عليك نفضت من جفني منامي |
وَفيك بذلت نَفسي للحمام |
فديتك هَل ترق وَلا تضعني |
أَمالي لأعدمتكم من ذمام |
إِذا ما شام برقاً في غمام |
كخمر جال في جنبات جام |
يعاوده ارتياح الشوق حَتّى |
يَكادَ يَطير في عرض الغمام |
وَلمع البرق يشجي كلّ قَلب |
حَكاه في اِضطراب واِضطرام |
سقى الزمن الَّذي قَد باتَ فيه |
ينادمني وَسقيا للندام |
فَأوقد أكؤساً لم تطف إِلّا |
وَقَد طفئت مَصابيح الظَلام |
وَحيانا بوجه فاض حسناً |
يرف كَزهرة بين الكمام |
تنقب وَالحَياء له نقاب |
فألثمه حباباً من مَدام |
كان بقية الآثار فيه |
نجوم نقطت بدر التَمام |
تروقك فوق مصقول أَسيل |
كَما راقَ الفرند عَلى الحسام |
والحاظ يجول السحر فيها |
فَتَنقاد القلوب بِلا زمام |
إِذا ما سددت منها سهاماً |
تَزاحَمَت القلوب عَلى السهام |
كؤوس مدامة وَسيوف حرب |
وَفتنة ساحر وَنبال رام |
أَما عهدي به لَم يَرضَ شبهاً |
بغصن البان في لين القوام |
فَما بال القلوب عليه طيراً |
لها الانات تَرجيع الحمام |
وآية أنه بدر منير |
تبرجه هلالاً في اللثام |
كلفت به بماء الحسن تندي |
سوالفه وَلا يشفى أَوامي |
وَبالغت المحبة فيه جهدي |
ولكن حسنه فوق الغَرام |
فليت قلوب كلّ الناس قَلبي |
لأعشقه بأفئدة الانام |
وَليت جَميع ألسنهم لِساني |
فأبلغ مدحه الملك الهمام |
علي بن الحسين وكيف يحصى |
حلاه كلام غيري أَو كَلامي |
مَليك فوق كل على علاه |
فَلا أَحد يفاخر أَو يسامي |
جَرى في وجهه الإِحسان نوراً |
وَفي كفيه ماء ذا ابتسام |
إِذا الجاني أَتاه لَيسَ يَدري |
أيأخذ من وَراء أَم أَمام |
تهلل طرفه للعفو حَتّى |
كأن العفو من شعب المدام |
وَلولا حلمه وَالفضل يعدي |
لما حلم الزَمان على اللئام |
وَلولا أَنَّه لم يجن ذَنباً |
وَلَم يكسب تراثاً من حَرام |
لما مرت بساحته اللَيالي |
عليها حلية الشهب الوسام |
وَلَو شاءَت عزائمه لقادَت |
له كل الممالك في خطام |
وَلكن بيعة سبقت وَأَعطى |
بصفقته فَكانَت كاللزام |
أَيا ملكاً ملوك الأَرض منه |
بمنزلة الصفوف من الأمام |
أَقمت الدين وحدك في زَمان |
به بحر الهَوى وَالغيّ طام |
وَكَم أَحييت من سنن عظام |
وَكانَت قبل بالية العظام |
وأدخلت الانام حمى أَمان |
حماية والد حدب محام |
وَقَد كانوا بَني سام وَحام |
فَصاروا كلهم أَولاد حام |
فَما يحكيك يوم الروع حام |
وَلا يحكيك يوم الفخر سام |
بك الأَيام تفخر وَالليالي |
فَخاب الغاب بالأسد الضرام |
وَهَذا النحر حلّ فصل وانحر |
وَقابله ببشر وابتسام |
كَفاه أَن يحن إِليكَ شَوقاً |
وَلا يَلقاكَ إِلّا بعد عام |
أَتاكَ مهنئاً وَالشكر فرض |
بما عطلت فيها من الاثام |
وَلَولا وقفة التَعريف حتم |
أَتاكَ لغرة الشهر الحَرام |
فَقَد كانَت لَياليه تقضّى |
بنزع الكأس من كف الغلام |
فَها هي ذا بعزم منك تحيي |
بذكر في سجود أَو قيام |
سلبت الكأس حليتها فَصارَت |
غنى بيد الفَقير المستضام |
فَلا الصهباء فيها ذوب تبر |
وَلا در الحباب عَلى نظام |
وَلا الساقي ببدر ذي شعاع |
وَلا الشادي بظبي ذي بغام |
وَسعت الناس كلهم سروراً |
بسيف من أَياديك الجسام |
فلم تترك لشرب الخمر عذراً |
دفعت الهم بالمنن العظام |
كأن نداك فيهم حين تابوا |
تَعاليل الوَليد عَن الفطام |
فآل مطهر الأَخلاق برّ |
كَريم مبعد عَن كل ذام |
فما كاس المَدام لديه إِلّا |
حسام من طلا الفرسان دام |
أَتيت عَلى فساد من زَمان |
أَساء وبعد عهد بالكرام |
فقلنا إِذ دَعاك الناس منهم |
أَهَذا التبر من هَذا الرغام |
وَما ضاهاك في كرم وفضل |
سوى أَبنائك الغر الفخام |
لَقَد خَلَقوا كَما تَهوى المَعالي |
أَساة قد شفوها من سقام |
رويداً يبلغون الحلم تنظر |
عداك تصاب بالموت الزؤام |
ستبصرهم إِذا ركبوا وَساروا |
تضيق الأرض بالجيش اللهام |
فدمت لهم وَداموا كالثريا |
نظاماً ما تداعى لانفصام |
وَلا زالَ الحسود لهم وَفيهم |
يَبيت عَلى فراش من ضرام |
فَدى لك من ملوك الأَرض جمع |
عَن الحسنى ذوو مقل نيام |
فَما رفعوا لمكرمة مناراً |
وَلا نصبوا لمجد من خيام |
وَلا عدلوا فسووا بين ليث |
له لبد وَصلغ من نعام |
وَلا سلوا لنصر الدين سيفاً |
وَلا شدوا لغزو من حزام |
رأوك مبرزاً في كل فضل |
وَغيث العرف من كفيك هام |
فَنادوا وَلا فَتى إِلّا علي |
وولوا نبوه السيف الكهام |
مدحتك مدحة الجعفي لكن |
مَديحي مثل ما قالَت حذام |
لعل اللَه يجعله مَديحاً |
يبلغني من العليا مَرامي |
فإِنَّك لَو نظرت إِلى جمادي |
لساوت رتبة شهر الصيام |
وَما الياقوت فيما قيل إِلّا |
حصى نظرته شمس باحترام |
عليك تحية تأتي بروح |
وَريحان من الملك السلام |
يَضوع العنبر الوَردي منها |
وَيذكو مثلها مسك الختام |