إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
كيف الرقاد! وأنت الخوف والخطر |
وليل بغداد ليل ماله قمر! |
ها أنت فى الأسر: جلاد ومطرقة |
تهوي عليك وذئب بات ينتظر |
وذابحوك كثير؟ كلهم ظمأ |
إلى دماك؟ كأن قد مسهم سعر |
أين المفر؟ وهولاكو الجديد أتى |
يهيئون له أرضا فينتشر |
أنى التفت فثم الموت؟ تعزفه |
كفان بينهما التاريخ ينشطر |
بغداد حلم رف واستدار |
كما يزف طائر |
نأى به المدار |
وحينما قصدت بابها الوصيد ذات يوم |
على أضيع فى رحابها الفساح |
أسلمت نفسى للهوى القديم واستكنت |
فتحت هذه الحجارة المهمشة |
يرقد |
في شوارع الرشيد والمنصور أو أبى نواس |
جميع من قرأت من نجومها |
ومن رجالها الأقمار |
ومبدعى ديوانها المملوء بالفتوح |
والأفراح والجراح والعمران |
والخراب والفنون والجنون |
والثورات والثوار! |
وليلها المزهر فى سماء عنفوانها! |
كأنه نهار |
وها أنا |
أسير بين الكرخ والرصافة |
أبحث عن عيون هاته المها |
أسأل كيف طاب لابن الجهم |
موسم الغرام؟ والأشعار! |
وحينما تمتد ساعة التسيار |
أعود من مسيرة الأشواق |
مستلقيا على ضفاف دجلة |
والسمك المسجوف يشعل الحنين |
والتذكار |
أسير فى تزاحم الوجوه والرفاق |
هنا توقف أيها الدليل |
فهذه مكتبة المثنى |
تفتح أبوابا من الكنوز |
تنفض الغبار |
عن كتب مطوية عتيقة |
لما تبح بما حوته من غرائب الأسرار |
وتنزل الستار! |
أبحث فى بغداد والعراق |
عن شاعر يعيش لحظة المحاق |
ويدرك الأفول |
والذبول |
ملء عيون لم تزل |
تعيش لحظة انتظار |
لقادم يجئ؟ عله؟ |
أو لا يجئ |
وما الذى يحمله الغد الخبئ |
من ظلمة؟ ومن دمار! |
وهل ترى ينبه الصحاب والرفاق |
إلى الغد الذى يلاحق الصغار! |
أبحث فى بغداد والعراق |
أبحث فى لفائف الذهول والإطراق عن صاحب وعن دليل |
يرشدنى إلى مواطئ القدم |
لواحد من عترة الأخبار |
كان إذا مشى؟ وإن أشار أو تكلما |
فوجهه الوضئ يمنح الوجود |
دارة وأنجما |
يعطيه أنسه وحسه |
ومجلسه .. |
وكان من شذا يديه تورق العطور |
وتهطل الخيرات والثمار |
ومن جنى لسانه تساقط اللآلئ |
عقدا من النجوم |
كأنه فيض الندى؟ تغتسل القلوب فيه |
أو كأنه در البحار! |
أبحث عن هذا الحكيم |
فى زمن للتيه والضلال والنزق |
لعله الحلاج... |
أو لعله الجاحظ؟ |
أو أبو حيان... |
أو واحد لا نعرفه |
فى موكب النفاق والخديعة اختنق |
أبحث عن هذا الحكيم |
لعله يعود بالضياء للحدق |
لعله ينجى من الغرق |
من قبل أن يهدم ذاك المسرح الكبير |
وتنزل الستار! |
****** |
دار السلام! وهل جربته أبدا |
وأنت قنبلة بالهول تنفجر |
طاشت رصاصاتك اللاتى قذفت بها |
فى كل صوب؟ فزاغ العقل والبصر |
كيف ارتضيت خنوعا لا مثيل له |
والروح فى قبضة الطاغوت تعتصر |
كم نافقوك؟ وكم صاغوا ملاحمهم |
والحلم يطوى؟ وظل المجد ينحسر |
داست سنابك جلاديك فوقهمو |
فالناس صنفان: مقتول ومنتحر |
ياكم جنيت وقد أبقيتنا بددا |
فى أمة ساد فيها الذل والخور |
ماذا ترومين؟ جلاد وعاصفة |
ونحن بالصمت والخذلان نعتذر |
جيكور ماتزال؟ والسياب |
يبحث فى الشناشيل التى تهدمت |
عن ابنة الحلم؟ وعن جبينها الوضاء |
مازال واقفا يصيح: |
كيف ارتضيت أن تكونى للطغاة |
سدرة ومتكأ؟ |
وأن يعشش الخراب فيك سيدا ملكا |
وصبح الزمان داجى الرؤى؟ محلولكا! |
يا ويل من أن ببابهم أو اشتكى |
فصار للكلاب عظمة؟ |
ومضغة لكل من روى ومن حكى! |
وفى البعيد يضرع النخيل؟ والهواء |
منعقد؟ كأنه أنشوطة المخنوق |
ساعة الإعدام .. |
ثم شئ ضاغط؟ كهجمة الوباء |
وقع الدرابك التى تهتز بالغناء |
كأنه النشيج ? أو لعله البكاء |
الأرض قد ضاعت |
فأين طلة السماء! |
وأين وجه شارد قد هام فى العراء |
وأين ظل؟ |
كان فى جيكور ظل باذخ وماء! |
وكان نخل شامخ؟ |
فيه شموخ العراق |
وكان صوت هاتف يفترش الآفاق |
وينشد الأطفال من قصيدة السياب: |
يا مطرا يا حلبى |
عبر بنات الجلبى |
يا مطرا يا شاشا |
عبر بنات الباشا |
يا مطرا من ذهب! |
الموت فى جيكور؟ فى جنين؟ |
فى الأقصى؟ وفى بيسان |
وموكب الدمار يسحق النخيل والزيتون |
ويخرس الأطفال فى عرائش الكروم |
ويطفئ النجوم |
ويملأ الحلوق بالرمال |
بغداد |
يا بغداد |
يا بغداد |
يا روعة الحلم الذى .. هل يستعاد؟ |
ترى يصيح الديك فيك من جديد |
ويصدح الناقوس والأذان! |
وتشرق الشمس على دروبك السجينة |
وهل ترى ينداح فيك من جديد |
صوت أبى تمام |
مبددا كآبة الأحزان |
من قبل أن تضيع عمورية المحاصرة |
ملء دفاتر الهوان! |
هذا يهوذا قادم فى شملة المسيح |
ولص بغداد الجديد طائش غرير |
يحلم بالمجد؟ وبالفتوح |
أم أن هولاكو يعود فى زماننا الكسيح |
مراوغا؟ كعهده؟بالغمز والتلميح |
أمامه الأعلام والأوهام والبيارق |
وخلفه الحشود والرعود والصواعق |
تسد عين الشمس ... |
يظنها.. |
تستر وجهه القبيح! |