كم دونَ مسراكَ مِن بيدٍ وأخطارِ |
ومِن أصَمَّ صليبِ الكعبِ خطّارِ |
في كفَّ أروعَ دامي الظُّفْرِ مُنْصَلِتٍ |
رَحْبِ الذَّراعِ على الأهوالِ صبّارِ |
مُشَيَّعٍ هبواتُ النقعِ تستُره |
أضحتْ له كعرينِ الضيغمِ الضاري |
حُرًّ يسيرُ إلى الحربِ العوانِ وقد |
أبدتْ نواجذَها ما بينَ أحرارِ |
حُمْسٍ برودُهمُ الزغَّفُ الَّلاصُ اِذا |
أمستْ برودُ أُناسٍ سُحْقَ أطمارِ |
يلقى الأسودَ بآسادٍ غَطارِفَةٍ |
في جَحْفَلٍ لَجِبٍ كالسَّيلِ جَرّارِ |
ما فيهمُ في مجالِ الكرَّ غيرُ أخي |
بأسٍ على صَهَواتِ الخيلِ كرّارِ |
يا خافقَ القلبِ لمّا شامَ بارقةً |
في حِندسِ الليلِ تبدو ذاتَ أنوارِ |
لم يدرِ عن أيَّ أرضٍ لاحَ مومِضُها |
تحتَ الدُّجُنَّةِ لمّا لاحَ يا حارِ |
شِمْ ثغرَ سُعدى فقد حيّاكَ بارِقُهُ |
ليلاً ودعْ عنكَ شَيْمَ البارقِ الساري |
وعاذلٍ قلتُ لمّا لامني سَفَهاً |
له أتؤثرُ بالتعنيفِ أِقصاري |
لا تلْحَني أن همتْ عينايَ مَن أَسَفٍ |
على مرابعِ أوطاني وأوطاري |
أضحى الأقاحيُّ مفتّراًبعرْصَتِها |
لمّا تحدَّرَ فيها دمعيَ الجاري |
تلك الديارُ سقىَ الوسميُّ ساحتَها |
مِن جفنِ كلَّ مُلِثَّ القطرِ مِدرارِ |
منازلٌ كنتُ أحيانَ الشبابِ بها |
أختالُ بينَ قَماريًّ وأقمارِ |
أجرُّ فضلَ ذيولِ اللهوِ مِن مرحٍ |
في روضةٍ أُنُفٍ غَنّاَء مِعْطارِ |
تأرجتْ برياحِ الوصلِ ساحتُها |
كأنَّما فُتَّ فيها فأْرُ عطّارِ |
فمَنْ يعيدُ لياليَّ التي سَلَفَتْ |
لذيذةً بأُصيحابي وسُماري |
أعدْ حديثَ الهوى يا مَنْ يحدَّثُني |
عنه ألذَّ أحاديثٍ وأسمارِ |
ما كنتُ لولا نوى الأحبابِ |
ذا شَرَقٍ بالدمعِ جوّابَ آفاقٍ وأمصارِ |
أحثُّ كلَّ عَفَرناةٍ هَمَلَّعَةٍ |
مَوّارةٍ وأمونِ السيرِ مَوّارِ |
في مهمهٍ قَذَفٍ أُمسي وأُصبحُ في |
أرجائِه حِلْفَ أقتادٍ وأكوارِ |
اِذا قطعتُ بها يَهْماءَ مُقْفِرَةٍ |
بدتْ لديَّ موامٍ ذاتُ أقفارِ |
تثني الجرانَ إلى المشتاقِ شاكيةً |
مُرَدَّداً بينَ اِخفاء واِظهارِ |
تختبُّ فيهنَّ بي كالهَيْقِ معنِقةً |
مِن فوقِها نضوُ أزماعٍ وأسفارِ |
مرَّتْ به في عُبابِ الآلِ سابحةً |
كأنَّها منه في لُجًّ وتيّارِ |
تنحو الأحبَّةَ لمّا أن نأتْ بهمُ |
نُجْبٌ تسابقُ منها كلَّ طيّارِ |
نأوا فلولا المنى ما عشتُ بعدَهمُ |
وكم أعيشُ على وعدٍ وانظارِ |
وما تدرَّعتُ أدراعاً مضاعفةً |
للصبرِ إلا وعفّاهنَّ تَذكاري |
تذكُّراً لزمانٍ فاتَ فارطُه |
وطيبِ أوقاتِ آصالي وأسحاري |
قد كانَ فيهنَّ لو دامتْ بشاشتُها |
للصبَّ لذَّةُ أسماعٍ وأبصارِ |
وقفتُ في الدارِ مِن بعدِ الخليطِ وقد |
أقوتْ معاهِدُها مِن ساكني الدارِ |
أكفكِفُ الدمعَ خوفَ الكاشحينَ على |
مواطنٍ أقفرتْ منهمْ وآثارِ |
دعني من اللومِ يا مَنْ لامني سفهاً |
فما يفيدُكَ تعنيفي وانذاري |
الدارُ دارُ أحبائي الذين مَضَوا |
والوجدُ وجديَ والأفكارُ أفكاري |
فما الوقوفُ إذا استثبتُّ معلمها |
عليَّ في رسمِها العاري مِنَ العارِ |
فكم سكبتُ على الأطلالِ مِن كَمَدٍ |
دمعاً ألثَّ على تربٍ وأحجارِ |
وبتُّ أرتاحُ أن هبَّتْ يمانيةٌ |
تسري مِنَ الليلِ في بحرٍ مِنَ القارِ |
لعلَّها عنهمُ بالقربِ تُخبِرُني |
وأنْ تُسِرَّ بذكرِ الوصلِ أسراري |
آثرتُ عودَهمُ مِن بعدِ ما ذهبوا |
يا بُعدَ مَطْرَحِ أهوائي واِيثاري |
لم يبقَ بعدَ رحيلِ الحيَّ مِن اِضَمٍ |
اِلا تذكُّرُ أنباءٍ وأخبارِ |
مذْ بانَ بانتْ لذاذاتي وهذَّبَني |
دهري وقدَّمتُ دونَ اللهوِ أعذاري |
فليس لي موئلٌ أن شفَّني وَلَهٌ |
اِلاّ ترنُّمُ أغزالي وأشعاري |
اذا تناشدَها الركبانُ أثملَهمْ |
لفظٌ لأبرعِ نظّامٍ ونثّارِ |
فمَنْ يساجِلُني فيها وأينَ له |
منها عذوبةُ اِبرادي واِصداري |
فكم خناذيذِ أشعارٍ سبقتُهمُ |
سبقَ الجوادِ بها في كلَّ مضمارِ |
بارَوا قريضي فبارُوا بالذي نظمتْ |
قرائحي مِن كلامٍ غيرِ خوّارِ |
ذابوا لديهِ كما ذاب الرَّصاصُ اِذا |
رفَّعتَه حينَ تبلوه على النارِ |
مِن أينَ للغابطِيْ فضلي واِنْ كَثُروا |
كمثلِ عُوني إذا تُجلى وأبكاري |
تُجلى فتشغِفُهْم منها بدائعُها |
حسناً واِنْ جَهِلوا علمي ومقداري |
فُيذعِنونَ إذا ما هزَّهم غزلي |
هزَّ النسيمِ فروعَ البانِ والغارِ |