إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
أسبح عكس التيار |
خارج قطيع الأسماك المذعورة لأعود اليك .. |
وها أنا من جديد هناك |
في بيروت المكنفة بفلاشات عدسات التصوير |
وروائح احراق النفايات و الجثث |
وظلال الحرائق على أعمدة البكاء |
كمدينة ضربها الطاعون |
طالعة من أساطير اللعنة |
وأكمام العصور المنقرضة ... |
*** |
حتى النوافذ تنكرت لنا |
ولم نعد نرى عبرها |
ولكن يرانا المسلحون من الخارج بوضوح |
ونحن نلملم أطراف الحذر |
ونأوي كالجراذين الى أوكارنا في الدهاليز |
حين يرفع القصف عقيرته بالنباح الأسود... |
*** |
اقترفت خطيئة فتح نافذة للتجسس على الشمس |
شاهدت الرجل المسلح يختال في الأرض مرحا |
على جثث الشوارع الخاوية ... |
ذراعه بندقية |
لم تعرف طلقاتها غير قلوب الأبرياء و الأطفال ... |
شاهدت أوراق الأشجار تموت و تتساقط حين مر |
والأزهار تذبل فجأة |
والألوان تهرب من المرئيات |
مثل صورة تلفزيونية ملونة |
تستحيل بيضاء و سوداء .. |
والعصافير تطلق صيحات الذعر |
وهي تفر من دربه ... |
والسيارات تنقلب على ظهرها |
كالصراصير المعدنية الميتة ... |
والمسلح يمشي |
تتصاعد أبخرة الكبريت الخانقة من أنفاسه |
الحوامض الكاوية تتفجر من موضع قدميه... |
عند المنعطف التقى بالمسلح ضبع مخيف... |
فانضم اليه بعدما تعانقا بحرارة... |
أغلقت النافذة |
أحصيت أعضائي.. |
تلمست بطاقة سفري... |
*** |
ولم تعد الغابات ملعبنا و الشطآن الليلية |
ها نحن محشوران داخل بكاء الأطفال في الملجأ |
والفئران تقرض أطرافنا و بطاقات هويتنا و أحلامنا... |
ونحيب خافت لمشلولة يصم اذاننا كالقصف.. |
ولد صغير يسأل بالحاح مخبول كلما سقطت قذيفة |
ماذا يحدث؟ |
من يجرؤ على أن يقول له |
أنهم يحاولون اقتسام الجوهرة المسروقة النادرة |
منذ ثلاثة عشر عاما و يفشلون؟... |
من يجرؤ على أن يشهد عكس الريح؟ |
*** |
عبثا يسطون على دفء القلب |
اني أتذكر ... |
أحارب الجدران بنوافذ الحلم .. |
ذلك الصباح منذ ألف عام |
وجدتك مرميا على الشاطىء أمامي |
شهيا و دافئا كعشبة بحر استوائية |
لكنني أعدتك الى الموج.. |
شكوت لي الملمس البارد لعرائس المحيطات |
وأهديني مركبك |
فصنعت من سرير عرس |
عبثا يحوله ضباع الليل و دبابيره |
الى تابوت .. |
*** |
هذا ليس زمنك |
أيها المرهف شفافية و عذوبة |
هذا زمن اعدام العصافير |
والأطفال و الفراشات و النجوم ... |
وأنت تدفق الحنان صوب كائنات الله كلها ... |
هذا ليس زمنك |
لكنني أشهد عكس الريح |
على أن حبك وحده سيبقى |
وأزهارك الربيعية اتية من ميتاتنا العديدة... |
لتنمو كنباتات الأساطير |
فوق القبور المنبوشة |
وأشلاء المخطوفين.. |
وشفاه شققها الأنين... |
وسأظل أحبك عكس الريح |
ريثما يطلق الموت سراحي |
...... |