تُريكَ مَضاءَ المُرهَفات المَضارِبُ | |
|
| وَتَكشِفُ أَسرار الأَنام التَجارب |
|
بِفكر الفَتى يَبدو لَهُ كُلُ غامِضٍ | |
|
| وَتَدنو مِن العَقل الأُمور العَوازب |
|
وَمَن جَرّب الأَشياء يَزدد بَصيرَةً | |
|
| وَتَظهَر إِلَيهِ كُلُ يَومٍ غَرائِب |
|
وَكُن بِمراة الفكر للعقل ناظِراً | |
|
| يَبنِ لَكَ أَن الناس طُرّاً ثَعالب |
|
يَعد شَريفَ القَوم ذو المال لا الَّذي | |
|
| قَد أَكدى وَإِن كُنتُ عُلاً وَمَناسِب |
|
وَبِالأَصغَرينَ المَرءُ كانَ مُعظَماً | |
|
| وَما أَصغراه اليَوم إِلا المَكاسب |
|
فَكُن جامِعاً لِلمال مُقتَنياً لَهُ | |
|
| يَكُن لَكَ ذكرٌ في العُلا وَمَراتِبُ |
|
وَمَن طَلبَ الدُنيا بِغَيرِ دَراهِمٍ | |
|
| وَلا هِمَةٍ تَبعد عَلَيهِ المَطالب |
|
فَهوّن عَلَيكَ الهَول في جَنبِ جَمعِها | |
|
| فَحَيث يَكون المال ثَمَّ الرَغائب |
|
وَمَن لَم يُخاطر في الجَسيم بِنَفسِهِ | |
|
| يَعش مكدياً وَالفَقر بئس المُصاحب |
|
فَعش مكدياً إِن شئت أَو عش مُملكاً | |
|
| فَلَيسَ بِغَيرِ المال تَدنو المآدب |
|
وَمَن لَم يَكسِّبه الثَواء بِبَلدة | |
|
| ثَراءً يَكسبهُ النَوى وَالسَباسِبُ |
|
إِذا بعُدت هِمّات قَومٍ تَغرّبت | |
|
| مَشارق أَرضيه لَهُ وَالمَغارب |
|
قَرين الفَتى مَرآة مَضمره الَّذي | |
|
| تَرى ما طَواه فَاِنتَقد مِن تُصاحِب |
|
بِأَخدانِهِ تُدرى خَفيّات أَمره | |
|
| أَلَم تَرَ أَن الشبهَ للشبهِ جاذِبُ |
|
فَدَع قَرناء السوء لا تدنينهم | |
|
| فَما قرناء السوء إِلّا نَوائِبُ |
|
أَخٌ كانَ لي قَد كُنت أَحسَبُ أَنَّهُ | |
|
| دِلاصي وَسَيفي ان نَحاني طالب |
|
قَرَرتُ بِهِ عَيناً فَلَما بِلوته | |
|
| إِذا هُوَ يَبغي عثرَتي وَيُراقب |
|
وَمن محص الأخوان بالخَبَر تَنكشف | |
|
| بخُبرهم مِنهم إِلَيهِ عَجائب |
|
وَإِني لَأَستبقي صَديقي وَإِن جَفا | |
|
| وَأَرضى بِما يَأتي بِهِ وَهوَ غاضب |
|
وَلَست عَلى ما قَد جَناه مُعاقِباً | |
|
| وَإِن غاظَني شَرُّ الرِجال المُعاقب |
|
بَلى رُبَما أَوليتَهُ عتب مُشفِقٍ | |
|
| وَلَيسَ بِمستبقيك مَن لا يُعاتب |
|
وَمَن لَم يَكُن يُغضي لِخلٍّ عَلى القَذى | |
|
| يَعش دونَ خِلٍّ أَو يَمت وَهُوَ عاتب |
|
تَغَيرَ مِن أَصفيته ماء خُلَتي | |
|
| وَلا ذَنب إِلا أَنني فيهِ راغِبُ |
|
وَما رابَهُ إِلا الوَفاء بِعدَه | |
|
| وَحَملُ خِلالٍ كلهن مَناقِب |
|
وَقَد كانَ حَقاً أَن يُراعيَ وَدَنا | |
|
| وَلَكن اِخوانَ الزَمان عَقارِبُ |
|
أَبا حَسَن إِن الحَديث مَساقُهُ | |
|
| إِلَيكَ فَما هَذي الأُمور العَجائب |
|
أَتُبدي اخاءً ثُم تَضمر ضَده | |
|
| وَتُظهرَ لي سِلماً وَأَنتَ محارِب |
|
وَأَسقيكَ ماءَ الود صَفواً مِن القَذى | |
|
| وَأَنتَ لَهُ بِالغلِّ وَالحقد شائِبُ |
|
وَيا عَجَباً ضِدانِ فيكَ تَجَمعا | |
