المرء مرمى أسهم الحدثان |
وكذا المنيّة غاية الإنسان |
كل الذي هو ذو وجود هالك |
غير الإله وكل شيء فان |
إن الفتى ما زال يبني دهره |
والموت يهدم كل ما هو بان |
عجباً لمن طلب الحياة وكلّها |
تعب ولو طالت مدى الأزمان |
ما طيب عيش لا يزال منغّصاً |
بمرائر الأرزاء والأحزان |
يا طالب الدّنيا الدنيّة لم يزل |
أبداً يقاد لها بكل عنانِ |
لا تغترر جهلاً بلين خداعها |
فالموت عقبى ملمس الثعبان |
ودع الوثوق بزخرف من منيها |
فهي السراب يلوح للظمآن |
جبلت على ضرر فمن أبدت له |
ربحاً فغايته إلى الخسران |
والمرتجى منها الوفاء كطالب |
للماء في متضرم النّيران |
كم راقد في ظل لذّة عيشه |
قد بات من سطواتها بأمان |
شنّت عليه من الحوادث غارة |
تركته أشجى واله حيران |
أين الملوك وأين من قد شيّدوا |
سامي القصور وعالي البنيان |
لم تغن عاداً ثم كسرى بعده |
إِرمٌ ولا عالٍ من الإيوان |
قد قصّرت شقق الحياة لقيصر |
وجنت على كسرى أنو شروان |
ساست بني ساسان بالحتف الذي |
لم يحمدوه بهم بنو حمدان |
وهي التي قد أمكنت من حيدر |
سيف المرادي الخؤون الجاني |
ولقد دعت شمراً تحزّ يمينه |
رأس ابن فاطمة بحدّ يمان |
وتخيّرت سنن العمى لسنانهم |
حتى لقد علاّه فوق سنان |
ويلاه من كيد الزمان وفتكه |
بالأهل والأحباب والاخوان |
أفناهم موتاً بطاعون غدا |
فيهم يصول كفارس مطعان |
ما زال لما جاءهم من دأبه |
سلب النفوس بهم من الأبدان |
في الحرّ حلّ لديهم فاستشعروا |
لبس البياض به من الأكفان |
ذهلت به الولدان عن آبائهم |
والأمهات سهت عن الولدان |
فكأنه يوم القيامة كلّ مَنْ |
تلقاه فهو بنفسه في شان |
وكأنّهم زهر النجوم هوت إلى |
نحو المغيب ولات حين أوآن |
أو زهر روض كان غضّاً يانعاً |
فغدا غثاء يابس الأفنان |
وكأنهم سئموا الحياة لأنّها |
مقرونة بالهمّ والأشجان |
وتواعدوا أن يلتقوا تحت الثرى |
فأتوا لموعدهم بغير توان |
يتزاحمون على مناهل حتفهم |
فكان بهم ظمأ إلى الفقدان |
ولهم إلى نحو الهلاك تسارع |
كتسارع الشجعان للميدان |
بلغ الفناء لهم إلى أن قد غدا ال |
فاني بيوم منهم ألفان |
فترى الفتى في الصّبح يدفن غيره |
ويبيت مفتقراً إلى دفّان |
والناس إما هالك أو سالك |
نهج المهالك أو طعين عان |
سكنوا اللحود وجاوروا الديدان من |
بعد القصور وصحبة الأخوان |
وغدا النّياح بدورهم وقصورهم |
عوضاً عن النغمات والألحان |
لا درّ درّك يا حمام فكم ترى |
باعدت بالأحباب بعد تداني |
وشننت فيهم للنوائب غارة |
أودى بها القاصي معاً والداني |
يكفيك يا دهري فقد أفجعتني |
بشيوخ أحبابي وبالشبّان |
وجعلتني هدف النوائب قاصياً |
عن مسكني غَصْباً وعن أوطاني |
فبأصفهان ترى مناخ ركائب |
يوماً ويوماً في ثرى كاشانِ |
طوراً على ذللِ الركاب وتارة |
فوق المضمّرة العراب تراني |
ناءٍ عن الأهلين رهن مصائب |
فرد بلا صحب ولا أعوانِ |
لا صاحب أشكو له حزني ولا |
خلّ أبثّ له سرور جناني |
كم ذا بقلب صابر ألقى الردى |
وبكلّ خطب فادح يلقاني |
أَمِنَ الصَّفا قلبي خلقت فلم يكن |
ترتاع للأرزاء والحدثان |
يا صاح لا تنكر عليَّ تولّهي |
فبغير قلب قد غدا جثماني |
للقلب في دار السَّلام تقلّبٌ |
والجسم بالنيران في إيران |
أرض بها نيطت علي تمائمي |
وبها لنطق حُلّ عقد لساني |
ما لاح من أحيائها لي بارق |
إلاَّ استهلّت بالحيا أجفاني |
هي جنّة في الحسن بل هي جُنّة |
أوقى بها من كاشح أو شاني |
فسقى السّلام بصائب من جوده |
دار السلام بصيّب هتّان |
وكسى مرابعها النضارة كلّما |
خلع الربيع على غصون البان |
حتى تعود القضب لابسة لها |
حللاً فواضلها على الكثبان |