مِن بَعد أهلِ قُبا وأَهلِ كَداءِ | |
|
| شَوقي يَزيدُ وَمِثل ذَلِكَ دائي |
|
وَلي الشِفا في قُربِهم وَهُمُ جَلا | |
|
| ما في الخواطِرِ مِن صَدا وَصَدائي |
|
وَنَسيمُ طيبَةَ أرضِهِم يا لَو سَرى | |
|
| نَحوي لأَطفَأَ حُرقَةَ الأَحشاءِ |
|
لَو أَنَّهُ جَرَّ عَلى جَرعا الحِمى | |
|
| وَعَلى العَروض الذَيلَ في الإِسراءِ |
|
لَأَراحَ أَرواحاً قَد آفناها الهوى | |
|
| لم يُبقِ مِنها الحُبُّ غَيرَ ذَماءِ |
|
وَتَقَرَّ عيناً بالعَقيقِ جَرَت عَلى | |
|
| سُكّانِهِ لَو يَعلَمونَ بُكائي |
|
لَكِنَّهُ بُعدُ المزارِ فَأَينَ مِن | |
|
| تِلكَ المَعاهِدِ ساكِنُ الحَمراءِ |
|
بانوا وَهاجَ الشَوقَ ذِكرُ رُبوعِهِم | |
|
| ذاتِ السَنا والنورِ والأَضواءِ |
|
وَشَدا بِهِم حادي الرِكابِ فَكمادَ أن | |
|
| تَدَعَ القُلوبُ جُسومَها بفَضاءِ |
|
وَتَطيرَ قضبلَ الرَكبِ للسَكَنِ الَّذي | |
|
| سَكَنَ الحِمى وَاِزوَرَّ عَن إيماءِ |
|
يا سَعدُ لَو أَنَّ الزَمانَ مُساعِدي | |
|
| وَيُجيبُ مَع ذا البُعدِ بَعضَ نِدائي |
|
لَرَكِبتُ حَرفاً كَالهِلالِ مُنافِراً | |
|
| لِلهَمزِ إِلّا في المُنادِيَ النائي |
|
وَلَجُبتُ أَجيابَ الفَلا وَطَوَيتُها | |
|
| طَيَّ المُلا بِنَجيبَةٍ قَوداءِ |
|
شِمليلُ تَتركُ بِالفَضا شَملَ الحَصى | |
|
| زِيَماً وَشَملُ الوَصلِ غَيرُ نَساءِ |
|
وَإِذا اِستَوَيتُ سَرَت وَأَصبَحَ دونَها | |
|
| ريحُ الشَمالِ وَمَسرحُ النَكباءِ |
|
تَختاضُ في جَوفِ الظَلامِ كَأَنَّها | |
|
| سِرٌّ تَوَلَّجَ في ضَميرِ حِجاءِ |
|
وَتُخالُ في لُجَجِ السَرابِ سَفينَةً | |
|
| تَجري القِلاعُ بِها بِريحِ رُخاءِ |
|
مَهرِيَّةً مَهَرَت وَأَمهَرَ خُفِّها | |
|
| دَركُ المُنى مُتَداخِلُ الحَصباءِ |
|
تِلكَ المَطِيَّةُ تُمتَطى يا سَعدُ في | |
|
| إِعمالِ زَورَةِ طيبَةَ الغَرّاءِ |
|
فَهَلل أَنزِلَنَّ بِها المُحصَّبَ مِن مِنىً | |
|
| وَأَزورُ بَعدُ مَعاهِدَ الزَوراءِ |
|
وَأَيّاً كانَ يَزورُ فيها المُصطَفى | |
|
| روحٌ يُنَبِّئُهُ بِسِرِّ سَماءِ |
|
وَبِهِنَّ قَد أَدى إِلَيهِ رِسالَةً | |
|
| مُتَرَدِّداً بِسَحائِبِ الإيحاءِ |
|
فَأحُطَّ عَنها الرَحلَ ثُمَّ مُخيِّماً | |
|
| في ظِلِّ أَحمَدَ بُغيَتي وَمُنائي |
|