|
| فُؤادك يُقصيني وَأَنتَ تُعاقب |
|
أَتنقد أَشعاري وَتَرقبُ عَثرَتي | |
|
| وَأَقربُ مِن هَذا إِلَيكَ الكَواكب |
|
وَتُطلق في نادي ابن باقٍ بِنَقضِها | |
|
| كَأَن ابن باقٍ في حبالك حاطِب |
|
أَلم تَتَحَقق يا أَخيرقُ أَنَّهُ | |
|
| عَلَيكَ بِاثبات الحَقائق واثب |
|
إِذا رُمت اِخفاء الحُقوق بِباطِلٍ | |
|
| تزخرفه فَاِنظُر بِهِ مَن تُخاطب |
|
لَقَد جئتَها بِلِقاءَ كَالشَمس شَهرةً | |
|
| تُشينك ما خبَّت بركب رَكائب |
|
كَفاكَ اِجتِراءً أَن نَقدتَ فَلم تَجد | |
|
| هُنالك إِلّا مِن بِسَيفي يُضارب |
|
مَحاسِنُ قَولي رُمت اِخفاء فَضلِها | |
|
| فَما أُبتَ إِلا وَهِيَ فيكَ معايب |
|
وَعِندَ ثُبوت الحَق يَزهَق باطِلٌ | |
|
| كَما تَنجَلي عِندَ الصَباح الغَياهب |
|
وَمَن رامَ أَن يُخفي مَحاسن غَيرِهِ | |
|
| تلح مِن مساويه إِلَيهِ عَجائب |
|
إِذا ما عَدا الإِنسان في الشَيء طَوره | |
|
| تَعَدت إَلَيهِ بِالغموز الحَواجب |
|
أَلا لَيتَ شعري وَالظُنون كَثيرَةٌ | |
|
| أَخانَك جَدٌّ مِنكَ أَم أَنتَ لاعب |
|
أَبت قُلةُ الانصاف إِلّا قَطيعَةً | |
|
| وَلَو أَن مَن يُبدي الخِلافَ أَقارِبُ |
|
وَمَن نازع الأَخوانَ يَكثر عَدوه | |
|
| بِحَق وَتَستَحوذ عَلَيهِ المَثالِب |
|
مَتى لَم يَكُن عَقلُ الفَتى هادياً لَهُ | |
|
| تَضق في مَساعيهِ عَلَيهِ المَذاهب |
|
وَمَن كانَ مُغتاباً صَديقاً فَبُعدُهُ | |
|
| عَلى كُلِ حالٍ لا مَحالة واجِبُ |
|
يَريكَ عَليٌّ عَفةً وَدَماثَةً | |
|
| وَصَفو وِدادٍ جَمرُ وَاريهِ ذائِبُ |
|
وَذاكَ رِياءٌ كُلُهُ وَتَصنّعٌ | |
|
| تَغذى عَلَيهِ لا طِباعٌ تُناسِبُ |
|
وَقَد يَتَحَلّى ذو الرِياء بِعادَةٍ | |
|
| فَتُحسَبُ طَبعاً لَكن الطَبع ذاهب |
|
وَكُل اِختِلافٍ مُستَحيلٌ وَذاهِبٌ | |
|
| يُفارق أَهليهِ وَما الطَبع ذاهِبُ |
|
أَلَم تَدرِ أَني يا عَليٌّ مهندٌ | |
|
| بِهِ مِن شَبا الهنديّ تَفري المَضارب |
|
وَإِن عَفاريت القَصائد مُرَّدٌ | |
|
| لَها أَسهم في كُل غَيبٍ صَوائب |
|
أَمير القَوافي بَينَ فَكيَّ آمِرٌ | |
|
| إِذا شئت لَم يَحجبه عَنيَ حاجِبُ |
|
فَكَيفَ عَلى اللَيث اِجترأت مخاطِراً | |
|
| أَلَم تَخشَ أَن تُرديكَ مِنهُ مَخالب |
|
أَرادَ عَليٌ أَن يُجرب سَيفَنا | |
|
| فَهُز عَلَيهِ مِنهُ أَبتَرُ قاضِب |
|
أَقول لَهُ وَالمُقتُ يُزري بِعجبه | |
|
| مَتى ساجلت فَيضَ البُحور المَزائب |
|
نَقدت عَلَينا التبر وَهُوَ مُسجرَّ | |
|
| قَد أَخلَصَهُ مِن نار فكري لاهب |
|
أَيا صَيرفيَّ الشعر هَذا نضارُنا | |
|
| وَهَذي عذارانا فَهَل أَنتَ خاطب |
|
وَيا ابن العَميدِ المُنتَضي سَيفَ نَقده | |
|
| إَلَيكَ طُلى شعري فَهَل أَنتَ ضارب |
|
وَيا جَعسويه اُحسنُ الَّذي قَد سَقَيتَنا | |
|
| فَمثلك حاسٍ ما سَقاه وَشارب |
|
