عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > بدوي الجبل > حنين الغريب

سورية

مشاهدة
4820

إعجاب
4

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

حنين الغريب

وفاء كمزن الغوطتين كريم
و حبّ كنعماء الشام قديم
وشعر كآفاق السماء تبرّجت
شموس على أنغامه ونجوم
يلمّ شفيق كوكبا بعد كوكب
و نسّق منها العقد فهو نظيم
معان بألوان الجمال غنيّة
كما زفّ ألوان الطيوب نسيم
ووشي كأحلام الشباب يصوغه
أنيق بأسرار البيان عليم
سقاني سلاف الشعر حتّى ترنّحت
دموع وغنّت لوعة وكلوم
ففي كلّ بيت ريقة أو سلافة
و ريحانة شاميّة ونديم
***
تطوّحني الأسفار شرقا ومغربا
و لكنّ قلبي بالشام مقيم
وأسمع نجواها على غير رؤية
كأنّي على طور الجلال كليم
وما نال من إيماني السّمع أنّني
أصلّي لها في غربتي وأصوم
ولا نال من قدري اغتراب وعسرة
يصان ويغلي الدرّ وهو يتيم
وللمجد أعباء ولكنّها منى
و للمكرمات الغاليات هموم
وخاصمني من كنت أرجو وفاءه
و للشّمس بين النيّرات خصوم
يلاقي العظيم الحقد في كلّ أمّة
فلم ينج من حقد الطّغام عظيم
ويقذى بنور العبقريّة حاسد
و يخزى بمجد العبقريّ لئيم
وتشقى على الحقد النّفوس كما انطوت
قلوب على جمر الغضا وحلوم
ولم يدر نعماء الكرى جفن حاقد
و هل قرّ عينا بالرّقاد سليم
ويزعم أنّ الحقد يبدع نعمة
و هيهات من نعمى البنين عقيم
وما بنيت إلاّ على الحبّ أمّة
و لا عزّ إلاّ بالحنان زعيم
ولا فوق نعماء المحبّة جنّة ولا فوق أحقاد النّفوس جحيم
هو الحبّ حتّى يكرم العدم موسر
و يأسى لأحزان الغنيّ عديم
وحتّى يريح الذّنب من حمل وزره
حنان بغفران الذّنوب زعيم
ويا ربّ قلبي ما علمت . محبّة
و عطر ووهج من سناك صميم
وآمنت حتّى لا أروم لبانة
تخالف ما تختاره وتروم
جلا نورك الدنيا لعيني وسيمة
فلم يبق حتّى في الهموم دميم
وسلّمت أمري لا من اليأس بل هوى
أصيل وإرث طاهر وأروم
فررت إلى قلبي من العقل خائفا
كما فرّ من عدوي المريض سليم
تألّه عقل أنت يا ربّ صغته
و كاد يردّ الميت وهو رميم
وضاقت به الدنيا ففي كلّ مهجة
هواجس من كفرانه وغموم
وأبدعت هذا العقل نعمى قطافها
فنون كأطياب الهوى وعلوم
ترفّ حضارات عليه وضيئة
و خير كإغداق السماء عميم
وغرّد في عدن لحورك شاعر
و غازل أسرار السماء حكيم
فما بال هذا العقل جنّ جنونه
فردّ ملاك الطّهر وهو أثيم
وزلزل منه البرّ والبحر كافر
بنعماك مرهوب الحتوف غشوم
وفي كأسه عند الصّباح سلافة
و في كأسه عند المساء سموم
ويعطي المنى ما تشتهي فهو محسن
و ينهب ما أعطاه فهو غريم
تحدّاك حتّى كاد يزعم أنّه
شريك لجبّار السّماء قسيم
وحاول غزو النّيرين فردّه
عن الذروة العصماء وهو رجيم
وكفّ عنان العقل قسرا فربّما
أثير بإلحاح السّفين حليم
جلت هذه الدّنيا لعيني كنوزها
لوامع يغري برقها فأشيم
أفانين من حسن وجاه ونعمة
معادن نور كلّهنّ كريم
ووشي به الألوان حيرى كأنّها
سماء فتصحو لمحة وتغيم
ولم أتردّد وانتقيت .. وحبّها
و أحلامها ما اخترت حين تسوم
قد اختصرت دنيا بقلبي وعالم
كما اختصر العلم الشتيت رقيم
وتوجز في قارورة العطر روضة
و توجز في كأس الرّحيق كروم
وأعرض إعراض الخليّ من الهوى
و بي من هواها مقعد ومقيم
وما حيلتي إن نمّ عن نفسه الهوى
هو العطر والعطر الزكي ّ نموم
تشابهت السّمراء والدّهر شيمة
كلا القادرين القاهرين ظلوم
وأكرمها عن كلّ لوم وأنثني
أعاتب قلبي وحده وألوم
ولو أنّ شعري دلّل الرّيم نافرا
تلفّت يجزيني الصبابة ريم
***
تبادهني عند البحيرة دمّر
و روض على أفيائها وشميم
وورق على شطّ البحيرة حوّم
و ورق على قلب الغريب تحوم
خيال جلا لي الشام حتّى إذا انطوى
تنازع قلبي عبرة ووجوم
وقرّبها ما شئت حتّى احتضنتها
و غابت بحار بيننا وتخوم
وحيّت من الرّوح الشاميّ نفحة
ولوع بأشتات الطّيوب لموم
ولاح صغاري كالفراخ وأمّهم
حنون كورقاء الغصون رؤوم
فراخ وإن طاروا وللريح ضجّة
و للرعد زأر في الدّجى وهزيم
فطرنا على حبّ البنين، سجيّة
