جادَت يَداكَ إِلى أَن هُجِّنَ المَطَرُ | |
|
| وَزانَ وَجهُكَ حَتّى قُبِّحَ القَمَرُ |
|
أَمسَت عُقولُ البَرايا فِيكَ حائِرَةً | |
|
| فَلَيسَ يُدرى هِلالٌ أَنتَ أَم بَشَرُ |
|
لَو كُنتَ في عَصرِ قَومٍ سارَ ذِكرُهُمُ | |
|
| في الجاهِلِيَّةِ لَم تُكتَب لَهُم سِيَرُ |
|
وَلَو لَحِقتَ زَمانَ الوَحيِ ما نَزَلَت | |
|
| إِلّا بِتَفضِيلِكِ الآياتُ وَالسُوَرُ |
|
إِنَّ العُصُورَ وَأَهلِيها الَّذينَ مَضَوا | |
|
| مُذ مَرَّ ذِكرُكَ بِالأَسماعِ ما ذُكِرُوا |
|
أَبدَعتَ في كُلِّ شَيءٍ أَنتَ فاعِلُهُ | |
|
| فَلَم يُقَس بِكَ لا بَدوٌ وَلا حَضَرُ |
|
هَجَّنتَهُمُ وَأَبانَ الفَضلُ نَقصَهُمُ | |
|
| حَتّى لَأزرَت عَلى سُكّانِها الحُفَرُ |
|
لا يَنعَتِ الناسُ جَوّاباً وَلا زُفَراً | |
|
| فَما يُدانِيكَ جَوّابٌ وَلا زُفَرُ |
|
ما الخَبرُ كَالخَبَرِ المَروِيِّ مُذ زَمَنٍ | |
|
| يا صاحِ هَل يَتَساوى الخُبرُ وَالخَبَرُ |
|
مَضى الزَمانُ وَمِن أَنبائِهِ أُمَمٌ | |
|
| رامُوا مَرامَكَ في الدُنيا فَما قَدَرُوا |
|
إِنَّ المَحَلَّ الَّذي أَصبَحتَ مُدرِكَهُ | |
|
| دُونَ المَحَلِّ الَّذي أَصبَحتَ تَنتَظِرُ |
|
إِذا صَعِدتَ مِنَ العَلياءِ في دَرَجٍ | |
|
| تَسَبَّبَت دَرَجٌ مِن فَوقِها أُخَرُ |
|
لا يَنتَهِي لَكَ إِقبالٌ إِلى أَمَدِ | |
|
| وَلا يَنُصُّ إِلى وَقتٍ لَكَ العُمُرُ |
|
تَرقى وَتَلقى نُجُومَ الجَوِّ هابِطَةً | |
|
| فَأَنتَ تَصعَدُ وَالعَيُوقُ يَنحَدِرُ |
|
كانَ الزَمانُ بَهِيماً وَاِتَّفَقتَ لَهُ | |
|
| فَغَيَّرَت لَونَهُ أَيّامُكَ الغُرَرُ |
|
أَمّا يَداكَ فَقَد أَمسَت مُسَلَّطَةً | |
|
| عَلى النُضارِ فَلا تُبقي وَلا تَذَرُ |
|
أَفنَت كُنُوزَكَ وَاستَبقَت جَميل ثَناً | |
|
| يَعفُو الزَمانُ وَلا يَعفُو لَهُ أَثَرُ |
|
لا أَقفَرَت شَجَراتٌ عَرَّقَت وَزَكَت | |
|
| فُرُوعُها فَزَكا مِنهُنَّ ذا الثَمَرُ |
|
أَما الثُغُورُ فَقَد سُدَّت بِمُنتَجبٍ | |
|
| ماضِي العَزِيمَةِ ما في عُودِهِ خَوَرُ |
|
جَلدٍ عَلى نُوَبِ الأَيّامِ مُصطَبرٍ | |
|
| لَولا نَداهُ لَقُلنا إِنَّهُ حَجَرُ |
|
أَحَبُّ شَيءٍ إِلَيهِ في مَمالِكِهِ | |
|
| أَن يُجمَعَ الحَمدُ لا أَن تُجمَعَ البَدرُ |
|
يُهدي إِلى التُربِ طِيباً طِيبُ أَخمَصِهِ | |
|
| حَتّى يَقُومَ مَقامَ العَنبَرِ العَفَرُ |
|
مُبارَكُ الوَجهِ لا مِيثاقُهُ حَرِجٌ | |
|
| عَنِ الوَفاءِ ولا مَعرُوفُهُ عَسِرُ |
|
يُجِدي وَيُردي فَإِمّا وَاهِباً نِعمَاً | |
|
| أَو سالِباً فَهوَ لا حُلوٌ وَلا صَبِرُ |
|
أَثنَت عَلى فَضلِهِ العِيسُ الَّتي دَمِيَت | |
|
| أَخفافُها وَالسُرى وَالسَفرُ وَالسَفَرُ |
|
أُنظُر لِتَنظُرَ شَيئاً جَلَّ خالِقُهُ | |
|
| يَحارُ فيهِ وَفي أَمثالِهِ النَظَرُ |
|
طَوقاً عَلى المَلِكِ المَيمُونِ طائِرُهُ | |
|
| كَأَنَّهُ هالَةٌ فِي وَسطِها قَمَرُ |
|
وَحُلَّةً مِن أَدِيمِ الشَمسِ مُشرِقَةً | |
|
| لا يَستَطيعُ ثَباتاً فَوقَها البَصَرُ |
