نسيمٌ عن الأحبابِ هبَّ معطَّرا | |
|
| تَفاوحَ مسكاً في الرياضِ وعنبرا |
|
تأرَّحَ لمّا مرَّ بالحيَّ موْهناً | |
|
| فيا ليتُه بي حين هبَّ تعثَّرا |
|
سرى يملأُ الآفاقَ طيباً كأنَّما | |
|
| تحمَّلَ مسكاً مِن اميمةَ أذفرا |
|
أهيمُ بها وجداً وأفنى صبابةً | |
|
| وحسبُ أخي الأشواقِ أن يتذكَّرا |
|
مهاةٌ أرى مِن شَعرِها وجبينها | |
|
| اِذا ما بدتْ ليلاً مِنَ الشَّعرِ مُقْمِرا |
|
لقد أضرمتْ في القلبِ نارَ صبابةٍ | |
|
| أبتْ بعدَ ذاكَ البُعْدِ إلا تسعُّرا |
|
وأوردَني حبيَّ لها كلَّ موردٍ | |
|
| مِنَ الوجدِ لم أعرفْ له الدهرَ مَصدَرا |
|
اِذا ما تذكَّرتُ الزمانَ الذي صفا | |
|
| به وصلُها بكَّيتُ ما قد تكدرا |
|
زماناً رأينا الوصلَ فيه مروَّضاً | |
|
| وغصنُ التداني بالأحبَّةِ مُثمِرا |
|
فسقّاهُ دمعي لا السحابُ فاِنَّني | |
|
| أرى الدمعَ مِن ماءِ السحائبِ أهمرا |
|
يروحُ على أطلالِها متدفَّقاً | |
|
|
وحيّا دياراً بالعقيقِ تبدَّلتْ | |
|
| مِن الاِنسِ ظِلمانَ النعامِ المنفَّرا |
|
لقد همَّ فيها المزنُ أن يُمْسِكَ الحيا | |
|
| وعارضَهُ دمعي بها فتحدَّرا |
|
منازلُ كم حاورتُ فيهنَّ شادِناً | |
|
| مِن الإنسِ مصقولَ الترائبِ أحورا |
|
اِذا ما تبارى الغيثُ فيها وأدمعي | |
|
| غدتْ أدمعي فيها مِن الغيثِ أغزرا |
|
وقائلةٍما بالُ وجدِكَ زائداً | |
|
| وقد كان عندي أن وجدَكَ أقصرا |
|
فقلتُ لهايأبى الوفاءُ لصبوتي | |
|
| على قِدَمِ الأيامِ أن يتغيَّرا |
|
مقالةُ محنيَّ الضلوعِ على هوًى | |
|
| اِذا ما دعاهُ الوجدُ سارَ مشمَّرا |
|
تعوَّدَ في لُقيا الأحبَّةِ دائماً | |
|
| لقاءَ الأعادي يافعاً وحَزَوَّرا |
|
مُعَنًّى بأسرابِ الصريمِ فتارةً | |
|
| يلاحظُ ظبياً أو يغازلُ جُؤذَرا |
|
يداوي أليمَ الشوقِ بالربعِ ضَلَّةً | |
|
| وهيهاتَ أن يزدادَ إلا تذكُّرا |
|
سقاهُ الهوى كأساً وسقَّى رجالَهُ | |
|
| بفضلةِ ما أبقاه فيها وأسأرا |
|
فاِنْ أنجدَ الأحبابُ أنجدَ وجدُه | |
|
| واِنْ غوَّروا أمسى الحنينُ مغوَّرا |
|
يهونُ عليهم أن تنامَ عيونُهمْ | |
|
| اِذا طالَ ليلُ المستهامِ ويسهرا |
|
وخَرْقٍ أزرناهُ النجائبَ ضلَّعاً | |
|
| تجوبُ بنا مَرْتاً مِن البيدِ أزورا |
|
نكلَّفُها السيرَ الحثيثَ واِنْ غدتْ | |
|
| من النجمِ في الظلماءِ اهدى وأسيَرا |
