عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء العصر المملوكي > غير مصنف > سعد الشيرازى > حبَستُ بجَفنَيَ المدامِعَ لا تجري

غير مصنف

مشاهدة
2737

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

حبَستُ بجَفنَيَ المدامِعَ لا تجري

حبَستُ بجَفنَيَ المدامِعَ لا تجري
فَلَمّا طَغى الماءُ استطالَ على السكرِ
نسيمَ صبا بغدادَ بعد خرابِها
تمَنَّيتُ لو كانت تَمُرُّ على قبري
لأنّ هلاكَ النفسِ عندَ أولى النُهى
أحَبُّ لهم من عيشِ منقَبِضِ الصدرِ
زجَرتُ طبيباً جسّ نبضى مداوياً
إليك فما شكوايَ من مرَضٍ يَبرى
لزِمتُ اصطباراً حيثُ كنتُ مفارِقاً
وهذا فراقٌ لا يعالجُ بالصبر
تُسائِلُني عمّا جرى يوم حصرَهِم
وذلكَ مما ليسَ يدخُلُ في الحصرِ
أديرَت كؤوسُ الموت حتى كأنّه
رُؤوسُ الأسارى ترجَحِنّ من السكرِ
لَقَد ثكِلَت أمّ القُرى ولكَعبةٍ
مدامِعُ في الميزابِ تسكُبُ في الحِجرِ
بكَت جُدُرُ المستَنصريّةِ نُدبَةً
على العلماءِ الراسخينَ ذوي الحُجرِ
نوائبُ دهرٍ ليتَني متُّ قبلَها
ولم أرَ عدوان السفيهِ على الحبرِ
محابِرُ تبكى بعدَهم بسوادِها
وبعض قلوبِ الناس أحلكث من حبرِ
لحى اللَهِ من يُسدى إليهِ بنِعمَةٍ
وعندَ هجومِ الناس يألَفُ بالغَدرِ
مرَرتُ بصُمِّ الراسياتِ أجوبُها
كخَنساءَ من فرطِ البكاءِ على صخرِ
أيا ناصحي بالصبرِ دعني وزَفرَتي
أمَوضِعُ صبرٍ والكُبودُ على الجمرِ
تهَدّمَ شخصي من مداوَمَةِ البُكى
ويَنهَدِمُ الجوفُ الدوارِسُ بالمخرِ
وقفتُ بعبّادانَ أرقُبُ دجلَةً
كمِثلِ دمٍ قانٍ يسيلُ إلى البحرِ
وفائضُ دمعي في مصيبَةِ واسِطٍ
يزيدُ على مدّ البحيَرةِ والجزرِ
فجَرتُ مياهَ العينِ فازدَدتُ حرقَةً
كما احترَقَت جوفُ الدماميل بالفجر
ولا تسألنّي كيف قلبُك والنوى
جراحةُ صدري لا تبَيًَّنُ بالسبرِ
وهب أنّ دار الملك ترجعُ عامراً
ويُغسَلُ وجهُ العالمين من العفر
فأينَ بنو العباس مُفتَخَر الورى
ذوو الخلقِ المرضيّ والغُرَرِ الزهرِ
غدا سمَراً بينَ الأنامِ حديثُهُم
وذا سمرٌ يُدمى المسامِعَ كالسمرِ
وفي الخبرِ المرويِّ دينُ محمّدٍ
يعودُ غريباً مثلَ مبتَدإِ الأمرِ
أأغرَبَ من هذا يعودُ كما بدا
وسبيُ ديار السلمِ في بلَدِ الكُفرِ
فلا انحَدَرَت بعد الخلائفِ دجلَةٌ
وحافاتُها لا أغشَبَت ورقَ الخُضرِ
كَأنَّ دمَ الأخوَينِ أصبحَ نابِتاً
بمَذبحِ قتلى في جوانبِه الحمرِ
بكَت سمراتُ البيدِ والشيحُ والغضا
لكَثرَةِ ما ناحت أغارِبَة القفرِ
أيُذكَرُ في أعلى المنابرِ خطبَةٌ
ومستَعصِمٌ باللَه لم يك في الذكر
