دَعِ الْعِيسَ يَا حَادِي الرَّكاَئبِ وَاتَّئِدْ |
وَهَا مُقْلَتي الْعَبْرَا فَخُذْ مَاءَهَا وَرِدْ |
لَحَاني عَذُولي قُلْتُ دَعْني وَلاَ تَزِدْ |
دَعَانِي هَوَى الظَّبْي الْعَزِيزِ وَلَمْ أَجِدْ |
سُلُوّاً قَأَسْلُوهُ وَلاَ عَنْه من بُدِّ |
حَبِيبُ عَزِيزٌ لَمْ يَجُدْ لِمُحِبِّهِ |
بِسَاعَةِ وَصْلِ قَبْلَ يُقْضى بِنَحْبِهِ |
نُحُولٌ بِجِسْمي وَهْوَ دَارٍ بِطِبِّهِ |
دَلِيلُ غَرَامِي فَرْطُ سُقْمِي بِحُبّهِ |
وَإنِّي عَلى وُدِّي وَمَا حُلْتُ عَنْ عَهْدْي |
أُكَاتِمُ وَجْدِي فِي الْهَوى كَيْ أَصُونَهُ |
بِمَنْ فَرَضَ الْحُبَّ الْمَصُونَ وَسَنَّهُ |
عَلى الْعَاشِقِ الْمُضْنى وَلَمْ يَرَ حُزْنَهُ |
دَمِي شَاهِدٌ فِي وَجْنَتَيَّ لأَنَّهُ |
ظَلُومٌ عَلىَ الْعُشَّاقِ يَجْني وَيَسْتَعْدِي |
هَويِتُ فَلأَبْرَاني الْهَوى وَأَعَادَاني |
وَأَطْمَعْتُ نَفْسِي مَطْمَعاً مَا أفَادَني |
غَزَالٌ بِأَشْرَاكِ الْمَحَبَّةِ صَادَني |
دَنَوْتُ فَأَقْصَاني بَعُدتُ فَزَادَني |
بِعَاداً فَوَيْلي مِنْ دُنُوِّ وَمِنْ بُعْدِ |
تَلاشَا سُلُوِّي إذْ غَدَا الْوَجْدُ نَامِيَا |
وَصَبْرِي وَرَائِي وَالْغَرَامُ أَمَامِيَا |
سَيُفْني الْهَوى جِسْمِي وَيُبْلي عِظَامِيَا |
دُمُوعِي عَلَيْهِ لاَ تَزَالُ دَوَامِيَا |
وَفي كَبِدِي لِلْبَيْنِ وَجْدٌ عَلى وَجْدِ |
حَبِيبٌ هَوَاهُ بَيْنَ جَنْبَيَّ خَيَّمَا |
سَقَاني بِكَاسَاتِ الْقَطِيعَةِ عَلْقما |
عَلىَ مُهْجَتي حَكَّمْتُهُ فَتَحَكَّمَا |
دَلاَلاً بِهِ قَدْ زِدْتُ غَيّاً وَإنَّمَا |
أرَى الْغَيّ فِي حُبِّي لَهُ غَايَةَ الرُّشْدِ |
عَذُولِيَ مَا قَلْبي وَ قَلْبُكَ بِالسَّوَا |
تَلُومُ مُحِبًَّا قَدْ أَضَرَّ بِهِ الْجَوى |
فُؤَادِي عَلى حُبِّ الْحَبِيبِ قَدِ انْطَوى |
دَعُوا عَذْلَ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الْعَذْلَ فِي الْهَوى |
فَإنَّ مَلاَمَ الصَّبِّ جَهْدٌ عَلى جَهْدِ |
أحِبَّتُنَا خَانُوا الْعُهُودَ وَلَمْ أُخنْ |
وَهِجْرَانُهُمْ صَعْبٌ عَلَيَّ وَلَمْ يَهُنْ |
لَقَدْ صُنْتُ سِرَّ الْحُبِّ وَالدَّمْعُ لَمْ يَصُنْ |
دِيَارُ خَلَتْ مِنْ سَاكِنِيها وَلَمْ يَكُنْ |
لَنَا مِنْهُمُ غَيْرُ الْقَطِيعَةِ وَالْبُعْدِ |
حَمَامَةُ أعْلىَ الدَّوْحَتَيْنِ تَرَنَّمَتْ |
وَأَحْشَاؤُهُ مِنْ نَارِ وَجْدٍ تَصَرَّمَتْ |
أَقُولُ وَقَدْ نَادَتْ أَسىً وَتَظَلَّمَتْ |
دُهُوراُ وأَزْمَاناً مَضَتْ وَتَصَرَّمَتْ |
بِشَوْفٍ وَمَا يُغْني التَّشَوّفُ أو يُجْدِي |
لِطُولِ جَفَاكُمْ قَدْ تَجَافَيْتُ مَرْقَدِي |
وَقَدْ مَلَّ سَمْعِي مَا يَقُولُ مُفَنِّدِي |
وَلَمَّا وَهي صَبْرِي وَقَلَّ تَجَلُّدِي |
دَعَوْتُ إلهِي بِالنَّبيِّ مُحَمَّدِ |
يُخَفِّفُ عَنِّي مَال لَقِيتُ مِنَ الْوَجْدِ |
لَقَدْ شَرَّفَ الْبَيْتَ الْعَتِقَ وَزَمْزَمَا |
