دع لحنك الشادي بلا تعزيفِ |
طرِب الخيال لأنّة الشادوفِ |
عريان جرّده الضحى من ستره |
فغدا يضجّ بدمعه المذروفِ |
لم يُرضهِ ثوبُ السنا سدلاً لهُ |
يختال في بهجٍ ولمح شفوف |
فبكى ونكّس رأسه متذللا |
متحسراً كالعاشق الملهوف |
فإذا تقاعس خلتهُ في صمتهِ |
جثمان مصلوبٍ بغير كفوفِ |
بترت سواعده الليالي وانبرت |
تُبليهِ في سخطٍ وفي تعنيفِ |
وإذا جثا ألفيتهُ مُتعبّداً |
طهُرت سرائرهُ من التزييف |
سجداته في النبع قبلةُ والهٍ |
طُبعت على سلسالهِ المرشوف |
صديانُ قدّم للورودِ شرابَهُ |
وأعار أدمعه لقلب الرّيفِ |
فيظلُّ يظمأ عاريا والزهرُ في |
ريٍّ ونبت الحقل في تفويفِ |
ثاوٍ على الجُبّ العميق كأنّهُ |
أعمى على جُرُفٍ هنالكِ موفي |
جبّارُ أفزعه الردى فتقلّصتْ |
أضلاعهُ من صرعة التخويفِ |
فتخاله في الوهم جُنّة ماردٍ |
ضجرت لهولٍ في القبور مخيف |
فأعارت الأكفان ثورةَ حانقٍ |
برمت بحتفٍ فارتمت بحتوف |
يا صامتاً والريح تخفق حوله |
والنبع يطربه بسجعِ خفيفِ |
وتصايحُ الغربان يُنذر مرجه |
بحصيد سافيةٍ وجدب خريفِ |
وربابةُ الراعي تُهدهد عندهُ |
قلباً يهيمُ بلحنها المعزوفِ |
سكرى من الأنغام أسكر شدوها |
آذانَ ثاغبةٍ وسمعَ خروفِ |
هلاّ شجتك نفاثةٌ من بائسٍ |
لهفانَ في كنفِ الطوى ملفوفِ |
رَوَّى الزّرُوعَ بِصَيِّبٍ مِنْ دَمْعِهِ |
وَثَوى بِقَلْبٍ فِي الظّلاَمِ لَهِيْفِ |