ضفادِعُ حول الماءِ تلعَبُ فرحَةً
أصبَرٌ على هذا ويونُسُ في القعرِ
تزاحَمَت الغربانُ حول رسومِها
فأصبحَت العنقاءُ لازمةَ الوكرِ
أيا أحمدُ المعصومُ لستَ بخاسِرٍ
وروحُك والفردَوس عسرٌ معَ اليُسر
وجنّاتُ عدنٍ خُفِّفَت بمكارِهٍ
فلابُدَّ من شوكٍ على فنَنِ البُسر
تهنأ بطيبِ العيشِ في مقعدِ الرضا
ودَع جيَفِ الدنيا لطائِفَةٍ النسر
ولا فرق ما بين القتيل ومَيِّتٍ
إذا قمتُ حياً بعد رَمسك والنخرِ
تحيّةُ مشتاقٍ والفُ ترَحُّمٍ
على الشهداءِ الطاهرين من الوزرِ
هنيئاً لهم كأسُ المنيّةِ مترَعاً
وما فيه عند اللَه من عظم الأجر
فلا تحسَبَنَّ اللَه مخلِفَ وعدِهِ
بأنّ لهُم دار الكرامةِ والبشرِ
علَيهم سلامُ اللَهِ في كلِّ ليلَةٍ
بمَقتَلَةِ الزورا إلى مطلَعِ الفجرِ
أأبلغُ من أمرِ الخلافةِ رتبَة
هلُمَّ انظروا ما كان عاقِبَةَ الأمر
فلَيتَ صماخي صَمَّ قبل استماعهِ
بهتك أساتير المحارمِ في الأسر
عدَونَ حفايا سبسَباً بعد سبسَبٍ
رخائمُ لا يسطعنَ مشياً على الحبر
لعَمرك لو عاينتَ ليلَةَ نفرِهم
كَأنَّ العذارى في الدجى شُهُبٌ تَسرى
وإنّ صباحَ الأسرِ يوم قيامَةٍ
على أمَمٍ شعثٍ تُساقُ إلى الحشر
ومستصرخٍ يا للمروءةِ فانصروا
ومن يصرِخُ العصور بين يدى صقر
يساقون سوق المعزِ في كبدِ الفلا
عزائزُ قومٍ لم يعوّدنَ بالزَجرِ
جلبِنَ سبايا سافراتٍ وجوهُها
كواعِبَ لم يبرزنَ من خلَلِ الخدرِ
وعترَةُ قنطوراء في كل منزلٍ
تصيحُ بأولادِ البرامك من يشرى
تقومُ وتجثو في الماجرِ واللوى
وهل يختفى مشيء النواعمِ في الوعرش
لقد كان فكري قبل ذلك مائزاص
فأحدثَ أمرٌ لا يحيطُ به فكر
وبين يدى صرف الزمان وحكمهِ
مغلّلةٌ أيدي الكياسةِ والخُبرِ
وقفتُ بعبّادان بعد صراتِها
رأيتُ خضيباً كالمنى بدَمِ النحرِ
محاجرَ ثكلى بالدموع كريمةً
وإن بخِلَت عينُ الغمائمِ بالقطرِ
نعوذُ بعفو اللَه من نارِ فتنَةٍ
تَأَجَّجُ من قطرِ البلاد إلى قُطرِ
كأنّ شياطينَ القيودِ تفلّتَت
فسالَ على بغداد عينٌ من القطر
بَدا وتعالى من خراسانَ قسطَلٌ
فعاد ركاما لا يزولُ عن البدرِ
إلامَ تصاريفُ الزمان وجورُه
تكلّفنا ما لا نطيقُ من الإصر
رعى اللَهُ إنساناً تيَقَّظَ بعدَهم
لأنّ مصابَ الزيد مزجرةُ العمرو
إذا كانَ للإِنسانِ عندَ خطوبِه
يزولُ الغنى طوبى لمَملكَةِ الفقرِ
ألا إنّما الأيّامُ ترجعُ بالعَطا
ولم تكسُ إلا بعد كسوتِها تُعرى
وراءَك يا مغرورُ خنجَرُ فاتكٍ
وأنتَ مُطأطس لا تفيقُ ولا تدري
كناقَةِ أهل البدو ظلّت حمولَةً
إذا لم تطِق حملاً تساقُ إلى العقرِ
وسائرُ ملكٍ يقتَفيه زوالُه
