سئِمتُ حياتي من كُرورِ المصائِبِ | |
|
| وهِمتُ إلى حتفي لمُرّ النوائِبِ |
|
غَدَوتُ بقلبٍ كالأَثافيّ مُوقَدٍ | |
|
| ورُحتُ بجسمٍ ناحلِ العِطفِ شازبِ |
|
تفاجيهِ نَكباءُ البلايا بعاصفٍ | |
|
| وتَلقاهُ أَرواحُ الرزايا بحاصبِ |
|
وتَعصَفُ فيهِ النائباتُ رياحُها | |
|
| فتسمعُ منها رِعدةً في الرواجبِ |
|
تنكَّبتُ عن ذا الدهرِ خوفَ نكوبهِ | |
|
| فنكباهُ قد أَنضَت وأَضنَت مَناكبي |
|
وأَخنَى عليَّ الدهرُ من ثِقل وقرِهِ | |
|
| وأَخنَى بِلاهُ كاهلي ثُمَّ غاربي |
|
لقد علَّني عَلَّ المُحالِ لِأَنَّني | |
|
| أُعلّل قلبي بالأَماني الكواذبِ |
|
فما من أَخي وُدٍ مُقيمٍ على الوَلا | |
|
| ولا حافظٍ للعهدِ أو غيرِ عائبِ |
|
وَدِدتُ نَوَى دهري الخَوُونِ لأَنَّهُ | |
|
| أقلُّ وفاءً من ذوات النقائبِ |
|
ونزَّهتُ قلبي عن وِدادِ مَراغِبٍ | |
|
| رغائبِ قلبٍ في انتهاز الرغائبِ |
|
كأَنَّ بِهِنَّ النَكثَ امرةُ لازمٍ | |
|
| وفي فَمِهِنَّ الحِنثَ ضَربةُ لازبِ |
|
يَعِزُّ عليهِنَّ الوَفاءُ كأَنَّهُ | |
|
| تمنَّعَ في مَتنِ النُجومِ الثواقبِ |
|
ويأبين درك الحق حتى تخاله | |
|
| من الأسد في أظفارها والمخالب |
|
فإِن قُلتَ أينَ المكرُ يَسرَحُ طِرفُهُ | |
|
| ففي شَوطِ مَن تغزو النُهَى بالمَداعِبِ |
|
وإن قُلتَ اينَ الفتكُ من غيرِ صارمٍ | |
|
| فعندَ التي تُردي بسيفِ المثالبِ |
|
وإِن قُلتَ من مأوَى الخِيانةِ والخَنا | |
|
| فذاتُ لِسانٍ يبدِعُ الغِشَّ كاذبِ |
|
وإِن قُلتَ اينَ الغدرُ فاضت بِحارُهُ | |
|
| ففي قلبِ من فاضت خِداعُ الثعالبِ |
|
وإِن قُلتَ مَن بالشر ليتٌ غضنفرٌ | |
|
| فَمَن عزمُها في الخيرِ عزمُ الأَرانبِ |
|
فسقياً لناءٍ عن حِماهُنَّ هاربٍ | |
|
| ورعياً لخاشٍ من رِضاهُنَّ راهبِ |
|
كِبارُ نُفوسٍ رافعاتُ لواحظٍ | |
|
| صِغارُ نُهىً مُستَرفِعاتُ الحواجبِ |
|
فلَستَ تَرَى فيهِنَّ إلَّا غيَّبةً | |
|
| كأَنَّ لَدَيها الخيرَ شَرُّ المَعايِبِ |
|
بها شَبَهُ التَقَوى بغيرِ حقيقةٍ | |
|
| تَرُدُّ العَوارِي من حُلِّيِ المناقبِ |
|
فعاريةٌ من حَليِ كُلِّ أَمانةٍ | |
|
| وإِن لُبِست باللُبسِ لُبسَ التوائِبِ |
|
كأَنَّ غِواياتِ الصِبَا غايةُ التُقَى | |
|
| فتَغنَمُها بالأكلِ ثُمَّ المشاربِ |
|
فما مَلَكُوتُ اللَهِ أُكلاً ومشرباً | |
|
| ولا النُسكُ خَوضٌ في بِحارِ الملاعبِ |
|
ومن ينَثُرِ الساعاتِ باللَهوِ إِنَّما | |
