دعني عذولي فإن القلب مسطور |
لما علي من الهجران مسطور |
ما لي أَرى العين لا تهمي مدامعها |
وَالوصف في عصمة التَسويف محجور |
فَما الحَياة وحبل المرء منفصم |
وَما النَجاة وَقلب الأمن مكسور |
كأن يوم النَوى والعيس واقفة |
بينَ الخيام وَللجمال تشمير |
مرت بِعَيني لفقد الحمى إذ رحلوا |
غدية أَليس في الربع مآشير |
فالعين مرها وَقَلبي في تقلبه |
وَالركب في البيد منظوم وَمنثور |
ما كنت أَسلو وَكانَ القلب في طرب |
كَيفَ وَقَلبي بذات البين مَذعور |
أَبكي الديار وَلا في الدمع منقصة |
ما نامَ طرف ورب الطرف مهجور |
يا عاذِلي لَو رأيت العيس في وله |
وَللدليل أَمام الركب تَكبير |
بكل محنية خضر بلاثقها |
تدعو الركاب وَسعي القوم مَشكور |
ما كنت تعذل في المحبوب عاشقة |
وَقلبه كإكاف الرحل مَهجور |
هبك عدلت فَما العهد بمنتقض |
وَلا ينهنيك منك القَلب تَكثير |
قل ما استطعت عذولي السمع في شغل |
عنك فَقَلبي لمن أَهواه مَعمورُ |
ما أَنتَ أَول لاح ظل يرشدني |
وَالقلب مني عَلى الأشواق مجبور |
خل السَبيل فإن السر مستتر |
عنك وَأَنتَ عَلى الأَسرار مستور |
للروض زهر وَفي الأَغصان ساجعة |
وَللمَعاني من الحذاق تَعبير |
ما زلت أَهوى العيون السود في دعج |
من يجد أَلما بعين الصدق منظور |
إِذا وصلت فَما حظي بمنتقض |
وإن منعت فأمر اللَه مقدور |
أَنا القَتيل بِلا ذنب وَلا حرج |
عَلى المَليح فإن الذنب مَغفور |
بعت الحَياة بعز الوصل فاِكتحلت |
عيني وَقَلبي بنقد الوصل مَسرور |
الحسن نور بكف الود أَقطفه |
وَالصد يعني بجمر الشوق تنور |
نار الصبابة قبل الحشر أَوردها |
قَلبي ليشفع لي في الموقف النور |
طه الأمين الَّذي ترجى شفاعته |
يوم التَلاقي وطي الخلق منشور |
محمد المصطفى الحصن الحَصين ومن |
له في ذا الرجس في الأَنام تطهير |
عين الوجود المزمل الَّذي ظهرت |
من غرته قبل بعثته تَباشير |
من سبق الرسل عند اللَه في أزل |
فضلا وَللخلق بعد الرسل تأخير |
يا غرة ضحك السعد لطلعتها |
كَما اِستَضاءَت بضوئها التَباشير |
وَراحة بالمنى كَأَنَّما نشرت |
عَلى عروس الهدى منها دَنانير |
باتَ السرور يعاطي الكون صهبته |
وَللنفوس قبيل الفجر تَكبير |
إِذا تَغنّى الحجاز واِنثَنى طربا |
تَكاد ترقص من تهامة الدور |
فانقض إيوان كسرى عند مولده |
وَخاب من نار وسط الفرس تَسعير |
وَجلل الأفق منه النور في سحر |
كأن في الجمر هدى الصبح منحور |
وَفي السَماء خيول الشهب راكضة |
كأَنَّها في وَغى الجو الزَنابير |
ترمي بفرق إِذا ما نقض عن فرق |
لَم يترك النظم إلا وهو منثور |
وَفي المَنازل تحت العرش إذ علمت |
بمولد المصطفى الولدان وَالحور |
تزينت وازدهت وَساغ مشربها |
وَطربتها من الطير الزماجير |
حول الخيام الغصون اللدن ساجدة |
وَللملائك تَهليل وَتَكبير |
ما لا رأته عيون الناظرين وَلا |
وعته أذن وَلا يلقيه تَعبير |
ظلت لمولده الأكوان في طرب |
وَهو بأم القرى باللَه منصور |
كَم حاولت مكره المُستهزئون به |
وَبالجميع من الكفار ممكور |
فَكَم سفيه أَتاه اللَه من حيث لَم |
يدر العَذاب ومكر اللَه محذور |
خرت قواعده عَلى مقاعده |
وهو ضنين بدهن الدور مغرور |
فَكَيفَ يفلح قوم يهزؤون بمن |
له من اللَه تَعزيز وَتَوقير |
لَو شاءَ تعذيب أَهل الأرض عن عجل |
لَم يلف منها عَلى الإطلاق معمور |
واعجب لأصل عَظيم القدر نشأته |
بعد الفروع وقبل الكل مذكور |
لَولاه ما خلقت شمس وَلا قمر |
ولا نهار وَلا ليل وَلا نور |
ظلت محجته البَيضاء ترشدنا |
وَللمواعظ في التَنزيل تحذير |
كأَنَّه الأسد الورد وأمته |
لَدى العَليل مضلل وَمبرور |
إن الحمد للَّه من مسراني في تلف |
وَلَم يعظني من الأَيام تكدير |
قَد مسني الضر يا من لا شريك له |
رحماك رحماك إن القلب مقهور |
بغير ما اِشتَهى فلكي عَلى خطر |
يَجري وَللموج بالأَرواح تَكدير |
أَما الفَقير الَّذي ضاقَت مذاهبه |
وَلكنه من بَنات الرشد قطمير |
سوى محبة من ترجى مواهبه |
إن غضت الطرف في العسر المَياسير |
صلى عليه إله العرش ما طلعت |
شمس وَما غربت بها المَقادير |
وَما تألق نجدي وَما هطلت |
سَحائب الخير للأوزار تَكفير |