سوى ملكوتِ القائمِ الصمَدِ الوَترِ
إذا شمِتَ الواشي بمَوتى فَقُل لهث
رُوَيدك ما عاش امرؤٌ أبد الدهر
ومالكُ مفتاح الكنوزِ جميعِها
لدى الموتِ لم تخرُج يداهُ سوى صفرِ
إذا كان عندَ الموتِ لا فرقَ بينَنا
فلا تنظُرَنَّ الناسَ بالنَظَرِ الشزرِ
وجاريهُ الدنيا نعومةُ كلّها
محَبّبةٌ لكنّها كلِبُ الظفرِ
ولو كان ذو مالٍ من الموت فالِتاً
لكانَ جديراً بالتعاظُمِ والكبرِ
ربِحتَ الهدى إن كنتَ عاملَ صالحٍ
وإن لم تكُن والعصرِ إنّك في خُسرِ
كما قال بعضُ الطاعنينَ لقرنِه
بسُمرِ القنانيلَت معانِقَةُ السمرِ
أمُدّخِرَ الدنيا وتاركَها أسىً
لدار غدٍ إن كان لابُدّ من ذُخرِ
على المرءِ عارٌ كثرَةُ المالِ بعدَ
وإنّك يا مغرورُ تجمَعُ للفَخرِ
عَفا اللَه عنّا ما مضى من جريمَةٍ
ومَنّ علَينا بالجميلِ من الصبر
وصانَ بلادَ المُسلمينَ صيانَةً
بدولَةِ سلطانِ البلاد أبى بكرِ
مليكُ غدا في كلّ بلدَةٍ اسمُه
عزيزاً ومحبوباً كيوسُفَ في مصرِ
لقد سعدَ الدنيا به دام سعدهُ
وأيّدَهُ المولى بألويَةِ النصر
كذلك تنشا لينَةٌ هو عرقُها
وحسنُ نباتِ الأرضِ من كرَمِ البذرِ
ولو كان كِسرى في زمانِ حياتهِ
لقال إلهي اشدُد بدَولَتِه أزرى
بِشُكرِ الرعايا صين من كلّ فتنَةٍ
وذلك أن اللُبّ يحفظُ بالقِشر
يُبالِغث في الإنفاقِ والعدل والتقى
مبالغةَ السعديّ في نُكَتِ الشعر
وما الشعرُ أيمُ اللّهِ لستُ بمُدّعٍ
ولو كان عندي ما ببابِلَ من سحرِ
هنالكَ نقّادونَ علماً وخبرَةً
ومنتخبو القول الجميلِ من الهجرِ
جرَت عبَراتي فوق خدّي كآبضةً
فأنشأتُ هذا في قضيّةِ ما يجرى
ولو سبقتني سادةٌ جلّ قدرُهُم
وما حسُنَت منّي مجاوَزَةُ القدرِ
ففي السمطِ ياقوتٌ ولعلٌ وجاجَةٌ
وإن كان لي ذنبٌ يُكَفَّرُ بالعُذر
وحرقَةُ قلبي هيّجتني لنَشرِها
كما فعلَت نارُ المجامرِ بالعِطر
سطَرتُ ولولا غضُّ عيني على البُكا
لرَقرَقَ دمعي حسرةً فمَحا سطرى
أحدّثُ أخباراً يضيقُ بها صدري
وأحمِلُ آصاراً ينوءُ بها ظهري
ولا سيّما قلبي رقيقٌ زجاجُه
ومُمتَنِعٌ وصلُ الزجاجِ لدى الكَسرِ
ألا إنّ عصري فيه عيشى منكّدٌ
فَلَيتَ عشاءَ الموتِ بادرَ في عصري
خليليّ ما أحلى الحياةَ حقيقةً
واطيبَها لولا المماتُ على الإثرِ
ورَبُّ الحجى لا يطمئنُّ بعيشةٍ
فلا خيرَ في وصلٍ يُرَدّّفُ بالهجرِ
سواءٌ إذا ما متّ وانقطَع المُنى
أمخزَنُ تبنس بعد موتِكَ أم تبرِ
سعد الشيرازى
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الثلاثاء 2012/08/07 02:08:01 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com