دينِكَ ذاتُ خَطبٍ أَيسَرِ |
أَنتَ المُخاطَبُ وَالمُرادُ جَميعُكُم |
بِمَقالَتي الحُسنى وَمَحضِ تَخَبُّري |
إِنّي نَصَحتُ بِنظمِهِ جَهدي لَكُم |
وَهَديتُكُم سنَنَ الطَريقِ الأَخضَرِ |
لَمّا أَحَطت بِعِلمِهِ ورَأَيتُهُ |
رَأيَ العَيانِ وَلَيسَ رَأيَ المُخبِرِ |
ضَمَّنتُ أَسطُرَه نَتيجَة ما حَوى |
لِلعِلمِ فَضلُ عِنايَتي مِن أَسطُرِ |
مِئتانِ زادَت تَسعَ عَشرَةَ واِنتهَت |
تَحبيرُها مَثَلٌ لِكُلِّ مُحَبِّرِ |
أَوتَرتُها وَالوترُ أَفضَلُ سُنَّةٍ |
لَيسَ المَضيّعُ وِترَهُ كَالموتِرِ |
لا عَيبَ فيها إِن بَغاهُ عائِبٌ |
إِلّا خَفِيٌّ لَيسَ بِالمُستَنكرِ |
أُعذِرتَ فيهِ فَمَن تَبيّنَ عُذرهُ |
وَلّى المَلامَة كُلّ مَن لَم يَعذُرِ |
جَمَعتَ أُصولَ الدينِ وَاِشتَمَلتَ عَلى |
آدابِهِ وَاِستَأثَرت بِالأَثَرِ |
وَتَوَشَّحت مِن سيرَةِ السَلَفِ الأُلى |
عَلِموا الحَقائِقَ بِالأَعَمِّ الأَشهَرِ |
فيها بَيانٌ لِلمَريدِ وَعدَّةٌ |
لِلمُستَفيدِ وَمُتعَةٌ لِلسُمَّرِ |
فَخُذوا بِأَحسَنِها تَكونوا أُسوَةً |
لِلصّالِحينَ وَكُلِّ برٍّ خَيِّرِ |
وَتَقَبَّلوا نُصحي وَكونوا أُسوَةً |
فيهِ بِصِدقِ تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرِ |
وَتَناصَفوا وَتَقارَضوا البِرَّ الَّذي |
هُوَ حلَّةُ العاري وَكَنزُ المُقترِ |
وَتَواصَلوا وَتَعاطَفوا كيما تُرَوا |
وَزِنادُكُم في كُلِّ صالِحَةٍ وري |
وَاللَهُ حَسبُكُمُ وَحَسبي أنَّهُ |
حَسبُ المُنيبِ القانِتِ المُستَغفِرِ |
وَإِلَيهِ أُسندُ أَمرَكُم وَكَفى بِهِ |
سَنَداً لِكُلِّ مُفَوِّضٍ مُستَقدِرِ |
وَعَلَيهِ أَقصُر حالَكُم فَهوَ الَّذي |
ما دونُهُ لِعِبادِهِ مِن مُعصرِ |
وَلَعَلَّهُ في بَعضِ ما يَقضي بِهِ |
مِمّا يَشاءُ بِلا وَزيرٍ موزرِ |
يُدني لِقاءَكُمُ بِأَوبٍ عاجِلٍ |
تَرضاهُ نَفسُ الآمِلِ المُتَجَبِّرِ |
لا تَسأَموا إِحضارَهُ رَغَباتِكُم |
فَهِباتُهُ مَبسوطَةٌ لَم تُحظَرِ |
وَعَسى رِضا المَنصورِ يُسفِرُ وَجهُهُ |
فَيُديلَ مِن وَجهِ الفُراقِ الأَغبَرِ |