قُرْبُ الأَحبَّةِ بعدَ البعد مُرْتَقَبُ |
ووَصْلُهمْ بانصرامِ الصّدِّ مُعْتَقَبُ |
فما بُكاءُ الفتى حزناً لبينِهمِ |
بواجبٍ وهو عند القرب قد يجبُ |
فلائِمي في جمودِ العين عند نَوَى |
أحبَّتي مُخطئٌ لِلجَهْلِ مُرْتكِبُ |
ومذهبي أنني بالجهل أعذرُه |
والعذرُ بالجهل مطروحٌ ومجتنَبُ |
فدعْهُ باللّوم مشغوفاً ومُشْتغِلاً |
فلستُ عن مذهبي باللّوم أنقلبُ |
ورتبتي في هوى الغيد الحسانِ سمتْ |
حتّى بدتْ للورى من دونها الرُّتَبُ |
ولي بهنّ وُلوعٌ لا خفاءَ به |
وكيف يخفى وُلوعي والهوى السّببُ |
ولستُ أعشق إلاّ مَنْ لَهَا شِيَمٌ |
مَنالُ أقْربها من دونه الشُّهُبُ |
طبيعةٌ رُكّبتْ في أصل خلقتِها |
إذا غدتْ شِيَمٌ للغيد تُكْتَسَبُ |
وما أعانيه من وجدي بفاطمةٍ |
أجلُّ خودٍ إليها الحسن يَنْتَسبُ |
فمِقْوَلي قاصرٌ عن وصفه أبداً |
ولو غدا عاضدي في وصفه الأدبُ |
وهي التي فتنتني من محاسِنِها |
بعزّةٍ من سناها يَعْجَبُ العجبُ |
إذا بَدتْ لحظةً والشمسُ طالعةٌ |
تكادُ من حَسَدٍ تخفى وتنحجِبُ |
لله من خدّها زَهْرٌ ومن فمها |
خمرٌ يَغارُ عليه الشهد والضَّربُ |
إنْ لم تكنْ خُلِقتْ حوراءَ فهي لها |
تِرْبٌ تُماثل لاَ مَيْنٌ ولا كذبُ |
أستغفرُ الله ربّي من تشبُّهها |
بالحور في حسنها ما الحورُ ما العربُ |
لم أنْسَ يومَ النّوى والبينِ كِلْمَتَها |
وقلْبُها مثل قلبي اليوم مضطربُ |
ووجُهها مثل وجهي وَاجِمٌ فَرَقاً |
من خطبِ فُرْقَتِنا غيرانُ مُكتئبُ |
ودمعها مثل دمعي فوق وجنتها |
كالغيث منهمرٌ هامٍ ومنكسبُ |
وقد مددتُ إليها للوداع يداً |
واستقبلتني بأخرى وهي تنتحبُ |
من بعدِ رَشْفِ شفاه زانَها لَعَسٌ |
ولثم ثغر بَرُودٍ زانَهُ شَنَبُ |
الله في حفظ حبّي لا تضيّعه |
فحفظه ليس لي في غيره أرَبُ |
فقلتُ يا منتهى سؤلي ويا أملي |
ومن رضاها إليّ القصْدُ والطّلبُ |
ومن بخدّيَ منها الدّمع منهمر |
والنار في القلب والأحشاء تلتهبُ |
الحبَّ أرعى لذاكَ الحسن ما بقيتْ |
روحي بجسميَ مالي عنكَ منقلبُ |