|
| بها يَنظِمُ التِبعاتِ نظمَ السخائبِ |
|
أَبا لسُرُعِ الهَوجاءِ عزمُ مُحاربِ | |
|
| وبالضُلُع العَوجاءِ حَزمُ مُغالبِ |
|
فزهوٌ ولهوٌ وازدِهاءٌ وصَبوةٌ | |
|
| وطيشٌ وإِعجابٌ بطبعٍ مُجاذبِ |
|
وفخرٌ وذُلٌ مع دَلالٍ وراحةٍ | |
|
| وزَهوٌ وتنعيمٌ ورَيعُ الشبائبِ |
|
وطَلقُ عِنانِ النفسِ من غيرِ ضابطٍ | |
|
| ورَحبةُ عيشٍ طَيبِ العيشِ سائبِ |
|
وقلبٌ يَرَى اللَذَّاتِ من غير ناظرٍ | |
|
| وعينٌ تَرَى بالذاتِ من غيرِ حاجبِ |
|
وجسمٌ جَمُوحُ الطِرفِ من غير كابحٍ | |
|
| ونفسٌ طَمُوح الطَرفِ من غيرِ راقبِ |
|
وتسويغُ ما مِن دُونهِ غُصَصُ المَنا | |
|
| وتصويغُ غَيٍ من غويٍّ مُناصِبِ |
|
وتمهيدُ وَعثٍ لم يُدَمِّثهُ سالكٌ | |
|
| ولا سَلَكَت فيهِ خِفاقُ ركائِبِ |
|
مسالكُ عذراءُ استُهِيمَ بفَرعِها | |
|
| كما افترعَ العَذراءَ أَغصَبُ غاصبِ |
|
فأينَ الهُدَى والرُشدُ يا خيرَ مُرشدٍ | |
|
| أَفي عُنُق العَنقاءِ أم في الكواكبِ |
|
لقد رابَني ما قد رأَيتُ بمُدَّتي | |
|
| وحِرتُ بنفسي في اختِيار المذاهبِ |
|
ونازَعَني عقلي بما قد بدا لَهُ | |
|
| فأَشغَلَني بالحِرص من كل صاحبِ |
|
طرحتُ بعهدِ الغانياتِ تَصَوُّناً | |
|
| إِذِا انجابَ مَعناهُنَّ لي في التواربِ |
|
إذا السادِجاتِ البُكمُ كُنَّ افاعياً | |
|
| فماذا تُرَى في الدارساتِ الكواتب |
|
دُهِيتُ بحُسنِ الظَنّ والسهمُ تارةً | |
|
| مُصِيبٌ وطوراً مخطئٌ غيرُ صائبِ |
|
تجاهلتُ عِرفاني بفعلِ غريزةٍ | |
|
| فبالطبعِ مغروزٌ عَضاضُ اللواسبِ |
|
ومَن أَمِنَ الحَيَّاتِ أَرداهُ سُمُّها | |
|
| كذاكَ الذي أَمسَى سميرَ العقاربِ |
|
هِيَ الأُفعُوان الأَرقَشُ النافثُ الرَدَى | |
|
| هِيَ العقربُ اللدغاءُ سِرّاً لصاحبِ |
|
هِيَ الذِئبةُ المَعطاءُ نَهشاً ومَنظراً | |
|
| هِيَ الحيَّةُ الرَقطاءُ ذاتُ الذوائِبِ |
|
هِيَ الحَرَب الوافي بكلِّ مُلمَّةٍ | |
|
| أَرُومةُ أشجارِ البِلَى والمعاطبِ |
|
هِيَ المُومِسُ الخَرقاءُ فاوحِش رُبُوعَها | |
|
| وآنِس بوحشٍ زائرٍ في السباسبِ |
|
هِيَ القارُ مَن يَلمِسهُ يَلصَق بكفِّهِ | |
|
| هِيَ النارُ والإِحراقُ من كلِّ جانبِ |
|
هِيَ الإِثمُ والعارُ الذي ليسَ يَمَّحِي | |
|
| على صَفَحاتِ الدهرِ من طِرسِ كاتبِ |
|
إذا ظَفِرَت باهت وإِن غُلِبَت بَكَت | |
|
| وأَجهَدَتِ الأَيدِي بقرعِ الترائِبِ |
|
وإِن كُوشِفَت عمَّا أَجنَّت وما جَنَت | |