أإِن صَحَ ب الفَتخاء تَشبيهنا الفَتى | |
|
| زُهَيراً بَدَت في النَقد منكَ غَرائِبُ |
|
وَطارَت طُيور العَجب حَولك سَنحاً | |
|
| وَهَبَت عتاق مِن هَواك شَوازب |
|
وَقُلتَ لِمَن حاداكَ مِن غَير فكرَةٍ | |
|
| لِتَوهم كلاً أَن فهمك ثاقب |
|
أَيعزوه ب الفَتخاء وَهِيَ بِذاتها | |
|
| مُؤنتة هَذا الثَناء المُثالب |
|
وَما أَقبَح الاعجابَ في المَرء وَالهَوى | |
|
| وَأَحسَنُ مِنهُ القَول لَولا المُجاوب |
|
فَياذا الَّذي عَن قَوس إِعجابِهِ رَمى | |
|
| فَخابَت مَراميهِ وَذو العُجَبِ خائب |
|
طَغى لَكَ اِعجاب هَوى لَكَ نجمُهُ | |
|
| إِلى هوةٍ في قُعرِها أَنتَ راسب |
|
أَصخ لِشهودي ثُمَ ان كانَ مدفعٌ | |
|
| لَدَيكَ فَغالَبَني فَإِني مَغالِب |
|
أَتنكرُ مَعروفاً هُوَ الأَصل عِندَنا | |
|
| لَقَد سخِرت مِنكَ الظنون الكَواذب |
|
أَما شبُهت مِن قَبل ذاكَ بمثل ذا | |
|
| فَحَولٌ بَهاليل فَكَيفَ الصَقالب |
|
وَللعرب مِن هَذا كَثيرٌ وَهَل لَنا | |
|
| بِمَن نَقتَدي في الشعر إِلا الأَعارب |
|
أَما قالَ للنعمان شاعر قَومِهِ | |
|
| لِأَنك شَمس وَالمُلوك كَواكب |
|
فَشبههُ بِالشَمس وَهِيَ لَدَيهُم | |
|
| مُؤنثةٌ هَل عابَ ذَلِكَ عائب |
|
وَهَل تُنسب الأَشياء إِلّا لفعلها | |
|
| وَتعرفُ إِلّا بِالمَضاء القَواضب |
|
إِذا لَم يَكُن فهمٌ فَما الدَرس نافِعٌ | |
|
| ذَويه وَما الأَفهام إِلّا مَواهب |
|
وَإِذ أَنتَ ذو نَقدٍ صَحيح وَدربَةٍ | |
|
| وَتِرب لنقاد الكَلام وَصاحب |
|
فَرد عَلى مَن قالَ هَذا بِحجَةٍ | |
|
| لِيعلم كل أَن خطرَك خاضِب |
|
إِذا كُنت لي في مثل هَذا مُخطِّئاً | |
|
| فَكُل صَواب وَجهِهِ عَنكَ غائب |
|
مَتى رُمت أَن الصُبح لَيل فَقَد بَدا | |
|
| إِلى كُل ذي عَينين أَنك كاذب |
|
الارُب أَسرارٍ بِناديك حُلوة | |
|
| فَلَما أَذيعت مررتها العَواقب |
|
أَخلت اِنتِقاد الشعر فَرواً ممزَقاً | |
|
| مُرقِّعه مِمَن وَهى مِنهُ جانب |
|
رُوَيدك يا هَذا فَما الطَيشُ معجز | |
|
| وَلا العلم مَغصوب وَلا الجَهل غاصب |
|
أَما أَنَّهُ لَولا الحَياءُ وَأَنَّني | |
|
| بخيميَ عَن سُبل المثالب ناكب |
|
لَأَرسلت مِن شَؤبوب نُطقي صَواعِقاً | |
|
| عَلَيك بِأَفكاري لَهن سَحائب |
|
سِهام قَوافٍ لَو لثهلانَ فَوقَت | |
|
| لَهُدت بِها مِنهُ الذُرى وَالمَناكب |
|
وَلَكِنَّني أَغضي حَياءً مِن العلا | |
|
| وَأَصفو وَإِن لَم تَصفُ منكَ المَشارب |
|
وَإِني لَمصدور فَإِن كُنت نافِثاً | |
|
| فَعذريَ باد وَالظُلوم المُطالب |
|
زَرَعت وَهَذا ما حَصَدت فَلا تلمُ | |
|
| وَلا تَحسَبَنّي إِنَّني لَكَ غالب |
|
إِذا قادَكَ الاعجاب بِالقَول بِالهَوى | |
|
| فَلا تَتَعرض مِن عَلَيهِ يُجارب |
|
بَلى هُوَ تَوبيخ عَلى ذَنبك الَّذي | |
|
| يَقومُ بِهِ عُذري فَهَل أَنتَ تائب |
|