وَأُمَرِّغَ الخَدَّينِ مُلتَثِماً ثَرىً | |
|
| وَطِئَتهُ رِجلا خاتِمِ الأَنبياءِ |
|
والي الذِمامِ مُحمَّدُ المَبعوثُ مِن | |
|
| غُربٍ يُضافُ لَها حِمى البَطحاءِ |
|
بَطحاءِ مَكَّةَ مِن صَميمِ نِجارِها | |
|
| في الذَروَةِ المَيمونَةِ الغَرّاءِ |
|
المُصطَفى مِن نَسلِ آدَمَ وَالوَرى | |
|
| في ظُلمَةِ العُدمِ القَديمِ الشاءِ |
|
سِرُّ الوُجودِ وَقُدرَةُ الكَونِ الَّتي | |
|
| شَمَلَت وَأَذَّنَ غَيثُها بِثَراءِ |
|
غَيثُ العَوالِمِ رَحمةُ اللَهِ الَّتي | |
|
| شَمَلَت وَأذَّنَ غَيثُها بِتَراءِ |
|
مُحيي الهُدى ماحي الضَلالَةِ وَالرَدى | |
|
| بِالبيضِ وَالخِطِّيَّةِ السَمراءِ |
|
والمعجِزاتِ اللاتِ أَعجَزَ ذِكرُها | |
|
| ذِكرَ الحَكيمِ مَصاقِعِ البُلَغاءِ |
|
وَعَنَت لَهُ عُربُ البِطاحِ وَأذعَنَت | |
|
| فُصَحاؤُها وَشَقاشِقُ العُرباءِ |
|
صُوَرٌ قَد أَحكَمَتِ البَلاغَةُ نَظمَها | |
|
| ما إن يُقاسُ بِدُرِّهِ اللَألاءِ |
|
خَصَّ الإِلهُ بِها النَبِيَّ مُحمداً | |
|
| خَيرَ الخَلائِقِ صَفوَةَ الكُرَماءِ |
|
وأمدَّهُ بالروحِ وَالآيِ الَّتي | |
|
| تَعدادُها يُربي عَلى الإِحصائِ |
|
صَلّى عَلَيهِ اللَهُ ما نَسَخَ السَخا | |
|
| لُؤماً وَما أَجلى الدُجى اِبنث ذُكاءِ |
|
وَعضلى صَحابَتِهِ الكِرامِ وَآلِهِ | |
|
| أَكرِم بِهِم مِن سادةٍ فُضَلاءِ |
|
وَأَكرِم بِوارِثِ مَجدهِهِ وَعَلائِهِ | |
|
| سِبطِ الرِسالَةِ عِزَّةِ الأَبناءِ |
|
المُنتَقى مِن جَوهَرِ الشَرَفِ الَّذي | |
|
| نافَت نَفاسَتُهُ عَنِ الأَكفاءِ |
|
خَيرُ الخَلائِفِ أَحمَدُ المَنصورُ مَن | |
|
| حازَ الكَمالَ وَشَوطُ كُلِّ عَلاءِ |
|
وَسَما بِهِ المَجدُ الرَفيعُ وَزانَهُ | |
|
| بمَناقِبٍ أَربَت عَلى الإِملاءِ |
|
أَحضى بِها فَلَكُ العَلاءِ مُدَبَّجاً | |
|
| بسَما يَفوقُ كَواكِبَ الخَضراءِ |
|
وَغَدا بِهِ المَولى الإمامُ مُخيِّماً | |
|
| فَوقَ الدَراري في سَنىً وَبَهاءِ |
|
مَلِكٌ إِذا اِستَبَقَ المُلوكُ إِلى مَدىً | |
|
| حازَ الخِصالَ دُوَينَها بِوَفاءِ |
|
وَإِذا الزَمانُ عَدا وَجارَ أَجارَ مِن | |
|
| أَحداثِهِ وَكَفى عِدى اللَأواءِ |
|
فَيردُّها بِالرَغمِ تَركَبُ رَدعَها | |
|
| بِشَهامَةٍ وَنَباهَةٍ وَدَهاءِ |
|
