زاروا وقد ملؤوا أرجاءنا فرحا |
وقائم الحظ يَثِني عطفَه مرحا |
أكرم بهم سادة رقُّوا لصبهم |
فواصلوا وبدهرٍ باللقا سمحا |
ساروا وفي مهجتي أشخاصهم ورنوا |
فالعين والصدر ذي قرّت وذا انشرحا |
أحبابَنا لو علمتم يوم هجركم |
ما بي لما اخترتم لي الهجرَ والبُرَحا |
جفني ونومي لما بنتمُ افترقا |
لكن جفني ودمعي فيكم اصطلحا |
غادرتموني صريعاً لا أفاقة لي |
إلاَّ بمَرّ نسيمٍ منكم نفحا |
واليوم أحييتمونا زورة فعفا الرّ |
حمن عما مضى منكم لنا ومحا |
وبالِلّوى عَربٌ كلّ تأزر في |
أديمه الغَضّ بالأنوار وأتشحا |
تناهبوا الحسن فيهم ذاك بدر دجى |
يَسرْي وتلك ولا تشبيه شمسُ ضحى |
إنَّ القلوب غدت صنفين نحوهم |
هذا يذوب وهذا قد ذوى تَرَحا |
مثل الجسوم كذا قد عاد منتصبا |
للوجد هذا وهذا صار مطرحا |
مَا فوّقت مُقل منهم سهامَ رَدَىً |
إلاَّ غدا الكل من ألبابنا شبحا |
وكيف يأمل صبٌّ قرب ساحتهم |
بحدِّ أسيافهم جيدُ المُنَى ذبحا |
جعلتُ ذكري لهم كالكأس مغتبقاً |
يروي نداماي أشواقاً ومصطبحا |
قد قلدوا منحاً أهل الغرام كما |
تَيمور قلد أعناق الورى منحا |
شهم همام عريق المجد ذو شرفٍ |
عالٍ يقصر عنه الطرف اذ لمحا |
كالغيث يوم الندى كالليث يوم الوغى |
كالدهر محتفلاً كالبدر منتزحا |
سَعَى إلى المجد حتى حاز غايته |
وتم مسعاه في العَليا وقد ربحا |
رزينُ عقل فلو قيست عقول بني |
هذا الزمان جميعاً عقلهُ رجحا |
رياض فضل له ما جاء رائدها |
إلا وحادي الندى في أفقها صدحا |
بحرٌ من الفضل إلا إنَّ جوهره |
على أعاليه للعافين قد طفحا |
إذا تفرس في ميدان خافيةٍ |
غمت جلا أمرَها بالسبق فاتضحا |
ما هاجت الحرب والتفت قنابلها |
إلا وكان لها في البأس قطبَ رَحَا |
وما تغلَّق باب الجود في بلدٍ |
إلا أفاض عليه العُرْف فانفتحا |
لله سيدنا تيمور أيُّ فتى |
وسابق الخيل في ميدانه ضَبحا |
أضحى التنقل من أخلاقه شرفا |
كالبدر في سيره يستكمل الملحا |
فسار يوماً إلى بركا فمر على |
جوانب السيب فاهتزت به فرحا |
بمزيد من رجال لو يزاحمه |
بحر الفرات بصدر منه لأفتضحا |
ما بين آساد غابٍ فوق عاديةٍ |
وفوق ناجية كل بها سَبَحا |
وسَار عنها وفي أكبادها حُرَقٌ |
مصابة القلب من دهر بها كلحا |
وحلَّ في منزل من عامر فسمَوا |
به مقاماً وباب الخيرِ قد فتحا |
وللحرَادي مياه طاب مشربهُا |
يود لو أنَّ تيموراً إليه نحا |
وسار عنها قبيل العصر ثم نحا |
نحو الحرادي ووعدُ الوصل قد نجحا |
ومذ بدت بَرَكاتٌ منه نحو حِمى |
بركا أتاها وفي عليائها اصطبحا |
طالت علواً ظننا قرنَ هامتها |
من شدة البأس هام النجم قد نطحا |
واستقبلته صدور الأرض راغبة |
فيه لتسمح ما من صيدها سنحا |
وزار سَاحتها فجراً بعادية |
تكاد تسبق برق المُزْن اذ لمحا |
كم نافر من بنات الوحش مرتبط |
وطائر من بنَات الجو قد طرحا |
وآب منها إلى بركا وحسرتها |
لمَّا مضى حَرُّها في صدرها لفحا |
لله تيمور ما أحلى شمائله |
كأنَّ مزن السما صبحاً بهّا رشحا |
وكيف لا ومليك العصر والده |
سلطاننا خير من أعطى ومن منحا |
وفعل تيمور محمود عواقبه |
كالسيل يبقى وإن وجه السماء صحا |
أنعامه لم تزل تهمي عليَّ وكم |
من حادث بِنَدَاهُ عنّيَ انفسحا |
يا من غدا للكرام الصيد مختَتما |
لقد غدا لك باب المدح مفتَتَحا |