أَناصِر دينَ اللَهِ جاءَكُم النَصرُ |
فَجاءَتكُم العَليا وَأَنتُم لَها ظَهرُ |
هَنيئاً إِلى العَلياءِ أَنّكَ ظَهرُها |
لَقَد زِنتُم العَليا فَزانَ لَها الفَخرُ |
بِأَنَّكَ بَحرٌ لِلنَفائِسِ كُلِّها |
وَأَنَّكَ بَحرٌ لا يُرامَ لَهُ قَعرُ |
وَأَنَّكَ بَحرٌ لِلرَغائِبِ كُلِّها |
وَأَنَّكَ بَحرٌ لا يُقاسُ بِهِ بَحرُ |
وَنيلكُم بِحرٌ يَضيقُ لَهُ الفَضا |
وَلَو شِئتَ نَشرَ النورُ لَم يُمكِنِ النَشرُ |
كَأَنّيَ بِالعَلياءِ تَسأَلُ رَبَّها |
يُطيلُ بَقاءَ الشَيخِ مُدَّ لَهُ العُمرُ |
لَعَلَّ إِلَهَ العَرشِ ينعشُ خَلقَهُ |
بِإِحسانٍ بِهِ يَخجَلُ القَطرُ |
إِذا بِإِلَهِ الخَلقِ قالَ لَها اِبشِري |
بِإبقائِهِ حِصناً لَهُ النَهيُ وَالأَمرُ |
أَجابَ دُعاها رَبُّنا وَإِلَهُنا |
بِإِعطائِها سُؤلاً لَهُ الحَمدُ وَالشُكرُ |
سَلامي عَلى عالي الجَنابِ فَإِنَّهُ |
لَإِنسانُ عَينِ الدَهرِ بَل يَعظُمُ القَدرُ |
سَلامي عَلى البَحرِ الِخضَمِّ وَشِبلِهِ |
سَلامي عَلى مَن بِاِسمِهِ يُشرَحُ الصَدرُ |
سَلامي عَلى الكَهفِ الأَظَلِّ وَرَهطِهِ |
سَلامي عَلَيكُم لا يَقومُ بِهِ الحَبرُ |
سَلامي عَلَيكُم شَيخَنا وَاِبن شَيخِنا |
وَأَصحابِهِ بِالبِرِّ يُستَعبَدُ الحُرُّ |
سَلامي عَلَيكُم ما حَييتُ فَإِنَّهُ |
يُعيدُ نَشاطي إِذ يَكونَ بِهِ البشرُ |
سَلامي عَلَيكُم بِالصَباحِ وَبِالمسا |
سَلامي عَلَيكُم لا يَكونُ لَهُ حَصرُ |
قَصَدتُكَ مُشتاقاً وَجِئتُكَ زائِراً |
فَيَقبُحُ مِن مِثلي لِمِثلِكُمُ الهَجرُ |
وَلَم أَكُ قَوّالاً وَلَم أَكُ ناظِماً |
وَلَكِن صَفا وُدّي فَلَذَّ لِيَ الشِعرُ |
فَوُدّي بِلا خِبٍّ وَذا الناس وُدُّهُم |
مَشوبٌ تَساوى عِندي السِرُّ وَالجَهرُ |
فَإِن كُنتَ في شَكٍّ مِنَ الأَمرِ فَاِختَبِر |
مَن اِختَبَرَ الأَصحابَ بانَ لَهُ الخَبرُ |
كَذَلِكَ أَسلافي عَلى حُبِّكُم مَضَوا |
فَأَنتُم لَنا كَنزٌ وَأَنتُم لَنا ذُخرُ |
وَأَنتُم لَنا عِزٌّ وَأَنتُم لَنا حِمى |
وَأَنتُم لَنا رَفدٌ وَأَنتُم لَنا أَزرُ |
وَفَضلكُمُ الجَمُّ الَّذي لَيسَ فَوقَهُ |
لَدى الخلقِ في الأَنصافِ فَضلٌ لَهُ ذِكرُ |
وَجَنبكُم رَحبٌ إِذا ما جَنى اِمرُؤٌ |
وَآبَ إِلَيكُم تائِباً يُغفَرُ الوِزرُ |
وَإِحسانكُم قَد ما عَرَفتُ وَمِنكُمُ |
فَمَدحيكُمُ شُغلي إِذا ما طَرا ذِكرُ |
مَلَكتُم خِصالاً قَد عَلَت وَمَناقِباً |
فَأَوجُهكم غُرٌّ وَأَقدامُكُم خُضرُ |