|
تَوَقَّدَ التِبرُ حَتّى لَو دَنَوتَ بِهِ | |
|
| مِن غَيرِ لَفحٍ رَأَيتَ النارَ تَستَعِرُ |
|
قَد كَفَّها عَن كَثِيرٍ مِن تَوَقُّدِها | |
|
| خِرقٌ يُرى الماءُ مِن كَفَّيهِ يَنعَصِرُ |
|
هَذا وَمِن أَنجُمِ الجَوزاءِ مِنطَقَةٌ | |
|
| مُرَصَّعٌ حَولَها الياقُوتُ والدُرَرُ |
|
وَصارِماً ذَكَراً قَد نابَ حامِلُهُ | |
|
| عَنِ الخَليفَةِ هَذا الصارِمُ الذَكَرُ |
|
أَطاعَهُ كُلُّ شَيءٍ طاعَةً حُتِمَت | |
|
| حَتّى القَضاءُ وَحَتّى الحَينُ وَالقَدَرُ |
|
مِمّا تَخَيَّرَهُ عادٌ وَخَلَّفَهُ | |
|
| لِلسّادَةِ الغُرِّ مِن أَبنائِهِ مُضَرُ |
|
كَأَنَّما حُمِّلَت مِنهُ حَمائِلُهُ | |
|
| عَقِيقَةً أَو جَرى في غِمدِهِ نَهَرُ |
|
وَطامِحَ الطَرفِ نَهداً في سَبائِبِهِ | |
|
| طُولٌ يُحَبُّ وَفِي أَرساغِهِ قِصَرُ |
|
كَأَنَّما فَوقَ هادِيهِ وَلَبَّتِهِ | |
|
| مِنَ الحُلى جَمَراتٌ ما لَها شَرَرُ |
|
يَمشِي بِأَروعَ لا يَهُفو بِهِ زَلَلٌ | |
|
| عَنِ الرَشادِ وَلا يَقتادُهُ الغَرَرُ |
|
وَرايَةٌ باتَ مَعقُوداً بِذِروَتِها | |
|
| مِن فَوقِهِ العِزُّ وَالتَأيِيدُ وَالظَفَرُ |
|
كَرَوضَةٍ مِن رِياضِ الحَزنِ مَونِقَةٍ | |
|
| مِنها اللَياحُ وَمِنها الأَخضَرُ النَضِرُ |
|
تَلتَفُّ أَطرافُها وَالرِيحُ تَفتحُها | |
|
| كَما تَفَتَّحَ مِن أَكمامِهِ الزَهَرُ |
|
تَهتَزُّ مِن فَرَحٍ وَالسَعدُ شامِلُها | |
|
| كَأَنَّما عِندَها مِن سَعدِها خَبَرُ |
|
مِن خَلفِ أَطوَلَ مِنها باعَ مَكرُمَةٍ | |
|
| في المَجدِ لا مَلَلٌ فيهِ وَلا ضَجَرُ |
|
أَناخَ وَفدٌ عَلى وَفدٍ بِساحَتِهِ | |
|
| وَعَرَّسَت زُمَرٌ في إِثرِها زُمَرُ |
|
تَلقى مَوارِد فَخرِ المُلكِ مُترَعَةً | |
|
| لا الوِردُ يَنقُصُها شَيئاً وَلا الصَدَرُ |
|
يَغدُو وَتَقدُمُهُ الأَعلامُ حائِمَةً | |
|
| كَالطَيرِ نازِحَةً عَن سَعدِها الطَيَرُ |
|
خَفّاقَةًكَقُلوبِ الشانِئِينَ لَها | |
|
| إِذا تَمَكَّنَ مِنها الخَوفُ وَالحَذَرُ |
|
وَهَت بُحُورُ العِدى وَالنُجبُ حامِلَةٌ | |
|
| تِلكَ القِبابَ عَلَيها الوَشيُ وَالحبَرُ |
|
خُوصٌ تَهادى بِأَنماطٍ مُصَوَّرَةٍ | |
|
| تَكادُ تَنطِقُ في حافاتِها الصُوَرُ |
|
مَواهِبٌ مِن إِمامٍ قَد بَذَلتَ لَهُ | |
|
| مَحَبَّةً مِنكَ ما في صَفوِها كَدَرُ |
|
يا مَن تُقَصِّرُ في أَوصافِهِ كَلِمِي | |
|
| إِنّي إِلَيكَ مِنَ التَقصِيرِ مُعتَذِرُ |
|
جَلَّت مَعالِيكَ عَن فَهمِي وَضِقتُ بِها | |
|
| ذَرعاً وَما بِيَ لا عِيٌّ وَلا حَصَرُ |
|
أَنتَ الغَمامُ وَما لِي بِالغَمامِ يَدٌ | |
|
| أَعُدُّهُ وَهوَ جَمُّ الوَبلِ مُنحَدِرُ |
|
زَهَت بِطَلعَتِكَ الدُنيا وَعَزَّ بِكَ ال | |
|
| عَمُودُ وَالدِينُ وَالإِسلامُ وَالثَغَرُ |
|
عُمِّرتَ لِلمَجدِ عُمراً لا اِنقِضاءَ لَهُ | |
|
| إِنّي إِلى عُمرِكَ المَمدُودِ مُفتَقِرٌ |
|
وَدُمتَ تَطلُبُ ما تَهوى فَتَبلُغه | |
|
| وَتَبتَغِي كُلَّ مَمنُوعٍ فَتَقتَدِرُ |
|