لِقَلْبي أنِينٌ لاَ يَزَالُ مِنَ الْجَوى | |
|
| وَجَفْني قَرِيحٌ قَدْ أَضَرَّ بِهِ النَّوى |
|
وَكَمْ ذَا أُنَادِي حَوْلَ كَاظِمَةِ اللِّوى | |
|
| لَحَى الله مَنْ يَلْحى الْمُحِبِّينَ فِي الْهَوى |
|
عَلىَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْمَكَارِمِ وَالْفَضْلِ
|
لَقَدْ شَرِبُوا فِي الْحُبِّ أَعْذَبَ شَرْبَةٍ | |
|
| وَكَمْ كَتَمُوا فِي الْقَلْبِ سِرَّ مَحَبَّةٍ |
|
وَكَمْ صَبَرًوا واكُرْهاً عَلى طُولِ غُرْبَةٍ | |
|
| لَهُمْ هِمَمٌ نَالُوا بِهَا خَيْرَ رُتْبَةٍ |
|
وَقَدْ بَلَغُوا وَصْفاً يَجِلُّ عَنِ الْمِثْلِ
|
جُنُوبي تَجَافَتْ عَنْ لَذِيذِ الْمَضَاجِعِ | |
|
| بِهِمْ وَجُفُوني فُرِّحَتْ بِالْمَدَامِعِ |
|
وَقَدْ قُطِعَتْ عَنْهُمْ حِبَالُ الْمَطَامِعِ | |
|
| لِذِكْرَاهُمُ يَحْلُو السَّمَاعُ لِسَامِعِ |
|
وَفي أَلْسُنِ الْعُشَّاقِ جَنَى النَّحْلِ
|
لَهُمْ أَنْفُسٌ عُزُّوا بِهَا بَعْدَ ذِلَّةٍ | |
|
| وَلَمْ يُوْصَفُوا يَوْماً بِعَيْبٍ وَزَلَّةٍ |
|
وَهُمْ صُفَرَاءُ اللَّوْنِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ | |
|
| لَقَدْ لَبِسُوا فِي الْحُبِّ أشرف حلَّةٍ |
|
وَقَدْ بَرَزُوا فِي أَحْسَنِ اللَّوْنِ وَالشَّكْلِ
|
أَنِينُهُم فِي شَوْقِهِمْ وَخُشُوعِهِمْ | |
|
| يَزِيدُ وَقَدْ فَاضَتْ بِحَارُ دُمُوعِهِمْ |
|
وَمَنْ لي بأنَ أحْظى بِيَوْمِ رُجُوعِهِمْ | |
|
| لَعَلَّكَ إنْ وَافَيْتَهُمْ فِي رُبُوعِهِمْ |
|
تُنَبِّئهُمْ عَنْ فَرْطِ حُزْني وَعَنْ ثُكْلي
|
أَيَا سَائِقَ الأظْعَانِ قِفْ بِالْمَحَامِلِ | |
|
| وَعَرِّجْ عَلى تِلْكَ الرُّبَا وَالْمَنَازِلِ |
|
لَقَدْ هَاجَ أشْوَاقِي لَهُمْ وَبَلاَبلي | |
|
| لِمَنْ يَشْتَكِي الْمَهْجُورُ حَوْلَ الْعَوَاذِلِ |
|
وَلَيْسَ لَهُمْ عَدْلٌ يَمِيلُ إلَى الْعَدْلِ
|
وَقِفْ سَاعَةً بَيْنَ الأُجَيْرِعِ وَالنَّقَا | |
|
| لِنَشْكُو لَهِيباً فِي الْحَشَا وَتَشَوُّقَا |
|
لَقَدْ أطْنَبَ الْعُذَّالُ لا رُزِقُوا بَقَا | |
|
| لِعَذْلِهِمُ هَامَ الْفُؤَادُ تَشَوُّقَا |
|
وَصَارَ لِفَرْطِ الْحُبِّ فِي أشْغَلِ الشُّغْلِ
|
أضرَّ بِجِسْمِي دَاؤُهُ وَسِقَامُهُ | |
|
| شَدِيدٌ وَجَفْني قَدْ جَفَاهُ مَنَامُهُ |
|
وَحَرُّ فُؤَادِي لَيْسَ يَخْبُو ضِرَامُهُ | |
|
| لَهِيبُ مَشُوقِ لَذَّ فِيهِمْ حِمَامُهُ |
|
وَيَا حَبَّذَا إنْ كَانَ يُرْضِيهمُ قَتْلي
|
مَلِيحٌ سَبَاني دَلُّهُ وَدَلاَلُهُ | |
|
| يُمِيتُ وَيُحْيي هَجْرُهُ وَوِصَالُهُ |
|
مَحَاسِنُهُ تَمَّتْ فَزَادَ جَمَالُهُ | |
|
| لَعَمْرِي كَأَنَّ الْقَلْبَ لَيْسَ يَنَالُهُ |
|
سِوَى مَنْ لَهُ حظ فَيَظْفَرُ بِالْوَصْلِ
|
هَوِيتُ حَبِيباً لَمْ يَزَلْ مُتَوَلِّعَا | |
|
| بِهَجْرِي عَلَ وَصْلي يُرى مُتَمَنِّعَا |
|
وَلَمَّا رَأَيْتُ الْقَلْبَ بَاتَ مُوَجَّعَا | |
|
| لَزِمْتُ وُقُوفي رَاجِياً مُتَشَفِّعَا |
|
بِأَحْمَدَ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ مَعَ الرُّسْلِ