طَلّابُ غايات العُلى نَيّالُها | |
|
| كَشّافُ كُلِّ عَظيمَةٍ دَهياءِ |
|
ماضي الصَريمَةِ وَالصَوارِمُ شاغِلٌ | |
|
| بِالرُعبِ أُسدَ العابِ عَن إِجراءِ |
|
مَن لا يَزالُ المُلكُ يُلفي عِندَهُ | |
|
| ما شاءَ مِن نُجحٍ وَمِن آراءِ |
|
الصارِمُ الهِندِيُّ في يُمنِ الهُدى | |
|
| وَالكَوكَبُ الوَضّاءُ في الظَلماءِ |
|
وَالمُرسِلُ النَقعَ المُصَعَّدَ في الوَغى | |
|
| سَيحاً وَصَيِّبُهُ دَمُ الأَعداءِ |
|
قَد عَوَّدَ المَنصورُ مِنهُ سُيوفَهُ | |
|
| وَرِماحَهُ أَيّاً يَفي بِجَناءِ |
|
لَكِن جَنى فَتحٍ كَمِثلِ المُجتَنى | |
|
| بِالقَصرِ أَو بِالنَيلِ دونَ إِباءِ |
|
فَالقَصرُ جَرَّ لِقَيصَرَ الحَتفَ الَّذي | |
|
| أَبقاهُ مُنقَطِعِ العُرى بِعَراءِ |
|
قَد جَدَّلتهُ ظُبى الإِمامِ وَغادَرَت | |
|
| مَن مَعهُ بَينَ مُصَرَّعٍ وَسِباءِ |
|
وَالنَيلُ نالَ بِهِ الخليفَةُ فَتحَ ما | |
|
| قَد كانَ قَبلُ أَصَمَّ في عَمياءِ |
|
مِن كورَةٍ عَبَدَ العَبابيدُ الهَوى | |
|
| فيها وَلَمّا يَعدِلوا بِهَواءِ |
|
وَاِستَأسَدَ العَدوى بِها وَاِستَنسَرَت | |
|
| فيها البُغاثُ قَديمةُ الأَخطاءِ |
|
حَتّى أَتَتهُم عَزمةٌ عَلَوِيّةٌ | |
|
| كَالنَجمِ لا تَلوي عَلى مَتناءِ |
|
فَرَمَت مُشاجيها بِرَجمٍ كانَ في | |
|
| أَحشا صَواعِقَ دُبِّرت لِبَلاءِ |
|
وَنَضى عَلى السودانِ بيضاً عُوِّدَت | |
|
| إِن صالت آن تُجلي الصَدا بِدماءِ |
|
فَاستَأصَلَت حِزبَ البُغاةِ وَطَهَّرَت | |
|
| أَرضَ الجَنوبِ مِنِ اِحتِماءِ إِذاءِ |
|
هِيَ عَزمَةٌ بَرَتِ العِدا فَقُلوبُهُم | |
|
| في غايَةِ الإيجافِ وَالإِضناءِ |
|
نَفَذَت مَقاتِلَهُم بِرَأيِ مُؤيَدٍ | |
|
| قَبلَ الوَغى وَتطاعُنِ الأُكماءِ |
|
قَد صارَ فَتحُ بِلادِهِم مِفتاحَ ما | |
|
| لَم يَفتَحِ المَنصورُ مِن أَرجاءِ |
|
كَم مومِنٍ قَد أَبهَجَتهُ وَكافِرٍ | |
|
| تَرَكَتهُ مَطوِيّاً عَلى الضَرّاءِ |
|
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي بِسُيوفِهِ | |
|
| حاطَ الهُدى وَبِرَأيِهِ الوَضاءِ |
|
وَقَضى لَهُ السَعدُ المُقيمُ عَلى العِدى | |
|
| أَن يَملِكَ القُربى مَعَ البُعداءِ |
|
ذَخَرَ الإِلَهُ لَكَ الفُتوحَ وَصانَها | |
|
| كَالزَهرِ في الأَكمامِ وَالأَوعاءِ |
