ما تُرى يا حزين تشدو المزاهرْ |
بعد ما خُدِّرَتْ بِلَحْن المقادِرْ |
لا ترمها شواديَ النغم العذْ |
ب طرابا بالأغنيات السواحرْ |
عبثٌ في الغناء أ، يُنسيَ الكرْ |
بةَ أو يوهنَ الفجيعةَ زامرْ |
من يكنْ لحنُه يَهُزُّ الحنايا |
فَلُحونُ الرّدى تُذيبُ المرائرْ |
وإذا الشاعر الطروبُ تغنّى |
فالْهُ عنهُ فالموتُ أبلغُ شاعرْ |
طفت في ساحة البيان وقلبي |
راجِفُ الحسّ مستطارُ المشاعر |
والضحى واجم الظلال كسيفٌ |
باهتُ النور مطرق الزهر سادرْ |
جمد الطّلُّ في الكمامِ وماتتْ |
فَوْحةُ العطر في جُيُوب الأزاهر |
ورمى الطير عودَه غير ندما |
نَِ عليه وعاف ضرب القيائر |
كلّما خفّ هائجٌ من أغانيْـ |
ـهِ تعايا فذاب طيّ الحناجر |
سكنت في العشاش عصفورة النيـ |
ـل وشلّ الأسى مراح القنابرْ |
وكأن السماء خيمة شيخٍ |
شدّ أطنابها حيال المقابر |
غمر الثكل روحه بعماءٍ |
وشقاءٍ ووحشةٍ ودياجر |
لا يُحسّ الحياةَ إلا زفيراً |
نفخته الشجون حول الحفائر |
إنها صرعة الفناء أثارت |
كلّ قلبٍ وأذهلت كل خاطر |
طلسمت سرّها الغيوب وأرخت |
دونها للورى كثيف الستائر |
طمحت أعيني إليها فردّتْـ |
ـها سراعاً إليّ حيرى حواسِرْ |
ما لها سلوةٌ عن الحزن إلا |
سيكبٌ من مُرقرق الدمع مائرْ |
قلّبت طرفها طويلاً فلم تُبْـ |
ـصرْ سوى لُمعة الدموع المواطرْ |
تتهاوى حيالها من عيونٍ |
كاسفاتٍ من البكاء غوائر |
يا أبا الفتح كنت هالة نورٍ |
قبستها فأشرقت في البصائر |
غبت عنها ولم يغب لك ومضٌ |
زاخر اللمح خالدٌ في الضمائر |
أنملات الطبيب راحت تواسيـ |
ـكَ من الداء وادعاتٍ غرائر |
خدع العلم طرفها فتهادت |
فوق جنبيك تبتلي وتغامرْ |
فإذا راحت المنيّة صدّتـ |
ـها فخرّت على يديها صواغر |
ويحها لو نضت حجاب المنايا |
عرفت أنها لديه تقامرْ |
هلّلت للربيع زنبقة الريـ |
ـف وماست له الورود النواضر |
فتهاديت كالشعاع إليها |
تنشد العيش في الظلال الزواهر |
سجوةٌ تحت أيكها لك مهدٌ |
ناعمُ الفيءِ باسمُ الضوء عاطر |
يتلقاك في خشوع ويضفي |
حبر الزهر في خطاك الطواهر |
سرت للدلجمون عجلان ماذا |
ضرّ ياربِّ لو تأنّى المسافرْ |
نصلت خلفك القلوب حيارى |
واجفاتٍ تحت الضلوع موائر |
لو ونى الدمع عن صداها تلظّت |
جمراتٍ ملذّعاتٍ سواعر |
كنتَ تسري والناس حولك سيلٌ |
جارفٌ في الشعاب كالموج هادر |
خيل تسيارهم وراءك نُسّا |
كاً تراموا على حواشي المنابر |
أقلقوا مسمع الأصيل صُراخاً |
ونحيباً وفزّعوا كلّ عابرْ |
أُخذوا إخذة المؤمّل دكت |
صرح آماله الجدود العواثر |
كلما رنّ خافقٌ من صداهم |
لطمت خدها كرام الحرائر |
أطرق السنبلُ الحزينُ وجُنّت |
من أسى خَطبك الطّيورُ العوابر |
حسبت نعشك المطهّر طيراً |
للجنان الفساح في الخُلدِ سائر |
فتسامت في الجوّ صوبك غيري |
تتهذّى العُلا بأقدس طائر |
ووصلت الضفاف من لُجّةِ المو |
ت وكلٌّ لشطّها بَعدُ صائر |
لاَنِمَالُ الشقوق تُعصَمُ منها |
لا ولا في البروج صيدُ القياصر |
هي أسطورة الزمان ولغزٌ |
من يُردْ حلّهُ صمّ القلوب عُميَ النواظر |
كُتلٌ من جوارحٍ تتنزى |
كهشيمٍ منَ البلى متطايرْ |
من يشأ سُؤْلنا نطقنا دُموعاً |
وجواب الحزين ذوبُ المحاجرْ |
سلْ شحوب المساء كيف احتوانا |
في جحيم من التأوّه ساعرْ |
لو نُسخنا به لكنّا رياحاً |
صافراتٍ على مُتونِ الهواجرْ |
شرّدَ اللّيلُ نوْحَنا في حَواشيْـ |
ـهِ وَقلْبُ الدجَى سَريرةُ كافِرْ |