إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
مَشْغُولَةٌ بِمُرُورِهَا رِيحٌ |
تُدَلِّكُ خُضْرَةَ الأشْجَارِ مِنْ حَرِّ النَّهَارِ بِأُصْبُعَيْ نَسَمٍ.. |
تَشِي |
لِلْعُشْبِ وَالنَّخْلِ الْفُضُولِيِّيْنِ لَيْلاً |
مَا يَدُورُ بِقَرْيَتِي مِنْ وَشْوَشَاتِ النَّاسِ فِي أُذُنِ الْبُيُوتِ الصُّمِّ.. |
لَيْسَ يَرَاهُمُو إِلا السَّمَاءُ |
وَعَيْنُ مِصْبَاحٍ تُعَانِي مِنْ نَحَافَةِ ضَوْئِهِا الْقَرَوِيِّ |
شَاكِيَةً إلى الْجُدْرَانْ |
وَأَنَا أُدَلِّكُ وَحْدَةَ الأَوْرَاقِ بِالْكَلِمَاتِ |
بِالنَّظَرِ الْمُثِيرِ لِدَمْعَةٍ أُخْرَى عَلَى خَدِّ الْحُرُوفِ.. |
بِأُصْبُعَيْ حِبْرٍ مُجَرَّحَتَيْنِ |
مُنْذُ أَرَادَتَا أَنْ تَنْبُشَا بَيْنَ السُّطُورِ.. |
فُرُبَّمَا تَجِدَانِ لِي وَجْهِي، وَيَطْلُعُ لِلْكَلامِ يَدَانْ |
وَالْحَقْلُ مُضَّجِعٌ بِكُلِّ رَزَانَةٍ |
وَعَلَيْهِ مِنْ نَسْجِ الْمَسَاءِ مُلاءَةٌ خَضْرَاءُ قَاتِمَةٌ |
وَمَنْقُوشٌ بِهَا رَقَصَاتُ غُصْنٍ |
لَمْ يَزَلْ فِي حِضْنِ وَالِدَةٍ مِنَ الشَّجَرَاتِ سَهَّارًا.. |
وَيَلْعَبُ لُعْبَةَ الأَغْصَانْ |
الرِّيحُ.. |
وَالليْلُ الّذِي يَحْكِي تَفَاصِيلَ الْهُدُوءِ |
بِلَهْجَةٍ قَرَوِيَّةٍ.. |
وَالْحَقْلُ فِي سِنَةٍ مِنَ الأَشْغَالِ.. |
يَبْعَثُ فِي بَرِيدِ الرِّيحِ عِيدًا مِنْ رَحِيقِ الطِّينِ.. |
يَا بَلَدِي |
فَتَغْتَسِلُ الْقُرَى فِي عِيدِ مِيلادِ الثَّرَى.. |
وَتَطِيرُ فِي مَلَكُوتِهِ الرِّئَتَانْ |
أَنَا فِي الْبَرِيدِ قَرَأْتُ أَوْرَاقَ السِّنِينَ الْخُضْرِ |
وَالعُصُرِ الْعِجَافِ.. |
وَأَنْتِ أَنْتِ أَمِيرَةٌ صَفَّتْ عُصُورَ الْمَجْدِ فَوْقَ جَبِينِهَا تَاجًا.. |
وَمِنْ صَوْتِ الْحَمَامِ ضَفِيرَتَيْنِ تُرَتِّلانِ لِجِيدِهَا سُوَرَ السَّلامِ.. |
وَمِنْ نَزِيفِ جُرُوحِهَا إِنْسَانْ |
وَنَظَمْتِ مِنْ شُهَدَاءِ حُبِّكِ عِقْدَ قَمْحٍ طَارِحٍ فِي صَدْرِكِ الْعَرَبِيِّ |
نَصْرًا بَعْدَ عُسْرٍ.. |
حِضْنُكِ الْمِصْرِيُّ نَهْرٌ مِنْ أَمَانِ النُّورِ يَا بَلَدِي لِنَسْلِ النُّورِ.. |
نَارٌ لِلّذِينَ تَلَوَّنَتْ أَرْوَاحُهُمْ بِدَمِ الظَّلامِ وَشَهْوَةِ النِّيرَانْ |
وَالنِّيلُ كَأْسُكِº فَاشْرَبِي مِنْ خَمْرِ أَزْمَنِةٍ مُشَمَّسَةٍ |
بِكِلْمَاتِ السَّمَاءِº وَهُنَّ أَبْكَارُ الشُّرُوقِ وَآخِرُ الأَدْيَانْ |
