سلوك طريق العابدين بعرفان |
يلذُ لأرواح غذين بإيمان |
يطيب لها فيه عناها فلم تزل |
مسافرةً لا تستقر بأوطان |
من العلم أعلام لها ودلائلٌ |
ومن همة شماء والعزم ظهران |
وزاد من التقوى لتقوى بنهجها |
ومن فقرها أوفى رفيقٍ ومعوان |
ومن ورع درع وسيف من الحجى |
وحصن من التفويض في كل حدثان |
فقامت على حكم التوكل ترتجي |
بلوغ المُنى ما بين خوف وأحزان |
كليلة إعياء لقد شفها الوجى |
خميصة بطن في تعطش ظمآن |
كليلة أحشاء أضرَّ بها الجوى |
قريحةُ أعيان سهيرةُ أجفان |
يسوقها من لاعج الشوق مزعجٌ |
ويزعجها إبراق وجد وأشجان |
وواقد تخويف من العين صاهرٌ |
بأودية الخدين وادق هتان |
تهيمُ بتذكار الحبيب ولا ترى |
إلى راحة رجعى ومال وأخدان |
لها مطلبٌ سامٍ على العرش باذخٌ |
شريف منيف شامخ ليس بالداني |
هنيئاً لمن في حبه باع نفسه |
بجنة خلد بين أنفس غران |
أخي قم وشمر في الطريق مصمماً |
لطي الفيافي في بكور وأصلان |
فمن نفس منه مضى عن سلوكها |
جنيبا فما أولى بغبن وخسران |
وخلّي الهوينى عنك فهي بعيدةٌ |
كثيرةُ أخطار قليلةُ أعوان |
وخفف من الأحمال إن عقابها |
صعابٌ كعابٌ تنصب السالك الواني |
طريقٌ لها مستوعر دارس به |
كمين الأعادي من رجالٍ وفرسان |
ترى زمر السفار فيه قوافلاً |
حيارى حسارى من مشاة وركبان |
فمنهم سليبُ المال بين رفاقه |
ومنهم نهيبُ الروح في يد شجعان |
ومنهم عليل واهن الطبع عاجز |
ومنهم كليلٌ ذو ملالة كسلان |
تنوع أجناس المنوع بكثرة الــ |
ـقطوع فما فيها الأمانُ لإنسان |
لذلك كان السالكـــون أقلةً |
ويكثرُ فيها الهالكون بفتّان |
ولا يهولنك الأمر فهو ميسرٌ |
لمن مخلصٌ لله من كل أوثان |
تمسك بمولاك القدير فإنه |
لكل ضعيفٍ عاجز واهن واني |
ووجه له وجهاً وقلباً وقالباً |
توجه مطواع لما شاء مذعان |
واعطي له منك القياد لكل ما |
أراد وقل يا هادياً كل حيران |
دعوتك إذ ضاقت عليّ مذاهبي |
وقل إحتيالي يا إلهي ورحماني |
وهاك أخي نعت الطريق إذا به |
أردت سلوكاً كي تفوز بإحسان |
بيان المقامات الثلاث التي لها |
حديثُ رسول الله جاء بتبيان |
أتاك بحمد الله تكشفُ سترها |
لكي تنظر الكنز الخفي من الشان |
سلام على الهادي المبين سبيلها |
عليه صلاةُ الله في كل أزمان |
أتيت به في صورةٍ معنويةٍ |
تموه بي في السالكين بإمعان |
وما أنا لي من ذاك إلا بيانهُ |
لفهمي له لا عن وصول ووجدان |
ولكنني أتلوا فأجلوا إشارةً |
تفتح بالتوقيظ أجفان وسنان |
وتهدي إلى الكنز المعمى من الهدى |
وما بيدي هديُ السبيل لعميان |
فأول إيماني لإسلام ظاهري |
بظاهر أحكام الشرائع ناداني |
فأقررت بالتوحيد لله مثبت الـ |
