هو الوجدُ ما بالي أنؤُ بحملِه |
ضلالاً كأنَّي ما مُنيتُ بمثلِهِ |
هوًى يقتضي كلَّ يومٍ برحلةٍ |
على ظهرِ نضوٍ يشتكي ثِقْلَ رحلِهِ |
يجاذبُني فضلَ الزمامِ كأنَّه |
يحاذِرُ خوفاً منه نهشةَ صِلَّهِ |
اِذا ما عداهُ الوِردُ سارَ ميمَّماً |
على ثقةٍ مِن وبلِ دمعي وطَلَّهِ |
يسابقُ ظِلمانُ النعامِ فكلَّما |
عَجَزْنَ انبرى يختالُ في سَبْقِ ظِلَّهِ |
خليليَّ ما لي لا أرى غيرَ صاحبٍ |
اِذا ما رأى وجدي رماني بعذلِهِ |
غدا وهو مشغولٌ بعذْلي فليتَهُ |
رثى لي مِنَ الداءَينِشُغلي وشُغلِهِ |
اِذا لم يكن خِلُّ يرجَّى لحادثٍ |
يُلِمُّ على مَرَّ الزمانِ فخلَّهِ |
وذي عَيَنٍ أبدى نصالَ جفونهِ |
فأغنتْهُ يومَ الجِزْعِ عن رَشْقِ نَبْلهِ |
غزالٌ غدا قلبي له دونَ حاجرٍ |
كِناساً وأين القلبُ مِن قُضبِ أثلِهِ |
يَهُزُّ قناةَ القدَّ في مَعْرَكِ النوى |
فأُمسي طعيناً بين كُثبانِ رملهِ |
وما شاءَ فليزددْ دلالاً فاِنَّني |
صبورٌ على حُكْمِ التجنَّي لأجلهِ |
فوا عجباً ما لي أهيمُ بكلَّهِ |
وتُعجرُني الأسقامُ عن حملِ كَلَّهِ |
وكنتُ بِعِدَّ الدمعِ ألقى فراقَهُ |
فكيف تراني صانعاً بأقلهِ |
رثى لي أناسٌ لا رَثَوا لي مِنَ الجوى |
غداةَ النوى مِن فيضِ دمعي وفِعْلِهِ |
اِذا هبَّتِ الريحُ الشَّمالُ وجَدْتُني |
أسائلُها عن جمعِ شملي بشملِهِ |
كأنَّ لهذا البعدِ عندي كما أرى |
ذُحولاً فما ينفكُّ طالبَ ذَحلِهِ |
إِذا لم يكن في الحبَّ قلبي معذَّباً |
فما أنا مِن ركبِ الغرامِ وأهلِهِ |
ومرَّ نسيمٌ بتُّ أسألُ نفحَهُ وقد كانَ |
لولا الهجرُ مِن بعضِ رُسْلِهِ |
تلقَّيتُه أبغي الشفاءَ كعهدِنا |
به عند اِهداءِ السلامِ ونقلِهِ |
فلم أرَ فيه غيرَ ما يبعثُ الجوى |
لقلبي ويكفيهِ تعذُّرُ وصلِهِ |
غرامٌ يريني كلَّ يومٍ أدلَّةً |
بأنَّ المنايا بينَ ذُلَّي ودَلَّهِ |
وقد كانَ قبلَ البينِ بالوصلِ ماطلاً |
ومَنْ لي بعصرِ القربِ منه ومطلِهِ |
ومَنْ لي بأنْ تدنوا الديارُ وأنْ أرى |
يدَ الجَوْرِ قد شُلَّتْ بسلطانِ عدلِهِ |
مقالةُ ذي شوقٍ يذوبُ صبابةً |
الى شهدِ فيه لا إلى شهدِ نحِلهِ |
ومنْ لي بأيامِ النُخَيلِ وطيبِها |
حنيناً إلى مَنْ حلَّ أفياءَ نخِلهِ |
همُ كلَّفوني جوبَ كلِّ تنوفةٍ |
تَشُقُّ على قُبِّ الفريقِ وبُزلِهِ |
يُروِّعها منه أعالي هضابِهِ |
ويَذعِرُها فيه تباعدُ هَجْلِهِ |
يميناً بمجدولِ الذراعينِ تامك |
يَرَى غَبنَاً أن يُستضامَ بجَدْلِهِ |
اِذا ما سرى والليلُ في لونِ حِلْسهِ |
أرتني عيونُ الشوقِ آثارَ سُبلِهِ |
وما الشوقُ إلا في فؤادِ علمتُه |
وكلُّ سرورٍ عادهُ لم يُسَلِّهِ |
حِفاظاً وأيُّ الناسِ تبقى عهودُه |
على غدرِ أبناءِ الزمانِ وخَتْلِهِ |
أرى البرقَ خفّاقَ الوميضِ كأنَّه |
فؤادي وقد عانيتُ هِزَّةَ نصلِهِ |
وما حلَّ مِن خيطِ الغمامِ فأدمعي |
تُخَجِّلُ ماجادَ الغمامُ بحلِّهِ |
وما زالَ دمعي عندما يَبْخَلُ الحيا |
جواداً على بالي الديارِ بهطلِهِ |
ومُسخبرِ الرُّكبانِ عَجَّرَهُ الهوى |
وناهيكَ عن ثِقْلِ القميص وثِقْلِهِ |
تعرَّضَ يبغي في النسيمِ مِنَ الحِمى |
سلاماً فما مرَّ النسيمُ بحملِهِ |
يشبِّبُ مِن فرطِ الولوعِ بهندِه |
وَينسُبُ مِن حرِّ الفراقِ بجُملِهِ |
صبورٌ على حكمِ التفرُّقِ والقِلى |
شكورٌ لتقليدِ الوصالِ وعزلِهِ |
لأفلحُ مَنْ لم يعرفِ الشوقَ دهرَهُ |
ولا سارَ في حَزْنِ الغرامِ وسهلِهِ |
ولستُ على أزْمِ الفراقِ بآيسٍ |
بِانَّ دنواَّ الدارِ يودي بأزلِهِ |
فأين رجالُ النقدِ دونهمُ الذي |
أنضِّدُ مِن جِدِّ القريضِ وهَزلِهِ |
فِانْ لم يكنْ في حَلْبةِ النَّظمِ سابقاً |
فما فازَ قدْحي في الَّرهانِ بخَصْلِهِ |
وما الشِّعرُ إلا ما يكونُ بديعُه |
حبيساً على دِقِّ الكلام وجِلَّهِ |
ولولا الهوى أو رتبةُ الفهمِ لم ارُضْ |
قرائحَ فكرٍ جَدَّ عفواً بجزلِهِ |
وان كنتُ لا أرضى ولم يرضَ أنِّه |
يُرى ومحلُّ النجمِ دونَ مَحَلِّهِ |
وما الفضلُ إلا مَن يُعبِّرُ شِعرُهُ |
بكلِّ لسانٍ عن نباهةِ فضلِهِ |
فما بالهمْ عندَ الحقيقةِ أفحِموا |
وقد فُزْتُ مِن حرِّ الكلامِ بفصلِهِ |
اليهمْ ففكري صيقلُ الشِّعرِ مثلما |
يروقكَ متنُ المَشرَفيِّ بصقلِهِ |
وما السيفُ إلا فيه للمرءِ روعةٌ |
وأعظمُ ما يخشاه ساعةَ سَلِّهِ |