حتّى الكلابُ تحنّ للضوءِ المُشرَّد في الطريقْ |
حتّى الكلاب لهـا مـعَ الظلماءِ ألسـنةٌ تُفيقْ |
فتصكّ آذانَ المغامر لاح في النبْتِ السَّـموقْ |
وتودّ لو يدنو ،فتشعلَ شِدْقــها لَهَباً حـريقْ |
وتودّ لو يعلـو بمركَبـِه على مـوجٍ دفيـقْ |
فيحطّمَ الحِصنَ المرصّـع بالّلآلئ ،والعقيـقْ |
لا يرفُق المـوجُ المُعـاند بابتهـالاتِ الغريقْ |
***** |
زمنٌ به صار المصـلّي دونَ مرتبة الكـلابْ |
زمنٌ به صارتْ صـلاتي مثـلَ حرباء السّرابْ |
النـاسُ مشغولون عن وَرَع ٍبأوتـار الرّبـابْ |
شغلتهمُ الدنيا ،وأمتعةُ الغـرور لهـم رِطـابْ |
فتّشتُ فيهم عن إمـامٍ عـادلٍ مثل السّحـابْ |
يستنبتُ الآذانَ ،والأضـلاع بالآيِ العِــذابْ |
**** |
يتلـو بحبِّ الزّاهـدين على أنـاسٍ كالجمـادْ |
لم ألـقَ إلا غـافلاً ،أو نائمـاً مَيْـتَ الفـؤادْ |
هَوَتِ النجـومُ بشِدقه ،فالكلْـمُ مُعْتكِـرُ القـِلادْ |
ولّى عن الآيِ الحَمامـاتُ المطـوّقة الجِيــادْ |
أين الفراشـاتُ التي كـانتْ موزِّعــةَ الوِدادْ؟ |
أين العصافيرُ التي كانــت ترافقـها الوِهـادْ؟ |
أين الورود تُضمِّخُ الأفْــقَ المكّلَل بالحِــدادْ؟ |
**** |
البحرُ جُمِّـد موجـه حتّـى تحـوّل كالجليـدْ |
ماتتْ به أحـلامُ صَبٍّ حالـم ٍيبـغي الجـديدْ |
أين المراكـبُ،والنّوارس ،والمرافئ ،والحدودْ؟ |
والشمسُ ضـائعةٌ ،فما عادتْ بأذيـالٍ تميـدْ |
**** |
باتتْ بمضجعه الزّوابعُ تقلَـعُ الحرفَ النّضيرْ |
وتُذيـبُ أصـداءً له حتّى تلاشى لا صَـفيـرْ |
صلبوا رسائلَ عشقنا القدسيّ من خلف السُّتورْ |
كونٌ من السّـحرِ الطهـور له على الأيّام نُورْ |
**** |
فليرحمِ المـولى زمـاناً فيه أهـلٌ للغنــاءْ |
قد حلّقتْ بحُلوقهم أطيـارُ صـدق ٍ،أو وفـاءْ |
كانوا إذا غنّوا بأرض ٍبيـن أعمـدة السـماءْ |
أحسستَ أنّك هائـمٌ يعلـو بقلـبٍ ذي دمـاءْ |
لا، لن يعيـشَ بغير حـبٍّ يستقي منه الدّواءْ |
ذاك الكتابُ كتـابُه ،فابنـوا معـي سُور الفداءْ |