أَتَدري مَن بَكَتهُ الباكِيات |
وَمَن فُجِعَت بِمَصرَعهِ النّعاة |
أَلا فجِعَت بِأَبلج مِن هِلال |
عَلَيهِ لِكُلِّ مَعلوة سِمات |
ضَمينٌ أَن تكاد بِهِ الأَعادي |
عَليّ أَن تنالَ بهِ الترات |
نَما في دَوحَتي شَرَفٍ وَعِزٍّ |
تزيّنهُ العُلا وَالمُكرَمات |
بِحَيث تكنُّه السّمرُ العَوالي |
وَتكنفه الجِيادُ الصافِنات |
فَلا بَرِحَت جُفونُ المُزنِ تَهمي |
عَلَيهِ دُموعُهن السافِحات |
غَوادي كُلّ حينٍ رائِحات |
إِذا وَنَتِ الغَوادي الرائِحات |
تَزجّيها الجَنائِب مُوقِرات |
كَما مَشَت العِشار المُثقَلات |
فَلا تَنفَكّ تَرفي التُرب مِنها |
رِياض بِالشَقائِقِ مُذهبات |
رَمتهُ يَد الحَمام فَأَقصَدتهُ |
وَلَم تغن العَوائِد وَالأساة |
وَلَو غَير الحَمام بَغي نَميا |
لفلّ شباه أُسرَته السُّراة |
وَهبّ لآل زِياد أُسود |
بَراثِنُها السُيوف المُرهَفات |
إِذا وَقَعَ الصَريخ نَحاه مِنهُم |
ثُبات مِن سَجِيَّتها الثَبات |
وَأَحسَن ما تُلاقيهم وُجوها |
إِذا كَلحَت مِن الطَعن الكُماة |
وَأَسمَحُ ما تُوافيهم أَكفّا |
إِذا ذَهَبَت بِوفرِهم الهِبات |
وَخَير ذَخائِر الدُنيا لَدَيهم |
جَوادٌ أَو حُسام أَو قَناة |
وَسابِغَة الذُيول كَما تَغشَّت |
ذُيول الرِيح صافية أضاة |
فَما عَبَثت بِلبّهم الحميّا |
وَلا شَربت عُقولهم السُقاة |
وَلا حَضَروا لأَنّ العزّ شَيء |
تَضمَّنهُ البَداوَة وَالفَلاة |
لَهُم هِمَمٌ بَعيداتُ المَرامي |
وَأَيدٍ بِالمَواهِبِ دانِيات |
جَرَوا وَجَرى الكِرامُ لِيُدرِكوهم |
فَخلّوهم وَراءَهُم وَفاتوا |
مَحَوت بِهِم ذُنوب الدَّهر عِندي |
وَبِالحَسَنات تُمحى السَيّئات |
عَليهِم عُمدَتي إِن رابَ دَهر |
وَهُم ثِقَتي إِذا خانَ الثِقات |