عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > صالح الشرنوبي > زوج ابليس

مصر

مشاهدة
611

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

زوج ابليس

هذه دارُها وتلك رُباها
نمّ عنها شميمها وسناها
هذه دارها تنادي غريبًا
عن حماها ما شامها أو رآها
هذه دارها وقد أمر الليْ
ل أخاهُ الشيطان أن يرعاها
فأتى دون ناظري فطواه
وأتى دون ظلّها فطواها
***
هذه دارُها وقد كان عهدي
بسواها ألاّ نُضاعفَ جَهدي
ما لرجليّ تشردان عن النهْ
جِ كاني مشردٌ يتجدي
ما لكفّيّ أُسقطا ويح جدّي
أيّ دار أذمّها اليوم وحدي
شاهَ وجهُ الشيطانِ مالي أراه
يتلقّى عزيمتي بالتّحدّي
***
عجبًا هذه مهاةٌ تذوبُ
في أكُفٍّ تسليمها تشبيبُ
كلما دق ساقها رقص النهْ
دُ وفاحت من جانبيها الطيوبُ
وإذا شاقها المنام دهاها
من وراء الحجاب صوتٌ غضوبُ
أذكرينا أنضاءَ جوعٍ وسُهد
وتناسى أن الطعام ذنوبُ
***
شغلتني بروحها الغلابِ
عن حريقٍ يشب في أصلابي
ورمتني بنظرة ثم قالت
ما رأينا سواك من هيّابِ
هذه الدار لم تهيّأ لغيري
من ضحايا الندمان والأحبابِ
لا تخيّب رجاء شاةٍ رماها
عاصفُ اليأس في محيط الذئابِ
***
وإذا بي أجيب كفا بكفِّ
وألبّي بضمّها صوتَ حتفي
أحسبُ الدار تستحيل عُبابا
ثائر الموج من ظلامٍ وخوفِ
أو يَباباً تزمزم الجنُّ فيه
وتُرى العين رقصةَ المتشفّي
وأرى الحائط المُغيّب في الظلْ
مة شطًّا يُبدي الظلامَ ويُخفي
***
قلت يا هذه أنيري طريقي
جفّ حلقي فما يندّيه ريقي
وإذا همسةٌ ممزّقة الج
س صداها كهمهمات الغريقِ
أيّها الطارق الغريب تمهّلْ
إنّ عهدَ الأيّام غيرُ وثيقِ
ها هنا قصةٌ يُمثّلها البؤ
س على مسرح الهوى والرحيقِ
***
ما ترى ذلك الخيالَ الملثّم
غاب في خاطري الدُّجى وتكتّمْ
تلك أُمّي ولست أعرف أُمًّا
ولدتني والدهرُ بالسرّ أعلمْ
عثرت مثل عثرَتي بصُخُور
فوقها زورقُ الحياة تحطّمْ
ثمّ أمست ذكرى شباب وحسنٍ
تُلهم الدمع أن يذل فيسجُمْ
***
أنا في دارها أعيش غريبه
وتراني فيها كأني نسيبه
عقدتني بها من الحظّ قُربى
فكلانا من أختها محبوبه
غير أنّي أعولها وأرجّي
لشبابي من الحياة نصيبه
قبلَ أن يذهب الشباب وأبقى
وأنا من سحر الشباب سليبه
***
حيّها حيّها فقلت سلاما
يا بنةَ الليل والطلا والندامى
وتضاحكت مُطرق الرأس فكرًا
في جمالٍ عافَ الحياةَ فناما
يا بنةَ الليل حدّثي لا تُراعي
ربّما فسّر المنامُ المناما
نحن ألغاز ساحرٍ عبقريٍّ
جعل الموتَ للحياة لزاما
***
ثورةٌ في جوانحي ليس تهدا
وخيال يُفني الكوارث عدّا
أيُّ غيبٍ ضمّته تلك التهاويلُ
وأيُّ اليومين أطيب وردا
أهو يوم الميلاد ينضح بشرا
أم هو اليوم يُطعمُ الأرض ولدا
ذاك سرٌّ علمته حين راحت
تتعزّى وخلتها تتحدّى
***
قال لي صمتها وقلت لصمتي
كيف مالت بك الليالي وملتِ
أي شيءٍ من لياليك سوى
ضجعةٍ وحلمٍ مشتّ
أين ولّى عنك الصبا وهو سوقٌ
للغواني كسبنهُ وخسرتِ