وَلَوْلاَهُ مَا حَجَّ الْحَجِيجُ وَأَحْرَمَا |
لَبِسْنَا بِهِ ثَوْباً مِنَ الْعِزِّ مُعْلَمَا |
دَلِيلُ الْوَرى هَادِي الْقُلُوبِ مِنَ الْعَمى |
وَسَيِّدُ قَوْمٍ سَادَ بِالْفَخْرِ وَالْمَجْدِ |
لَهُ حَجَّتِ الرُّكْبَانُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ |
جَمِيعاً أتَوْا مِنْ شَرْقِهَا وَالْمَغَارِبِ |
لَقَدْ ظَفِرُوا مِنْ رَبِّهِمْ بِالْمَطَالِبِ |
دَلاَئِلُهُ قَدْ أَعْجَزَتْ كُلَّ طَالِبِ |
وَيُنْفِدُ نَبْتَ الأَرْضِ وَالْبَحْرِ فِي الْمَدِّ |
أُصَلِّي عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَأَبْتَدِي |
بِذِكْرِ عَتِيقٍ وَالْفَتى مِنْ بَني عَدِي |
وَعُثَمانَ ثُمَّ المُرْتَضى نِعْمَ مَنْ هُدِي |
دَوَامُ سُرُورِي فِي مَدِيحي لأحْمَدِ |
عَلى دَائِمِ الأَوْقَاتِ بِالشُّكْرِ وَالْحَمْدِ |
تَرَقى إلَى أَعْلىَ الْمَقَامَاتِ وَانْتَهى |
إلى سِدْرَةٍ وَازْدَادَ عِزّاً وَقَدْ زَهَا |
عَلى كُلِّ خَلْقِ اللهِ بِالنُّورِ وَالْبَهَا |
دَعَائِمُ للِتَّقْوى أُقِيمَتْ وَقَدْ وَهى |
مِنَ الشِّرْكِ رُكْنٌ لاَ يُقَامُ مِنَ الْهَدِّ |
نَبيٌّ بِهِ يَسْمُو الْعُلاَ وَالْمَكارِمُ |
بَدَا أوَّلاً فِي الأَنِبِيَا وَهْوَ خَاتِمُ |
أُحِلَّتْ لَهُ بِالمُرْهَفَاتِ الْغَنَائِمُ |
دَوَاعِي الْهَوى قَدْ فَرَّقَتَها عَزَائِمُ |
بِهِمَّتِهِ الْعَلْيَاءِ مُذْ كَانَ فِي الْمَهْدِ |
شرِيعَتُهُ مِنْ بَيْنِنَا لاَ تُبَدَّلُ |
بِآيَاتِهِ جَاءَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ |
عَلى رَأْسِهِ جَاءَ الْغَمَامُ مُظَلِّلُ |
دَنَا مِنْ مَقَامِ الْقُرْبِ وَهْوَ مُبَجَّلُ |
وَيَا حَبَّذا مِنْ زَائِرِ فَازٍ بالقَصْدِ |
سَعى نَحْوَهُ جِيْرِيلُ سَعْيَ مُبَادِرِ |
وَسَارَ بِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ مُسَافِرِ |
دَنَا مِنَ مَكَانٍ جَاءَهُ غَيْرَ زَائِرِ |
دُنُوَّ اْخِتصَاصٍ لاَ دُنُوَّ مُجَاوِرِ |
لَقَدْ نَالَ مِنْ ذِي الْعَرشِ مَا حَازَ مِنْ عَهْدِ |
لأُمَّتهِ كم من منحة قَدْ نالها |
وكم عثرة للمذنبين أقالها |
بِهِ طيبة قَدْ شُرِّفَتْ إذْ أتى لَهَا |
دَفَائِنَ حِقْدٍ فِي الْقُلُوبِ أَزَالَهَا |
لَهُ خُلُقٌ قَدْ زَانَهُ الصِّدْقُ فِي الْوَعْدِ |
شَفَاعَتُهُ تُرْجى إذَا الأَرْضُ زُلْزِلَتْ |
وَضَاقَتْ عَلىَ الْعَاصِي أُمُورٌ وَأعضَلَتْ |
لِيَوْمٍ تُرى السَّبْعُ الطِّبَاقُ تَبَدَّلَتْ |
دُجى ظُلَمِ الشَّرْكِ الْبَهِيمِ قَدِ انْجَلَتْ |
بِبَدْرِ هُدىً قَدْ لاَحَ فِي طَالِعِ السَّعْدِ |
حَقِيقٌ عَلىَ الْمُشْتَاقِ يُوفي بِنَذْرِهِ |
إذا طَافَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَحِجْرِهِ |
وَعِنْدَ رَسُولِ اللهِ جَبْرٌ لِكَسْرِهِ |
دَوَاءٌ لِمُشْتَاقٍ زِيّارَةُ قَبْرِهِ |
فَزُرْهُ لِتَحْظى بِالجِنَانِ مَعَ الْخُلُدِ |