أَرِحها فَقَد أَودى بِهِنَّ دُلوجُ |
وَدَكَّت رُبى أَكتادِهِنَّ حُدوجُ |
وَقَد نَزَعَت أَخفافَهُنَّ يَدُ السُرى |
عَلى أَعضائِهِنَّ تَضوجُ |
ظَغائِنُ خوصُ العَينِ في فَلَواتِها |
وَفي فَقَراتِ ظَهرِهِنَّ دُموجُ |
إِذا أَطلَعَتها لُجَّةُ الآلِ خِلتَها |
سَفائِنَ خُضنَ البَحرَ وَهوَ مَريجُ |
رَمَينَ النَوى لَمّا اِنبَعَثنَ بِأَسهُمٍ |
يَرِقُّ لَها عِندَ المُروقِ خُروجُ |
وَأَرزَمَ إِرزامَ الرُعودِ هَديرها |
فَسَدَّ الفِجاجَ الفيحَ مِنهُ ضَجيجُ |
تَحَمَّلنَ مِن آرامِ وَجرَةَ لِلحِمى |
بُدوراً لَها بيضُ القِبابِ بُروجُ |
إِذا زَمَّها نَحوَ الحِجازِ حُداتُها |
أَغارَ بِهِنَّ الشَوقُ وَهوَ لَعوجُ |
هَواهُنَّ ما بَينَ الحَجونِ مُخَيِّمٌ |
وَبينَ أثيلاتِ العَقيقِ دَروجُ |
تَسَلَّينَ عَن كُلِّ البقاعِ فَلَن تُرى |
عَلى غَيرِ أَكنافِ البَقيعِ تَعوجُ |
رَكائِبُ آلَت أَن تُهَدَّمَ أَو يُرى |
لَها بَينَ هَضبِ الأَخشَبَينِ ولوجُ |
إِذا عَمَّ مِن تَسنيمِ زَمزَمَ شُربُها |
وَأَطفَت لَهيبَ الشَوقِ وَهوَ لَجيجُ |
وَلاحَت لَها أَعلامُ يَثرِبَ فَاِرتَمَت |
إِلَيها تُباري الريحَ وَهوَ نَئيجُ |
أَنَخنَ عَلى رَبعٍ بِهِ مَوكِبُ العُلا |
يَموجُ وَأَملاكُ السَماءِ تَروجُ |
وَبَحرُ الهُدى مِن نَبعِهِ سالَ طافِحاً |
فَطَمَّ عَلى المَعمورِ مِنهُ خَليجُ |
وَصَبَّ عَزالي الوَحيَ في عَرَصاتِهِ |
فَفاضَت بِهِ أَنهارُها وَمُروحُ |
دِيارٌ بِها مِسكُ النُبوءَةِ صائِكٌ |
وَنورُ الهُدى الوَهّاجُ فيها وَهيجُ |
وَأَرضٌ حَوَت مِن جَوهَرِ الكَونِ جَوهَراً |
تَحَلَّت بِهِ السَمحاءُ وَهوَ بَهيجُ |
تَبَوَّأَها خَيرُ البَرايا وَمَن لَهُ |
إِلى أَوجِ أَفلاكِ السَماءِ عُروجُ |
وَلَيلٌ بِساقِ العَرشِ وَهوَ مُحَجَّبٌ |
عَلَيهِ رِواقٌ سابِغٌ وَوَثيجُ |
مُحَمَّدُ خَيرُ العالَمينَ وَمَن بِهِ |
تَقَلَّصَ لَيلُ الكُفرِ وَهوَ دَجوجُ |
نَبِيٌّ دَحا أَرضَ الرَشادِ فَأَصبَحَت |
وَسِربُ الهُدى في مَنكِبَيها يَروجُ |
وَلاحَ لَنا مِن نورِ آياتِ صِدقِهِ |
سِراجٌ بِمِشكاةِ اليَقينِ وَهيجُ |
تَنَضنَضَ مِن بُرهانِها كُلُّ لَهذَمٍ |
لَهُ في صُدورِ المُلحِدينَ وُلوجُ |
إِذا رُمتُ نَظمَ القَولِ فيهِ تَهَيَّبَت |
عِجافُ القَوافي مَدحَهُ فَتَعوجُ |
لِمَولِدِهِ اِهتَزَّ الوُجودُ وَأَشرَقَت |
قُصورٌ بِبُصرى أَشرَفَت وَبُروجُ |
وأَفصَحَ بِالشَكوى لَهُ الجِذعُ صارِخاً |
كَما صَرَخَت غِبَّ الحِلابِ ضَجوجُ |
وَسالَت بِسَلسالِ المَعينِ بَنانُهُ |
كَما دَرَّ ضَرعٌ حافِلٌ وَنَفوجُ |
