ما ضاع من أياّمنا هل يُغرَمُ |
هيهات والأزمانُ كيف تقوَّمُ |
يومٌ بأرواحٍ يباعُ ويشتَرى |
وأخوه ليس يُسامُ فيه دِرهمُ |
سيان قلبي في المشيب وفي الصِّبا |
لو يستوى شَعرٌ أغرُّ وأسحمُ |
لي وقفةٌ في الدار لا رجعت بما |
أهوى ولا يأسِى عليها يُقدِمُ |
لا تحسب الآثارَ لُعبةَ هازلٍ |
نار ادكارِك في المعالم تُضرمُ |
أو ما رأيتَ عِمادَها في نؤيها |
مثلَ السِّوار يجول فيه المِعصمُ |
وكفَاك أنى للنواعبِ عاتبٌ |
ولصُمِّ أحجارِ الديار مكلِّم |
ومن البلادةِ في الصبابة أنني |
مستخبرٌ عنهنَّ من لا يفهمُ |
وأنا البليغُ شكا إليها بثَّه |
عبثا فما بالُ المطايا تُرزِمُ |
كلٌّ كنَى عن شوقِه بلغاتهِ |
ولربّما أبكَى الفصيحَ الأعجمُ |
ترجُو سُلوَّكَ في رسومٍ بينها ال |
أغصانُ سَكرَى والحمامُ متَّيُم |
هذى تميلُ إذا تنسَّمت الصَّبا |
والوُرق تذكر إلفَها فترَنَّم |
فمتى تروع العيسُ غزلانَ النقا |
بعصابةٍ سئمَ العواذلُ منهمُ |
النُّسكُ عند عفيفهم دينُ الهوى |
والنصح عند لبيبهم لا يُفهَمُ |
حتّام أرعىَ وردةً لا تُجتنَى |
في الخدِّ أو تُفّاحةً لا تُلثمُ |
أيُذادُ عن تلك المحاسنِ ناظرى |
وتريد مني أن يسَوَّغَها الفمُ |
في كلّ يومٍ للعيون وقائعٌ |
إنسانُها الطمَّاحُ فيها يُكلَمُ |
لو لم تكن جَرْحَى غداةَ لقائهم |
ما كان يجرى من مآقيها الدمُ |
ولو اقتدرتُ قسمتُها يومَ النوى |
عينا تلاحظهم وأخرَى تَسْجُمُ |
دع لمحةً إ تستطع عُلَقَ الهوى |
فبذاك تعلمُ كيف نام النوَّمُ |
ولطالما اعتقب العواذل مسمعى |
فزجرنَ منه مُصْعَبا ولا يُخطَمُ |
ما كنتُ أولَ من عصاهُ فؤادُه |
وجنَى عليه مقَنَّعٌ ومعمَّمُ |
لم أدر أنَّ الحبَّ حوَمةُ مأزِقٍ |
تُصلىِ ولا أنّ اللواحظَ أسهمُ |
أصفُ الأحبّةَ واللسان يقول لي |
وصفُ الوزير أبى المعالى أعظمُ |
المستجير من المذمَّة بالنَّدَى |
والمستجار إذا أظلَّك مَغْرمُ |
في كلِّ يوم للمكارم عندَه |
سوقٌ عُكاظٌ دونَها والموسِمُ |
وكأنّما أموالُه من بَذلها |
نَهبٌ بأيدى الغانمين مقسَّمُ |
فلو أنها وَجدتْ عليه ناصرا |
لرأيتها من كفّهِ تتظلّمُ |
أسمعتَ قبلَ يمينه وشماله |
بسحائبٍ أو أبحرٍ تتختَّمُ |
فيهنَّ من قِصدِ اليراع أراقمٌ |
تَقضِى وتَمضِى والقنا يتحطَّمُ |
ما هنَّ إلا موردٌ من فوقهِ |
طيرُ الرغائبِ والمطالبِ حُوَّمُ |
الجِدُّ من عزماتهِ متلقِّنٌ |
والمجدُ من أخلاقه متعلِّمُ |
متهلّلٌ للوفد يُحسَب أنه |
بدرٌ أحاط بجانبيهِ الأنجُمُ |
تُثنِى عواذله عليه بعذلهم |
ولربّما نشَرَ الثناءَ اللُّوَّمُ |
خلعتْ عليه المكرُماتُ ملابسا |
ما يزال ينقُشها المديح ويرقُمُ |
عِشق المعالىَ فهْو من شغفٍ بها |
عند الرقاد بغيرها لا يَحلُمُ |
بصوابه في الرأى ثُقِّف القنا |
وبعزمه صُقلِ الحسامُ المِخذَمُ |
يحمِى بسطوته مسارحَ لحظهِ |
فالعزُّ في أبياته مستخدَمُ |
وإذا تلمَّح قلت صقرٌ ناظرٌ |
وإذا تغاضَى قلت أطرقَ أرقمُ |
ثَبْتُ الجَنانِ كأنّما في بُرده |
يومَ الزعازع يذبُلٌ ويلَملَمُ |
رفَعتْ له هِمّاتُه وزَماعُه |
بنيانَ مجدٍ ركنُه لا يُهدَمُ |
طَوْلٌ تشرَّد في البلادِ فمنِجدٌ |
يَروِى الذي يَرويه آخرُ متهِمُ |
لله أنتَ إذا تسلَّبت الرُّبَى |
وشكا الأُحاحَ سِماكُها والمِرْزَمُ |
لِيرُدَّ مَن جاراك رأسَ طِمِرةٍ |
ما كلُّ طِرْفٍ في السّباقِ مطهَّمُ |
للمجد أثقالٌ تعِجُّ إفالهُم |
منها وينهَزها الفنيقُ المقُرَمُ |
حاشاك أن يَثنِى طباعَك في الندى |
ثانٍ وينقُضَ من خِلالكَ مُبرِمُ |
إن تَصنع الحسنَى فإنك زائدٌ |
أو تُسبغ النُّعمَى فأنت متمّمُ |
وأنا الذي سيرَّتُ شكرك في الدُّنَى |
حتى تلاه مُعرِقٌ أو مُشئمُ |
وجلبتُ من بحر الثناءِ لآلئا |
في نحرِ ما أو ليتنيه تُنظَّمُ |
أوردتُ آمالى غديرَك آمنا |
من أن يكون وراءَ شهدٍ عَلقمُ |
ورضعتُ ثدىَ نداك من دون الهوى |
ثقةً بأنّ رصيعَه لا يُفطَمُ |
أهَدى لك النيروزُ في أغصانهِ |
زَهرا بأوراقِ العلاء يُكمَّمُ |
في كلِّ يومٍ خيلُه وركابُه |
جَبَهاتُهنَّ بطيب ذكرك تُوسمُ |
لا زالت النَّعماءُ عندك حَلْبُها |
ملءُ الإناء وبطنُها لا يُعقَمُ |
والدهر مجنوبٌ وراءك كلّما |
وأتاك أسعده القضاءُ المبرَمُ |
كالنِّقسِ ليلتُه وطِرسٍ يومُهُ |
والنُّجحُ يَكتبُ والسعادةُ تختِمُ |