أمّا هواكَ واِنْ تقادمَ عهدُه |
فشفيعُ وجهِكَ ما يزالُ يُجِدُّهُ |
لا تحسبنَّ على التقاطعِ والنوى |
ينساكَ مشتاقٌ تفاقَمَ وجدُهُ |
يهواكَ ما هبَّ النسيمُ وحبّذا |
نفحُ النسيمِ الحاجريَّ وبَرْدُه |
ما كانَ يكلَفُ بالرياحِ صبابةً |
لولا تجنُّبُه ولولا بُعدُه |
تسري اليه بضوعةٍ مِن عِقْدِه |
اِنَّ المُنى فيما تضمَّنَ عِقْدُه |
ماذا الملامُ مع الغرامِ وفي الحشا |
منه لهيبُ هوىً تضرَّمَ وقْدُه |
عنه إليكَ بهِ فان ضلالَه |
في الوجدِ لو حاقَقْتَ نفسَكَ رُشْدُه |
أيرومُ عاذِلُه المضلَّلُ رَدَّهُ |
عن رأيهِ هيهاتَ خُيَّبَ قصدُه |
ماذا عليه إذا تضاعفَ ما بهِ |
حتّى يعودَ وقد تناهىَ حَدُّه |
اِنَّ الهوى طمعٌ يولَّدُ داءَهُ |
أملٌ يقوَّيهِ الجوى ويُمِدُّه |
فلكَمْ تملَّكَ رِقَّ حُرًّ عَنْوَةً |
أمسى وأصبحَ وهو فيه عَبْدُهُ |
وبأيمَنِ الوادي غزالُ أراكةٍ |
أصبو اليه واِنْ تزايدَ صَدُّه |
يختالُ والأغصانُ يعطِفُها الصَّبا |
فَتَغارُ منه إذا تمايلَ قَدُّه |
والأقحُوانُ إذا تبسَّمَ ثغرُه |
والوردُ مطلولُ الجوانبِ خَدُّه |
قد كانَ سوَّفني الوصالَ وليتَه |
مِن بعدِ مَطْلٍ أن يُنجَّزَ وعدُه |
بَعُدَ المدى فأحالَ سالفَ عهدِه |
عن حالهِ فعسى الزمانُ يردُّه |
نزحتْ بهِ هوجُ المطيَّ كأنَّها |
في الخَرْقِ تنتهبُ الأجارعَ رُبْدُه |
مَرْتٌ تَهيَّبُه الرياحُ فَحَزْنُه |
كاليمَّ يلعبُ بالنياقِ ووَهْدُه |
لا ترهبُ المرمى البعيدَ وغَوْرُه |
متباعدُ الأقصى يَهُولُ ونَجْدُه |
منعَ التزاورَ والدنوَّ بعادُه |
والموتُ اِمّا بُعْدُه أو فَقْدُه |
ومِنَ البليةِ أن أعيشَ وقد نأى |
عني وأصبحَ مضمحلاً ودُّه |
ومِنَ الشقاوةِ أن دمعَ محبَّهِ |
من بعدِ رشفِ مجاجٍ فيه وِردُه |
هل نافعي طولُ البكاءِ وقد مَضَى |
زمنُ الوصالِ ولو تدافعَ عِدُّه |
أشتاقُه ما غرَّدتْ أبكيَّةٌ |
يشتاقُها بانُ العقيقِ ورَنْدُهُ |
سجعتْ فأججتِ الغرامَ وأنفدَتْ |
دمعي ولمّا يبقَ إلا ثَمْدُه |
فَسَقَتْهُ عنّي مِلْعِهادِ سحائبٌ |
تَترى فأمواه السحائبِ نِدُّه |
متد فِّق الشوْبوبِ يبسِمُ بر قُه |
في المزنِ عُجْهاً حينَ يبكي رَعْدُه |
كمدامعي والعينُ تُحْدَجُ للنوى |
والبعدُ أزمعَ بالأحبَّةِ جِدُّه |
لمّا انتوى ذاكَ الفريقُ وأصبحتْ |
للبينِ زينبُه تَشُدُّ وهِندُه |
سرتِ الفِلاصُ ودونهنَّ فوارسٌ |
أبرادُها الَّزرَدُ المضاعَفُ سَرْدُ |
شوسٌ إذا اعتقلوا الوشيجَ لغارةٍ |
هتكتْ نضيدَ السابريَّةِ سَرْدُه |
يحمونَها وهم إذا اشتدَّ الوغى |
في كلَّ غِيلِ قناً تأشبَّ أُسْدُه |