أَيا خَيرَ مَن زَمَّ الرِكابُ مَطِيَّهُم |
إِلَيهِ وَحَثّ اليَعملاتِ حَجيجُ |
عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ ما اِفتَنَّ صادِحٌ |
وَما اِفتَرَّ ثَغرُ البَرقِ وَهوَ بَهيجُ |
وَما ضَمَّخَت صُلعَ الرُبى راحَةُ الصَبا |
فَصَيَّرَها أَو نَمَّقَتها ثُلوجُ |
أَلَهفي لِأَخدانٍ ثَنَت عَنكَ زَورَتي |
وَشَدَّت عِقالَ العَزمِ وَهوَ زَعوجُ |
عَدَتني إِذا شَطَّت بِكَ الدارُ سَلوَتي |
فَلَم تَختَلِج فَالصَدرُ مِنها صَلوجُ |
أَأَسلو وَبَينَ المُنحَنى مِن جَوانِحي |
حَشاً بِلَهيبِ الشَوقِ فيكَ نَضيجُ |
وَلَولا الإِمامُ المُرتَضى سِبطُكَ الرِضى |
طَوَت بي إِلَيكَ البيدَ أَنضاءُ عوجُ |
وَلَولاهُ ما أَبطَأتُ عَن أَجرَعِ الحِمى |
فَدارَ بِها الشَوقُ اللَعوجُ يَهيجُ |
فَأُفقٌ بِهِ نورُ الخِلافَةِ ساطِعٌ |
وَأَرضٌ بِها رَوضُ المَعالي أَريجُ |
وَرَبعٌ بِهِ بَحرُ السَماحَةِ زاخِرٌ |
كَأَنَّ البِحارَ السَبعَ مِنهُ خَليجُ |
لَدى أَوحَدِ الدُنيا الَّذي خَضَعَت لَهُ |
طَواغيتُها أَروامُها وَزُنوجُ |
إِمامٌ بِهِ غالَبتُ كُلَّ مُفاخِرٍ |
وَأَسكَتُّ خَصمي الدَهرَ وَهوَ لَجوجُ |
لَهُ فَوقَ هامِ النَجمِ مَجدٌ مُوَطَّدٌ |
وَمِن عَدلِهِ في عالَمِ الأَرضِ زيجُ |
مَهيبٌ رَحيبُ الصَدرِ إِن دَهَمَ الوَرى |
وَصَدرُ مَجالِ السُمرِ مِنها حَريجُ |
لَهُ عَزمَةٌ تَجلو الخُطوبَ إِذا دَجَت |
وَرَأيٌ بِعُقمِ المَعلَماتِ نَتيجُ |
عِمادُ الوَرى المَنصورُ وَالأَوحَدُ الَّذي |
بِهِ غاضَ بَحرُ الهَولِ وَهوَ مَهيجُ |
وَأَدرَكَتِ الرَيَّ الخِلافَةُ بَعدَما |
ذَوى بِرِياضِ المَجدِ مِنها وَشيجُ |
وَأَنقَذَ بِالسَيفِ المُهَنَّدِ تاجها |
عَلى حينِ كادَت تَقتَنيهِ عُلوجُ |
وَجَدَّلَ طاغوتَ العِدى وَجُموعَهُ |
وَلِلنَملِ فَوقَ الأَرضِ مِنهُم دَجيجُ |
بِيَومٍ غَدا ثَغرُ الهُدى فيهِ باسِماً |
وَصَدرُ القَنا بِالطَعنِ فيهِ بَهيجُ |
وَظَلَّ بِهِ الشَيطانُ يَندُبُ حزبَهُ |
وَقَد خَنَقَتهُ عَبرَةٌ وَنَشيجُ |
فُتوحُ أَميرِ المُؤمِنينَ فَواتِحٌ |
لَها في جَبينِ المَجدِ مِنكَ بُلوجُ |
فَهَل راضَ رَضوى الحِلم قَبلَكَ جامِحاً |
وَهَل حَمَلَت لَيث الهِياجِ سُروجُ |
وَهَل زارَ أَرضَ الزِنجِ جَيشٌ عَرَمرَمٌ |
تَكَنَّفَ أُسدَ الغابِ مِنهُ وَشيجُ |
بِدُهمٍ سَدَدنَ الجَوَّ وَهيَ حَنادِسٌ |
وَشُهبٍ كَسا الأَرضينَ مِنها ثُلوجُ |
عَلَيهِنَّ مِن سَردِ الحَديدِ مَلابِسٌ |
وَمِن وَرَقِ التِبرِ السَبيكِ نَسيجُ |
كَتائِبُ مِن صِفّينَ حامَت حُماتهُ |
بِجُردٍ نَمَتها في العَتاقَةِ عوجُ |