عَليكَ سَلامُ اللَهِ يا قَبرَ عُثمانِ | |
|
| وَحَيّاكَ عَنّي كُلُّ روحٍ وَرَيحانِ |
|
وَلازالَ مُنهَلّاً عَلى تُربِكَ الحَيا | |
|
| يُغاديكَ مِنهُ كُلُّ أَوطَفَ هَتّانِ |
|
لَقَد خُنتُهُ في الوُدِّ إِذ عِشتُ بَعدَهُ | |
|
| وَما كُنتُ في وُدِّ الصَديقِ بِخَوّانِ |
|
وَعَهدي بِصَبري في الخُطوبِ يُطيعُني | |
|
| فَما لي أَراهُ اليَومَ أَظهَرَ عِصياني |
|
فَيا ثاوِياً قَد طَيَّبَ اللَهُ ذِكرَهُ | |
|
| فَأَضحى وَطيبُ الذِكرِ عُمرٌ لَهُ ثانِ |
|
وَجَدتَ الَّذي أَسلاكَ عَنّي وَإِنَّني | |
|
| وَحَقِّكَ ما حَدَّثتُ نَفسي بِسُلوانِ |
|
وَعُوِّضتَ عَن دارٍ بِأَكنافِ جَنَّةٍ | |
|
| وَعُوِّضتَ عَن أَهلٍ بُحورٍ وَوِلدانِ |
|
فَدَيتُ الَّذي في حُبِّهِ اِتَّفَقَ الوَرى | |
|
| فَلَو سُئِلوا لَم يَختَلِف مِنهُمُ اثنانِ |
|
لَقَد دَفَنَ الأَقوامُ يَومَ وَفاتِهِ | |
|
| بَقِيَّةَ مَعروفٍ وَخَيرٍ وَإِحسانِ |
|
وَواراهُ وَالذِكرى تُمَثِّلُ شَخصَهُ | |
|
| كَأَنَّهُمُ وارَوهُ ما بَينَ أَجفاني |
|
يُواجِهُني أَينَ اتَّجَهتَ خَيالُهُ | |
|
| كَما كُنتُ أَلقاهُ قَديماً وَيَلقاني |
|
وَأُقسِمُ لَو نادَيتُهُ وَهوَ مَيِّتٌ | |
|
| لَجاوَبَني تَحتَ التُرابِ وَلَبّاني |
|
هَنيئاً لَهُ قَد طابَ حَيّاً وَمَيِّتاً | |
|
| فَما كانَ مُحتاجاً لِتَطيِيبِ أَكفانِ |
|
صَديقي الَّذي مُذ ماتَ ماَتَت مَسَرَّتي | |
|
| فَما لِيَ لا أَبكيهِ وَالرُزءُ رُزآنِ |
|
وَكانَ أَنيسي مُذ بُليتُ بِغُربَةٍ | |
|
| وَكُنتُ كَأَنّي بَينَ أَهلي وَأَوطاني |
|
وَقَد كانَ أَسلاني عَنِ الناسِ كُلِّهِم | |
|
| وَلا أَحَدٌ عَنهُ مِنَ الناسِ أَسلاني |
|
كَريمُ المُحَيّا باسِمٌ مُتَهَلِّلٌ | |
|
| مَتى جِئتُهُ لَم تَلقَهُ غَيرَ جَذلانِ |
|
يَمُنُّ لِمَن يَرجوهُ مِن غَيرِ مِنَّةٍ | |
|
| فَإِن قُلتَ مَنّانٌ فَقُل غَيرَ مَنّانِ |
|
فَقَدتُ حَبيباً وَاِبتُليتُ بِغُربَةٍ | |
|
| وَحَسبُكَ مِن هَذَينِ أَمرانِ مُرّانِ |
|
وَما كُنتُ عَنهُ أَملِكُ الصَبرَ ساعَةً | |
|
| فَما كانَ أَقساني عَلَيهِ وَأَقصاني |
|
هُوَ المَوتُ ما فيهِ وَفاءٌ لِصاحِبٍ | |
|
| وَهَيهاتَ إِنسانٌ يَموتُ لِإِنسانِ |
|
كَذَلِكَ مازالَ الزَمانُ وَأَهلُهُ | |
|
| فَمِن قَبلِنا كَم قَد تَفَرَّقَ إِلفانِ |
|
وَما الناسُ إِلّا راحِلٌ بَعدَ راحِلٍ | |
|
| إِلى العَلَمِ الباقي مِنَ العالَمِ الفاني |
|
وَإِلّا فَأَينَ الناسُ مِن عَهدِ آدَمٍ | |
|
| وَمِن عَهدِ نوحٍ ثُمَّ مِنهُ إِلى الآنِ |
|