العَزْمُ أَشرفُ ما نِيطَتْ به الهِمَمُ | |
|
| والصَّبْرُ عِصمَةُ من أَكدّتْ به العِصَم |
|
والعَزْمُ والمَجْدُ لا يُرْجَى اجْتِماعُهما | |
|
| إِلا إِذا اجتمع الإِقْدامُ والكَرَمُ |
|
فَهُمَّ وَاعْزِمْ وأَقْدِمْ وَاصْطَبِرْ وأَنِلْ | |
|
| تُدْرِكْ من العِزِّ ما تبغي وتحتكمُ |
|
وَاكْتُمْ أُمورَك لا يَشْعُرْ بها بَشَرٌ | |
|
| فلا تمامَ لأَمْرٍ ليس ينكتمُ |
|
يا طالِب المجد خالٍ من شرائِطه | |
|
| لِفِتْنة منه فَاستَغْنَتْ به التُّهَمُ |
|
لا تُشْقِ نَفْسَك فيما لَستَ تُدركُهُ | |
|
| فالأُسْدُ تَضعُفُ عن أَفْعالها الغَنم |
|
عليك فاعْمَلْ بما قد قُلْتُ واقْتَفِهِ | |
|
| فإِنَّها كَلِماتٌ كُلُّها حِكَمُ |
|
وقد نَصَحْتُك إِلا أَنَّه مَثَلٌ | |
|
| قد سار كم من نصيح وَهْوَ مُتَّهَمُ |
|
وحاسِدين سَما عن أَرْضهم فَلَكي | |
|
| صُدورهم بِنيار الحَسْدِ تَضطرمُ |
|
راموا مَحَلِّي بإِدْراكٍ فما قدروا | |
|
| والصَّقْرُ يعجز عن إِدْراكه الرَّخَم |
|
لم يحسدونَي إِلا أَنَّني رجلٌ | |
|
| رُزِقْتُ من دَرَكِ العَلْياء ما حُرِموا |
|
وأَنَّني عالِمٌ في المجد ما جهِلوا | |
|
| وجاهِلٌ من ذميم الفعل ما عَلِموا |
|
لامُوا على أَنَّني وفَّيْتُ ما نقصوا | |
|
| وشِدْتُ من رُتَبِ العَلْياءِ ما هَدَموا |
|
أَقاربٌ باعَدَتْ بيني وبينهمُ | |
|
| على وَشاجتها الأخْلاقُ والشِّيَمُ |
|
تَشَبَّهوا بي فازدادوا مُنافَرَةً | |
|
| وكيف تَشْتَبِهُ الأَنْوارُ والظُّلَمُ |
|
والفَضْلُ يَفْرِقُ بين الناس لو جُمِعَتْ | |
|
| بعضٌ ببعضٍ ودانَتْ بينهم رَحِمُ |
|
فالماءُ يَسْقي بطَبْعٍ واحِدٍ شجرا | |
|
| في الأَرض جَمّاً ومنه الكَرْمُ والسَّلَم |
|
والجسم تلحظه الأَبْصارُ مجتمعا | |
|
| وإِنْ خَبَرْتَ ففيه الرأسُ والقَدَمُ |
|
والأرض ينظرها النُظَّارُ واحِدةً | |
|
| وفي الذي نظروه الوَهْدُ والعَلَمُ |
|
والنار تَشْرُقُ من بُعْدٍ وإِنْ كَثُفَتْ | |
|
| وَجَدْتَها وَهْي فيها الجَمْرُ والفَحَمُ |
|
إِذا رَأَوْني فشخْصي في الحُلوق شَجيً | |
|
| لا يستسيغ وفي أَكْبادهم أَلَمُ |
|
وفي العُيون التي أَسْخَنْتُهُنَّ قَذيً | |
|
| منهم وقولَي في آذانِهم صَمَم |
|
ما ضرَّني أَنَّ أَصْلي أَصْلُهم فجَلا | |
|
| فَرْعي الوُجودُ ووَارَى فَرْعَهم عَدَمُ |
|
ولم ينالوا بِدَعْواهم ولا كسبوا | |
|
| عِلْماً ونِلْتُ المعالي قَبْلَ أَحْتَلِمُ |
|
كانوا وكُنْت كما قال الحكيمُ وقد | |
|
| أَوْصي ابْنَهُ ومديد العمر مُنْخَذِم |
|
وكَرْمَةٌ حَوْلها من ابنةٍ جُمَلٌ | |
|
| وها أَنا السِّرُّ حولي تكثر الرِّمَم |
|
وعاذِلٍ هَبَّ يَلْحاني ويُفْزعُني | |
|
| بلوْمِهِ وكِلامٌ عنديَ الكَلِمُ |
|
يقول هل لك في البُقْيا فقد بَلَغتْ | |
|
| مُرادَها في الجميع العُرْبُ والعَجمُ |
|
حتّى متى كلّ إِنسانٍ لصاحبه | |
|
| مُشَمرٌ وَهْوَ لَحْمٌ واحِدٌ ودَمُ |
|
فقُلْتُ أَطْنَبْتَ في لَوْمي وفي عَذَلي | |
|
| ظُلْماً وعُرْوَةُ عُذْري ليس تَنْفَصِمُ |
|
والكلُّ يعلم عن حالي وحالتهم | |
|
| ظُلِمْتُ في كلّ ما قد كان أَوظلموا |
|
أَقْسمْتُ بالله والمنصور ثانيةً | |
|
| أَلِيَّةً قَسَما ما مِثْله قَسَمُ |
|
ما مالَ قَلْبي ولا رأيي ولا غَرَضي | |
|
| يوماً ولا برَزَتْ لي منهم هِمَمُ |
|
حتَّى بَدَتْ لي بَوادٍ منهمُ جَدَعَتْ | |
|
| أَنْفاً من المجد في عِرْنِيِنِه شَمَمُ |
|
واستحسنوا من قبيح الفعل ما وَخدَتْ | |
|
| عنهم به في البلاد الأَيْنُقُ الرُّسُمُ |
|
تعدّياً في حدود الله وارتكبوا | |
|
| مَحارماً وفُسوقاً دونها نَصَمُ |
|
لا يستفيقون يوماً عن ضلالهمُ | |
|
| فيرجعون ولا يلْوي لهم نَدَمُ |
|
ولا يخافون مَكْرَ الله أَنْ برزوا | |
|
| له بما اقترفوا جَهْراً وما كَتَموا |
|
فعِنْدَ ذلك صَبَّ الله صاعِقَةً | |
|
| عليهمُ وأُزِيلَتْ عنهمُ النِّعَمُ |
|
حتَّى كأَنَّ الذي كانوا به عُرِفوا | |
|
| من نعمةٍ كان شَيْئاً ساقَهُ الحُلُمُ |
|
فَاعْذُلْ وأَعْذرُ هذا أَصْلُ قِصَّتِنا | |
|
| تُنْبيك عنها إِذا اسْتَنْبَأْنَها الأَممُ |
|