دامت لك البُشْرى ودامت للورى |
بِكمُ ودمت على العُداة مظفرَا |
ومَلكْتَ ما ملك ابن داوُدَ الذي |
كلّ الأَنام لأمره قد سخَّرا |
إنَّ البشائر والفتوحَ تتابعتْ |
فتنظَّمت في سلكِ مُلكِكَ جوهرا |
عَبَقَتْ مَنَاسِمُها فضاعت مَنْدلاً |
وتأرَّجَتْ مِسكاً وفاحتْ عَنْبرا |
ولِفتح حِمْصٍ في الفتوح مزيَّةٌ |
فيحقُّ فيها أن يُسمَّى الأَكبرا |
مَدَّتْ إليكَ يدَ المُطيع وبايَعتْ |
منكَ الإِمامَ المرتضَى المتخيَّرا |
وهي العقيلةُ حُسنها مستأهِل |
أن يُصدَقَ الصُّنْعَ الجميل ويُمهرَا |
فقبلتها لا لازديادِ ضخامةٍ |
بل رَغْبَةً في أَنْ تُثابَ وتُؤْجَرا |
لكُمُ على ذي الطوع نُعْمى مُفضلٍ |
إذْ كانَ مُضْطرًّا وكنتَ مخيَّرا |
حضرت لديك وفودُها وقلوبُ مَنْ |
قد غابَ قَدْ أَضْحتْ لَديْكم حُضَّرا |
سعدوا برؤْيتكم ومن قد خلَّفوا |
يرنو إليكم بالضميرِ تَصَوُّرا |
ورأوا مثَابتَك السعيدةَ جنَّةً |
ورضاك رضواناً وجودَك كوثرَا |
بهرتْ لواحظَهم أَسرَّةُ عزَّةٍ |
أَبهى من البدرِ المنير وأبهرَا |
وقفَتْ لحاظَهمُ المهابةُ دونها |
ودَعَا اللواحظَ بِشرُها أن تنظرا |
ما إن سما طرفٌ ليلحظها هوًى |
إلاّ انثنى من هيبة متحيِّرا |
مُلِئت صدورهُمُ هوًى وأَمانياً |
ورأوا حميداً وِرْدَهمْ والمصدرا |
ورَجَوْا لأندلسٍ وأَهليها بكم |
نصراً يدومُ على الزمان مؤزَّرا |
بعد الجزيرة نصرةً تفري بها |
أَشلاءَ طاغيةِ النصارى الأَسبرا |
أنت الحقيقُ بأن تلبِّي صوتها |
وبأن تريق لنصرها كأس الكرى |
وبأَن تفوقَ مُجيبَ صوتِ زَبْطرَةٍ |
ويرد عصرُ هداك مُلْكَ الأَعسرا |
بشّر بني حمصٍ وأندلس بما |
سيعيد منها عامراً ما أَفقرا |
فلقد تضمَّن نصرَها ملكٌ به |
أحيا لها اللهُ الرجاءَ وأَنشرا |
قد بذَّ في إدراكه ثأر الهدى |
سيفاً وفي عزماته الاسكندرا |
سبط الرضا الهادي أبي حفص الذي |
أَضحى به صُبْح الهدايةِ مُسفرا |
نجل الإِمام أبي محمدٍ الذي |
أَضحى به روضُ المكارمِ مُزهرا |
ملكٌ إذا يغزو العدا ملأَ الملا |
سُمْراً مثَقَّفَة وجُرْداً ضُمَّرا |
وفوارساً تبدي التهللَ في الوغى |
فتريك مُبْتَسِمَ العدا مُسْتَعبرا |
عُرْباً وعُجماً ما عجمت بنبعهم |
غَرْبَ العدا إلاّ انثنى مُتَكسِّرا |
مِنْ كلِّ مغمدِ سيفه يوم الوغى |
في الهام مُلْبِسِهِ نجيعاً أحْمَرا |
يخشى الكميُّ ظباه والكوماءُ إنْ |
هو أورد السيفَ الوغى أو أَصدرا |
لا تتَّقي زأرَ الأُسود عِشاره |
