أَيُحيي الدَهرُ مِنّي ما أَماتا |
وَيُرجِع مِن شَبابي ما أَفاتا |
وَما بَلَغَ الفَتى الخَمسين إِلّا |
ذَوى غُصنُ الصّبا مِنهُ فَماتا |
يَقولُ الرَكب هاتا دارُ هِندٍ |
فَهَل يجدي مَقال الرَكبِ هاتا |
بَكَيت عَلى الفُرات غَداة شَطّوا |
فَظَنّ النّاسُ مِن دَمعي الفُراتا |
وَبي مِن ساكِنِ الأَحداج أَحوى |
كَريم القَصرِ صَدّاً وَاِلتِفاتا |
أَعادَ دَلالهُ وَجدي جَميعاً |
وَأَوسَعَ صَدّهُ صَبري شتاتا |
وَوَلّى بِالعَزاءِ غَداةَ وَلّى |
وَكَيف يرَدّ ما وَلّى وَفَاتا |
فَسائِل عَن جُفوني كَيفَ باتَت |
وَعَن قَلبي المُعَذَّب كَيفَ باتا |
أَما لَو عادَني لَأَعادَ روحي |
وَأَحيا أَعظُمي الرّمَم الرُفاتا |
كَما أَحيا نَدى الحسنِ البَرايا |
وَكانَ الغَيثُ إِذا كانُوا النَباتا |
مَليك ما لَجَأت إِلَيهِ إِلّا |
قَمَرت مِنَ الحَوادِث ما أَماتا |
يَهزّ الرّفد عَطفيهِ اِرتِياحا |
وَيَحكي الطَود في الهَيجا ثَباتا |
وَصَلت بِحَبلهِ المَمدودِ حَبلي |
فَما أَخشى لَه الدَهر اِنبِتاتا |
وَهابَتني اللَيالي في ذراه |
فَلَستُ بِخائِفٍ مِنها اِفتِياتا |
وَلمّا حَدَّثَ الرُكبان عَنهُ |
بِما أَولاهُ مِن فَضلٍ وَآتى |
مَرَقت إِلَيهِ مِن خلَلِ الدّياجي |
مُروقَ السَّهمِ إِذ جَدّ اِنفِلاتا |
إِلى أَن حَطّ رَحلي في ذراه |
بِحَيث اِنقادَ لي زَمَني وَواتي |
فَلا عَدمَت بِهِ الدُنيا جَمالا |
وَلا فَقَدَت لَهُ العَلياء ذاتا |