كان الربيعُ الحيُّ روحاً حالماً | |
|
| غضَّ الشَّبابِ مُعَطَّرَ الجلبابِ |
|
يَمْشي على الدّنيا بفكرةِ شاعرٍ | |
|
| ويطوفُها في موكبٍ خَلاَّبِ |
|
والأفْقُ يملأهُ الحَنانُ كأنَّهُ | |
|
| قَلْبُ الوجودِ المنتجِ الوهَّابِ |
|
والكونُ من طُهْرِ الحياةِ كأنّما | |
|
| هو معبدٌ والغابُ كالمحرابِ |
|
والشّاعرُ الشَّحرورُ يَرْقُصُ مُنشداً | |
|
| للشَّمسِ فوقَ الوردِ والأعشابِ |
|
شعْرَ السَّعادةِ والسَّلامِ ونفسهُ | |
|
| سَكْرى بسِحْر العالَم الخلاّبِ |
|
ورآه ثعبانُ الجبال فغمَّه | |
|
| ما فيه من مَرَحٍ وفيْضِ شبابِ |
|
وانقضَّ مضْطَغِناً عليه كأنَّه | |
|
| سَوْطُ القضاءِ ولعنةُ الأربابِ |
|
بُغِتَ الشَّقيُّ فَصاح في هول القضا | |
|
| متلفِّتاً للصَّائل المنْتابِ |
|
وتَدَفَّق المسكينُ يصرخُ ثائراً | |
|
| ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي |
|
لا شيءَ إلاَّ أنَّني متغزّلٌ | |
|
| بالكائناتِ مغرِّدٌ في غابي |
|
ألْقى من الدّنيا حناناً طاهراً | |
|
| وأبُثُّها نَجْوى المحبِّ الصَّابي |
|
أيُعَدُّ هذا في الوجود جريمةً | |
|
| أينَ العدالةُ يا رفاقَ شبابي |
|
لا أين فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا | |
|
| رأيُ القويِّ وفكرةُ الغَلاّبِ |
|
وسَعادةُ الضَّعفاءِ جُرْمُ ما لهُ | |
|
| عند القويِّ سوى أشدِّ عِقابِ |
|
ولْتَشْهَدِ الدُّنيا التي غنَّيْتُها | |
|
| حُلْمَ الشَّبابِ وروعةَ الإعجابِ |
|
أنَّ السَّلامَ حَقيقةٌ مَكْذوبةٌ | |
|
| والعَدْلَ فَلْسَفةُ اللّهيبِ الخابي |
|
لا عَدْلَ إلاَّ إنْ تَعادَلتِ القوى | |
|
| وتَصادَمَ الإرهابُ بالإرهابِ |
|
فَتَبَسَّمَ الثُّعبانُ بَسْمةَ هازئٍ | |
|
| وأجابَ في سَمْتٍ وفَرْطِ كِذابِ |
|
يا أَيُّها الغِرُّ المثرثرُ إنَّني | |
|
| أرثي لثورةِ جَهْلكَ التلاّبِ |
|
والغرُّ يعذره الحكيمُ إِذا طغى | |
|
| جهلُ الصِّبا في قلبه الوثّابِ |
|
فاكبحْ عواطفكَ الجوامحَ إنّها | |
|
| شَرَدَتْ بلُبِّكَ واستمعْ لخطابي |
|
إنِّي إلهٌ طالما عَبَدَ الوَرَى | |
|
| ظلِّي وخافوا لعنَتي وعقابي |
|
وتقدّموا لي بالضَّحايا منهُمُ | |
|
| فَرحينَ شأنَ العابدِ الأوّابِ |
|
وسَعادةُ النَّفسِ التَّقيَّةِ أنّها | |
|
| يوماً تكونُ ضحيَّةَ الأربابِ |
|
فتصيرُ في روحِ الألوهةِ بضعةً | |
|
| قُدُسِيَّةً خَلُصَتْ من الأوشابِ |
|
أفَلا يَسُرُّكَ أن تكونَ ضحيَّتي | |
|
| فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي |
|
وتكونَ عزماً في دمي وتوهُّجاً | |
|
| في ناظِريَّ وحدّةً في نابي |
|
وتذوبَ في روحي التي لا تنتهي | |
|
| وتصيرَ بعضَ ألوهتي وشَبابي |
|
إنِّي أرَدْتُ لكَ الخلودَ مؤلّهاً | |
|
| في روحيَ الباقي على الأحقابِ |
|
فكِّرْ لِتُدْرِكَ ما أريدُ وإنَّه | |
|
| أسمى من العيش القَصيرِ النَّابي |
|
فأجابه الشُّحرورُ في عُصَصِ الرَّدَى | |
|
| والموتُ يخنقه إليكَ جوابي |
|
لا أرى للحقِّ الضَّعيفِ ولا صدًى | |
|
| والرّأيُ رأيُ القاهرِ الغلاّبِ |
|
فافعلْ مشيئَتكَ التي قَدْ شئتَها | |
|
| وارحمُ جلالكَ من سماعِ خطابي |
|
وكذاك تُتَّخَذُ المظالمُ منطقاً | |
|
| عذباً لتخفِيّ سَوْءةَ الآرابِ |
|