صَبّ بَراه السُّقم بَريَ القِداح |
يَودّ لَو ذاقَ الرَدى فَاِستَراح |
غَرامَة الدَهرِ غَريم لَه |
وَما لِبُرح الشوق عَنهُ بَراح |
لَم يَرم الوَجد حَشاه وَلا |
خلت لهُ جارِحَة مِن جِراح |
لَهُ إِذا آنسَ بَرق الحِمى |
جَوانِح تَخفق خَفق الجَناح |
وَإِن شِدت وَرقاء في أَيكَة |
عاوَدَهُ ذِكرُ حَبيبٍ فَناح |
أَصبَحت في حَلبةِ أَهلِ الهَوى |
أَركُض في طَرفٍ شَديد الجِماح |
وَفي سَبيل الحبِّ لي مُهجَة |
كانَ لَها صَبر جَميل فَطاح |
أَغرى بِها السقمَ هَوى شادن |
لَم يَخشَ في سَفكِ دَمي مِن جَناح |
يُعذِّب القَلبَ بِهجرانِه |
وَلَيس للقَلبِ سِواه اِنشِراح |
تَلاقَتِ الأَضداد في خَمسَةٍ |
عَلى اِتّفاقٍ بَينَهُم وَاِصطِلاح |
إِن لانَ عِطفاه قَسا قَلبهُ |
أَو ثَبت الخلخالُ جالَ الوِشاح |
يا اِبنَ المُلوكِ الصيدِ مِن حِميرٍ |
وَوارث المَجد القَديم الصّراح |
لِيهنكَ الجَدّ الَّذي نِلتَهُ |
بِالجَدّ مِن أَمرِكَ لا بِالمِزاح |
مَزَجتَ بِالبَأسِ النَّدى وَالتَّقى |
مِلح أُجاج وَزلال قراح |
هيَ العَزائمُ مِن أَنصارِها القدرُ |
وَهيَ الكَتائب مِن أَشياعِها الظَفرُ |
جَرّدت للدّينِ وَالأَسيافُ مُغمَدةٌ |
سَيفاً تُفلّ بِهِ الأَحداثُ وَالغيرُ |
وَقُمت إِذ قَعَدَ الأَملاك كُلّهُم |
تَذبّ عَنهُ وَتَحميهِ وَتَنتَصرُ |
بِالبيضِ تَسقُط فَوقَ البيضِ أَنجمُها |
وَالسُمرُ تَحتَ ظِلال النَقعِ تَشتَجرُ |
بيضٌ إِذا خطبت بِالنَّصر أَلسُنها |
فَمِن مَنابِرها الأَكبادُ وَالقُصرُ |
وَذبّل مِن رِماحِ الخَطِّ مشرَعة |
في طولِهنّ لِأَعمار الوَرى قصرُ |
تَغشى بِها غَمرات المَوتِ أُسد شَرى |
مِنَ الكُماة إِذا ما اِستُنجدوا اِبتَدَرُوا |
مُستَلئِمينَ إِذا شاموا سُيوفَهُم |
شَبّهتُها خُلجا مدّت بِها غُدُرُ |
قَومٌ تَطولُ بِبيضِ الهندِ أَدرُعهُم |
فَما يَضُرّ ظباها أَنَّها بترُ |
إِذا اِنتَضوها وَذيل النَّقعِ فَوقَهُم |
فَالشَّمسُ طالعةٌ وَاللَّيلُ معتكرُ |
تَرتاحُ أَنفُسُهُم نَحوَ الوَغى طَرَبا |
كَأَنَّما الدَم راحٌ وَالظّبى زهرُ |
وَإِن هُم نكصوا يَوماً فَلا عَجَب |
قَد يكهمُ السّيفُ وَهوَ الصارِمُ الذّكرُ |
العودُ أَحمَد وَالأَيّامُ ضامِنَة |
عُقبى النَّجاحِ وَوَعدُ اللَهِ مَنتَظرُ |
وَرُبّما ساءَتِ الأَقدارُ ثُمّ جَرَت |
بِما يسرّكَ ساعاتٌ لَها أُخرُ |
اللَهُ زانَ بِكَ الأَيّام مِن ملكٍ |
لَكَ الحجول مِنَ الأَيّام وَالغررُ |
لِلّهِ بَأسك وَالأَلبابُ طائِشَة |
وَالخَيلُ تردي وَنارُ الحَربِ تَستَعرُ |
وَلِلعَجاجِ عَلى صَمّ القَنا ظَلل |
