يَا مَصنعاً قَد تَرَدّى حُلّة الهَرَم |
مَشهودُ حالِهِ عُنوَانٌ عَنِ القِدَمِ |
كَم طَافَ حَولَكَ مِن حَافٍ وَمُنتَعِل |
بَادوا وَأَنتَ حَبِيسُ الدَّهرِ لَم تَرمِ |
وَكَم تَأَلَّفَ فِيكَ الرُّومُ وَاجتَمَعُوا |
وَأَنتَ فِي أَنفِ ذَاكَ الجَمعِ كَالشّمَمِ |
والدَّارُ دَارُهُمُ وَالأَمرُ أمرُهُمُ |
وَصِيتُهُم فِي الوَرَى نَارٌ عَلَى عَلَمِ |
حَتَّى انتَحَتهُم صُرُوفُ الدَّهرِ فَانقَرَضُوا |
فَأَينَ رِمَّتُهُم فِي جُملَةِ الرّمَمِ |
يَا مُشبِهَ القَوسِ إِلا أَنَّ أَسهُمَهُ |
قَضَت عَلَى مَن تَبَنَّاهُ مِنَ الأُمَمِ |
قَالُوا هُوَ المَلعَبُ البَادِي فَقُلتُ لَهُم |
نَعَم وَلَكِن لِخَيلِ الرِّيحِ وَالدِّيَمِ |
يَا هَيكَلاً أَخبَرَت عَنهُ مَنَاظِرُهُ |
بِأنَّهُ نُقطَةٌ فِي أَبحُرِ الهِمَمِ |
يَا لَيتَ شِعرِي عَن أَهلِيكَ كَيفَ غَدَت |
أَشلاؤُهُم لِلرَّدَى لَحماً عَلَى وَضَمِ |
فَحِينَ ذَكَّرتُهُ أَهلِيهِ طَارَحَنِي |
عَنهُم وَحَاوَرَنِي نُطقاً بِغَيرِ فَمِ |
وَقَالَ وَلَّوا وَخَلَّونِي وَرَاءَهُمُ |
وَاستَودَعُونِي حُسنَ الرَّعيِ لِلذّمَمِ |
فَجَيبُ سُورِيَ قَد مَزَّقتُهُ أَسَفاً |
وَسِنُّ صَخرِيَ مَقرُوعٌ مِنَ النَّدَمِ |
آلَيتُ أَسلُوهُم رَعياً لِعَهدِهِم |
أَلَيسَ رَعيِي لِذَاكَ العَهدِ مِن كَرَمِ |
فأودعَ السَّمعَ قُرطاً مِن حَدِيثِهِمُ |
يَا مَن رَأى أَعجَماً يُنبِي عَنِ العَجَمِ |