ــرسالة تصديقاً بجمٍلة قرآن |
وقمت أصلي للزكاة مؤدياً |
وصمتُ ولي في الحجّ أشرفُ قربان |
لذلك في الإسلام قال نبينا |
وما دون هذا غير شرك وكفران |
ولكن وراء هذا المقام ترافعاً |
والإيمان والإحسان أيضا مقامانِ |
تفاوت فيهن الرجال مراتبا |
بأعدادها تربو على رمل كثبان |
فأمنت في الإيمان بالله خالقي |
وبالرسل والأملاك أشرف أعيان |
وبالكتب واليوم الأخير وما جرى |
به قدرٌ في الخير والشر سيان |
ولكن في هذا المقام عجائباً |
لأغوار أسرار غرائب أفنان |
تخالف ما أداه ظاهر فهمها |
وعندي من صدق الحقيقة فهمان |
فلو قلت بالتأويل فيها بظاهرٍ |
لعدت إلى الإسلام من بعد إيماني |
فما مسلمٌ لله والرسل منكرٌ |
ومن شكّ في القرآن شيكَ بكفران |
وقد كنت بالأملاك والقدر كلهُ |
أصدق والإسلام أشرف أوطان |
وقد كنت في الإسلام واسمي مؤمنٌ |
ومن بعد ذا كان إيماني الثاني |
فإيماني الثاني لإسلام باطني |
وما بين هذين المقامين شتان |
نظرت إلى تحقيق قول نبينا |
بتعريفه الإيمان نظرة إمعان |
فقال هو النورُ الذي بدخوله |
الصدورُ إنفساح وإنشراح بإيقان |
وقال لمن رام العلامة إنها |
المجافاة عن دار الغرور بسلوان |
منيباً إلى دار الخلود تأهباً |
ليوم نزول الموتِ أهبة لهفان |
فهذا هو الإيمانُ من لم يكن له |
نصيب من الإيمان مات بخسران |
ولكن له عندي شروحٌ عجيبةٌ |
بواهرُ أنوار زواهرُ أكنان |
تطابق ما بين الحديثين سابقاً |
وفاقاً لفهم من دلائل فرقان |
فبالله إيماني يقينٌ يقيمني |
ويقعدني لله في كل أحيان |
ويلهمني سر القيام بخدمتي |
لطاعة مولاي الذي هو سواني |
فبين الرجا والخوف منه أقامني |
ذنوب أخافت أو رجاء لغفران |
وبالقدر الإيمان مني كمالهُ |
فمن خيرهُ والشر عندي خيران |
ففيه جميع الأمر كنت مفوضاً |
لمالكه تدبيرهُ منه لي أرضاني |
فأشهد من تصريفه كل حالةٍ |
هي الخير فيما اختاره لي هو أجراني |
وصححت فيه بالتوكل نيتي |
فعن طلب المضمون لي هو أغناني |
فلي في معاني شكره كل صورة |
لها روح معنى باهر الحسن فتان |
فأخلص في نعماه شكري وطاعتي |
برؤيتها من عنده صح شكراني |
فما طاعة في طاقتي لإستطاعتي |
ولكنها منه مواهب منّانِ |
وإن كنت في العصيان أشهدني الرضا |
بجري القضا لم أرض عنّي بعصيان |
ولكنني أسعى فأرعى لأوجب |
الشريعة من توبٍ وأوبٍ لغفران |
وصبري لا تبليه كفُ بلية |
وشكري في صبري إذا هو أبلاني |
وأمنت باليوم الأخير مبادراً |
لتقديم زادٍ قبل فرقة أعطان |
تخوفني النيران في كل ساعةٍ |
وأصبوا إلى الجنات ما بين خلاّني |
وأرنوا إلى الدنيا بعين تفكر |
فلم أرني أرنوا إلى غير هجران |