وأتاكِ المشيبُ وهو جدوبٌ
نفخت فيك روحُه فذَبُلتِ
***
وتمثّلتُ وجهها محرابا
لعيونٍ تحسو الفناء شرابا
من بقايا أُذنينِ ملاّ الدعابا
وبقايا خدّين عافا الخضابا
وهنا معبد الشفاه أحالَتْهُ سمو
م الدّخان قفراً يبابا
والبلى ناشرٌ جناحَ غرابٍ
ظنّه الناسُ شعرَها المُنْسابا
***
أيّ كون محجّبُ الأسرار
خلف عينيك يا بنةَ الأقدار
كم رعيتِ السمار أشباح جنٍّ
تتخفّى عن واعظِ الأبصارِ
قُيرَ السحر في الجفون وماتت
نظرات الإغراء للسمارِ
قبر السحرُ في الجفون ونامت
فوقهنّ الأهدابُ كالصّبّارِ
***
زوج إبليس وهو كالنّفس عبدٌ
وإلهٌ لأنفس لا تُعدُّ
حدّثيني عنه فقد كان عقلي
يصطفيه إذا جفاني زهدُ
مثّلته أَجسادكنّ جمالاً
فهو فيكنّ شائعٌ لا يُحدُّ
كلما جاع ملهمٌ أشبعتهُ
قبلات الهوى وروّاه شهدُ
***
أيّ روحٍ ألقت عليّ هداها
حينما خلتُها ستفغرُ فاها
قلتُ هذا حديثها سوفَ تحكيْ
هِ وكم في شبابها قد حكاها
يوم كانت ألفاظها تتثنّى
رقّةً لم يبلغْ رحيقٌ مداها
وإذا باليقين يعصفُ بالشّكِّ فتهْ
وي على يدي راحتاها
***
خفق النور خفقة المرتاع
فعرفتُ الوداعَ قبل الوداعِ
ملءُ كفّي ورأسُها يتداعى
وعناءٌ عليّ هذا التداعي
إيه يا ربُّ ما عصيتُك جهلا
بلْ صغارًا من شقوتي واندفاعي
فاجلُ عنّي الظلام كيما أرى الموْ
تَ نجاءً من قبضةِ الأطماعِ
***
وعطت نحو مسمعي بعظام
رُكّبت بين صدرها والهام
وأسرّت إليّ أنْ حصحص الحقُّ
وخابت شماتةُ اللّوّامِ
لا حلالٌ ولا حرامٌ ولكنْ
راحةٌ من متاعب الأيّامِ
فإذا الجسم في طريق التّدنّي
وإذا الروح في طريق التّسامي
***
أشفقت بنتُ دارِها من ذُهُولي
ورأتني كحظّها المخبولِ
فنضتْ ثوبَها وقالتْ عجيبٌ
أمرُ هذا المتيّم المجهولِ
ما لِكفيّيْه لا تحسّان كفّي
وهي بعضٌ من حُسنى المبذولِ
ويْحها لا تَدري الفجيعةَ إلاّ
يوم فُقدانها حفيف الذيولِ
***
قلت يا من سقطت في الناس قدرا
سخِرَ الموتُ من نواياك طُرَّا
هذه أُمُّكِ الحبيبةُ قد ما
تَتْ فَشُقِّي لها بصدركِ قبرا
فأفاقت من غشية الإثمِ هونا
وعوتْ صرخةً تساقِط جمرا
فصحبت الظلام طائف ليل
لم تشاهد عيناه من قبلُ فجرا
***
وتخطّيتُ ساحةَ الأجسادِ
جامدَ العين مُستكين الفؤادِ
أيُّ ذنب جَنَيتِهِ أيّ ذنب
حين خلفتها بلا إسعادِ
ما تراها تقول إذ فقدتني
خدنَ همٍّ وُرُودُه من قتادِ
حسبُها قاسم الحظوظ وحسبي
بعد حينٍ ندامة الزُّهادِ
***
وعرتني سكينةُ الأمواتِ ورثتني مدامع الحسراتِ
وسمعت الشيطان يلقي بسمعي
طرفا من آياته الخالداتِ
لا تلم من تعيش في كنف العر
ض فقد آدها صراع الحياةِ
ربما ضمّ شامخٌ مومسُ النّفْ
سِ وفي وجهها حياءُ فتاةِ
صالح الشرنوبي

من وحي الضحايا " صدى ليلة ثلجية الأشواق ، بدئت بحنين الجسد وانتهت بأنين الروح "
التعديل بواسطة: السيد عبد الله سالم
الإضافة: الاثنين 2012/05/07 01:16:12 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com