|
فَاِضرِب بِسَيفِكَ ذي الفَقارِ طُلى العِدى | |
|
| فَالسضعدُ يَفصِلُ بِالضَمانِ قَضائي |
|
لا بُدَّ مِن فَتحٍ يَروقُكَ واضِحٍ | |
|
| كَالصُبحِ بَدرِيِّ النِجارِ كَدائي |
|
وَسَتَملِكُ الحَرَمَ الشَريفَ وَيَنتَمي | |
|
| لِلِوائِكَ المَنصورِ دونَ مِراءِ |
|
وَثَرى الجِهاتِ وَقَد أَتَت مُنقادَةً | |
|
| بِظُبى بَنيكَ السادَةِ النُجَباءِ |
|
وَقَقَرَّ عَيناً بِالخِلافَةِ مِنهُمُ | |
|
| وَزَرُ البَرِيَّةِ عِزَّةُ الأُمَراءِ |
|
بِمُحمَّدِ المامونِ خيرِ مَنِ اِرتَقى | |
|
| دَرَجَ الكَمالِ وَدَبَّ لِلعَلياءِ |
|
فَرعٌ سَيَحكي أَصلَهُ وَلَقَد حَكى | |
|
| لِمَقاصِدٍ قَد سُدَّدَت لِرِماءِ |
|
وَشَهامَةٍ وَحَزامَةٍ وَرَزانَةٍ | |
|
| تَصِفُ الجِبالَ وَعِفَّةٍ وَوَفاءِ |
|
أَوقَفتَ آمالَ الوَرى مِنهُ عَلى | |
|
| مَلِكٍ أَغَرَّ مُمَلّأَ بِذَكاءِ |
|
لا زِلتَ مَسروراً بِهِم وَمُمَتَّعاً | |
|
| وَالكُلُّ مِنكَ مُمَتَّعٌ بِرَضاءِ |
|
وَليَهنِكَ العيدُ الَّذي عادت بِهِ | |
|
| لَكُمُ السَعادَةُ في بِساطِ هَناءِ |
|
شَرَّفتَ مِنهُ صَباحَ مَولِدِ جَدِّكُم | |
|
| وَأَذَعتَ فيهِ عَبيرَ كُلِّ ثَناءِ |
|
فَأتى بَديعاً في الوُجودِ زَمانُهُ | |
|
| وَأَفادَ ابنَ ذُكاءِ آيُ رُواءِ |
|
وَأَتى بِهِ عَلَمُ الصَباحِ مُحاكِياً | |
|
| لِلوائِكَ المَنصورِ في الهَيجاءِ |
|
وَلَويتَ فيهِ عَبّاسِ الدُجى | |
|
| وَكَفَيتَ ناظِرَهُ عَنِ الأَضواءِ |
|
فَأَتَيتُ فيهِ مُغَرِّداً بِثَنائِكُم | |
|
| وَقَد أَنطَقَتني ذِروَةُ النَعماءِ |
|
وَبِها شَعَرتُ وَلَستُ قَبلُ بِشاعِرٍ | |
|
| وَالبَذلُ يُنطِقُ أَلسُنَ الشُعَراءِ |
|
وَبِكُم مَساعِيَ أَصبَحَت مَقرونَةً | |
|
| بِسَعادَةٍ تُدني المُنى وَنَماءش |
|
وَبِكُم لَنا لأنَ القَريضُ وَقَد غدا | |
|
| عَبداً يُجيبُ مَتى دَعَوتُ نِدائي |
|
وَبِمَدحِكُم يا اِبنَ النَبِيِّ جَرى لَنا | |
|
| حُكمٌ عَلى مَدحِ الفَصيحِ الطائي |
|
دُمتُم وَدامَ النَصرُ يَحدُمُ مُلكَكُم | |
|
| ما دامَ طودُ يَلَملَمٍ وَحِراءِ |
|
وَبَقيتَ تَجني الفَتحَ مِن أَرضِ العِدى | |
|
| ما هَزَّ غُصنَ البانِ ريحُ صَباءِ |
|
وَتطارَحَ القُمرِيُّ أَلحاناً عَلى | |
|
| دَوحٍ فَراقَ بِنَغمَةِ الوَرقاءِ |
|