فُؤَادِي عَلِيلٌ مَا لَهُ مَنْ يَعُودُهُ |
يُعَلَّلُ مِنْكُمْ بِالَّذِي لا يُفِيدُهُ |
نُفِي النَّوْمُ عَنْ عَيْني فَعَزَّ وُجُودُهُ |
فِرَاقُ أَحِبَّائِي بَسِيطٌ مَدِيدُهُ |
وَإنِّي لأَخْشَى أنْ يَكُونَ بِهِ حَتْفِي |
مَنَحْتُهُمُ ودي فَخَانُوا وَلَمْ يَفُوا |
وَلَمْ يَرْحْمُوا ذُلِّي وَلَمْ يَتعَطَّفُوا |
وَحَثُّوا مَطَايَاهُمْ وَلَمْ يَتَوَقَّفُوا |
فَدَيْتُ أُنَاساً فَارَقُوني وَخَلَّفُوا |
بِقَلْبي حَرِيقاً وَالْمَدَامِعُ لاَ تُطْفِي |
وَبي غَادَةٌ حَازَتْ فُؤَادِي وَخَاطِرِي |
سَبَتْنِي بِصُبْحِ تَحْتَ لَيْلِ غَدَائِرِ |
عَلَيْهَا فَنى صَبْرِي فَفَاضَتْ مَحَاجِرِي |
فَتَاةٌ بَرَاهَا اللهُ نُزْهَةَ خَاطِرِي |
عَلَى الْجَوْهَرِ الشَّفَّافِ كَامِلَةُ الْوَصْفِ |
غَدَوْتُ بِهَا مُضْىً وَرُحْتُ مُتَيَّمَا |
وَقَدْ تَرَكَتْني نَاحِلَ الْجسْمِ مُغْرَمَا |
رَمَتْ فِي فُؤَادِي بِالْقَطِيعَةِ أَسْهُمَا |
فُتُورُ لِحَاظٍ فَاتِنَاتٍ كَأَنَّمَا |
إذَا مَا رَنَتْ تَحْكِي بِِهَا أَعْيُنَ الْخَشْفِ |
عَلِيلُ هَوَاهَا لَيْسَ يُرْجى لَهُ بَقَا |
وَمَلْسُوعُ هَجْرٍ لاَ يُرَامُ لَهُ رُقَا |
لَقَدْ سَلَبَتْ عَقْلي سُوَيْكِنَةُ النَّقَا |
فُتِنْتُ بِهَا وَجْداً وَهِمْتُ تَشَوُّقَا |
وَقَدْ نَطَقَتْ أجْفَانُ عَيْني بِمَا أُخْفِي |
غَدَتْ غَادَةٌ تَخْتَالُ مَا بَيْنَ سِرْبِهَا |
يُرَنِّحُهَا فِي بُرْدِهَا تِيهُ عُجْبِهَا |
فَلاَ تَعْذِلُوني قَدْ شُغِفْتُ بِحُبِّهَا |
فُؤَادِي تَمَنى أنْ يَفُوزَ بِقُرْبِهَا |
وَيَحْظى بِوَصْلٍ وَاتِّفَاقٍ بِلاَ خُلْفِ |
مُحِبٌ رَمَاهُ بالصُّدُودِ حَبِيبُهُ |
إِلاَّ ذُكِرَ الْوَادِي يَزِيدُ نَحِيبُهُ |
حَزِينٌ يُنَادِيكُمْ فَهَلْ مَنْ يُجِيبُهُ |
فَقَدْتُ زَمَاناً أَبْعَدَتْني خُطُوبُهُ |
وَمَا زَالَ بالتَّفْريقِ يَقْوى عَلَى ضَعْفِي |
مَدَى اللَّيْلِ طَرْفي لاَ يَزَالُ مُسَهَّدا |
يُرَاقِبُ طَيْفاً مِنْ نَجِِيلٍ وَمَوْعِدَا |
عَلَى طُولِ حُزْني لَمْ أَجِدْ لِيَ مُسْعِدَا |
فَنى زَمَنِي وَالْعُمْرُ وَلى وَقَدْ بَدَا |
نَذِيرُ مَشِيبي وَهْوَ يُؤْذِنُ بِالصَّرْفِ |
شَكَوْتُ لَهَا حَالي وَفَرْطَ تَوَجُّعِي |
وَنَارَ جَوًى قَدْ أُضْرِمَتْ بَيْنَ أضْلُعِي |
فَلَمْ تَرَ عَدْلي فِي الْمَقَالِ وَلَمْ تَعِ |
فَرَرْتُ بِنَفْسِي ثُمَّ قُلْتُ لَهَا ارْجِعِي |
إلَى طَاعَةِ الْمَوْلَى فَطَاعَتُهُ تَكْفِي |
دَعِي عَنْكِ ذِكْرَ الْغَانِيَاتِ لِتُحْمَدِي |
عَسَاكِ بِأَنْ تَحْظِي بِذَاكَ وَتَسْعَدِي |
وَإنْ شِئْتِ بَعْدَ الْغَيِّ يَا نَفْسُ تُرْشَدِي |
فَقُومِي بِعَزْمٍ فِي مَدِيحِ مُحَمَّدِ |
لِتَحْظِي مِنَ الرَّحْمنِ بِالْخُودِ وَاللُّطْفِ |
هَنِيئاً لِمَنْ وَافَى حِمَاهُ وَزَارَهُ |
وَحَلَّ بِنَادِيهِ وَعَايَنَ دَارَهُ |