ولم أرها إلا غروراً وزخرفاً |
تشوشُ لي ديني فكنت لها شاني |
وبالرسل والأملاك أمنت أقتدي |
بهم في شؤوني كلها كل أحياني |
فهم في طريقي قدوتي وأئمتي |
لدى كل أعمالي مدى كل أزماني |
فمن شرعة الأملاك عندي نسخةٌ |
أطالع من ديوانها رسم عنواني |
فأذكارهم كانت شريف عبادتي |
وذكري بتهليلٍ وحمدٍ وسبحانِ |
وهم علموني دعوة أرتجي بها |
لنفسي ومن في الأرض رحمةَ غفران |
وهم علموني موضعاً لبراءةٍ |
وموضع رشدٍ بالولاية لبّاني |
ومن كل فرد منهم كان مشهدي |
لمكتوم سرّ فهمه العلم أتاني |
فمن قسم ميكائيل بذلي تصدقاً |
ومن حُكم جبرائيل ترتيل قرآنِ |
ومجموعنا يحكي صفوفهم إذا |
صففّن بأحيان الصلاة بإذعان |
وفي الأرض سياحون منهم كمثلنا |
رواتع سماعون نشدان رهبان |
فنحن لهم فيها نكون أئمةً |
فيَشَدون إذ نشدوا بإنشاد نشدان |
ولم يقتدوا إلا لتحقيق نسبةٍ |
إليهم فهم لي في التناسب إخوان |
ولي من جميع المرسلين خلائقٌ |
فمن عند إبراهيم حلمي وإيقاني |
ومن أدم توب من الحوب بعده |
إنابة داؤودٍ وأوب سليمان |
وفي صبر أيوبٍ على الضر أجتلي |
شكية يعقوب لزائد أحزاني |
ومن خوف يحيى نلت زهد إبن مريمٍ |
ويونس إقراري بظلمي نجاني |
ومن زكريا رغبتي حين رهبتي |
وإن أتوكل كنت والد قحطان |
وبي غم يعقوب الوعود تشوقاً |
ليوسف تقوى حافظٍ غير خوان |
وكنت شُعيبيَّ النصائح تابعاً |
لدى غضبي في الله موسى بن عمران |
ومن جملة الأسرارِ هذا نموذج |
وتفصيله يربو على رمل كثبان |
فمن جملة الأملاك والرسل |
لطائف لم تودع صحائف رهبان |
وعندي أسرارٌ لهم عن شروحها |
يضيق فضاء علمي وفهمي وإمكاني |
فكل عليمٍ من حكيمٍ وعارفٍ |
يعرّفني مُنهنّ حكمة لقمان |
وكل وصيّ أو وليّ مكاشف |
جلى سرهُ عندي ولم ير كتماني |
فأبصرت من أسرارهم لغرائبٍ |
عن النطق صانوها وبي كتم صوان |
ومالي لا أحوي الجميع وإنني |
تلوت شروح الكتبِ من متن قرآن |
وأمري حميد بإتباعي لأحمد |
فمن نوره علمي وحكمي وبرهاني |
فلي أسوةٌ فيه وفيها نهايتي |
إليها بها عن غيرها هيَّ تنهاني |
هو الفلك الحاوي المنيرُ جميعها |
على قطبِ الأسرار من نوره الداني |
فمعقده أوج الجميع وأوجها |
لها المركز الحاوي صنائع إتقان |
فلا تعجبوا أن كان ذلك أطلساً |
وهذا بني الأعلام أوضحُ بنيان |
فإن له الأسرار من كل أطلسٍ |
يصان عن الأملاك والرسل والجان |
فمالي وللأملاك والرسل بعدهُ |
فعن جُلّهم بل كُلّهم هو أغناني |
ولا تنكروا ذكري لدى تبعيتي |
لهم فلهُ نور الحقيقة أعطاني |
تجلّى عليهم نوره فتعددوا |
وأصبح فردَ الحُسن ليس له ثاني |
لتصحيح إيماني بكل جموعها |