وَأَيديكُمُ سُحبٌ وَرُؤيَتُكُم هُدى |
وَقُربُكُمُ غِنى وَبُعدُكُم فَقرُ |
سَجاياكَ غُرٌّ لَو جَمَعتَ جَميعَها |
بِسِفرٍ مِنَ القُرطاسِ ضاقَ بِهِ السِفرُ |
فَوَجهُكَ هَشّاشٌ وَثَغرُكَ باسِم |
وَجودُكَ فَيّاضٌ وَأَخلاقُكَ الزُهرُ |
أَلَيسَ عَجيباً هَجرُكُم لِمُحِبِّكُم |
وَبَحرُ النَدى مَدٌّ وَلَيسَ لَهُ جَزرُ |
أَجزني جَزيلاً تُجزَ خَيراً فَبِالهُدى |
لِمَن جاءَ إِخلاصاً بِصالِحَةٍ عَشرُ |
وَأَقبَلَ بِقَلبٍ كانَ مِن قَبلُ مُقبِلاً |
يُقابِلكَ بِالإِقبالِ مالِكنا الوِترُ |
مُحَمَّدٌ يَرجو صَفحَكُم عَن تَقاعُدٍ |
عَنِ الحَضرَةِ الغَرّا فَمِنكُم لَهُ العُذرُ |
أُريدُ مَجيئي نَحوَكُم فَتَعوقُني |
عَوائِقُ لا تُحصى وَأَكبَرُها الدَهرُ |
كَأَنَّ بِلادَ الشَيخِ كَعبَةُ رَبِّنا |
بِها مَجمَعُ القُصّادِ وَالحَشرُ وَالنَشرُ |
رَأَوكَ مُحِبّاً لِلعَطاءِ فَبادَروا |
إِلَيكَ سِراعاً لا يَصُدُّهُمُ الحَجرُ |
رَأَوكَ مُحِبّاً لِلصِلاتِ فَواصَلوا |
إِلَيكَ سُراهُم لا يَصُدُّهُمُ البَحرُ |
وَتَلقى لَدى الإِعطاءِ كَفّاكَ راحَةً |
كَراحَةِ أَنفٍ حينَ مازَجَهُ العِطرُ |
وَتَرتاحُ لِلوُفّادِ رَوحاً وَراحَةً |
فَمروحكَ الإِعطاءُ دامَ لَكَ اليُسرُ |
إِذا مُملِقٌ أَضحى بِظِلِّكَ لائِذاً |
يَزولُ بِكَ الإِملاقُ وَالعدمُ وَالعُسرُ |
لَقَد طَبَّقَ الآفاقَ جودُكَ وَالنَدى |
فَلَم يَبقَ أُفقٌ وَهوَ مِن جودِكُم صِفرُ |
لَقَد عَشِقَ الإِحسانَ طِفلاً وَيافِعاً |
عَنِ اللُطفِ بِالإِخوانِ لَيسَ لَهُ صَبرُ |
أَجازَ فَحازَ المَجدَ مِمّا أَفادَهُ |
وَجادَ فَسادَ الناسَ وَاِنتَشَرَ الذِكرُ |
فَحاتمُ المَشهورُ في الجودِ دونَهُ |
كَذا أَحنَفٌ في حِلمِهِ حِلمُهُ نَزرُ |
وَسَحبانُ أَيضاً لا يُوازيهِ مَنطِقاً |
وَفي الحَربِ وَالهَيجا يقل لَهُ عَمرُو |
يَفوقُ إِياساً في ذَكاءٍ وَفِطنَةٍ |
كَذا في سَناهُ يصغر الشَمس وَالبَدرُ |
وَيَعلو عَلى كِسرى وَقَيصَرَ عَدلُهُ |
يَلينُ بِهِ القاسي وَيَنفَجِرُ الصَخرُ |
إِذا أَنتَ قايَستَ الكَريمَ بِكُلِّ مَن |
عَلا قَدرُهُ في الناسِ ولَم يَحصُلِ العَشرُ |
لَقَد جُبتُ آفاقَ البِلادِ فَلَم أَجِد |
لَهُ ثانِياً فيها وَقُل لَهُ الكَثرُ |
فَلا تَتَّهِمني في الثَناءِ فَإِنَّني |
وَجَدتُ جَواداً دونَهُ النَظمُ وَالنَثرُ |
وَإِنَّ وِداداً صادَفَ القَلبَ فارِغاً |
أَثارَ مَديحي فَالقَبولُ لَهُ مَهرُ |