في الطريق سرحان (1) |
|
يقظا مثل حمار الوحش كان |
وككلب الصيد ملفوفا خفيف |
وشجاعا مثل موج البحر كان |
ومخيفا مثلما النمر مخيف |
|
كانت الدنيا مطر |
وصفير الريح، في الاذنين، وحش وجأر |
وعلى الوجه يصير البرد، شوكا وأبر |
كانت الدنيا مطر |
وظلام الليل كالفحمة.. لا نجما يضوي، أو قمر |
انما سرحان كالقط، يرى الابرة في الليل الكثيف |
انه يعرف هذه الأرض كالكف.. كما |
يعرفها كلب الأثر |
كانت الدنيا مطر |
|
كان يمشي نحو "تل الحارثية" |
حيث ماسورة بترول شقية |
تحمل الخير الذي يدفق من أرض الشعوب العربية |
لبلاد أجنبية |
كان يمشي نحو "تل الحارثية" |
وبجيبه دناميت، ونار وفتيل |
وعلى كتفه كانت.. بندقية |
|
كتلة صامتة كان يسير |
وبعينيه سكاكين، وشر مستطير |
كتلة تنحت نحتاً دربها، بين الصخور |
شرهاً كالذئب.. للصيد الكبير |
ايه يا سرحان.. اسرع |
ان لليل عيونا، ربما تقرأ أعماق الضمير |
وترى ما في الصدور |
إيه يا سرحان.. اسرع |
ولتكن رجلك، فوق الدرب، منديل حرير |
لم لا يخلق للانسان، أحيانا، جناح |
كي يطير |
|
قبل ذلك. عندما لم يفهم سرحان (2) |
|
عندما قالوا له: سرحان.. يا سرحان.. |
هل تقدر ان تفعل شيئاً للوطن |
هز كتفيه: أنا..؟؟ يا ناس خلوني بعيداً |
عن حكايات الوطن |
عندما قالوا: "سرحان.. يا سرحان.. هيا للجبال" |
هز كتفيه: أنا..؟؟ من أين، ان جعت |
ستأتي لقمة الخبز الحلال |
عندما قالوا له: "سرحان.. يا ابن الكلب.. انظر شعبك العبد الطعين" |
هز كتفيه: أنا..؟؟ مادام جلدي سالما |
مالي ومال الآخرين |
لعنة الله.. |
على شكلك.. |
يا كتلة طين.. |
|
لهنة الله عليه... ما فهم |
انما لما رأت يوماً، نجوم الظهر عيناه.. فهم |
مرة في الطوق مشوه على |
ألواح الصبار، برجل حافية |
وهوى العسكر بالسوط على ظهره.. نار حامية |
كسروا السكة والعود.. وساقوا الماشية |
وبأعقاب البنادق |
حطموا السدة، والباب، وكا الانية |
نسفوا البيت وصاحوا |
"أنت.. يا ابن.. الزانية" |
ساعة الميلاد جاءت، هكذا.. في ثانية |
|
عندها سرحان لم يأبه لنيران الألم |
إنما صرّ على أسنانه، في فمه المملوء دم |
إن سرحان |
أخا البنت |
فهم |
آه.. كم يصبح سرحان |
مخيفاً.. إن فهم |
|
عاش سرحان العلي مطارداً عاماً ونصفاً |
ما درى حي مقره |
فتشوا عنه مراراً.. كل حجر.. كل حفرة |
وضعوا الف جنيه للذي يقتله، أو يكشف سره |
الف مرة |
بينه كان وبين الموت شعره |
الف مرة |
كان في كل مكان |
واسمه عاش على كل لسان |
إنما عاماً ونصفا ما درى حي مقره |
|
ذات يوم راح سرحان يفكر |
ان انبوبا على بعد كذا |
يدفق فيه النفط قرب "الحارثية" |
يحمل الخير الذي ينبع من أرض الشعوب العربية |
لبلاد أجنبية |
آه.. يا سرحان.. لو.. لو يتفجر |
ان أسنانك لا تكفي ولا يكفي رصاص البندقية |
فتدبر |
-لعنة الله عليك- الامر.. فكر وتدبر |
|
اللحظات الأخيرة انتظري.. (3) |
|
آه يا ماسورة البترول.. يا بنت الحرام.. انتظري |
ان سرحان الشقي بن الشقية |
قادم رغم انصباب المطر |
وبعينيه بروق شتوية |
كتلة صامتة، وحشا شديد الخطر |
ملء جيبيه دناميت، ونار، وفتيل |
انت.. يا بنت الحرام.. انتظري |
هذه لحظتك السوداء جاءت.. هكذا كالقدر |
كلها بضع ثوان.. قبل ان تتفرجي |
آه.. يا بنت الحرام |
...انتظري |
|
لم يعد سرحان من ليلته تلك ولكن في الصباح |
نشرت بعض الجرائد: |
- نسف ماسورة بترول بتل "الحارثية" |
- فجر الانبوب ارهابي مطارد |
- وجد البوليس بعد البحث.. رجلاً بشرية وبقايا بندقية.. وهوية |
- اسمه الكامل: سرحان العلي من عرب الصقر |
ولكن بعد لم تعرف تفاصيل القضية |
والبقية.. في غد نأتي إليكم |
...بالبقية |