النَّيلُ كَأْسُكِº عُتِّقَتْ فِي أُغْنِيَاتِ الصَّبْرِ.. |
لَوَّنَهَا دَمُ الثَّورَاتِ.. |
سَكَّرَ طَعْمَهَا أَنْ تَرْجِعِي لِبَنِيكِ سَالِمَةً.. |
وَإِنْ شَرِبَتْ حَلاوَتُهُا دُمُوعَ الفَقْدِ مِنْ جَفْنَيْكِ يَا إِيزِيسْ |
مَنْ فَازَ مِنْهُ بِشَرْبَةٍ |
سَكَنَتْ بِوَاحَةِ قَلْبِهِ غِزْلانُ عِشْقِكِ.. |
هَذِهِ الْغِزْلانُ فِي أَمْوَاجِ نِيلِكِ مُنْذُ سَالَ عَلَى |
خُدُودِ الْمَاءِ دَمْعُ دِمَاكِ مِنْ شُِرْيَانِ أُوزِيرِيسْ |
يا بِنْتَ يُوسُفَ |
تَخْرُجِينَ مِنَ الْمَنَامِ رُؤًى تُغَسِّلُ مِنْ دِمَاءِ الذِّئْبِ |
قُمْصَانَ الشُّعُوبِ.. |
وَتَمْنَحِينَ نَسِيجَهَا الْمَظْلُومَ حُكْمًا بِالْبَيَاضِ لِمَرَّةٍ أُخْرَى.. |
وَلَوْ حَبَسُوكِ فِي بِئْرٍ مُعَطَّشَةٍ.. |
وَبَاعُوا فِي سُجُونٍ مِنْ دُجًى نَفَسَيْنِ مِنْ رِئَتَيْكِ.. |
وَاغْتَنَمَتْ نَوَاطِيرُ البَلاطِ سَذَاجَةَ السُّلْطَانِ |
وَاتَّهَمُوا بُكَاءَكِ بالسَّحَابِ الْحُلْوِ |
وَاعْتَقَلُوا سَنَابِلَكِ الأَخِيرَةَ فَي جُيُوبٍ |
خُيِّطَتْ مِنْ ضِغْثِ قَانُونِ الْمَصَالِحِ.. |
تَخْرُجِينَ إِلَى الشَّوَارِعِ.. |
تَدْخُلِينَ الدُّورَ.. |
حَوْلَكِ سِرْبُ نُورٍ طَالِعٌ مِنْ سُورَةٍ خَضْرَاءَ فِي الْقُرْآنِ |
حَيْثُ يَعُودُ يُوسُفُ |
فِي يَدَيْهِ قَمْحُ تَرْحِيبٍ يُقَسِّمُهُ |
عَلَى أَحْفَادِ أَرْضِكِ بِالشّمَالِ وَبِالْيَمِينْ |
يُمْنَاهُ مِصْبَاحٌ إِلَهِيٌّ يُنَادِي الْمُؤْمِنِينْ: |
بَعْدَ انْتِحَارِ الليْلِ حَتَّى يَدْخُلُوهَا آمِنِينْ |
رِئَتَايَ تَحْفَظُ مِنْ رَحِيقِ الطِّينِ فُرْقَانِ انْتِمَائِي |
لِلْحُقُولِ الْمُشْرَبَاتِ بِخُضْرَتَيْ عَيْنَيْكِ يَا بَلَدِي |
وَ قَلْبِي فِي هَوَاكِ الْبَرِّ عَقْدُ حنينْ |
نَبْضِي يُوَقِّعُهُ بِحَرْفٍ سَائِغٍ لِلْعِشْقِ مُنْذُ سِنِينْ |
وَحَدِيقَةٌ فِي بَيْتِيَ الشِّعْرِيِّ |
تَشْهَدُ نَخْلَةٌ عَزْبَاءُ بَيْنَ نَبَاتِهَا الْمِصْرِيِّ |
حَالِفَةً عَلَى وَطَنِيَّتِي |
حَتَّى اسْأَلِي فِي أُغْنِيَاتِي التِّينَ وَالزَّيْتُونْ |
شُوفِي حُضُورَكِ فِي نَقَاوَةِ سُبْحَتِي |
شُمِّيهِ فِي أَنْفَاسِ وَرْدَاتِي |
وَذُوقِي رِقَّةَ الْكَلِمَاتِ فِي رُمَّانِ نَبْضَاتِي |
وَحِسِّي صُفْرَةَ الأَشْوَاقِ فِيَّ بِخَدَّيِ اللَّيْمُونْ |
أبدًا.. أَنَا الْمَفْتُونِ بِالْقَصَص الّتِي تُلْقِي بِهَا |