|
فَفَرْضٌ عَلَيْنَا حُبُّهُ وَهْوَ لاَزِمُ | |
|
| عَلىَ عَدَدِ الأَيَّامِ وَالْحُبُّ دَائِمُ |
|
وَمَا أَنَا فِي قَوْلي الَّذِي قُلْتُ آثِمُ | |
|
| لَهُ شَرَفٌ لَوْلاَهُ مَا كَانَ آدَمُ |
|
وَنَاهِيكَ مِنْ فَرْعِ تَسَامى عَنِ الأَصْلِ
|
إلَى يَثْرِبٍ سِرْنَا وَسَارَ الْمَحَامِلُ | |
|
| وَقَدْ شَاقَني ذَاكَ الحِمى وَالْمَنَازِلُ |
|
أَقُولُ وَلي دَمْعٌ عَلىَ الْخَدِّ هَاطِلُ | |
|
| لَيَالي أُرَجِّيْهَا وَإنِّي لَقَائِلُ |
|
كَمَا قَالَ مُوسى إذْ تَوَلى إلَى الظَّلِّ
|
بِيَثْرِبَ سَلَّمْنَا عَلَى خَيْرِ مُرْسَلِ | |
|
| وَكُلُّ أَتَيْنَا نَحْوَهُ بِتَذَلُّلِ |
|
وَلَمَّا تَجَلَّتْ حُجْرَةٌ نُورُهَا جَلي | |
|
| لِعَيْنِي كُحْلٌ لَنْ تَرَاها وَكيْفَ لي |
|
بِهِ وَهْوَ يُغْني الطَّرْفَ عَنْ إثْمِدِ الْكُحْلِ
|
تَزَايَدَ شَوْقِي نَحْوَهُ فَتَحَدَّرَتْ | |
|
| مَدَامعُ عَيْني كَالْبِحَارِ تَفَجَّرَتْ |
|
وَمَا هِيَ إلاَّ أنْفُسٌ قَدْ تَفَطَّرَتْ | |
|
| لِكُلِّ نَبيِّ مُعْجِزَاتٌ تَقَدَّرَتْ |
|
وَفَضْلُ رَسُولِ اللهِ عَلىَ الْكُلِّ
|
رَسْولٌ مِنَ الْمَوْلَى أَتَانَا بِحٌجَّةٍ | |
|
| رَؤُوفٌ عَطُوفٌ زَانَهُ صِدْقُ هِمَّةٍ |
|
هُدِينَا بِهِ حَقَّا لِخَيْرِ مَحَجَّةٍ | |
|
| لِطَلْعَتِهِ الْغَرَّاءِ نُورٌ بِبَهْجَةٍ |
|
تَقَاصَرَ عَنْ إدْرَاكِهَا كُلُّ ذِي عَقْلِ
|
نَبيٌّ مُطَاعُ الْقَوْلِ فِيهِ نَجَابَةٌ | |
|
| لَهُ دَعَوَاتٌ فِي الأَنَامِ مُجَابَةٌ |
|
وَمِنْ حَرِّ شَمْسٍ ظَلَّلَتْهُ غَمَامَةٌ | |
|
| لِرُؤْيَتِهِ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَهَابَةٌ |
|
فَيَا حُسْنَهُ أَفْدِيهِ بِالرُّوحِ وَالأَهْلِ
|
حَلِيفٌ لَهُ بَيْنَ الْمَلائِكِ رُتْبَةٌ | |
|
| وَبَيْنَ الْبَرايَا عِزُّ جَاهٍ وَمِنْعَةُ |
|
لَهُ الْمَدْحُ مِنْ نَظْمِي وَلي مِنْهُ خِلْعَةٌ | |
|
| لِتَكْرَارِ مَدْحِي فِيهِ وَالْمَدْحُ رِفْعَةٌ |
|
وَمَرْتَبَةٌ مَا نَالَهَا أَحَدٌ قَبْلي
|
كَفِيلُ الْيَتَامى عُدَّةٌ لِلأَرَامِلِ | |
|
| كَرِيمُ السَّجَايَا مَا لَهُ مِنْ مُمَاثِلِ |
|
دَعَانَا بِحَقِّ قَدْ مَحَا كُلَّ بَاطِلِ | |
|
| لِهَيْبَتِهِ ذَلَّتْ رِقَابُ الْقَبَائِلِ |
|
مِنَ الشِّرْكِ لَمَّا أنْ تَمَادَتْ عَلىَ الْجَهْلِ
|
نَبيٌّ مُطَاعٌ فِي الْبَرِيَّةِ مُحْتَرَمْ | |
|
| لَهُ زَمْزَمٌ وَالرُّكْنُ وَالْبَيْتُ وَالْحَرَمْ |
|
عَلَوْنَا بِهِ قَدْراً عَلىَ سَائِرِ الأُمَمْ | |
|
| لِنُصْرَتِهِ جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ وَكَمْ |
|
بِهِمْ هُزِمَتْ جَمْعُ الْخَيُولِ مَعَ الرَّجْلِ
|
تَمَنَّيْتُ لَوْ أنَّ الْمَقَادِيرَ سَاعَدَتْ | |
|
| بزَوْرَتِهِ وَيَوْماً وَعَيْنيَ شَاهَدَتْ |
|
ثَرى تُرْبَةٍ أَنْوَارُهَا قَدْ تَزَايَدَتْ | |
|
| لِكَثْرَةِ شَوْقي سَلْوَتي قَدْ تَبَاعَدَتْ |
|
وَعِنْدِي كُلُومٌ وَهيَ أَزْكى مِنَ الْكُلِّ
|