تلاقى عليها عاذر ومليم
يشبّ الفتى منهم ويبقى لرحمتي
كما كان في عينيّ وهو فطيم
وهان بنعماء الطفولة ما درى
أهادن دهر أم ألحّ خصيم
غرير يبيّن القول بل لايبينه
طفور كأطلاء الظّباء بغوم
نزعت سهام القلب لمّا خلعته
عليه ونزع المصميات أليم
وجرت على قلبي فأخفيت أنّه
مدمّى بأنواع السّهام كليم
ولولاهم ماروّضتني شكيمة
و لا لان منّي في الصّعاب شكيم
***
وهيهات منّي في البحيرة دمّر
و سجع بوادي الرّبوتين رخيم
إذا لاح لي وجه البحيرة قاتما
ألحّ عليه عاصف وغيوم
فوجه أديم الشام طلق منوّر
و وجه بحيرات السماء قسيم
تعلّلت لا أشكو سقاما ولا أذى
بلى كلّ ناء عن هواه سقيم
ويحزنني دوح البحيرة عاريا
و أوراقه الخضراء وهي هشيم
وأبسط كفّي أقطف الماء عابثا
كأنّ المويجات الصّغار جميم
وتلك الظلال الحاليات عواطل
على كلّ أيك وحشة وسهوم
تعرّت من الغيد الملاح وطالما
تغطّى بأسراب الملاح أديم
رسوم هوى ما استوقفت خطو عابر
كما استوقفت ركب الفلاة رسوم
ولا لثم الحصباء فيها متيّم
يشمّ الهوى من عطرها فيهيم
يجلّلها اللّيل البهيم ومثله
ضحى كالدّجى غمر السواد بهيم
وشمس الضحى خود كعاب يضمّها
لغيران من صيد الملوك حريم
يردّ ويجلى عن كوى الغيم وجهها
كما ردّ عن باب البخيل يتيم
ويشكو الضحى من هجرها متوجّعا
و يوحشه هجرانها ويضيم
تأبّت على جهد الضحى فكأنّها
من الغيد مكسال الدلال نؤوم
وضمّ الظلام السكب ظلاّ لجاره
كأنّ الظلال المغفيات جسوم
***
يطارحني دوح البحيرة شجوه
كلانا معنّى بالزّمان هضيم
وأشكو له البلوى ويشكو كأنّنا
حميم يساقيه العزاء حميم
أتشكو ولكن عندك الريح والدجى
و للجنّ من شتّى الظلال نجوم
وعندك آلاف الطّيوف حوائم
روان لأسرار البحيرة هيم
تلملم أسرار البحيرة شرّدا
و يفتنها سكب الشذا فتريم
هنا كلّ أسرار البحيرة والرؤى
طوافر في دنيا الخفاء تهيم
هنا عرس الأطياف يفترش الدّجى
و يقعد في أحضانه ويقوم
خفاء يضجّ الصمت فيه وبلبل
تحدّى ضجيج الصمت فهو نغوم
ولفّ الخفاء الحسن حتّى شكى الهوى
و غار حرير مترف ورقوم
فدع لومه إن لم يلح لك سحره
خيالك لا سحر الخفاء ملوم
هنا ألف الأطيار والناس رحمة
فللطير أنس فيهم ولزوم
إذا انبسطت راح فللطير فوقها
حنين إلى سمح القرى وجثوم
فيا خجلة الصحراء لم ينج جؤذر
و لا قرّ عينا بالأمان ظليم
ولم تهن بالعشّ البعيد حمامة
فصيّادها صعب المراس عزوم
شكا الطّير من ظلم الأناسيّ واشتكت
ظباء وعشب في الفلاة نجيم
فبا ربّ لا أقوى من الطّير عشّه
و لا راع أسراب الظباء غريم
ولا أوحشت رمل الفلاة جاذر
و ورد يندّي حرّها وفغوم
وكلّ غمام مرّ في الرّمل ديمة
و كلّ كنّاس للظباء مديم
رمال كبرد عاطل الوشي حاكه
صناع معنّى بالبرود سؤوم
فزوّقه بالوشي غاد ورائح
و عدو جياد ضمّر ورسيم
ويا ربّ في الإنسان والطير احتمى
بغيرك مقصوص الجناح ظليم
وصن كلّ زرع أن ينازع خصبه
هجير وريح – لا ترقّ – حطوم
سنابل وفّت للطيور زكاتها
فحنّت إليها جنّة ونعيم
ويا ربّ تدري الشام أنّي أحبّها
و أفنى وحبّي للشام يدوم
ولي في ثراها من لداتي أعزّة
حماة إذا استخذى الشجاع قروم
تهاووا تباعا واحدا بعد واحد
عليه انفراط العقد وهو نظيم
تساقوا مناياهم ضحى العمر وانطوى
شبابهم الريّان وهو تميم
وأسرف في الذكرى لأنزح نبعها
و لكنّ نبع الذكريات جموم
إذا قلت غاضت بعد لأيّ تدفّقت
و للموج فيها كرّة وهجوم
وتسدل أحيانا شفيف لثامها
كما لثم الفجر الضحوك سديم
وفي كلّ أيك لي على الشام منسك
و في كلّ دوح زمزم وحطيم
وكلّ مقام فيك حتى على الأذى
حميد وكلّ النأي عنك ذميم
حوالي الصبا إن لم تدرك عواطل
و ريح الصّبا ما لم تزرك سموم
ويا ربّ إن سبّحت والشام قبلتي
فأنت غفور للذنوب رحيم
تهلّل عفو الله للذنب عندما
أطلّ عليه الذنب وهو وسيم
بدوي الجبل
بواسطة: سيف الدين العثمان
التعديل بواسطة: سيف الدين العثمان
الإضافة: الأحد 2007/02/04 05:15:08 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com