أخذت لها مني وثائق إيمان |
وإني في توحيده لوحيدهُ |
بذكري ولو سميت أشرف ذكران |
وبالكتب إيماني كذلك حُكمهُ |
فذلك والإيمان بالرسل سيّانِ |
تحقق تصديق لكل ونصرةٌ |
لكل وإتباعٌ لكل بإذعان |
ولي من جميع الكتب شرعة صادقٍ |
أقوم بها في التابعين بإحسان |
فأصبحت ربّاني كل شريعةٍ |
وإني بلا والذكر بالفيض ربّاني |
أتى الآن لي رجعاي عن كل غيره |
إليه وأما عنه تلك فلم تأني |
فمني له الإجلالُ في كل خلوة |
بنشوة جذلان وأنة مرنان |
ومني له الإتحافُ في كل جلوة |
صحائف أسرارٍ لطائف سلوان |
مواهب ضاق الكون عن وهب بثها |
لمن لا تناسى الكون أحفظ نسيانٍ |
إلى مثلها يرنو الحليمُ وينثني |
الكريمُ إليهم واللئيمُ لها شاني |
فحيا عليها قد أهبت ببابها |
إليها ألا يا مثلها فلتكن راني |
أتاك بإجمال جميل مقالتي |
ومالي حورٌ بعد ذلك لحيراني |
بلى سأذيع السر أحبار صفوتي |
فأهدي لهم فرقان أخبار فرقان |
غدوت مُعاذيّ الحقائق فأجتلى |
طرائق ما فوق الطرائقِ إيماني |
وأشهدني نوعاً من الكشف واضحاً |
يقينٌ إلى الكرسيّ والعرش أدّاني |
وأيّ مقام لا أروم أنتهائه |
وفي مبدأي نور المصاحف غشّاني |
فصححّ إيماني بكل حقيقةٍ |
بسرّ إلى أوجِ النهاية أنهاني |
ومازج بالإيمان روحي فأغتدى |
مسوطاً بجسمي في دماني ولحماني |
أعيانُ من حجب الغيوم عجائباً |
تراءت لعيني من خزائن أذهاني |
فمالي لا أضنى وأفنى ومشهدي |
ثنائي عندي في ثنائي أضناني |
ومالي لا أبكي لذكر شمائلي |
وشاملُ كتبي بالشمائل تلقاني |
وفي كل يوم في كتابي أجتلي |
حسابي والأشهادُ حولي صفان |
وأعظم ما منه بليت بليتي |
بخفةِ أعمالي بكفة ميزان |
فثابتُ عقلي منك لي أحسن العزا |
وطائشُ لبي يعش بدهشة سكران |
فها هي من نحو الشمال جهنمٌ |
وها جنةُ الفردوس من نحو أيماني |
فمن تلك همي قد شهدت وغمتي |
وأشهد أفراحي بتلك وسلواني |
تراءت لعيني في قصورٍ بهية |
قواصر طرفٍ مثل أطرف مرجانِ |
ولم أذكر الدارين إلا نموذجاً |
لتجتلي السرّ العظيم بعرفان |
فذا من مبادئ الكشف قال شيوخه |
ويا رُبَّ ما أنهى لكشفهم الثاني |
وما بعد هذا من مقام لإيمانٍ |
سوى الباذخ العالي بنسبة إحسان |
مقام بتحقيق الشهود مخصصٌ |
لعبد بتول في العبادة ولهان |
وعرفه الهادي فقال كأنه |
يراك لمن لا قد رآه بإيقانِ |
فهذا من الإيمان عندي ثالثُ |
المقاماتِ إذ قد تم من قبله إثنان |
فيا قاصداً فيه سلوكاً له استمع |
مقالي إصغاءً لنطقي وألحاني |
دع النفسَ لا تنظر إليها تلفتاً |
وكن خارجاً عنها كنفرة شنأنِ |
وقم بِهمُ عنها إليهم ولا تقمْ |
إليهم بها تحظى لديهم بتكلانِ |
فمن بهمُ فيهم لهم قامَ موشكاً |