وتُراعُ إنْ سمعَتْ لدَيْهِ المِزْهرا |
بِهُدى الإِمام العدل يَحيى المرتضى |
قد آنس السَّاري الصَّباح وأَبصرا |
ملك نمته أرومةٌ حفصيَّةٌ |
طابتْ فروعاً حين طابتْ عُنْصُرا |
عمَّ الورى نَفْعاً فعرَّف عدلُهُ |
في الأَرض معروفاً وأَنكر منكرا |
فيشب بالهنديّ نيران الوغى |
وبأَعبقِ الهنديِّ نيران القِرى |
تَرِدُ الأَماني من نَدَاهُ مَشرعاً |
وتحُجُّ حِجْراً من ذُراه ومشْعرا |
فاضتْ ينابيعُ المعرف والندى |
منه مَعيناً ماؤُها متفجِّرا |
وَهبَ العوارفَ من أتى مُسترفداً |
وحَبَا المعارفَ من أتى مستبصرا |
عِلمٌ وحِلمٌ في نَدًى وطَلاقةٍ |
تَبْدو على قَسماتِ أبلجَ أزهرا |
كالبرقِ مُشْتَمِلاً مِياهَ غَمامةٍ |
عَلمٌ مُنيف قد توسَّط أَبحرَا |
قد طبَّق الآفاقَ نشرُ ثنائه |
فكأنَّ في الآفاق مسكاً أَذْفَرا |
يَهْدي الجيوشَ إذا سرتْ لأْلاؤُهُ |
فكأنّ في مَسْراه بَدْراً مُقْمرا |
وتجود يُمناهُ إذا شحَّ الحَيا |
فكأنّ في يُمناه غَيْثاً مُمْطِرا |
عَظُمَ الرَّجاء لهُ ولكنْ جودُهُ |
يَثني العظيم من المنى مستحقَرا |
أخليفة الله الذي حَفَلت به |
أمّ المنى خِلفاً ودرَّت أشطرا |
عادت بك الدُّنيا ترفُّ نضارةً |
وتروقُ مرأَىً في العيون ومَنْظَرا |
لَبِسَتْ بُرودَ شَبابِها من بعدِ ما |
أُنْهِجْنَ وانصاتتْ كعاباً مُعْصرا |
ما بُتّ مثلُ نَداك في نادٍ ولم |
يَفْرَعْ بمثل حُلاك داعٍ منبرا |
جَلَّتْ صفاتُك أن يُنيِّن واصفٌ |
عنها ولو بلسان قسٍّ عبَّرا |
مدحتك أفعالٌ زكتْ ومكارمٌ |
فُقْنَ الكلام منظماً ومنثَّرا |
خطبتك أبكارُ الفتوحِ وكم لها |
من خاطبٍ ولَّتْهُ عِطفاً أزورا |
وأجابَ دعوتَك الكريمة كلُّ من |
للخير واليسرى سعى أو يُسِّرا |
أَذْكتْ بأَحشاءِ العدا جَمراتها |
بُشَرٌ ذَكتْ في كلِّ نادٍ مجمرا |
تَرَكَتْ زَفيرَ من اعتدى متطيِّراً |
حَذِراً ودمعَ جفُونِهِ مُتَحدِّرا |
فعُيُونهمْ منها تُفَجَّر أعْيناً |
وقلُوبُهُمْ منها تُسجّر أَنؤرا |
فلِمَنْ أطاعَكَ أنْ يُقدِّمَ مؤمناً |
ولمنْ عصاكمْ أن يخاف ويحذرا |
فاهنأْ ببُشرى طابَ نشرُ نسيمها |
فأَطابَ أَنفاسَ الرِّياح وعطَّرا |
وامْدُدْ لأفواه الوفُودِ أناملاً |
تَقْبيلُها يُسرٌ لمنْ قد أعسرا |
زارتْ فزادتْ حين لم تغبب هوًى |
غير الفتوح فلا أَغبَّتْ زوّرا |
فبقيتَ مسروراً بما ساءَ العِدا |
جَذلاً بإقبال المُنى مُسْتَبْشِرا |
يَزْدادُ مُلْكُكَ كلّ يومٍ بسطةً |
ويُطاولُ الدُّنيا مدًى والأَدهُرا |