تَذَكَّرتُ عَهداً بِالجَزِيرَةِ مَاضِيَا |
فَأَنصَفتُ شَجواً لا يَمَلُّ التَّقَاضِيَا |
وَزُرتُ رسوماً فِي طَرِيفٍ كَأَنَّهَا |
بَقِيَّةُ أَغمَادٍ رُزِئنَ المَوَاضِيَا |
أَيَا أُفُقَ الأُنسِ الَّذِي قَد عَهِدتُهُ |
بِزُهرِ الأُصَيحَابِ الأَكَارِمِ حَالِيَا |
نأَت غُرَرُ الأَيَّامِ عَنكَ فَقَلَّمَا |
يَمُرُّ عَلَيكَ الدَّهرُ إِلا لَيَالِيَا |
أُرَدِّدُ فِيكَ العَينَ أَدهَمَ مُقفِراً |
فَأُبصِرُ صَدرِي خَالِياً مِن فُؤَادِيَا |
أًقُولُ لِرَكبٍ بِالجَزِيرَةِ عَرَّجُوا |
قِفُوا نَرث آثارَ الهَوَى وَالمَغَانِيَا |
دِيَارٌ بِهَا نِلنَا المُنَى ثُمَّتَ انقَضَت |
فَلَم يُبقِ مِنهَا الدَّهرُ إِلا أَمَانِيَا |
فَواللَّهِ مَا أَدرِي إِذَا مَا حَلَلتُهَا |
مَغَانِيَ مَا أَلقَى بِهَا أَم مَعَالِيَا |
لَقَد صَارَ فِيها غَائِبُ الشَّجوِ حَاضِراً |
وَأَضحَى بِهَا مُستَقبلُ الأُنسِ مَاضِيَا |
فَيَا رَبعَهُم رَاجِعنِيَ القَولَ عَنهُمُ |
أَلَيسَ خَفِيفاً أَن تَرُدّ جَوَابِيَا |
مَعَالِمَهُم مَا أَنتِ إِلا مَجَاهِلٌ |
وَلَكِنَّنِي آثرتُ حُسنَ خِطَابِيَا |
إِذَا لَم أُحَسِّن مَنطِقِي جُهدَ طَاقَتِي |
لِرَبعِ أَحِبَّائِي فَأَينَ وَدَادِيَا |
أَعِندَ أَبِي عَمرو بنِ حَسُّون أَنّني |
عَلَى رَسمِ عَهدِي لَستُ أَنفَكُّ رَاعِيا |
وكاسمِ أَبِيهِ حُبُّه في جَوانِحِي |
فَما دُمتُ أَبقَى لَيسَ يَفتَأُ بَاقِيَا |
أَتَانِي هَوَاهُ مُستَميحاً مَوَدَّتِي |
فَأَعطَيتُه مَا شَاءَ إِلا فُؤَادِيا |
وَإِنِّيَ لَم أُمسِكهُ عَنهُ ضَنَانَةً |
وَلَكِنَّني أَخشَى عَلَيهِ التِهَابيا |
إِذا هَبَّ مِن آفَاقِيَ البَرقُ نَحوَه |
فَمَا هُو إِلا شُعلَةٌ مِن أُوَارِيا |
وَإِن جَادَ مِن أَجفَانِي القَطرُ رَبعَه |
فَيَا لَيتَ شِعرِي مَا يزيدُ الغَوَادِيا |
أَلا أَيُّهَا الرَّكبُ المُطاوِعُ عَزمَه |
إِلَى أَرضِ فَاسٍ أَدِّ فِيها سَلامِيا |
وَحيِّ أَبا عَمرٍو هُناكَ وَإِنَّما |
أَفَدتكَ فاشكُر أَن تُحَيّي المَعَالِيا |