لهم جذبوهُ روم وصل وقربانِ |
فيسعى لهم خفا بأنس ولذةٍ |
خلياً من الأوزار في كل ميدان |
فيقطع يهماء الفيافي مبكراً |
لطيَّهمُها في كغمضة أجفانِ |
ولم يرى فيها من عناء يأوده |
ولم لا وهم فيها له خير أعوان |
فجاهد بهم فيها تشاهد بقربهم |
لوامع نور حلّ منك بأوطان |
وترتاح منك الروح للوصل واللقا |
لقلب من الوجد المبرّح ملآن |
تمكن فيه سالب الحب والهوى |
فأزعجه عن كل إلفٍ وخلان |
وأرقاه بالإخلاص روم خلاصه |
بتقديسه من رين رؤية أكوان |
فهام بحبٍ عام في بحر ذكره |
ولم يدر وجدان إصطبار وسلوان |
فدام به في كل وقتٍ وهيئةٍ |
على صيغ التلوين في كل أحيان |
يرى أنُسهُ فيه ألذّ حياته |
وموتته الكبرى علاقيم هجران |
ومعراجه الأسمى وجود شهوده |
وإن ينأى يضحى في الحضيضِ هو العاني |
فقام بتأديب الملوك ببابه |
يخر ذليلاً في حماهُ لأذقان |
وقد غض طرفاً من حياءٍ وهيبة |
بدهشةِ قلبٍ في تزلزل أركان |
تكامل منه ذُلهُ وإنكساره |
أمارة تعظيمٍ لبرزة سلطان |
فأدمعه تجري بلوعة وجده |
فيالك بحراً سال من حرّ نيران |
فيصمته حيناً حياءٌ وهيبةٌ |
وتنطقهُ أخرى إرتياحةُ نشوان |
يحنّ إلى ذكر الحبيب وقربه |
حنين الثكالى قد ضنين بأشجان |
تبتل بالأذكار عن ذكر نفسه |
فغاب بها عنها وكان بها فاني |
ولم يفنى حتى غاب عن ذكر ذكرهِ |
شهوداً لمشهودٍ هناك بلا ثان |
ولمّا يُشاهَد إن يُشاهِد شهودُهُ |
إذا لم يغب عنه بمشهوده الداني |
فإن غاب في مشهوده عن شهوده |
تدكدك طور العقل منه لإذعان |
ولاح تجلي الحق فيه لعينه |
لمرآته كشفاً يراهُ بوجدان |
معان تجلت في مغان تجملت |
بها إذ تجلت من سناها بألوان |
يحققها بالذوق كشفٌ مصدقٌ |
بعلم يقين جلّ عن جُل برهان |
يؤيده سلطانُ عين يقينه |
بحق يقينٍ بالعيان لأعيان |
إذا ما محوت الرسم والإسم شاهداً |
بها روح معناها ترى كنز عرفان |
ففي مرة للوهم يبدو معيةً لديك |
وأخرى يرفع المع في الحاني |
ففي تلك يستجلي ظهرواً بكشفها |
فتضحي بزلفى القرب أسعد جذلان |
ليفنيك حتى عن شهودك قربهُ |
فذاتك ذات المحق في المشهد الثاني |
ومهما تجلى نوره في صفاته |
فمن حضرات القُدس جاء بعنوان |
يُملّك من ألطافه الأنس تارة |
وأخرى إلى قدس الجلالة مدانِ |
فتضحي لأقدام لبسط وفرحة |
وتمسي بإحجام لقبضٍ وأحزان |
وسائرها يجري إلى ما له اقتضت |
هواتف إلهام من الفتح ربّاني |
تغاير في حاني التجلي ضُرُوبها |
على حسب الإستعداد في كل انسان |
مقاماتها شتى بحسب تفوات |
القوابل للفيض المقدس للرّاني |
فمن كان مجلو المراتِ من الصّدى |
سليماً من داء يخلّ بهُرمان |
فمهما يوجهها إلى وجه ربها |