|
حروفٌ محتْ في مُهْرَق البيدِ أسطراً | |
|
| بأخفافِها طوراً وأثبتنَ أسطرا |
|
عليهنَّ مِن أهلِ الغرامِ عصابةٌ | |
|
| نفى الوجدُ عن أجفانِها لذَّةَ الكرى |
|
فكُلاًّ ترى فوق المطيَّةِ منهمُ | |
|
| على شُعَبِ الأكوارِ أشعثَ أغبَرا |
|
تُميلُهمُ كأسُ الكَلالِ كأنَّما | |
|
| تعاطَوا على أعلى الغواربِ مُسْكِرا |
|
وأحماسِ حربٍ فوقَ كلَّ طِمِرَّةٍ | |
|
| مُضبَرَّةِ المتنينِ محبوكةِ الفَرا |
|
ليوثُ وغًى يومَ الكفاحِ تراهمُ | |
|
| أقلَّ عديداً في اللقاءِ وأكثرا |
|
مُعَوَّدَةٌ أن تتركَ البيضَ في الوغى | |
|
| محطمةً والسمهريَّ مُكَسَّرا |
|
بحيثُ لسانُ السيفِ يصبحُ خاطباً | |
|
| وحيث يكونُ الهامُ للسيفِ منبرا |
|
واِنْ أقبلتْ زرقُ الأسنَّةِ شرَّعاً | |
|
| وعاينتَ في أطرافِها الموتَ أحمرا |
|
بأيدي رجالٍ ما أخفَّ إلى الوغى | |
|
| اِذا ما دعا داعي الجِلادِ وأصبرا |
|
رأيتَهم والموتُ مُرٌّ مذاقُه | |
|
| يخوضونَ منه في الملمّاتِ أبحُرا |
|
أسودٌ تخالُ السمهريةَ في الوغى | |
|
| لها أُجُماً والمشرفيَّةَ أظفُرا |
|
يبيعونَ في يومِ النزالِ نفوسَهمْ | |
|
| اِذا ما رأوا اِبنَ المحامدِ يُشترى |
|
واَمّا دعا داعي الصريخِ وأقبلتْ | |
|
| كتائبُ يحملن القنا والسنورا |
|
يحفُّونَ بالبزلِ الحراجيجِ سُهَّماً | |
|
| اليها وبالجُردِ العناجيجِ ضُمَّرا |
|
ومَنْ كان في يومِ اللقاءِ ابنَ حرةٍ | |
|
| تَقدَّمَ لا يختارُ أن يتأخَّرا |
|
|
| ويهزم في يوم الكريهة عسكرا |
|
وما روضةٌ باتَ القِطارُ يجودُها | |
|
| فأعشبَ مغبرُّ الرياضِ وأزهرا |
|
تَدرهمَ نُوّارُ القاحيَّ مَوْهِناً | |
|
| ولاحتْ له شمسُ الضحى فتدنَّرا |
|
وهبَّ نسيمُ الصبحِ في جنباتِه | |
|
| سُحيراً بأخبارِ الحمى فتعطَّرا |
|
ورنَّحَ رندَ الواديينِ هبوبُه | |
|
| فمالَ على حَوذانِه وتأطَّرا |
|
وشعَ فيها القَطْرُ ديباجَ روضِه | |
|
| فراقتكَ أزهارُ الخميلةِ منظرا |
|
بأحسنَ مِن شِعري إذا ما نظمتُه | |
|
| وفصَّلتُ منه في القلائدِ جوهرا |
|
نظيمٌ إذا ما حكتُه قالتِ النُّهى | |
|
| حنانيكَ ما أحيا فؤاداً وأشعرا |
|
ونلتُ مِنَ الشَّعرِ الثريا تطاولاً | |
|
| فيا ليتهمْ نالوا على قربهِ الثرى |
|
تركتُ لأهلِ الشعرِ ضحضاحَ مائهِ | |
|
| وأحرزتُ منه رائقَ الوِردِ كوثرا |
|