هجاؤُكَ لي مَدْحٌ فزِدْنِي منَ الهجْوِ |
لعلَّكَ تَشْفِينِي مِنَ البثِّ والشَّجْوِ |
وجَدِّدْ به تَذْكارَ أَيَّامِ أُنْسِنَا |
بِبَسْطَة مجموعين في مجلس اللّهْو |
نُدِيرٌ كؤوسَ الوصل في كلّ ساعة |
ونخطو إِلى لذَّاتِنا أَوسع الخطْوِ |
فنقطف أَزهار المسرّات غضّةً |
وطرفُ الرّدى جيرانُ في سِنَةِ السّهْوِ |
وقد كتبتْ كفّي لدى الودّ قطعةً |
بدائعُها تدعو العفيفَ إِلى الصَّبْوِ |
لَدَيْها ثَوَى الحسْنُ الأَصيلُ حقيقةً |
وفي غيرها الحسْنُ الأَصيلُ أبَى يثوِي |
رَمَت عَرَضَ الحبّ الصّحيح فَرَمَّدتْ |
ورمْيُ سواها نحْوَها أبداً يَشْوِي |
فغار عليها الدّهْرُ غَيْرَةَ فاجِرٍ |
فقابَلَها يا قُرّةَ العينِ بالمَحْوِ |
ولم يَكْفِني حتّى أتى نائمُ الرّدى |
فأيْقظَهُ عَمْداً وجاء به نحوي |
فسَلَّ حُسَام البعد عند وصُولِهِ |
لِتُقْطَعَ أَعضائِي وما حاشَ من عُضْوِ |
فأصبحتُ من بعد الوصالِ وطيبِه |
فؤادِي وأَحشائِي بنار النَّوى تَكْوِي |
وأشكو لك الجورَ الّذي جرّه النّوى |
فتُعرِضُ إِعراض الخليّ عن الشَّكْوِ |
وتُصْغِي لِوَاشٍ ضيّقَ المكرُ شُغْلَهُ |
فمِنْ مَكْرِهِ قِدْماً غدا صدرُه يَرْوِي |
يَوَدُّ وقوعَ الحقدِ بيني وبينكمْ |
بذاك الّذي أَملي عليكمْ من اللّغوِ |
رأى بيننا غُصْنَ المودّةِ ناعِماً |
فقطَّعَهُ بالزّورِ عمداً لكي يذْوِي |
فأَبدى فروعاً باسقاتٍ فأطعمتْ |
وجادتْ لجانيها بمَطْعَمِها الحُلْوِ |
فتلكَ الفروعَ الباسقاتُ قصائدٌ |
ومَطْعَمُها الحلوُ المُعادُ الذي تَحْوِي |
فما لَقِيَ القصدَ الذي كان ناوياً |
وما فاسقٌ يَلْقى من القصد ما يَنْوِي |
وباءَ بخِزْيِ لا يُرامُ ولعنةٍ |
كما باءَ إِبليسُ الّذي لم يَزَلْ يَغْوِي |
وبات ولم تظفر يداه بمطلب |
يحاكي الكلاب العاويات إذا تعوي |
ولستُ أُرى من سُكر حُبّكَ صاحياً |
إِذا ما أَرى غيري يميل إلى الصّحوِ |
لأَنَّكَ أَحرزتَ الفضائلَ كلَّها |
فصْرتَ بها ترقى على المرقب العُلْوِي |
وَرِثْتَ المعالِي عن رجالٍ أَعزّةٍ |
قُضاةٍ كرامٍ قُلِّدوا لأَمة الزَّهْوِ |
لهم دانت الدّنيا بنَيْل مرامِهِمْ |
فأَرْوَتْهُمُ عزّاً ولِلْغير لَمْ تُرْوِ |
أتت كُتُبُ التاريخ تُظْهِرُ فَخْرَهُمْ |
فعنها أَخي الفخْرَ اِرْوِ إِن شئتَ أن تَرْوِ |
وفي غير ما نَظْمٍ تضمّن ذكرَهُمْ |
موفّىً بما حازوا قديماً من السّرْوِ |
فقلْ لِلَئِيم رامَ طيّاً لسَرْوِهم |
تَوَقَّ فسَرْوُ القوم يَنْشُرُ ما تطوي |
إِذا كان نورُ الشمسِ للعين ظاهراً |
ففي دَرَكِ التكذيبِ مُنْكِرُه يَهْوِي |
وهاكمْ قصيداً يُخجلُ العقد نَظمُه |
سليماً لدى النقّادِ مِنْ خَجَلِ اللهْوِ |
جعلتُ القوافي فيه غيرَ مَعِيبةٍ |
إذا ما غدا غيري يُسانِدُ أَو يُقوِي |
فيَسقيكمُ عني الصفاءَ سُلافةً |
تصفَّتْ من الأَدناس في أكؤس الصفو |
إذا ما شدا الشادي به عند بابكمْ |
فأعطافُكُمْ حقاً تميل من الزّهوِ |
أتيتُ به عجلانَ أطلب عفوَكم |
فمُنُّوا على مَنْ يطلب العفو بالعفو |