وَقَدْ أَخَذَ الذِّكْرَ الَجَمِيلَ شِعَارَهُ |
فَضِيلَتُهُ أنَّ الإْلهَ اسْتَزَارَهُ |
وَأَسْمَعَُ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ وَلاَ حَرْفِ |
صِغَارُ الْحَصى فِي رَاحَتَيْهِ بِلاَ مرا |
تُسَبِّحُ وَالْمَاءُ الزُّلاَلُ بِهَا جَرى |
شَرِيفٌ عَفِيفٌ كَمْ تَعَبَّدَ فِي حِرَا |
فَضِيلٌ وَلاَ مِثْلٌ يُضَاهِيهِ فِي الْوَرى |
يَفُوقُ ضِيَاءَ الْبَدْرِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ |
قَدِ اسْتَمْسَكَتْ رُوِحي بِعُرْوَةِ حَبْلِهِ |
وَبِالسَّادَةِ الآلِ الْكِرَامِ وَصَحْبِهِ |
وَنَهْوى مِنَ الْوَادِي نَسِيمَ مَهَبِّهِ |
فَتِيقُ سَحِيقِ الْمِسْكِ مِنْ عَرْفِ تُرْبِهِ |
وَنَاهِيكَ مِنْ تُرْبٍ وَنَاهِيكَ مِنْ عَرْفِ |
لَقَدْ بَهَرَ البدرُ الْمُنِيرَ جَمَالُهُ |
وَعَطَّرَتِ الأَكْوَانَ نَشْراً جِلاَلهُ |
خَصَائلُهُ مَعْلُومَةٌ وَفِعَالُهُ |
فَأَحْكَامُهُ عَدْلٌ وَصِدْقٌ مَقَالُهُ |
وَمَوْعِدُهُ نَجْزٌ وَقَدْ جَلَّ عَنْ وَصْفِ |
شَفَاعَتُهُ مَالٌ غُنِينَا بِكَنْزِهِ |
وَنَحْنُ جَمِيعاً كُلُّنَا تَحْتَ حِرْزِهِ |
حَدِيثٌ جَلِيٌّ لاَ احْتِيَاجَ لِرَمْزِهِ |
فَظَاظَةُ أهْلِ الشِّرْكِ لاَنَتْ لِعِزِّهِ |
وَحَلَّ بِهِمْ رُعْبٌ مِنَ الذُّلِّ وَالزَّحْفِ |
لَقَدْ نُكِّسَتْ تِيجَانُهُمْ وَالْعَمَائِمُ |
وَلَمْ يَكُ مِنْهُمْ مَنْ غَدَا وَهْوَ سَالِمُ |
وَكَمْ فَنَكَتْ فِيهِمْ فَتًى وَصَوَارِمُ |
فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ وَالْفُرُوضُ لَوَازِمُ |
قَدُودُهُمُ لِلْقَدِّ بِالْبِيضِ وَالزَّحْفِ |
أَقُولُ لِمَنْ قَدْ بَانَ عَنِّي وَمَنْ دَنَا |
نَجَوْنَا جَمِيعاً بِالشَّفَاعَةِ كُلُّنَا |
مِنَ الْمُصْطَفى وَالْحَمْدُ لِلهِ وَالثَّنَا |
فَرِيقٌ بِهِ قَدْ أَحْرَزُوا الدِّينَ وَالدُّنَا |
فَلاَ خَوْفَ مِنْ نَارٍ وَلاَ رُعْبَ مِنْ خَسْفِ |
قَرِيبٌ مِنَ الْمَوْلَى وَلاَ بُعْدَ فِي مَدى |
وَمَا كَانَ تَقْرِيبُ الإْلهِ لَهُ سُدى |
لَهُ عُصْبَةٌ تحمي حِمَاهُ مِنَ الرَّدى |
فَوَارِسُهُمْ كَالأُسْدِ تَسْطُو عَلىَ الْعِدَا |
إذَا مَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ فِي مَوْقِفِ الزَّحْفِ |
عَسَاكِرُهُ أَفْنَتْ عِدَاهُ وَمَا اعْتَدَتْ |
وَبِالْعَادِيَاتِ الأَعْوَجِيَّةِ قَدْ غَدَتْ |
وَكَمْ أسْرَةٍ مِنْ أسْرِهِ قَط مَا افْتَدَتْ |
فَمَنْ مِثْلُهُ فِي الأَنْبِيَاءِ وَقَدْ غَدَتْ |
فَضَائِلُهُ تتلى عَلى النَّاسِ فِي الصُّحْفِ |
تَرَانَا وُقُوفاً كُلُّنَا بِفِنَائِهِ |
عَلىَ ثقة مِنَّا بِصِدْقِ وَلائِهِ |
فَجَادَ عَلَيْنَا مِنْ جَزِيلِ عَطَائِهِ |
فَنَحْنُ وَكُلُّ الْخَلْقِ تَحْتَ لِوَائِهِ |
لَهُ تِبَعٌ وَهْوَ الْمُقَدَّمُ فِي الصَّفِّ |