جُمَّيْزَةٌ مِنْ نَسْلِ أُوزِيرِيسَ فِي سَمْعِ الْهَوَاءِ |
بِوِقْفَةٍ مِنْ أَبْجَدِيَّةِ صَمْتِهَا الْمَنْقُوطِ بِالْوَرَقِ الْمُثَبَّتِ |
فِي جِدَارِ الرِّيحِ.. |
شَكَّلَتِ السُّكُوتَ بِأُغْنِيَاتِ حَفِيفِهَا الْمَوْزُونِ بِالتَّارِيخِ.. |
تَمْلكُ فِي مَلامِحِهَا حَفَاوَةَ جَدَّتِي بِي |
حَوْلِ مَائِدِةِ الْعَشَاءِ إِذَا سَهِرَتُ بِدَارِ جَدِّي لَيْلَةً مَرْزُوقَةً |
بِالْعَطْفِ مِنْ قَلْبِ السَّمَاءِ |
سَرَى مُبَاشَرَةً بِيُمْنَى جَدَّتِي فِي لَمْسَةٍ أُولَى عَلَى أَخْيَاطِ ثَوْبِي.. |
لَيْلَةٌ مَرْزُوقَةٌ بِالْقُرْبِ، وَالسَّمَرِ الطَّوِيلِ.. |
وَنَظْرَتَيْنِ بِعُمْرِ جَدِّي تُولَدَانِ وَسِيمَتَيْنِ |
عَلَى سَرِيرِ مَسَافَةٍ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَبَيْنِي |
تَمْلآنِ قَصَائِدِي ثِقَةً بِوَعْدِ سُعَادَ |
حِينَ تَعُودُ والْمَأْذُونُ فِي يَدِهَا |
وِفِي يَدِهِ قَسِيمَةُ زِيجَةٍ خَضْرَاءُ |
يُلْقِيهَا عَلَى وَجْهِ الْقَصِيدَةِ |
تُبْصِرُ الدُّنْيَا عَلَى شَفَتَيْكِ أُغْنِيَةً لِكَعْبٍ.. |
تَمْدَحِينَ بِهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ |
وَقَدْ أَتَاكِ خَلِيفَةً لِلصُّبْحِ فِي زَمَنِ الظَّلامِ |
لِكَيْ تَعِيشِي فِي صَلاهْ |
يَا جَدَّةَ الْجُمَّيْزِ.. |
فِي زَمَنٍ مِنَ الْعُشْب اللقِيطِ.. |
أَرَاكِ عَائِدَةً |
وَفِي بُسْتَانِنَا جُمَّيْزَةٌ مِنْ ذِكْرَيَاتِ الدَّهْرِ مَا زَالَتْ |
تُوَصِّي جِذْرَهَا بالأَرْضِ طُولاً |
خَضَّرَتْ فَرْعَينِ مِنْهَا كَيْ نُعَلِّقَ فِيهِمَا الأَنْوَارَ |
فِي حَفْلِ نَزُفُّ بِهِ سُعَادَ عَلَى سَلِيلِ الشِّعْرِ كَعْبٍ |
بُرْدُهُ النَّبَوِيُّ مَنْسُوجٌ بِخَيْطٍ مِنْ خُيُوطِ الْفُلْكِ |
تَسْبَحُ فِيهِ أَقْمَارٌ مِنَ التَّقْوَى.. |
وَنَجْمَاتٌ مُسَامِحَةٌ.. |
وَشَمْسٌ مِنْ أَمَان الدِّينِ.. |
وَالنَّاسُ الّذِينَ دُعُوا إِلَى حَفْلِ الزِّفَافِ تَذَوَّقُوا كَأْسَ النَّجَاهْ |
*** |
مَشْغُولَةٌ بِمُرُورِهَا رِيحٌ.. |
تُدَلِّكُ وَحْدَتِي بِنَسِيمِهَا الْمِصْرِيِّ.. |
وَالْكَلِمَاتُ بَيْنَ يَدَيَّ نَحْوَ زَمَانِكِ الآتِي سُعَاهْ |
يَحْمِلْنَ أَحْلامِي إِلَى عَيْنَيْكِ.. |
وَالأَوْرَاقُ لِلنَّجْوَى شِفَاهْ |
يَا مِصْرُ.. |
مُدِّي لِي طَرِيقِي فِي يَدَيْكِ |
فَأَلْفُ أُغْنِيَةٍ عَلَى سَطْرِي إِلَى عَيْنَيْكِ يَا أُمِّي مُشَاهْ |