إن ظبياً حول كثبان الحمى |
باتَ يَرعى زهرات الأنفس |
هُوَ مذ لاح سَناه أَضرما |
بِفؤادي جذوة المقتبس |
وَيح قَلبي كَم تصدّى للمحن |
سالِكاً نهج الرَدى فيمن سلك |
وَلَقَد حذرته من قبل أَن |
يَتَرَدّى هالِكاً فيمنهَلك |
كَيفَ يَنجو من رأى الظَبي الأغن |
يطبق الجفن عَلى سحر الملك |
سافِراً عَن وجنة ذات حمى |
بضبا أَلحاظة محترس |
تحسب الخيلان فيها أَنجُماً |
كسفت فوق نهار مشمس |
يا خَليلي انظرا هَل تبصران |
غير صب شاقه ذكر الحَبيب |
فاذا ما جئته تعذلان |
من غَرامي لَيسَ بالأمر العَجيب |
فَدَعا السلوان يَمضي في أَمان |
وَالهَوى يأتي إِلى مأوى رَحيب |
وَأَديرا لي بِنَفسي أَنتما |
اكؤساً فيه حَياة الأَنفس |
واسقيا سقياً ورعياً لكما |
غلل الشوق بتلك الاكؤس |
هَل يعيد الدهر أَوقات الصبى |
وَتعاطينا بها صرف الشمول |
حيث نفح الروض أذكته الصبا |
وأتَت تهديه في ذيل بليل |
وَحمام الدوح غنت وَالربا |
سكبت فيهن صهباء الأَصيل |
وَالنَدى الساقِط من جو السَما |
صارَ دَمعاً في عيون النرجس |
وَهو في وسط أَقاح نجما |
شنب جال بثغر اللعس |
ضرب اللَيل خباء من قمر |
ضوءه للأرض أَلقى اطنبه |
كَيفَ حال الصب فيه بالسهر |
وَهو لَو رام سرى ما ضربه |
باتَ مَقتولاً بسيف من حور |
فالدجى تَبكي عليه اغربه |
وَالدراري قَد أَقامَت مأتما |
لبست فيه حداد الحندس |
وَالسها من بينها رق لما |
ذقته فهوَ يسقم مكتس |
من له في كل قلب مسكن |
تحسد الأَبصار فيه الافئده |
جردت من ناظريه الفتن |
ماضي الحدّ كَليل الاغمده |
هو شمس في الضحى بل أَحسَن |
كحل اللحظ عليها أيده |
بعته قَلباً به قد خيما |
وله فيه خيار المجلس |
هبه أَضحى من سلو معدماً |
ربما قد صح بيع المفلس |
صاح قَد حلت من الصبر العرا |
عقد من سحر أَلحاظ نيام |
ان يكن منها مضل للورى |
فلهم هاد من الشيخ الإمام |
من سما في مجده شم الذرا |
فله فوق السماكين مقام |
وَلغريان نماه من نما |
فاِكتَسَت بالفخر أَبهى ملبس |
شرف الغرب بِهَذا الانتما |
من حدود الثغر للأندلس |
ماجد جمّ المَعالي مرتضى |
أَفحمت أَوصافه نظم القَريض |
لَم يطقها لو أَتَت فيما مضى |
شعر ذي الرمة في لحن الغَريض |
صارم لِلَّه أَضحى منتضى |
وَغمام بحيا العلم يفيض |
جادَها حزناً وَسهلاً كلما |
حَلّ أَرضاً لَم يدع من يبس |
يرفع الجهل عَن الناس كَما |
يَرفَع المطلق حكم النجس |
همة قد طعنت قلب الحسود |
واِرتقت فهي السماك الرامِح |
هي عند الأوليا سعد السعود |
وهي للاعداء سعد الذابح |
وريت منها فأورت أَن يسود |
زند مجد ليس فيها قادح |
لاح في الدنيا منيراً مثلما |
لاح ضوء الصبح بعد الغلس |
فغدت ثَغراً به مبتسماً |
ظلمة الليل لها كاللعس |
يا إِماماً قَد حوى كل العلى |
هاكها تحوي فنون القافيه |
كلم من كل لفظ مجتلى |
هوَ في السمع كقرطي ماريه |
عارضت قول ابن سهل إِذ صلى |
قلبه الحب بِنار حاميه |
هَل دَرى ظبي الحمى ان قَد حمى |
قلب صب حله عَن مكنس |
فهو في حر وَخفق مثلما |
لعبت ريح الصبا بالقبس |