تعد بشعاع يبهر العقل فتان |
يريك بها وجه الحبيب جمالها |
به شرفٌ يسمو بأشرف سُكّان |
عليها من الأثار تلفى بمظهر |
الأسامي دلالات نُصبن لأعيان |
إذا عرجوا فيها لعرش صفاتها |
لمعنى وراء الوصف باء بعرفان |
تريك عباراتُ الصفات إشارة |
لها كلّ عن تعبيرها كل سحبان |
غدت حيرة الألباب لكن ذهولها |
بها للهدى يهدى به كلُ حيران |
ففي عدم الأدراك إدراك عارفٍ |
طوى نشره أعلام فقدٍ ووجدانِ |
وبالعكس للمجذوب ترتيبُ كشفها |
وصولاً وردّاً بالتدلي إلى الخانِ |
فعرّج بتجريد لتفنيد واحد |
وخلف سوى يخلو فما ثمة إثنان |
إذا ما كشفت الستر عن لبس لبسةٍ |
لنفس تصل أعلى مقام لإخوان |
وتفنى عن الأكوان في كل حضرة |
صحوت بها في كل غيبة سكران |
فقم في فناها بالعبادة فانياً |
لمعنىً به تبقى إذا عُوض الفاني |
ترى ذيك من أوصافها في صفاتها |
حلىً وكمالات بدائع أفنان |
وتشهد في مرآة كشفك حسنها |
جمالاً لها حصن الكمال به باني |
تريك على بعد المسافة من نأى |
قريباً تُجلّيه بهيكلها الداني |
وتقرأ منها نسخة الكشف كلها |
عن الخلق بعد الحق آيات فرقان |
فتبدي لديك العرش كالفرش والسما |
وأملاكها والطير والأنس والجان |
ويحضر أشتات الوجودات فردها |
بجوهرها الكُليّ في سره القاني |
ويرقيك منها في مراقي عروجها |
لسرّ ظهور الحق فيها بتبيان |
تُعاين منها بالمظاهر ظاهراً |
بواطن نور في جلالة رحمنِ |
فمن علمه فيها بحورٌ تدافقت |
بعلم لفيض الفضل من يد منانِو |
وبالعكس في بعض الصفات إلتباسها |
تجلّى كَذُلي في معزةِ ديّانِ |
وقم وأرقأ وأقرأ من متون سطورها |
عجائب كشفٍ من غرائب ديوان |
فأنت فريد الدهر يا قطب عصرها |
لك الدهرُ عبد خاضع خاشع عاني |
تملكت منه بإقتدار زمامه |
فته في براياه بعزّ وسلطان |
عليه سلام الله فيه تحية |
بنشر الثنا الغالي بسرّ وإعلان |
فكل لسان بالثناء لك ناطقٌ |
لحسن مديح في مدائح حسان |
فهذا بحمد الله ما قد قَصدتُه |
من القول في هذا المقام العلي الشأن |
رقائقُ أسرار دقائقُ حكمة |
حدائقُ أنوار حقائقُ إتقان |
تبين عن غور المعاني بمحكم |
المباني وتهدي للطريق بعرفان |
تنيل هدايا نورها كل واصلٍ |
كما أنها المعراج للسالك الواني |
سموت بها عن نسبتّي لقريضها |
أرقّ نسيبٍ في تغزل غزلان |
ومالي فيها قصد مَلكٍ تعرضاً |
لجائزة منه بتبرٍ وعقيان |
ولكن إلى مولاي قصداً بعثتها |
على ما بها وهو المليُّ بغفران |
عسى نظرةٌ منه إليّ شمولها |
عليّ إبتداءً من عوائدِ إحسان |
وأزكى صلاتي دائما وتحيتي |
على الشافعِ الهادي إلى خير أديان |
عليه وأهليه جميعاً وصحبهِ |
سلامٌ به طابت خواتيم نشدان |