هيَ الدُّخان وَأَطرافُ القَنا شررُ |
إِذ يَرجعُ السَّيف يبدي حَدّه عَلقا |
كَصَفحةِ البكرِ أَدمى خَدَّها الخفرُ |
وَإِذ تسُدّ مسدَّ السَيفِ مُنفَرِداً |
وَلا يَصُدّك لا جُبنٌ وَلا خورُ |
أَما يَهولُك ما لاقَيتَ مِن عَدَدٍ |
سيّانَ عِندَك قَلَّ القَومُ أَو كَثُروا |
هِيَ السَّماحَة إِلّا أَنَّها سَرفٌ |
وَهيَ الشَجاعَة إِلّا أَنَّها غررُ |
اللَهُ في الدينِ وَالدُنيا فَما لَهُما |
سِواكَ كَهف وَلا ركن وَلا وزرُ |
وَرامَ كَيدَكَ أَقوامٌ وَما عَلِموا |
أَنّ المُنى خَطرات بَعضها خطرُ |
هَيهاتَ أَينَ مِنَ العيّوق طالبهُ |
لَو كانَ سُدّد مِنهُ الفِكرُ وَالنَّظَرُ |
إِنَّ الأُسودُ لَتَأبى أَن يَروّعها |
وَسط العَرين ظِباء الربرب العُفُرُ |
أَمرٌ نوَوهُ وَلو هَمّوا بِهِ وَقَفوا |
كَوقَفةِ العِيرِ لا وَردٌ وَلا صَدرُ |
فَاِضرب بِسَيفكَ مَن ناواكَ مُنتَقِماً |
إِنَّ السُّيوفَ لِأَهلِ البَغي تُدَّخرُ |
ما كُلُّ حينٍ تَرى الأَملاكَ صافِحَة |
عَنِ الجَرائر تَعفو حينَ تَقتدرُ |
وَمِن ذَوي البَغيِ مَن لا يُستَهانُ بِهِ |
وَفي الذُّنوبِ ذُنوبٌ لَيسَ تُغتَفرُ |
إِنَّ الرِّماحَ غُصونٌ يُستَظلّ بِها |
وَمالَهُن سِوى هام العِدى ثَمرُ |
وَلَيسَ يُصبح شَمل المُلكِ مُنتَظِما |
إِلّا بِحَيث تَرى الهامات تَنتَثرُ |
وَالرَّأي رَأيك فِيما أَنت فاعِلَهُ |
وَأَنتَ أَدرى بِما تَأتي وَما تَذرُ |
أَضحى شَهنشاه غَيثاً لِلنَدى غَدقا |
كُلّ البِلادِ إِلى سُقياهُ تَفتَقرُ |
الطاعِنُ الألفَ إِلّا أَنَّها نَسقٌ |
وَالواهِبُ الألفَ إِلّا أَنَّها بِدرُ |
مَلكٌ تَبوّأ فَوقَ النَّجمِ مَقعَدهُ |
فَكَيفَ يَطمَع في غَاياتِهِ البَشَرُ |
يُرجى نَداه وَيُخشى حَدّ سَطوَتِهِ |
كَالدَهر يوجَدُ فيهِ النَّفعُ وَالضَرَرُ |
وَما سَمعتُ وَلا حَدَّثتُ عَن أَحدٍ |
مِن قَبلِهِ يَهَبُ الدُّنيا وَيَعتَذرُ |
وَلا بصرتُ بِشَمسٍ قَبلَ غُرَّتِهِ |
إِذا تَجلّى سَناها أَغدَق المَطَرُ |
يا أَيُّها الملكُ السامي الَّذي اِبتَهجت |
بِهِ اللَيالي وَقرّ البَدوُ وَالحَضَرُ |
جاءَتكَ مِن كَلمي الحالي مُحبّرةً |
تُطوى لِبَهجَتِها الأَبرادُ وَالحبرُ |
هِيَ اللآلئ إِلّا أَنّ لجّتها |
طَيّ الضَّميرِ وَمِن غَوّاصِها الفكرُ |
تَبقى وَتَذهبُ أَشعارٌ مُلَفّقَة |
أَولى بِقائِلِها مِن قَولِها الحصرُ |
وَلَم أُطِلها لِأَنّي جدّ مُعترفٌ |
بِأَنّ كُلَّ مطيلٍ فيكَ مُختَصرُ |
بَقيتَ للِدّين وَالدُّنيا وَلا عدمَت |
أَجياد تِلكَ المَعالي هَذِهِ الدُّررُ |