|
| تَجَنَّت وفاهت في بديعِ المكاذبِ |
|
فلولاكِ حَوَّاءُ العَصِيَّةُ لم نَلِج | |
|
| بلُجَّةِ ذي الدُنيا ووادي المتاعبِ |
|
ولولاكِ ما نِلنا هَلاكاً مُؤَّبَّداً | |
|
| قِصاصاً بعدلٍ بَينِ الحقِ واجبِ |
|
ولولاكِ لم يُلفَ الإِلهُ معلَّقاً | |
|
| على العُودِ مصلوباً كلَصٍ وناهبِ |
|
إلهٌ فَدَى جِنسَ الأَنامِ بموتهِ | |
|
| وأَنقَذَهُم من شرِّكِ المُتَعاقبِ |
|
ولو لم تَكُن من جِنسِكِ البِكرُ مريمُ ال | |
|
| بتولةُ مَن خُصَّت بأَسنى المواهبِ |
|
لَمَا نَظَرَت عينٌ إليكِ ولا صَغَت | |
|
| لكِ الأُذنُ بل ما زِلتِ أَخيَبَ خائِبِ |
|
فأَنتِ لَقد سبَّبتِ موتاً ومَهبِطاً | |
|
| وتلكَ حيوةٌ في عُلُو المراتبِ |
|
شفيعتُنا يومَ الزحامِ وذُخرُنا | |
|
| كُفينا بها شر الذُنوبِ الرواتبِ |
|
هِيَ البحرُ زُجَّت فيهِ أَوساقُ ذَنبِنا | |
|
| فسِرنا بأَمنٍ في أَمينِ المراكبِ |
|
هِيَ الجَسرُ نحوَ اللَهِ فيهِ جَوازُنا | |
|
| ومَنجاتُنا من طَغي ماءِ التجاربِ |
|
هي العُروةُ الوَثقاءُ والجَنَّةُ التي | |
|
| بها رُدَّتِ الأعداءُ كُهمَ القواضبِ |
|
هي اللأمةُ التَقياءُ والمِغفَرُ الذي | |
|
| يَطيِشُ بهِ قصدُ السِهام الصوائبِ |
|
تميحُ بلا حَضٍّ ولا حَثِّ طالبٍ | |
|
| بها يَجِدُ الطُلَّابُ نُجحَ المَطالبِ |
|
فما رَذَلَت مَن شاءَ منها انتِخابَهُ | |
|
| ولا طَرَدَت من مجدِها نفسَ آئبِ |
|
تُسَرُّ بمَرآها القلوبُ وتختشي | |
|
| ومُجتَمَعُ الضِدَّينِ أَسنَى العجائبِ |
|
فتُوضِحُ من عظم البَهاءِ بمَوكِبٍ | |
|
| ومن فَرطِ إِجلال السَنَى في كتائِبِ |
|
اليكِ أُنادي يا بتولُ تشفَّعي | |
|
| إلى اللَهِ بي إذ لم تَرَي ردَّ طالبِ |
|
قِفِي رَي أَأمَّ اللَهِ غِيثي تَلَطَّفي | |
|
| أَعيني انجِدي إِهدِي اشدُدي أَزرَ عاطبِ |
|
أَسيرٌ كسيرٌ مُوجَعُ القلبِ بائِسٌ | |
|
| يَنُوحُ لَمِا أَبداهُ نَوحَ النوادبِ |
|
هَبِي سامحِي اعفي ارفُقي أَشفِقي اعطِفي | |
|
| أَمِيلي ارحَمِي أصغِي اسمعي صوتَ نادبِ |
|
ذليلٌ كليلٌ مُثقَلُ الذَنبِ آئسٌ | |
|
| يَسُحُّ الدِما لا الدمعَ سَحَّ السحائبِ |
|
أميحي امنحي وفي اكنفي حكمي ارفدي | |
|
| أنيلي اسمحي رقي اقبلي تحب نائب |
|
عليكِ سَلامُ اللَهِ ما دُمتِ مَلجَأً | |
|
| وظِلُّكِ مأمونٌ منيع الجوانبِ |
|
عليكِ سَلامُ اللَهِ ما ضاءَ كوكبٌ | |
|
| وما زَحزَحَت شمسٌ دُجونَ الغياهبِ |
|